التفكير والتغيير – إبراهيم خريبي
جميع الآراء الواردة في هذا الموضوع تعبر عن رأي كاتبها، وليس بالضرورة أن تكون متوافقة مع آراء الدكتور محمد شحرور وأفكاره
منتصف الثمانينات كنت وصديق لي يُعرف نفسه بمسلم ملتزم نناقش بعض الأمور في كتاب الله وسنة رسوله. أذكر يومها أني قلت له: أنتم تقولون أن القرآن هو نفسه ألفرقان، وأنه سمي الفرقان لأنه يفرق بين الحق والباطل. قال: هذا صحيح. سألته حينها: ولكن الله يقول أنه أنزل الفرقان على موسى عليه السلام، فإن كان القرآن هو الفرقان فهذا يعني ببساطة أن القرآن أنزل أيضا على موسى. حاول أن يقنعني بآراء وأفكار يبدو أنه هو نفسه لم يكن مقتنعا بها لكن أيمانه بالموروث جعله غير قادر من الخروج من تلك الأفكار التي ترسخت فيه منذ زمن.
ظلت هذه الأفكار وغيرها تراودني – أمور أرى أنها لا يمكن أن تكون كذلك لكني في الوقت نفسه لا أملك ألحقيقه لأبينها وأقنع بها من يخالفني الرأي – حتى بداية التسعينات حين وقع بين يدى كتاب “ألكتاب والقرآن – قراءة معاصرة” للدكتور محمد شحرور. وأنا أقرأ مقدمة الكتاب شعرت أنني أمام إنسان يحترم عقل القارئ أكثر من إحترامه لعاطفته، يقدم الأدله العقليه لآراء أعترف أنها في كثير من الأحيان كانت صادمة بالنسبة لي، رغم أن هناك الكثير أيضا مما قاله كان يدور في بالي لكني كنت غير قادر على أن أعبر عنه أو أن أصوغه بهذا المنطق الذي قدمه الدكتور محمد شحرور.
كان من الطبيعي أن يواجه الدكتور شحرور تلك الحمله التي اتهمته أحيانا بالزندقه وأحيانا بالجهل وتاره بالخروج من المله، لكن والحمدلله كل ذلك لم يثن الدكتور من متابعة أبحاثه وسعيه لتقديم الآراء التي يراها حتى ولو خالف بها كل الموروث. ولقد كنت حريصا أن أتابع كل جديد يقدمه الدكنور شحرور سواء من خلال كتبه أو مقالاته أو محاضراته أو من خلال المقابلات التلفزيونية وإن كانت هذه قليلة جدا بالنسبة لمفكر إسلامي بهذا المستوى. واعترف أني – كالكثير غيرى – كنت أشعر أن الدكتور حين يتحدث فإنه يعبر عما نؤمن به، لكن الكلمات لا تسعفنا لأن نقولها كما يعبر عنها الدكتور شحرور.
هذا الكتاب (ألتفكير والتغيير – قراءه معاصرة للتنزيل الحكيم) هو صياغه خطية لبرنامج التفكير والتغيير الموجود على الموقع الرسمي للدكتور شحرور. البرنامج عبارة عن 40 حلقه مسجله، يقدم خلالها الدكتور شحرور تعريفا لقراءته المعاصره ويوضح آرائه في القضايا التي تناولها في كتبه مثل: الأسلام والأيمان، ألنبي والرسول، ألمحكم والمتشابه، ألإنزال والتنزيل، أزمة الفقه الإسلامي، ألإسلام وقضايا المرأة، إضافه إلى العديد من المواضيع والقضايا ألتي بين الدكتور شحرو أن مفهومنا التاريخي لها هو مخالف لكتاب الله وأن علينا أن نعيد قراءتها بعيوننا نحن لا بعيون أؤلئك الفقهاء الذين اجتهدوا لعصرهم بناء على الأرضيه ألمعرفيه ألتي عاشوا خلالها. لقد حاولت جاهدا أن أقدم هذا الكتاب تماما كما ورد في الحلقات المسجلة لبرنامج التفكير والتغيير، لكني أقر أني في بعض الحالات وجدتني مضطرا لأن أقتبس من كتب الدكتور شحرو بعد الأفكار فقط من أجل أن تصل الفكرة بشكل كامل. والهدف من قيامي بهذا العمل هو أولا أيماني بتلك الأفكار ألتي قدمها الدكتور شحرور في قراءته المعاصره، ورغبتي بأن تصل تلك الأفكار ألى كل من يرغب بالتعرف على ما قدمه الدكتور خلال عقود من العمل المتواصل والبحث الجاد في تدبر كتاب الله.
آمل أن أكون قد وفقت في أيصال أفكار الدكتور كما يجب، وأمنيتي أن تصل هذه الأفكار ألى ألعديد من أبناء الأمه لأنه ما لم نخرج من موروثنا وما لم نقرأ الكتاب وكأنه يوحى الآن إلى الرسول الأعظم فإننا وللأسف لن نتقدم ولن نكون خير أمه أخرجت للناس كما أراد الله لنا أن نكون.