كيف وصلنا إلى هنا..؟!
تجري المقارنة اليوم بين عدة تيارات أو حركات، تقدم نفسها كممثلة للإسلام، وتتراوح جميعها بين قمة التشدد ووسطه، بين من يجاهر بمبادئه ومن يؤجل الجهر حتى تسنح له الظروف، وبين تيارات أخرى تنفي عن الأولى تمثيلها للإسلام جملة وتفصيلاً، وتعتبر أن الإسلام الذي نشأنا عليه هو إسلام وسطي يقبل الآخر ويتعايش معه، ويستطيع مسايرة العصر بكل سهولة.
ويؤسفني القول أن كل هذه التيارات والأحزاب والجبهات، من داعش إلى القاعدة والنصرة إلى الأخوان المسلمين إلى دولة الولي الفقيه، هي وجوه لعملة واحدة، ولا يوجد إسلام متشدد وإسلام معتدل طالما أن كليهما يستندان إلى المرجعيات ذاتها، وأطروحة الإسلام الوسطي ما هي إلا كذبة يتم بها الضحك على عقول الناس، ويكفي لاختبار هذه الوسطية أن تستلم السلطة، لنجد أن الفرق بينها وبين داعش ربما يكون بطريقة إعدام المخالف لها؛ حرقاً أم شنقاً.
قد يستهجن الكثيرون هذا الكلام، لكن لا بد من الاعتراف أن الثقافة الإسلامية التي بين أيدينا، قدمت مستندات يستطيع أن ينهل منها من يريد ما يريد، وبغض النظر عن الأبعاد السياسية وعن الظروف الحالية، فهذا يذبح المرتد وذاك يرجم الزانية وآخر يهدم التماثيل، وهؤلاء يقاتلون وعينهم على دابق، وآخرون ينادون لبيك يا حسين بانتظار المهدي، وكل أولئك لديهم ما يقدمونه من براهين على مصداقية تصرفاتهم، سواء من الكتاب أم من السنة.
وأقول “الثقافة الإسلامية” وليس الإسلام، لأن الإسلام الدين الحنيف الذي ابتدأ بنوح {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللّهِ فَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ* فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَمَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى اللّهِ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (يونس 71- 72)، وأكمل مع محمد (ص) {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} (المائدة 4) هو دين الرحمة والعالمية {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} (الأنبياء 107)، فأين يكمن هذا التناقض؟
يقول آينشتاين: “من الجنون فعل الشيء نفسه مراراً وتكراراً وتوقع نتائج مختلفة”، ونحن خلال ألف وأربعمائة عام واصلنا قراءة التنزيل الحكيم بطريقة السلف الصالح ووفق أرضيتهم المعرفية، دون أن نتجرأ على تجاوز أي تفسير من تفاسيرهم، وتوقعنا أن نخرج بإسلام متشدد وإسلام معتدل، وكون السادة الفقهاء والمفسرين لم ينتبهوا إلى الفرق بين الكتاب ككل والقرآن، جعلنا لا نميز بين الاثنين، فالتنزيل الحكيم يحتوي على الرسالة والنبوة: الرسالة (أم الكتاب) بما تمثله من أحكام حدودية صالحة لكل زمان ومكان، والنبوة وهي القرآن بما يحتويه من غيبيات وقصص قرآني (أرشيف التاريخ)، فآيات الرسالة تحتمل الطاعة أو المعصية، وآيات القرآن تحتمل التصديق أو التكذيب، وآيات الأنباء (النبوة ما عدا الكونيات) كلها نصوص تاريخية، سواء أنباء إبراهيم أم موسى أم محمد {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ} (يوسف 111)، بما في ذلك الآيات التي تتحدث عن بدر وأحد وتبوك وغيرها، فلا يؤخذ منها أية أحكام، بل العبر فقط {قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُم مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ} (آل عمران 13)، ونتيجة لعدم الفصل بين النص التاريخي وآيات الأحكام تم التذرع مثلاً بما يسمى آية السيف {فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (التوبة 5) لقتل الناس دون أي رادع، متناسين أن هذه الآية ومثيلاتها هي تاريخ له ظروفه وشروطه الموضوعية المرهونة بتلك الحقبة تحديداً، وبأعراف المجتمع وتقاليده، وقوانين الحرب والسلم السائدة خلاله، وأن سورة التوبة تتحدث عن غزوة تبوك فهي بالنسبة لنا قصص محمدي لا نـأخذ منه أية أحكام.
أضف إلى ذلك أن القول بالترادف في اللغة أدى إلى قراءة أغلب مصطلحات التنزيل الحكيم بفهم مغلوط، فجرى الخلط بين العباد والعبيد، والوالد والأب، والذنب والسيئة، والشهيد والمقتول في سبيل الله وغيرها، وبينما ينهى التنزيل الحكيم عن اعتبار الكفر الديني سبباً للقتال؛ فهمنا “الضرب في سبيل الله” قتالاً {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا —} (النساء 94).
أما الطامة الكبرى فهو ما جرى من اعتبار الحديث النبوي كمصدر أساسي للتشريع، باعتباره وحي ثانٍ زوراً وبهتاناً، وفي حين أن الشهادة الإلهية عندنا هي الكتاب المنزل، أصبح الحديث هو المعوّل عليه أكثر من الكتاب في غالب الأحيان، فهو ناسخ لنص التنزيل مرات، ومفسر له مرات أخرى، ويحمل الشافعي وزر هذا الافتراء فهو مخترع أطروحة “صاحب الوحيين”، وبالتالي أصبحت أقوال النبي وأفعاله جزءاً لا يتجزأ من الرسالة، علماً أن الرسول الأعظم نهى عن التدوين عنه، وصناعة الحديث جرت بعد وفاته بقرنين.
وعلى عكس صورته في التنزيل الحكيم كإنسان أمين نزيه على خلق عظيم، قدمت الأحاديث صورة مسيئة جداً للنبي، فنسبت إليه الكثير من الصفات السلبية في سلوكياته وتصرفاته، فهو شخص محب لسفك الدماء ويمتلك شهوانية لا حدود لها، همه الجنس والنساء، وصلحت هذه الصورة لتكون مادة جيدة لمن يريد التهكم على شخصه الكريم من خلال رسوم تارة وأفلام تارة أخرى، والمفارقة أن نقدم هذه الصورة ثم نقتل من يأخذ بها.
كذلك نسبت الأحاديث للنبي أموراً عديدة تتعارض مع ما جاء في التنزيل الحكيم من امتلاكه لعصمة تكوينية أو علم بالغيب أو شفاعة عند الله تعالى، وحديث المعراج وحده أرسل ثلثي نساء الدنيا إلى جهنم، وجعلنا نبر أمهاتنا لننعم نحن بالجنة فيما هن في النار.
ولكن كل هذا لا يقارن بما نجم عن الخلط بين السنة الرسولية والسنة النبوية، فجرى نسخ أحكام أساسية وردت في كتاب الله لصالح أحاديث حتى لو صحت فهي تخص حالة معينة بحد ذاتها، مثلما نسخ حديث “لا وصية لوارث” كل آيات الوصية، وجرى اعتبار اجتهادات النبي الخاصة بعصره كقائد عسكري ملزمة لكل عصر، في حين أنها مرحلية وليست دين.
فالسنة الرسولية هي الرسالة المحمدية التي أنزلت وحياً على قلبه، والواردة في أم الكتاب في التنزيل الحكيم، وما جاء فيها من منظومة القيم والشعائر ونظرية الحدود، بينما السنة النبوية فتتفرع إلى قسمين الأول هو القصص المحمدي الوارد في التنزيل الحكيم وهو جزء من السيرة الواجب الإيمان به، والثاني هو اجتهادات النبي الواردة في ما صح من الأحاديث المدونة في كتب الرواية والسيرة، والتي تتوافق مع مضمون التنزيل الحكيم ولا تعارضه، ومن خلالها مارس النبي أمور القيادة العسكرية وتنظيم أمور المجتمع كولي أمر وينطبق عليها “تتغير الأحكام بتغير الأزمان”.
وهنا يجب التفريق بين المقامات الثلاث لمحمد (ص):
فمقام محمد الرجل يتعلق بكونه إنسان له سلوكياته الطبيعية التي لا علاقة لها لا بالدين ولا بالوحي، بل تدخل ضمن إطار التكوين الطبيعي الخاص به، وكل قول أو فعل صدر من هذا المقام ليس سنة، ولسنا ملزمين بالاقتداء به.
أما مقام محمد النبي فله محوران؛ إذ من خلاله بلّغ النبوة (الأنباء الغيبية الكونية والتاريخية) دون أن يفسرها، فهو لم يدركها، وإدراكها يتم عبر العصور إلى أن تقوم الساعة، وهذا إعجاز الرسالة المحمدية، كالآية {ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} (المؤمنون 14) هي نبأ غيبي لم يشرحه النبي، لكنه اليوم علم كامل تؤلف فيه المجلدات هو علم الجنين، والمفروض أن تكون صلتنا مع هذا المحور من خلال البحث العلمي لسبر أغوار الكون، والمحور الثاني لمقام النبوة هو مهمة الاجتهاد في السلطة وممارستها والقيادة العسكرية وتنظيم أمور المجتمع والقضاء، وكل قول أو فعل صدر عن النبي من هذا المقام هو بمثابة حكمة اجتهادية تنظيمية لا تحمل الطابع الأبدي، بل مرحلية تخص عصرها.
يبقى المقام الأهم وهو مقام محمد الرسول ويتمثل بتبليغ الرسالة {مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ} (المائدة 99) فالرسول بلغ الذكر الحكيم كما أنزل إليه، دون زيادة أو نقصان، والطاعة الملزمة لنا هي لهذا المقام، وهي طاعة اختيارية بدون إكراه، وتكون في طاعة أحكام الرسالة الواردة في أم الكتاب وما جاء فيها من قيم إنسانية وشعائر.
ويجدر الانتباه إلى أن النبي مارس مهام السلطات التي كانت بين يديه من مقام النبوة، وكان موجهاً بواسطة الوحي المنزل إليه، لهذا توفي مباشرة بعد انقطاع الوحي، لأنه لو بقي حياً بعده لصار رئيس دولة، وما ينبغي له ذلك، ولهذا لم يعين خليفة من بعده لأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، وجاء لتدشين عهد جديد في تاريخ الإنسانية وهو عهد ما بعد الرسالات، أي عهد الاجتهاد، لذا مصطلح “خليفة رسول الله” اختلقه الصحابة في عملية ارتجالية ظرفية لتحقيق غرض سياسي لا علاقة له بالدين إطلاقاً، وأطروحة “الخلافة الإسلامية” التي ترنو إليها جميع الحركات الإسلامية هي خارج التاريخ، والطفرة التاريخية التي حدثت مع النبوة ذهبت بوفاة النبي وعاد بعدها التاريخ لمجراه الطبيعي، وعانت الأمة الإسلامية بعد العهد النبوي وما زالت تعاني من ويلات ما نسب زوراً وبهتاناً إلى الرسول من أحاديث وحكايات تحكي عن وجوب طاعته في كل اجتهاداته، وصارت هذه الأحاديث وحياً ومصدراً للتشريع، فوقعت الأمة ضحية لهذا الطرح ذي البعد السياسي المتسلط الذي حرمها حقها في تقرير مصيرها باسم الدين.
ما أريد قوله أن اجتهادات النبي في تنظيم مجتمعه لا تنطبق علينا، والأحاديث حتى لو وصلتنا صوتاً وصورة فنحن نأخذ منها ما لا يتعارض مع التنزيل الحكيم أولاً والقيم الإنسانية ثانياً، ولنفترض أن الرسول الأعظم قد توفي أمس، فما تركه لنا هو التنزيل الحكيم الصالح لكل زمان ومكان والذي قال تعالى به {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً} (المائدة 4) فكتاب الله كامل غير منقوص، لا يحتاج لتكملة، والصلاة والزكاة لا تحتاجان لمئات المجلدات التي ألفت بهما.
فنتيجة لإضفاء القدسية على الحديث النبوي، تحول الإسلام من دين عالمي صالح لكل زمان ومكان، تنطبق أحكامه على فطرة كل أهل الأرض، إلى دين محلي يقف عند القرن السابع الميلادي، نريد لنفهمه أن نفكر وفق الأرضية المعرفية لذاك العصر، فنتج إسلام خيالي يعيش في فراغ خارج التاريخ، لا علاقة له بالحياة، واليوم علينا إزالة هذه القدسية، والاجتهاد لأنفسنا وفق ما يتناسب مع ظروف مجتمعاتنا ومستوانا المعرفي.
فإذا كنا نرى أن الفقه الإسلامي الذي بين أيدينا، والذي أنتج داعش وأخواتها، يمثل القراءة الأولى والفهم التطبيقي الأول للنصوص السماوية، فعلينا وفي ضوء إشكالياتنا والمآزق التي نعيشها، إعادة القراءة من جديد، ضمن نظمنا المعرفية المعاصرة، لنخترق أصول الفقه التي أودت بنا إلى ما نحن فيه، والتي تساهم مع غيرها من العوامل في قتل الكثيرين كل يوم باسم الإسلام ، وهو بريء منها، ولعل الحل الأمثل هو القطيعة المعرفية مع هذا الكم الهائل من الإرث البالي، والقراءة المعاصرة وفق رؤية جديدة على أرضية معرفية أكثر ملائمة.
(4) تعليقات
laman
Dr Shahrour , I love you with all my heart , with all my mind ! You give voice to all the questions I’ve always asked myself and answer them in a most magnificent manner . May Allah grant you health and endurance so we can benefit from your enlightened interpretations and analyses ! What an intelligent , courageous man you are ! Baraka allah fik ya saiidi !
فارس
(الرسول الأعظم نهى عن التدوين عنه)
السلام عليكم ورحمه الله ..
اعطني دليل على ان الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن كتابه الحديث ..
دليل على لسان الرسول
محمد ازوك
فارس أعطينا دليل على انه حث على تدوين احاديثه. واذا كان الأمر كذلك فلماذا لم تدون الاحاديث في زمان الرسول أو على الأقل في السنوات العشر بعد موته؟ هل يعقل أن نتكلم على الصحيح والضعيف لو كان الأمر جديا؟ قرنين بعد وفاة الرسول يعني اكثر من ستة أجيال يدون حديث الرسول ويقال انه صحح ! من صححه ؟ ليس غريبا أن كثيرا من المسلمين ملوا العنعنة وما عليك الا ان تقر بعض كتب علم التواصل حتي يتبين لك الخلل في الطريقة الذي دون بها الحديث
اسامة محمود
1)د شحر
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي واستاذي
وضعت منهجا لبحثك ومنظومة متكاملة اتبعتها كما فعل بقية العلماء. خالفت المألوف وكان ذلك دقيق ومبدع ..ولكنك وقعت في فخ المحظور الذي وقع فيه العلماء .
نقضت الترات وكان نقدك دقيق .ميزت بين الكلم والكلمات .
قرأت قراءة لم يجرء عليها احد وتحدثت بمعان. قبلها من شاء ورفضها من جعل الدين على الناس وباء .
ميزت بين الكتاب والقرآن .وبين الرسالة والنبوة.. وبين المحكم والمتشابه ..وكان ذلك توفيق لك وبيان .استخدمت المنهج و الفرضيات والمنظومة التي وضعتها .ولمت كل من وضع قواعد من قبلك وسموها علوم فهم القرآن من لغة وعلوم رجال وجرح وتعديل ونسخ وكل ما اتوا به بذلك الزمان .وقلت ان الانسان يتأثر ببيئته ومدرسته وما كان منك الا ميزت بين المعاني ووقعت بمحظور ما كان .
فجعلت المحكم احكام ..والمتشابه قرآن
عبت عليهم ان فهموا الدين شعائر وحركات فداروا حوله دوران الثور حول الرحى.واعدت الخطيئة مثلهم فجعلت المحكم احكام .كتاب احكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير .والمحكمات ام الكتاب اي اصله و جوهره وهي ما ينتج عنه تفاصيله اي فروع الاصل الحكيم من حكيم فلكل شي غاية هي حكمته .ولكل قانون تفصيل . وتفصيله مرتبط بزمانه ومكانه .يتشابه عن الناس فيختلفون ويتفقون فتتضارب وجهات النظر فتكون المثاني المتشابهة التي يخرج منها احسن الحديث والحقيقة تبدأ بالبيان .ما وصلت اليه شيء لا يقدر عليه لا انس ولا جان اتيت بما لم يكن بالحسبان .فكان ما كان .
سبقت عصرك بازمان وادركت ما كانت عليه الامة من انحطاط وهزيمة وخذلان تأخر دون تفكر ولاتذكر عاشته على مر الزمان بسبب هامان يتبع هامان..اسماء سموها ما انزل الله بها من سلطان .حركت مستنقع آثن لتنقذ الانسان الذي قلدفكان شر واضل من الانعام .
جعلوا من الطقوس والشعائر دين ..
وفطرة الانسان قيم واخلاق شيء مبين .
والمحكم شيء لا اختلاف فيه .مسلمات لكل صاحب فطرة وحبل متين ..
أخطئتم سيدي فاحذروا الوتين .ولن يكون لنا حق اليقين حتى نسبح باسم ربنا العظيم .لن ادخل سيدي بتفصيل ما قلتم .ولكن لي وقفة على أسس ما بنيتم .ولاتنسوا أن أجمل ما يبنى بناء العنكبوت ..وخير ما فعله مخلوق ما اخرج النحل بما سلك .فيه شفاء للناس ..والفرق كبير بين العنكبوت والنحل .بين ما يبتكر إنسان وبين ما يبنى بوحي الرحمن ..مخلوق يبني ليأخذ ومخلوق يبني ليعطي ..شتان بين ذلك وذاك …بين ما يبتكر انسان وبين ما يبنى بوحي من الرحمن ..وما وحيه الا روح منه وما الروح الا أمر وما أمره إن أراد شيئا إلا ان يقول كن ..وما الكون إلا الوجود ..
فكلام الله كلمات سطرها في هذا الوجود .وما طوي في كتاب الله مطوي في كتاب الوجود .الشاعر ملهم وبالمشاعر مفعم .والساحر سحر ولخط البصر عبر ..اما الحق نورا ويقين يلقف كل ما حوله مهين مما يصنع كل أفاك أثيم ..
لا تحرك به لسانك لتعجل به.إن علينا جمعه وقرآنه. فإذا قرآناه فاتبع قرآنه… ثم إن علينا بيانه .. علينا :
1)جمع وقرء تطهير وتنقيح بعد الجمع ..
2)وعند التنزيل تنزيل بنفس المستوى الطاهر ..وما عليك الا الاتباع
3)ومن ثم بيانه
(وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ ۚ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ) [سورة يس : 69]
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ الر ۚ تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ) [سورة الحجر : 1]
فالقرآن ليس شيء والكتاب شيء وانما القرآن هو آيات من الكتاب تجمع وتنقح ثم تنزل باتباع وتفصيل فبيان ..
اي محكمات هن ام ا من عزيز حكيم الى مفصل من عليم فبيان من خبيروالتفصيل قرآن مطهر منزل قراءة اولى
والكتاب المبين قرآن .قراءة ثانية
ثلاث مراحل
كتاب حكيم ومحكمات هن ام الكتاب جمع وقرآن ..قراءة اولى
فقرآن واتباع وبيان .قراءة ثانية
في حالة السماء كتاب والمحكمات هن ام الكتاب
وفي حالة التنزيل جمع وقرآن
وفي حالة التفصيل والبيان قرآن و كتاب مبين
والحواميم تبين مراحل تنزيل الكتاب
والر تبين حالات الكتاب
فهي ليست مثاني سبع وانما
نص حكيم قاطع له سر ..او عصر المسيح كنطقه