أرشيف الأسئلة والأجوبة 2003

الاسم المنار البلد

استاذي الفاضل د . محمد شحرور حفظه الله
1) – هناك ما يؤرقني بخصوص فهمي للآيات الكريمة التالية :
( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) (البقرة:197) .
كيف يكون الحج اشهر معلومات ونقصره نحن على اربعة ايام ؟ وقوله تعالى ( من فرض فيهن ) هل يعني بأن الأربعة الأيام ممكن تكرارها خلال هذه الاشهر المعلومة ؟؟ سيما وان الآية الكريمة في سورة البقرة تقول (( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) (البقرة:203) ولم يعرف الأيام بأل التعريف .
( وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ) (التوبة:3)
ما هو الحج الأكبر ؟ … وهل هناك حج اصغر ؟
( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ) (البقرة:158)
بعيدا عن تفاسير السلف واسباب النزول .. ومن واقع النص القرآني .. هل يعني ذلك بأن السعي بين الصفا والمروة غير واجب في الحج والعمرة ؟
2 )- ايضا لدينا اشكالية في فهم مصطلح (( ملك اليمين )) في التنزيل الحكيم .
ورغم ما قدمتموه من جهد مشكور في كتابكم (( الأسلام والأيمان )) من تعريف للعبودية والعبادية والرقاب وملك اليمين .. الا أني لاحظت دعوتكم في كتابكم الأخير ( دراسات فقهيه معاصرة ) الى اعادة النظر في فهمنا لمصطلح ( ملك اليمين ) …. الأمر لا زال يثير كثير من التساؤلات التي تنتهي بنا الى طرق مسدودة .
هل نطمع ان تقوموا بتأليف كتاب خاص لهذا الموضوع ؟؟
3) – ايضا الآيات الكريمة التالية :
( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ) (القيامة:22)
( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) (القيامة:23)
الا تنفي هذه الآيات ما ذهبتم اليه من عدم رؤية العباد لله ؟
اقدر لكم سعة صدركم .. وكريم اجابتكم سلفا .
ولكم خالص التحية والتقدير .

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

الأخ الكريم: المنار
إني أؤجل الجواب حيث أني أكتب مقالة كاملة كبيرة عن هذه الآية ستقلب مفاهيم كثيرة عن الحج .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وأنتم بخير جميعاً ورمضان كريم علينا وعليكم.
دمشق
أخوكم
د. محمد شحـــرور

الاسم شوفالييه البلد

سعادة الدكتور محمد شحرور أهلا بك …
أستاذي لا شك أن كتابكم … الكتاب والقرآن قراءة ومعاصرة … أحدث ثورة وضجة … في عالم التفسير القرآني إلا انها ظهرت إتهامات … حول منهجية البحث المتبعة في كتابكم منها:
الإتهام بالماركسية كمصدر تفكير لديكم .
الإتهام بإنطباق فكركم مع الماركسيه.
لماذا هذا المسمى … الكتاب والقرآن قراءه ومعاصرة …
هل إتبعتم بأسلوبكم منهج السكاكي في كتابة مفتاح العلوم كمنهج علمي متطور.
تحياتي لكم سعادة الدكتور ووفقكم الله .

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

بسم الله الرحمن الرحيم
إلى شوفالييه / العبث والعبثية :
يعتبر ماركس مادياً صرفاً، لامكان في مذهبه للنبوءات والوحي والبعث والرسالات السماوية، وأنا أؤمن بهذا كله. لكنني أقف طويلاً أمام تسمية الماركسية تهمة، ففي الفكر لاتوجد اتهامات ولا إدانات. هناك من يعتبر الليبرالية الأمريكية تهمة. وطريقة تبادل الاتهامات طريق مسدود لايخدم الحوار. والحكمة ضالة المؤمن أينما كانت وأياً كان قائلها. وإذا قرأ أحدنا قوله تعالى ” ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ..” (البقرة 251) ، وأعلن أن هذا الدفع والتدافع في كتاب الله تعالى، هو ذات ما عبر عنه ماركس بالديالكتيك .. فهل تتهم القارئ بالماركسية؟
أما عن اتباعي منهج السكاكي، فأنا استأنست بكل المناهج وخاصة الجرجاني ومدارس اللسانيات الحديثة.

الاسم analwafi البلد

سيدي واستاذنا الفاضل الدكتور محمد شحرور
أرحب بك ولاأستطيع ان اصف سعادتي بحضورك معنا والشكر موصول لادارة طوى النشطة التي فازت باستضافتك المثرية والمفيدة..
لدي سؤال ربما يكون طويلا..
– ورد في القران الكريم قوله: {وزوجناهم بحور عين} يقصد المؤمنين الذين يدخلون الجنة, ثم انه يرد من ضمن اوصاف الجنة وجود ولدان مخلدون او غلمان يطوفون على أصحاب الجنة لخدمتهم.
كما ورد وصف لاصحاب الجنة انه قد نزعت منهم الشهوة ومايتعلق بالحاجات البشرية من اكل وجنس واخراج..
– السؤال: كيف يزوجون حورا عين وهم وهن ليس لديهم أهلية العمل الجنسي لانهم من اهل الجنة؟ولو افترضنا ان الزواج لايعني الجنس فلماذا يرد الزواج وليس المعاشرة مثلا؟ ثم ما ضرورته وقد نزعت الغريزة الداعية للالتقاء بالجنس الآخر؟
-ثم مامصير النساء المؤمنات كذلك اذا سلمنا بان الحور العين هي مثوبة من الله لعباده في الجنة؟ هل لهن حور عين من الرجال مثلا؟ وان كان لا, فهل يمارس الله نوعا من التفرقة بين الجنسين بحيث يهب الرجال حورا ولايهب النساء؟ ولو فعل فماذنب المراة انها خلقت امراة وهو الذي خلقها؟ ألا يتنافى ذلك مع صفة العدل التي هي له سبحانه؟
– ثم من هن الحور العين ومن هم الغلمان المخلدون؟ ولماذا هم الذين يخدمون غيرهم, أليسوا كذلك لهم حق بان يكونوا من اصحاب الجنة ويحق لهم مايحق لغيرهم؟
أليس في وجود فئة”خادمة”وفئة “مخدومة” يعني وجود طبقية بين أهل الجنة يمارسها الله عليهم؟ وهل الخدمة تعتبر عقوبة أم كرامة إذا سلمنا بوجودها في الجنة وتخدم مخلوقين؟
ودمت سالما..

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلــى : ANALWAFI :
1 -نزع الله ما في قلوب أهل الجنة من غلّ ولم ينزع منهم الشهوة والنكاح، كما أنه لم يرد أي وصف بنزع الشهوات من أهل الجنة.
2 – وزوجناهم بحور عين ، والأزواج هنا للذكور والإناث معاً والحور العين هم من الذكور والإناث معاً أي لأهل الجنة من الإناث حور عين من الذكور. ( إقرأ كتابي الأول – الكتاب والقرآن ص 231 – 232 .
3- في الجنة قوانين غير القوانين السائدة في المجتمعات الدنيوية حيث الخلود واختفاء ظاهرة الموت. فمفهوم الخادم والمخدوم والطبقات مختلف عما هو في المجتمعات الأرضية.
4 – الجنة مجتمع إباحي بحت ولا يوجد فيه شرائع ولا قوانين. فالممنوع في الجنة غير موجود أصلاً بخلاف المجتمع الأرضي . فأكل الخنزير حرام ولكن الخنزير موجود فعلاً كمخلوق.

الاسم فاتن البلد

سيدنا الفاضل الاستاذ الدكتور محمد شحرور..
لحظة سعيدة ورائعة ان نلتقي بمفكر اسلامي كبير وجها لوجه ؛ واعتبر هذا من الانجازات الجديرة بالتقدير والاعجاب التي تبذلها ادارة طوى لاعضائها وقرائها وتقوم بدور تنويري للمجتمع تشكر عليه.. يسرني أن أرحب بك وأحييك في طوى..
لدي سؤال حول الردة في الإسلام وعقوبتها:
المعلوم أن الإسلام كفل للفرد حرية العقيدة وهناك ايات كثيرة تؤكد هذا المبدأ الأساسي في الاسلام منها {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر} ومنها {لااكراه في الدين} ومنها {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء} و {لكم دينكم ولي دين} وغير ذلك من آيات تقوم على فكرة أن الإسلام يحترم عقيدة الإنسان ولايلزمه على دين معين.
ولكن هناك أية أوآيات آخرى تتوعد المرتد كقوله تعالي:
{و من يرتد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرة وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون } .
وقوله: { يا أيها الذين آمنوا من يرتدد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم و يحبونه }
وقوله {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعدما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم }
ومعلوم ان الصحابي ابوبكر الصديق قد اجتهد فطبق حد الردة على من ترك الاسلام على اساس انه لايحق لمن دخل في الاسلام ان يخرج منه..
هل ترى في حد الردة عنفا يسيء للاسلام نفسه لاسيما انه لم يرد نص صريح بقتل المرتد سوى حديث لاادري عن صحته يقول {من بدل دينه فاقتلوه} ولم يقل ارتد، والتبديل ربما له معنى اخر ليس بالضرورة الردة.. والايات السابقة عن الردة هي مجرد توعد وتهديد وليس فيها حكم بالقتل على المرتد.
وهل ترى ان اجتهاد ابي بكر وغيره من الصحابة ملزم لنا بحيث يتحول تصرفهم الى نص مقدس يلزم المتأخرين عنهم اتباعهم فيه على اساس ان فهمهم البشري يتفوق على فهم غيرهم؟
ومما يجدر ذكره هنا ان القول بقتل المرتد يعني انه لن يجرؤ احد على التنصل من الاسلام حتى لو لم يقتنع فيه خوفا على حياته مما يعني انه يؤمن ايمانا نفاقيا من غير قناعة ولاصدق, وكأن الاسلام يتطلب هذا النوع من الدين بحيث يكفي من الشخص ان يقدم ولاء ظاهرا بانه مسلم ولكن لايهمهم مايعتقده في قرارة قلبه, في حين ان الله لاينظر الى الاشكال بل الى القلوب؟
ثم الا ترى بان القول بالردة وبمحاربتها يعني الزام الناس بالقوة على الاسلام وأطرهم عليه بالعنف,مما يتنافى اصلا مع معنى الايمان الذي لابد ان يكون نابعا من القلب وبصدق وقناعة..
وهل تلاحظ أن القول بالردة ينفر الناس من الدخول في الاسلام على اساس أن الدخول فيه مغلق لايمكن التراجع عنه مهما بلغ الإنسان من قناعة في عدم صحته مايمارسه من عمل؛ لاسيما وان الديانات الاخرى لاتقول بالردة حسب معرفتي..
آمل إلقاء الضوء على هذه المسألة..ولك خالص الشكر والتقدير..

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى فاتـــــــن :
لقد كفل الإسلام فعلاً وحقاً حرية الفرد في اختيار معتقده، هذه الحرية التي تشمل استطراداً – بالفرض – هجر المعتقد إلى معتقد غيره لسبب أو لآخر. ومن هنا فأنا أرى الحكم الفقهي بقتل المرتد عن الإسلام هدماً للحرية المكفولة أساساً، وقد أعلنت هذا الرأي في غير موضع من كتبي حيث أن أساس العلاقة بين الله والناس هي العبادية وليست العبودية. والعبادية هي التعبير عن حرية الاختيار.
ولكن، إذا كان الإسلام قد كفل حرية الفرد بأن يؤمن أو لايؤمن، فإنه لم يكفل حرية الحرابة، والإفساد في الأرض، والكيد علناً للإسلام وأهله، والدعوة إلى ترك الصلاة والزكاة. ومن هنا دعوت إلى التفريق بين الردة الفكرية العقائدية الفردية والردة السياسية بما فيها من قتل وقتال بوجوده عند كل أهل الأرض وليست وقفاً على المسلمين . فنحن نقرأ في السيرة الشريفة أن النبي (ص) قال يوم فتح مكة: من دخل داره فهو آمن وقرأنا أنه أمر بهدم الأوثان في ساحات مكة وأماكنها العامة، ولم نسمع أنه أمر بتتبع الناس الى بيوتهم ودخولها وتفتيشها لو كان الهدف البحث عن الأصنام.
أما الحديث المنسوب إلى النبي (ص): من بدل دينه فاقتلوه. فأتصور أن سلخه هكذا مفرداً عن الجو العام للموضوع الذي قيل فيه هو سبب الإشكال، وإن صح فإنه لايحمل الطابع الأبدي وإنما الظرفي البحت ولايقاس عليه لأن الإطلاق في الحكم دون تخصيص يقود إلى الإكراه والإلزام بالقوة بالدين، وهذا يعارض النص القرآني.
وأما عن اجتهاد الصحابة والأئمة والفقهاء، فهو عندي للإستئناس ولا إلزام فيه، فهم رجال ونحن رجال كما قال أبو حنيفة. وأما عن حكم الردة في الأديان الأخرى، فهو موجود . فقد حكم المجلس اليهودي الأعلى على سبينوزا بالنفي، وطبق رجال الكنيسة أحكام الحرمان على مخالفيهم .

الاسم عصفور الحرية البلد

هل الإسلام جاء للعرب فقط أو لسكان الجزيرة العربية، أم أنه لجميع البشر بما فيهم أهل الكتب السماوية من يهود ونصارى؟
اذ يلاحظ ان في القران توجيهات يبدو انها مرتبطة بالعرب وبثقافتهم كحقوق الاقارب والوالدين ومسائل الدية وغيرها مما لايتناسب مع الثقافات الاخرى.
وهل القرأن يلغي بقية الكتب و الديانات الاخرى كاليهودية والنصرانية ام انه مكمل لهما؟ وان كان الاسلام عاما فلم لم يامر الرسول اليهود والنصارى بان يسلموا والا اعتبرهم كفارا؟ بل سموا “اهل الكتاب”.
وما رأيك بالديانات الثلاث الاسلام – المسيحية – اليهودية من حيث: تعزيز سلوك العنف أو التسامح بين المنتسبين للدين..؛ ومن حيث: تقبل الحضارة والتقنية وروح العصر أو الانطواء والرجوع للماضي ومحاربة كل جديد..؛ ومن حيث: إعمال العقل والتدبر في الكون وفي الحياة أو التشجيع على الحفظ والاتباع لما قيل فقط..؟
وتقبل الشكر والتحية والاحترام..

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى عصفــور الحريــة :
– لقد جاءت الرسالة المحمدية لكل أهل الأرض. فالله تعالى يأمر رسوله الكريم ” قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً” الأعراف 158 .
– صحيح أن التنزيل الحكيم نزل بالربية على العرب، لكن ما فيه مرتبط بثقافات ومعارف كل الشعوب الأخرى. فحقوق الجار والبر بذوي القربى وبالوالدين وأحكام الدية في القتل موجودة في كل المجتمعات وليس العربية منها حصراً.
– نحن نقول بأن الإسلام جاء ” مكملاً ” لما سبقه من رسالات، الدين فيها واحد، يؤيدنا في هذا ، قول المسيح عليه السلام، وقول النبي (ص) ، والإسلام على لسان محمد (ص) طلب من اليهود والنصارى أن يصدقوا برسالته، لأنهم أصلاً مؤمنون بالله بحسب كتبهم. من المفيد العودة إلى كتابنا الثالث ” الإسلام والإيمان” ، ففيه مزيد من التفصيل.
– مفهوم التسامح يختلف من شريعة إلى أخرى. فبينما هو مغلق تماماً في الشريعة اليهودية بتطبيقاتها التاريخية وكتب الفقه فيها، فالثوب النجس عندهم لايطهر إلا بالقص، والعقاب يلحق بنسل الآثم حتى الجيل الرابع، نجده مفتوحاً على مصراعيه في المسيحية، يخضع لقول المسيح عليه السلام : أحبوا مبغضيكم، ولقوله : من ضربك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر . أما في الشريعة الإسلامية فهو مرَشَّد غير مغلوش!! يقول تعالى ” الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله” البقرة 194.
– تقبل الحضارة والتقنية وروح العصر، والانطواء والرجوع للماضي ومحاربة كل جديد، وإعمال العقل والتدبر في الحياة، أو اتباع ما قيل فقط .. هذه كلها مواقف ومنطلقات يأخذ بها المرء أو يتركها نتيجة قراءاته. ورأيي فيها مبثوث في كتبي، فالتفصيل فيها يطول.

الاسم الهيصر البلد

الدكتور الفاضل محمد شحرور
اسعدالله اوقاتك بكل خير
هناك في الحقيقة استفسارات وايضاحات ارجو ان يتسع صدرك وحلمك لي لطرحها، تظل كتبكم وما تكتبون مثير للجدل يهدم اساس كثير من المثقفين والمتعلمين وما درسوه وما لقنوه او حفظوه، ويظل ايضا ما تكتبون خروجا على تاريخ 1200 سنة هجرية، هي تاريخ التدوين للحديث تقريبا (غير محققة)
اذا نصل الي ان 1200 سنة من تاريخنا ووفقا لما كتبت هي صورة غير حقيقية لواقع الرسالة والنبوة والقران والذكر وام الكتاب، ومعنى ذلك هدم الحضارة الاسلامية منذ ذلك التاريخ.
السؤال هنا سيدي هل تجد ان الاساس الخاطىء قادر على ان يبني حضارة يبني تطورا علميا وثقافيا الواقع الحالي يؤيدك، التاريخ لا يؤيدك، عند تطبيقك للواقع الان نجد انه ربما معك حق في تصورك فالتخلف وما نحن فيه وماتريد الوصول اليه من خلال طرحك يؤيد وجهة نظرك، لكن عند التطبيق قبل 1200 سنة نجد ان هذه تسمى هرطقة، وتسمى مجافاة للواقع وظلم بواح له.
ان اغلب العلماء والمفكرين المجددين نادوا بثبات الاصول المتعارف عليها مع فتح باب الاجتهاد والعودة فقط الي ماتسميه الذكر والسنة الصحيحة بعد تتدقيقها وتمحيصها وتحقيقها بشكل اكثر دقة.
ايضا يحيرني هذا السؤال:
لنفترض ان كلامك صحيح هل ابن عباس وابن مسعود لايعرفان ذلك ولاينقلانه لنا حتى ولو بصورة مشكوك فيها وهما ترجمان القران وحبر الامة، الا يوجد ولا دليل واحد محسوس…
اخيرا دكتورنا الفاضل..
سورة كاملة في القران الكريم وفقا للمفهوم الذي تعلمناه هي سورة القمر تتكرر ((ولقد يسرنا القران للذكر فهل من مدكر))
هل تجد ان الخطاب لعموم المسلمين ام للنخب المتعلمة والثقافيه، ان قلت النخب فسياق الايات لايعطي هذا التصور، وان قلت لعموم المسلمين فهذا ايضا ربما يصطدم معك.
اتعرف لماذا لان تصورك وما تطلبه كان خطاب اعلى من مستوى تفكير المسلمين.. وكثير هي ايات المخاطبة لعموم المسلمين…
………
حتى اوضح وجهة نظري
ابن مظعون وتفسيره او (تأويله) لاية الخمر كان من عموم المسلمين حتى لو كان صحابيا، وتفسير(تأويله) عمر بن الخطاب اختلف جذريا وفكريا حيث انه اراد ان يقيم عليه الحد لشربه الخمر
كان تفسيرا لنسمه (نخبويا،علمويا…الخ)
اليس احتكار النصوص وتاويلها هو سبب الازمة
اذا لنخرج تفسير(قراءة) النصوص وفقا لفهم المسلمين الحالي ووفقا لفهم عامتهم لا نخبتهم، اليس هذا حل اخر … ان ما تطالب به يجعلنا نضع ايضا الوصاية في قراءة النصوص سواء للقران او…الخ عند اناس معينين
ربما يجد احفادنا او احفادهم لهم ( قراءة الراوي) (قراءةالملهم) وقراءات مختلفة.. ونعود من حيث بدءنا… اوراق صفراء وحمراء.. وازمة يخرج بعدها دكتور يبين لنا وجهة نظركم كانت خاطئة..
انا لاانتقدكم سيدي ولكنه تصور مستقبلي ربما تتكرر احداثه، شاكر ومقدرا سعة حلمكم وصبركم على اطالتي المملة.
دمتم بحفظ الله ورعايته
الهيصر

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى الهيصر الهارب إلى الحرية الشارب من السراب مع الكرامة :
سيل من أسئلة دقيقة واضح الموجات رقيق الدفقات ينساب في ثنايا سطورك عطَّره أدب الحوار بأريج لاتخطئه الأنف الذواقة، رغم بعض المفردات الحادة الحاسمة المبثوثة هنا وهناك، كالخروج على التاريخ .. وهدم الحضارة الإسلامية .. والكتابات المثيرة للجدل .. وغيرها.
إن فهم منطلقات ( الآخر ) وفهم معاني ومقاصد مفرداته، أمر بغية الأهمية في عملية الحوار . وإلا تحولت إلى حلقة من برنامج ” الإتجاه المعاكس ” . فالذي ينطلق من مسلمات موروثة آبائية، وينطلق في حواره من تقديس التراث وأهله ، وينطلق من أن مر القرون على الخطأ يجعله صوابا، لابد أن يرى في كل رأي مخالف خروجا. علما بأننا نحن ننظر إلى الإسلام الذي وضعت أسسه النظرية في العهد الأموي وصيغ في العهد العباسي . أي أننا ننظر إلى الإسلام بعيون الشافعي وأحمد وجعفر الصادق، لا بعيوننا نحن ولا نقول أن ما فعلوه خطأ ونحن الصواب . ولكن نقول ما فعلوه كان مناسباً لهم وما نفعله الآن هو مناسب لنا . لأنه – عندي – كتاب الله نص مفتوح غير مغلق على ذاته بمفرداته وتراكيبه. والذي يعتقد بأن ما بين أيدينا من التراث هو كل التراث، وبأن ما أقام الحضارة الإسلامية بالأمس هو ذاته في كتب فقه اليوم وفي دهاليز المؤسسات الدينية الرسمية الآن، لابد أن يحكم على كل الناقدين بالهدم والتخريب.
والذي يؤمن بأن رجال الدين في المؤسسة الرسمية هم العلماء ورثة الأنبياء في الحديث النبوي وهم المعصومون المالكون للحقيقة المطلقة، لابد أن يكفر كل من يتصدى لهم ويتهمه بالعمالة والهرطقة.
المشكلة في منطلقاتنا نحن!! من قال لك إن ابن عباس وابن مسعود لايعرفان ذلك معرفة نسبية تتناسب مع أرضيتهم ولم ينقلاه إلينا؟ مسألة الإرث وتوزيعه، مثلاً كانت إحدى أهم نقاط الخلاف بين ابن عباس وعثمان، واللجوء إلى الرد والعول في توزيع المواريث أثارت استنكار ابن عباس، واستغرب أن يضع الله لنا – وهو العليم بعدد ذرات رمال عالج حسب تعبير ابن عباس نفسه – نظاماً للمواريث تشطح فيه الأنصبة عن مبلغ الإرث ويحتاج فيه إلى العول، أو تنقص فيحتاج مع النقص إلى الرد.
مسألة الحديث النبوي، مثلاً، والإفراط في روايته بالمعنى، والاتكاء عليه وتوظيفه، نبهنا إليها ابن مسعود وأبو بكر والإمام علي وعمر عملياً في أكثر من خبر. وقد رفض عمر جمع الحديث النبوي وتدوينه، وقرع رأس أبي هريرة بالدرة على إكثاره من رواية الحديث، أما ابن مسعود فيقول أحد أصحابه: لزمت ابن مسعود عشرين عاماً، ماسمعته مرة قال ” قال رسول الله ” إلا رأيت العصا ترتجف تحت يده. أما الإمام مالك، فقد رفض ما أمره به أبو جعفر المنصور من نسخ موطئه لإلزام الناس به .. رحمهم الله جميعاً .. كأني بهم كانوا يرون مانحن فيه اليوم.
المنطلقات التي قامت عليها حضارة الأمس، ليست موجودة اليوم لأنها كانت مناسبة لهم ولدولتهم. كانوا يقرؤون كتاب الله مباشرة حسب أرضيتهم، ونحن نقرأ اليوم (المنتقى) من كتب تفسير لايسمح لنا الهامانات والفراعين أن نقرأ غيرها. كانوا يسيرون في الأرض ليروا كيف بدأ الخلق، ونحن اليوم نعتمد روايات التوراة ونسير عليها حذو النعل بالنعل. كانوا يقربؤون ويفهمون ويطبقون ما يصلح لظرفهم الزمكاني وضمن إمكانياتهم. ويختلفون في الفهم ويتجادلون فيه، ويطيعون من يستحق الطاعة، ونحن اليوم نستعير فهم الآخرين، ونمنع الحوار، وندعو إلى طاعة الحاكم حتى لو جن أو فسق وحتى لو ألهب ظهور الناس وأخذ أموالهم.
خذ مثلاً حد السرقة. يقول تعالى ” والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما..,” المائدة 38. قال بعضهم القطع هو البتر، واليد هو العضو المعروف، أي أنهم فهموا النص على وجه الحقيقة. فذهب قسم منهم إلى أن القطع لايجوز أن يتعدى الأصابع، وقسم أجاز القطع إلى الرسغ، وقسم إلى الساعد، وقسم إلى المرفق. وذهب قسم منهم – حسب قول السيوطي – إلى بتر الأرجل إن تكررت السرقة بدلالة قوله تعالى ” أيديهما” وليس “يديهما ” . لكن بعضاً آخر فهم النص على وجه المجاز، فالقطع عنده هو المنع واليد هي الاستطاعة، والسواطير لامحل لها في تطبيق حد السرقة. وكأني بأصحاب البعض الأول يرون أن السارق إنما صار سارقاً بالفطرة، ولاعلاج لها إلا بالبتر، أما أصحاب البعض الثاني فيرون فيها مكتسباً اجتماعيا لاحقاً، يتم علاجه بعلاج الأسباب والدوافع.
منطلقات حضارة الأمس ليست بالتأكيد منطلقاتنا اليوم. كانوا طائفة واحدة ومذهبا واحدا ونحن اليوم طوائف ومذاهب ألطف سلاح في حروبها التكفير. سنة وشيبعة وظاهرية وباطنية وحنفية وشافعية وسبعية واثني عشرية ووهابية وأحمدية ومالكية وحنبلية، ولكل من هذه وتلك رجالها وفقهها وكتبها. فمن الذي جعل الطائفة الواحدة شيعا؟ إنهم الفراعين وشركاؤهم الهامانات!! وليس هذا مجرد زعم من عندي، إنه قول الله تعالى ” إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا..” القصص 4. ونفهم أن كل من يجعل الناس شيعا، أو يقبل بأن يبقوا كذلك، هو فرعون مهما كان الإسم الذي يتستر به.
أما ما ينادي به “أغلب العلماء والمفكرين المجددين من ثبات الأصول المتعارف عليها وفتح باب الاجتهاد والعودة إلى السنة بعد تدقيقها وتمحيصها” فهي دعوة ” تخـديرية ” للإستهلاك المحلي فقط كباقي الدعوات التخديرية الأخرى. إذ ما المقصود ب ( الأصول المتعارف عليها” ؟ الرسالة والأم عند الشوافعة من الأصول .. وشرح حاشية ابن عابدين عند الأحناف من الأصول .. ورسالة التوحيد عند الوهابية من الأصول.. وفقد ابن تيميه معمول به في بلد إسلامي كأصل ومتروك في بلد أخرى.. والمجالس والمراكز الإسلامية في العالم على دين مموليها.. وما المقصود بالاجتهاد المنوي فتحه بعد أن مضى على إغلاقه تسعة قرون منذ عصر المتوكل؟ إنهم لايمنعون الاجتهاد على شرطين: ألا تخالف قولاً قيل. وألا تأت بما لم يقل. وما المقصود بتدقيق السنة وتمحيصها؟ ومن يقوم بالتدقيق والتمحيص؟ فإن قلت رجال المؤسسة الدينية، وجب أن تحدد كتب السنة النبوية المقصودة بالتدقيق والتمحيص.. فكلها عند أصحابها وتابعيها صحيحة ومعصومة .. وكلها لاحاجة لإعادة تدقيقها بعد أن استصفاها البخاري ومسلم والكليني وأحمد ومالك وأبو داوود.. وإن قلت الناقدون المجددون ضحك الجميع!!
أما مسألة الخمر وشربها والحد عليها، فهي كما قلت تماماً، ولعل ابن عبد ربه، قاضي القضاة في الأندلس، في العقد الفريد ، وابن قتيبة الدينوري في الاعتبار أفضل من شرح تعدد الأحكام فيها والفهم لها.
وأما سؤالك عن قوله تعالى ” ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر” فهي لعموم الناس بمن فيهم من خواص وعوام، ويفهمها هؤلاء وأولئك كل بحسب قدراته، ويعبر عما فهمه منها حسب مستواه المعرفي، ولاتعارض بينهما. فالماء مثلاً عند العوام هو ذلك السائل الذي جعل منه الله كل شيء حي، أما عند الخواص فهو هيدروجين وأوكسجين وأملاح يتبخر فيصير غيماً ويتجمد فيتحول إلى جليد، وهو طاقة تدير الطواحين أنهاره، وتمخر السفن والغواصات بحاره، ولكنه يبقى السائل الذي جعل منه الله كل شيء حي.
أخيراً .. لقد صدقت في عبارتك الخاتمة .. فستدور الأيام .. وتنضم كتبي إلى التراث.. وسيخرج ذات يوم دكتور آخر .. يرى أشياء لم أرها أنا .. وسيكون صادقاً مع واقعه.. كما أحاول أن أصدق مع واقعي .. ثم يمضي بدوره ليخرج بعده ثالث .. تلك سنة الحياة .. ولن تجد لسنة الله تبديلا..

الاسم rame البلد

يقول الاستاذ الدكتور عبد الصبور شاهين :
ان الدكتور شحرور له منطلق غير المنطلقات التي نعرفها في المجتهدين في الإسلام ، ومنطلقه بكل أسفي تغطي عليه المادية الجدلية ومن المعلوم أن عليه معالجة قضايا الدين بمنطلق ماركسي يمسخ الدين مسخاً كاملاً ، لذلك كانت شطحات د. شحرور دائما ناشئة من الاختلاف والمسافة بين المنهج الإسلامي الصحيح والمنهج المادي الماركسي ، وأعتقد هنا أن د. شحرور قد أعاد النظر في كثير من مقولاته بناء على مناقشاتنا معه تلك التي دامت 14 ساعة على شاشة أوربت ، إن تفسير شحرور يمثل شطحات غربية لا يسلم بها أهل الإسلام أبداً فمثلا حديثه عن قوله تعالى (وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ..) الآية سورة النور، واضح تفسيره لهذه الآية أنه ليس معه ذرة من الصواب حيث يقول إن الزينة في هذه الآية تعني فرج المرأة، وأن الجيوب في هذه الآية تعني أيضاً الفرج والشرج وما بين الثديين وما تحتهما وما تحت الإبط، إذ يقول إن هذه الأماكن كلها جيوب وهي المقصودة بالتغطية والستر. والمعلوم أنه لا يوجد في اللغة ما يمكن أن يعتمد عليه هذا المذهب في التفسير وإنما هو مجرد نخع واللغة لا تكون نخعاً أبداً وإنما هو رواية لجيل عن جيل إلى أقدم الأزمان ولا يجوز أبدا القول في كتاب الله “بالنخع” حيث يقول إن الزينة في الآية تعني الفرج معنى ذلك أنه قد وقع في مأزق شديد الضيق لأن هذا الاتجاه فرض عليه أن يقول إن المرأة لا بأس بأن تظهر فرجها لوالد زوجها أو أبناء زوجها واخوتها ..الخ. ما جاء في الآية وهو أقرب إلى تقاليد مجتمع العراة الذين يعيشون في غابات بولونيا ولا أدري ما الذي يدفع رجلا محترما له زوجة محجبة إلى أن يضع نفسه في هذا الحرج إلا أن تكون الرغبة في الإدهاش أو خالف تعرف وتفسيره أيضا للتعدد نوع من التهريج لأننا لا نستطيع أن نتجاهل واقع التعدد في عصر النبي وصحابته وهو الذي يفسر لنا اتجاه الإسلام في هذا المجال وقد ثبت أن تعدد الزوجات هو حكم تشريع يدافع به الإسلام عن الأمن الأخلاقي للمجتمع،
د – شحرور ماهو رايكم بهذا الكلام ..؟
رامي ..

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى رامـي :
رأيي بما قاله الشيخ عبد الصبور شاهين هو ما أعلنته في ندواتي معه على شاشة أوربت. أما عن أنني أعدت النظر في فهمي لحجاب المرأة والتعددية الزوجية فأمر لم يحصل. وأما عن منطلقي الماركسي بماديته الجدلية التي تمسخ الدين مسخاً كاملاً، فأنا بحمد الله معافى منه. وكان عليك ياولدي رامي أن تسأل الشيخ شاهين عن رأيه وقد صار هدفاً للجان التكفير بعد أن كان عضواً فيها وذلك بعد أن أخذ أطروحة البشر والإنسان من كتابي (الكتاب والقرآن) ونشرها في كتابه أسماه ( أبي آدم) . وللتأكد من إعادة النظر هذه إقرأ كتابي الرابع (فقه المرأة) حيث صدر عام 2000 في شهر أغسطس آب .

الاسم خالد بن سنان البلد

ارحب بالدكتور محمد شحرور أطيب ترحيب.
واسأله: إن فكرة تطبيق الحدود الشرعية (في الإسلام) مثل قطع اليد او جلد الزاني او رجم المحصن..الخ تكاد تكون شبه مرفوضة عالمياً..وخاصة لتوسع مفهوم حقوق الإنسان..فما هو مفهوم الدكتور شحرور للحدود في الإسلام .
سؤال ثاني: في حالة قطع اليد للسارق كما يعمل به في السعودية. ما لذي يمنع ( شرعاً) ان يقوم آهل المقطوعة يده بأخذه لأقرب مستشفى وتركيب يده قدر المستطاع..؟
سؤال ثالث: إن الأديان والمذاهب من أحد أهم أسباب الانقسام بين الشعوب..علماً آن الأديان أتت لتقرب مابين الناس…فما هو السبب؟؟
سؤال اخير: ماهي السنه وهل هي مكمله للقران؟؟
وجزاكم الله كل خير.

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى خالد بن سنان :
– الحدود الشرعية في الإسلام بجانبيها الأدنى والأقصى حدود ملزمة سواء قبلتها دول العالم الأخرى أم لم تقبلها. ولقد ضرب الله لنا مثلاً بحد الزنا، بجعله الجلد بدلاً من الرجم الذي كان سائداً قبل نزول آية النور 2 . وأفهمنا أن الحدود تنحو منحى التخفيف بمرور السنين والرسالات المتعاقبة وارتقاء الجانب الإنساني عند الناس، وهناك تخفيف في العقوبات بين شريعتي موسى ومحمد (ص) . وأن استعمال السيف في المواطن التي تكفي فيها العصا، مضر كاستعمال العصا في مواطن السيف.
لايوجد شرعاً فيما أعلم ما يمنع المقطوع من تركيب يد صناعية.. أو إعادة تركيب يده المقطوعة .. ولكن دعنا من الهمز واللمز.. فنحن بكل جدية أساساً نفهم آية المائدة 38 على وجه المجاز وتنتهي المشكلة.
– اختلاف الشرائع يقود إلى الانقسام ما لم يفهم المرء مقاصد الشريعة وهو علم جليل.. واختلاف المذاهب يؤدي إلى المذابح ما لم يفهم المرء أن المذاهب أساساً طريقة في الفهم والتطبيق وليس معياراً في التكفير.
– وهل نزل القرآن ناقصاً لتكملة السنة ؟ هذا قول خطير!! فالإكمال هو الإتيان بتكملات إضافية لم تكن موجودة وهذا محال بحق الرسول (ص) في ضوء قوله تعالى ” ولو تقول علينا بعض الأقاويل * لأخذنا منه باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين” الحاقة 44-46. ثم علينا أن نميز بشكل واضح وجلي بين السنة النبوية والسنة الرسولية . محمد (ص) من مقام النبوة كان مجتهدا وكل أقواله وأوامره ونواهيه في مقام النبوة لاتحمل الطابع الأبدي لذا فهي ليست شرعاً إسلامياً بالأصل . ولو صحت لايقاس عليها منها حديث ( ماأفلح قوم ولوا أمورهم امرأة) أما أقواله من مقام الرسالة فهي سنة رسولية ملزمة مثل آلية الصلاة حيث تحمل الطابع الأبدي وبدون هذا التفريق بين المقامين لا أمل لنا من الخروج من عنق الزجاجة الذي نحن فيه . فالأحاديث النبوية أو قل الأحاديث الأموية أصبحت سيفاً مسلطاً على رأس كل فكر حر إبداعي .

الاسم مرمر البلد

فرصة جميلة أن نلتقي بالمفكر الدكتور محمد شحرور، فأهلا بك..
القرآن الكريم نص قابل للتفسير وللتأويل معاً، والتفسير يعني عرض معاني الكلمات في حين أن التأويل يحاول الوصول إلى المعنى والمراد؛ ولاشك أن التفسير عمل عضلي يحتاج إلى إلمام بالمعاجم في حين أن التأويل عمل عقلي يحتاج إلى آليات عقلية وفكرية وأدوات معرفية تؤهل صاحبها لكي يتتبع السياق ويفهم المقصد مع ربط النصوص بهيكلها العام.
وتوجد كتب كثيرة للتفسير ورغم أنها تتعامل مع اللغة إلا أن بعضها يصر على معنى معين دون سواه، ومثال ذلك كلمة “مكاء” التي أقسم ابن مسعود أنها تعنى الغناء أو الصفير، ولاأظنه كان بحاجة لأن يقسم لكي يثبت رأيه لولا وجود خلاف حول هذا المعنى..
وأعتقد بأن قابلية النص القرآني للتأويل وتعدد أوجه الفهم دليل قوي على عظمته، لكن البعض يريدون تقييده في فهم معين وحصره في زوايا خاصة، كما يفعل الوهابيون عندنا في السعودية مثلا، حيث يوردون الآية ولكنهم لايفكرون فيها بل ينتقلون بعدها مباشرة إلى عرض راي ابن تيمية أو ابن حنبل أو ابن عبدالوهاب أو ابن باز أوغيرهم في هذه الآية؛ مما يعني أنهم يتخذون من النص القرآني مجرد زينة شكلية في حين ان النص المتبع هو “التفسير” أو الرأي المفهوم من الآية.
ومثال ذلك تفسيرهم لقوله تعالى في سورة الفاتحة “غير المغضوب عليهم ولا الضالين” فيصرون على أن المغضوب عليهم هم اليهود و الضالين هم النصارى، دون أن توجد أي قرينة لالغوية ولامعنوية في النص القرآني نفسه تحيل إلى هذا المراد سوى راي الإمام أحمد بن حنبل؟
ويتجاهلون بعض التفاسير التي تشير إلى المعنى اللغوي المباشر وهو (المغضوب عليهم هم الذين فسدت إرادتهم فعلموا الحق وعدلوا عنه والضالين هم الذين فقدوا العلم فهم هائمون في الضلالة لا يهتدون إلى الحق)، ويبدو أن المعنى اللغوي هو الأقرب إلى منطوق الآيات؛ لأن القول بالتفسير الحنبلي/الوهابي- يعني أن هناك حكما ضد الديانات السماوية التي أنزلها الله نفسه وكأنه يحكم على نفسه بالخطأ تعالى الله عن ذلك!
سؤالي يتفرع إلى جزئين: الأول، ماالسبب في رأيك في هيمنة “تفسير معين” على الفكر السعودي الديني خاصة وإلغائهم النص الأصل “القرآن”؟ وهل ترى أن هذا التصرف خاطيء دينياً من حيث أنهم يسيئون إلى القرآن الكريم في الوقت الذي يدّعون “صوتياً” تقديسه وهم في الحقيقة يقدسون “أشخاصا” كابن تيمية وابن القيم والبهبهاري وغيرهم ويرون فيهم العصمة والحق المطلق بحيث يتتبعون كل قول لهم ويعيدون تفسيره؟
والشق الثاني يتعلق بحدود التأويل التي يمكن أن نصل إليها حينما نتتبع كل نص، أريد أن أفهم الإسلام كدين عظيم لايخالف الفطرة السوية ولكني أحياناً أواجه مشكلات “أخلاقية” في الإسلام، فمثلا لدي مشكلة في فهم آية تعدد الزوجات وواقع رفض الرسول أن يتزوج علي بن أبي طالب على ابنته فاطمة وتهديده له بألا يفعل.. الذي أفهمه أن تعدد الزوجات يعتبر خيانة زوجية للمرأة وارباك لنظام الاسرة الصحية ولاأعتقد أن الإسلام يريد للأسرة التمزق والتدهور باعتباره ديناً فطرياً؛ ويؤيد ذلك واقع موقف الرسول من زواج علي. لهذا يمكنني أن أفهم التعدد بسبب ظروف اقتصادية قاسية كحال الرسول مع زوجاته اللاتي لم ينجب أكثرهن فليس هناك في مثل تلك الحال خوف على الأسرة بمثل الحال اليوم ممن يفرخون أطفالا يزيدون على العشرين -من عدة زوجات- ولايحسنون تربيتهم..(كحالنا في السعودية)
ماأريد قوله هو، كيف يمكن ضبط بعض معايير الفهم والتأويل، هل يمكن للنص القرآني أن يستقل، أم أنه لابد من النظر في الواقع لربط الموضوع بظروفه كزواج الرسول مثلا؟
ولك المودة,,

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى مرمر:
– وصفك للتفسير بأنه عمل عضلي وللتأويل بأنه عمل عقلي ليس على ما ينبغي. هناك فرق بلا شك بينهما، لكنه ليس كما ذكرت. ثمة رؤية جديدة تتشكل عندي للتفريق بينهما مع الشواهد ستصدر في كتابي القادم بإذن الله.
– أنا معك في كل ما ذهبت إليه حول تفسير قوله تعالى ” غير المغضوب عليهم ولا الضالين” بأنهم اليهود والنصارى. والواقع أن من خرج عن الصراط المستقيم (المحرمات) هو إما من المغضوب عليهم كقاتل النفس بغير حق فهو من المغضوب عليهم . ول كان من أتباع محمد (ص) أو موسى أو عيسى أو بوذا. أما الذي يشرك بالله فهو من الضالين كائنا من كان. أما الشرح بأن المغضوب عليهم هم اليهود والضالون هم النصارى هو تعصب في غير محله. إذ أين البوذيون والكونفوشيوسيون والشنتو، ألا يوجد لهم محل وكأن هناك إلهين اثنين .
– مسألة هيمنة تفاسير معينة على الفكر الديني في هذا البلد أو ذاك، هي كما أجبت أنت بذاتك ، ولا أعيد .
– التعددية الزوجية مباحة في الإسلام، إنما ضمن شروط شرحتها مع آياتها في كتابي الرابع (فقه المرأة) ص 301 – 311 ، وهي ليست مشكلة أخلاقية أو خيانة زوجية أو إرباك لنظام الأسرة تمزقه وتدهوره. قد تكون تطبيقياً كما هو سائد في بلدك كذلك.
1- السنة النبوية الصحيحة كما عرّفتها وشرحتها بالتفصيل في كتابي الرابع (فقه المرأة) ص 125-170 ، هي التطبيق العملي الأول للتنزيل الحكيم النظري الموحى، وليست مكملة ولا مفصلة ولا مبينة له. فهو كامل مفصل مبين بذاته. أشكرك على اتفاقك واختلافك معي فهذا هو حال وطبيعة الأشياء. وكما قلت وأكرر القول بأن السنة تقسم إلى سنة نبوية غير ملزمة ولاتحمل الطابع الأبدي ولو صحَّت . وسنة رسولية تحمل الطابع الأبدي مثل آلية الصلاة ، ومع الأسف إلى هذا اليوم لم تقسم السنة إلى نبوية ورسولية ، ومن السنة النبوية أيضاً زواج المرأة بولي أمر فهي عادة عربية استعملها النبي فهي سنة نبوية لاتحمل الطابع الأبدي وهي ليست شرط بصحة الزواج وكذلك سفر المرأة مع محرم هي سنة نبوية وليست سنة رسولية.
2- المعتزلة فرق ومذاهب، قد أتفق عقلياً مع بعضها وأختلف مع بعضها الآخر، فإطلاق القول هنا خطير.
3- دعني من المفردات الرنانة والمصطلحات الفخمة .. العقل ضروري والنقد البناء ضروري أيضاً والفلسفة عندي أم العلوم.
4- وماذا تسمي إذن ما كتبته في كتبي الأربعة؟ أما إلى أية مدرسة ينتمي نقدي للعقل الديني، فأعترف أنني لم أطرح على نفسي هذا السؤال. هل ترى أن ذلك معيب.؟
5- في طور استعادة الذات على أول الطريق الصحيحة.
6- التمسك بالثوابت العقلية، ووعي الواقع ، والإيمان بأن الخاتمة للمتقين، يخرج بك إلى مأمن من هذه الطاحونة.
7- ببساطة وإيجاز: لا أدري ما المخرج .
8- رحم الله الشاطبي. فمقاصد الشريعة علم جليل، ومفتاح لفهم الأحكام وتقويمها. ولا شك أن لكل متدبر لكتاب الله تعالى ولكل متفكر في خلق السموات والأرض مقاصد إلهية يراها في تشريعاته قد تتطابق مع مثلها لدى آخرين وقد لاتتطابق .. والحديث طويل .. طويل.
9- ………
10- إنني أبعد ما أكون عن الجو الفكري السعودي ، فقل لي أنت .. هل هناك تجاوب ؟

الاسم مسامح البلد

سيدي الفاضل الاستاذ الدكتور محمد شحرور
قرأت هذا الراى في تعدد الزوجات وكان موجها لإحد (العلماء) الذي كان ضيف لدى منتدى الوسطية ولكنه لم يجب عليه !!
ولا اخفيك ان هذا الراى قد سرني جدا وأريد معرفة وجهة نظرك فيه .
==============================
الرأي في تعدد الزوجات
يعتبر تعدد الزوجات من أهم المشاكل التي تواجه المرأة العربية الإسلامية بشكل خاص وتواجه الإسلام أمام العالم بشكل عام , فإذا فهمنا أن آية تعدد الزوجات الواردة في أم الكتاب هي من آيات الحدود فينقلب فهمنا للآية تماماً وتصبح الآية شاملة للنواحي التاريخية ( التطور التاريخي السابق والمعاصر ) وشاملة لأنبل النواحي الإنسانية
وردت آية الحدود في تعدد الزوجات كالتالي . .. ( وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا) (النساء:3
لنشرح أولاً الاصلين ( قَسَطَ . عَدَلَ ) فالأصل ( قسط ) في اللسان العربي أصل صحيح يدل على معنيين متضادين تماماً والبناء واحد , ففي المعنى الأول هو العدل مع المساعدة كقوله تعالى ( إن الله يحب المقسطين ) والمعنى الثاني الظلم والجور كقوله تعالى ( وأمّا القاسطون فكانوا لجهنم حطبا ) وكذلك الأصل ( عدل ) له معنيان متضادان الأول إستواء والآخر إعوجاج … وهناك فرق بين القسط والعدل . فالقسط يكون من طرف واحد والعدل بين طرفين .
لقد جاءت هذه الآية معطوفة على التي قبلها في قوله ( وإن ) .. والتي قبلها وردت بحق ( اليتامى ) في قوله تعالى ( وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالَهُمْ وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوباً كَبِيراً ) (النساء:2) .. ونحن نعرف أن اليتيم بمعناه الوارد في كتاب الله أنه فاقد الأب فقط وقاصر أيضاً ( أي دون سن الرشد ) فهذا يعني أن أمه على قيد الحياة وليست طاعنة في السن , فجاءت آية تعدد الزوجات وهي آية حدودية لتغطي الحد الأعلى والحد الأدنى في الكم , والحدين الأعلى والأدنى في الكيف .
حدود الكم : … بما أن هذه الآية تتكلم عن النكاح في قوله ( فانكحوا ) وبدأ بالمثنى من النساء من حيث الكم . وبما أن الرجل لايمكن أن ينكح نفسه أو ينكح نصف إمرأة , فالحد الأدنى هنا هو الواحده , والحد الأعلى هو الأربعة , والخطوة هي مثنى , ثلاث , رباع , حيث في عدد النساء أو الرجال لا يمكن أن يكون هناك عدد كسري أي أن حدود الله في تعدد الزوجات هو الواحدة حداً أدنى والأربعة حداً أعلى , وهنا عطف مثنى وثلاث ورباع ليبين أن الحالة عدد صحيح كأن نقول : جاء الناس مثنى وثلاث ورباع … فإذا تم منع تعدد الزوجات فنكون قد وقفنا على حدود الله ( الحد الأدنى ) في الكم دون أن نتعداها .. فمن ناحية المبدأ لا يوجد أية حرمة في ذلك , وإذا سمحنا بالتعددية حتى الأربع فنكون قد تحركنا ضمن حدود الله من حيث الكم . ووقفنا في بعض الحالات على الحد الأعلى وهذا ما حصل فعلاً خلال أربعة عشر قرناً مضت وهو إطلاق الكم من الواحدة إلى الأربع دون النظر إلى ( الكيف ) إطلاقاً … لذا فقد فسروا قوله تعالى ( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ) هنا فهموا ( تعدلوا ) بين الزوجات لذا فقد رجّحوا بأن أساس التعدد في الزواج هو الواحدة وقالوا إن تعدد الزوجات هو لظروف إضطراريـــة ……………………………………………..
حدود الكيف …. نقصد الكيف هنا هو : هل الزوجة بكرأم ثيب ؟ وإذا كانت ثيباً فما وضعها أأرملة أم مطلقة ؟ إذا أخذنا الكم فقط دون النظر إلى الكيف فلا يمكن إطلاقاً ربط جواب الشرط ( فأنكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع .. الآية ) بالشرط وهو ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ) . فإذا أردنا أن نزبط جواب الشرط بالشرط فيظهر لنا الكيف التالي :
بما أنه لم يذكر الأولى من ناحية الكيف فهذا يعني أنه أطلق الكيف في الزوجة الأولى حبث يمكن أن تكون بكراً أو أرملة أو مطلقة , ولكي نربط جواب الشرط ( فأنكحوا ما طاب لكم من النساء ) بالشرط وهو الإقساط إلى اليتامى فينتج لدينا بالضرورة أنه يتكلم عن أمهات اليتامى ( الأرامل ) هنا نرى أنه أطلق الكم حتى الأربعة وقيّد الكيف بأن تكون الزوجة الثانية حتى الرايعة من الأرامل ذوات الأيتام وأن يتزوجهن الرجل ويأخذهن كزوجات مع أولادهن . في هذه الحالة ضم أولاد الأرامل في الإعالة والتربية إلى أولاد الزوج , وفي هذه الحالة ينطبق على الزوج قوله تعالى ( وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافاً وَبِدَاراً أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيّاً فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمََنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً) (النساء:6) .. فإذا أخذ الرجل ثلاث أرامل زوجات وضم أولادهن إلى أولاده فهذا يعني أنه أصبح كثير العيال وأصبح عليه عبء مالي كبير جداً , في هذه الحاله نفهم قوله تعالى ( فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة ) أي تعدلوا بين الأولاد ( أولاده وأولاد زوجاته الأرامل ) وهنا ظهر فعل ( عدل ) بين أولاده وأولاد زوجاته أما فعل ( قسط ) فقد جاء لليتامى فقط أي طرف واحد لأنه بدأ الآية : ( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى ) فإذا خاف ألا يعدل بين الأولاد فواحدة , وبما أن الكلام عن التعددية فالخطاب للمتزوج لذا بدأ بالمثنى , فالواحدة هنا تعني الثانية وليست الأولى , أي إذا كان الرجل قادراً على التعددية من الناحية المالية فقد شجعه الله سبحانه وتعالى أن يتزوج على الأقل أرملة واحدة زوجة ثانية ويأخذها مع أولادها وقد أكد على هذا المعنى في نهاية الآية بقوله تعالى ( ذلك أدنى ألا تعولوا ) . و ( تعولوا ) جاءت من الأصل ( عول ) ومعناها كثرة العيال والجور , فعندما يصبح الرجل كثير العيال وتكبر عليه المسؤوليات المالية والتربوية فيمكن أن يقع في عجز وبالتالي يقع في الجور .
وهكذا نفهم الحديث النبوي .. إن صح ( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ) وأشار إلى إصبعيه . فهذا الحديث يمكن أن يكون تعليقاً على هذه الآية وتشجيعاً للرجال بالزواج من أرامل وكفالة أولادهن . هنا نرى الناحية الإنسانية في تعدد الزوجات وإن الله سبحانه وتعالى أجاز تعدد الزوجات ضمن آيه حدودية حيث يتبين لنا حرص الله سبحانه وتعالى على الأرامل والأيتام . وبما أن هذه الآية حدودية فيمكن للمشّرع أن يبني عدة إحتمالات في التشريع حول التعددية وبما تمليه الظروف الموضوعية ففي حالات الحروب مثلاً ونقص عدد الرجال يمكن للمشّرع أن يجيز الزوجة الثانية وما فوق بأن تكون أرملة دون أولاد ولكن لا يجوز أبداً أن يتزوج إنسان أرملة وعندها أولاد ويأخذها دون أولادها فهذا خروج عن حدود الله ويجب ألا يسمح التشريع الإسلامي بذلك أبداً .
وقد أعطى الله سبحانه وتعالى تسهيلات بالنسبة للراغبين بالزواج من أرامل مع أولادهن وذلك بأن أعفاهم من الصداق في قوله ( وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً) (النساء:127).. هنا نلاحظ كيف أعفى الرجل من صداق الأرامل بشرط رعاية أولادهن الأيتام . وفي حالة الزواج من أرملة لم يطلب الله سبحانه وتعالى العدالة بين النساء حيث أن الزواج هو في الأصل من أجل الأيتام لذا قال تعالى ( وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) (النساء:129).. وقوله تعالى ( وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلّاً مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً) (النساء:130) .. فالمطلوب هنا ألا يترك الرجل إحدى زوجاته كزوجة أمام الناس فقط لذا قال ( فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعّلقة ) بل يجب أن يمارس الحياة الزوجية معها . وفي حال طلبت إحدى الزوجات الطلاق فيحق لها ذلك تماماَ دون غمط حقوقها لذا قال تعالى : ( وإن يتفرقا يغن الله كلاً من سعته .. الآيه )
وهنا لابد أن ننبه إلى زيجات النبي محمد صلى الله عليه وسلم حيث تذكر هذه الحالة من بعض المغرضين ضد الإسلام وهذا التنبيه هو التالي : لقد كانت بعثة محمد صلى الله عليه وسلم هي الحد الفاصل بين الأولين ( الإنسان الحديث ) والآخرين ( الإنسان الحديث والمعاصر ) حيث كان محمد صلى الله عليه وسلم النبي الخاتم . فالأولون قبله والآخرون من بعده إلى أن تقوم الساعة والآخرون هم المجتمعات العصرية المتحضرة وقد كانت بعثته هي المرحلة الإنتقالية بين الأولين والآخرين , ولقد كانت زيجاته من سنن الأولين وليس من سننا نحن وقد أكد هذا في قوله تعالى ( مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً) (الأحزاب:38) … هنا نلاحظ قوله تعالى ( سنة الله في الذين خلوا من قبل ) ونلاحظ أيضاً كيف ذكره في مقام النبوة في قوله تعالى ( ما كان على النبي ) وليس ( ما كان على الرسول ) . وقد ذكر الله سبحانه وتعالى إن هذا يسبب حرجاً على النبي وعلينا لذا فقد نبهنا بأن. منهجنا نحن , لذا فإننا نستنتج ما يلي :
البحث في زيجات النبي صلى الله عليه وسلم هو ضرب من ضروب العبث لأننا نناقش هذه الزيجات بمقايسنا المعاصرة , لا بالمقاييس القديمة وهنا يكمن سوء الفهم والإلتباس . إن النبي صلى الله عليه وسلم في زيجاته لا يعتبر أسوة لنا أبداً وكذلك زوجاته لا يعتبرن أسوة لنساء المسلمين ( يانساء النبي لستن كأحد من النساء ) قال تعالى ( يا نساء النبي ) … ليبين لنا أن هذا تعليم وليس تشريعاً …..

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

الى سامح :
الرأي في التعددية الزوجية التي عرضتها وارد تماماً في كتابي الأول (الكتاب والقرآن) وكتابي الرابع ( فقه المرأة ص 301 – 311 .

الاسم ماس البلد

مرحبا بالدكتور القدير، والمفكر الكبير محمد ديب شحرور بيننا، وإليك سيدي أسألتي راجيا طول بالك وكرمك ..
1- هل تعتقد بأن رفضك للسنة النبوية -الصحيحة- كمبيّن ومقيّد ومفصّل وكمفسر مساند لآيات القرآن الكريم، واعتبارك أنها -أي السنة- اجتهاد من الرسول لسنا بلمزمين به، قد أضر قضيتك التنويرية العظيمة كثيرا ؟! بمعنى أنني شخصيا أميل وأتفق وأقتبس بل وأحيي أفكارك ورؤياك في القضايا المعاصرة كآرائك في الاستبداد ونتائجه، الديموقراطية، الأمة والدولة، الحرية والشورى، الجهاد، المرأة، فصل الدين عن الدولة، والتعددية، والقضاء. وفي عناصر التجديد في الفكر الاسلامي كآرائك في تعريف الاسلام، وأزمة العقل العربي، والعروبة والاسلام، والفرق بين الاسلام والايمان، وأزمة الفقه الاسلامي، وآرائك في الأعمار والأرزاق والأعمال والقضاء والقدر، الخ. انما أجد صعوبة صراحة في تقبل آرائك في القيامة والبعث والصور والساعة والسّبع المثاني الخ. والتي أتحفظ عليها تماما.!
2- هل يصح أن نقول بأن الدكتور شحرور معتزلي أو أقرب في أفكاره للمعتزلة ؟
3- برأيك مامدى ضرورة المنهجية العقلانية والروح النقدية للمجتمعات العربية الآن ؟ ثم هل تتفق مع ماذهب إليه الجابري بأن الفلسفة مرادفة للعقلانية وللروح النقدية، من حيث ضرورتها للمجتمعات العربية بالوقت الحاضر ؟
4- – هل لدى الدكتور شحرور نية لمشروع في نقد العقل العربي الديني، كما ذهب أركون والجابري ؟ خاصة وأن للدكتور شحرور تطرق سابق -بسيط- لهذه الجزئية (الأزمة) في عجز كتاب “الكتاب والقرآن”.! ثم على أي طريقه يفضله -أي نقد العقل الديني- هل على طريقة كانط “في نقد العقل الخالص”، أم على طريقة سارتر “نقد العقل الجدلي”؟
5- حاول أركون الاجابة على سؤال “أين هو الفكر الاسلامي المعاصر ؟” .. فماذا يقول الدكتور شحرور كإجابة مقتضبة على السؤال ذاته ؟
6- إذا كانت البنية الفكرية المتخلفة السائدة في الوطن العربي تؤثر من جهة فتنشر فكرا لا عقلانيا وتؤثر من جهة أخرى حتى في الفكر الذي يود أن يكون عقلانيا فتحرفه لكي يأخذ اتجاها غير عقلاني، فكيف يمكن الخروج من هذا الدور ؟
7- سؤال “هام” ذو صلة بسابقه .. في ظل إفلاس الفكر الذي تستند إليه حركات الإحياء الديني وبدائيته وخوائه، وتهافت الفكر العلماني وبدائيته وخوائه. ما المخرج برأيك من هذا الإفلاس وهذا التهافت.؟! وكيف نربط دعوات كاعادة فتح باب الاجتهاد، واحياء علوم الفلسفة والكلام، وتطبيق الدعوات الرومانطيقية التي تدعو الى تطبيق أسس فقه الاختلاف، والتعددية المذهبية، والانتصار لفكر عصور التدوين بدلا من فكر عصور الانحطاط، ..، كيف تربط جميع تلك الدعوات السابقة بالسؤال المباشر.؟!
8- كان الامام الشاطبي أول واضع لنظرية في مقاصد الشريعة، ثم كانت محاولات عدة من علماء أصول الفقه لتجديد النظرية لكنها ظلت أسيرة لخطاب ديني تقليدي، فهل للدكتور شحرور قراءة جديدة للمقاصد الكلية للشريعة ؟ وماهي خطوطها العريضة ؟
9- مارأيك في كل من:
* كتاب النص والسلطة والحقيقة: إرادة المعرفة وإرادة الهيمنة لنصر حامد أبوزيد.
* نظريات نيازي عز الدين.
* كتاب “تهافت القراءة المعاصرة” للدكتور محمد طاهر الشواف والذي ناقش فيه كتابك “الكتاب والقرآن قراءة معاصرة” ..
* تزكية روبرت بللتشرو – وكيل وزارة الخارجية الأمريكية السابق – لكتاباتك ونظرياتك.
* التيار المعتزلي الجديد وممثليه محمد بلدريم كاليش وأولريش شون .
10- أخيرا .. هل تجد تجاوب من مثقفي السعودية لماتطرحه ؟! ومن أين يأتي ؟! .. ثم مارأيك -الشخصي- بالمرحلة الفكرية التي نعيشها بالسعودية في الوقت الحالي ؟
مع أمنياتي لك بدوام الصحة والتوفيق في حياتك العملية والشخصية.

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى السيد ماس :
1- إن مفهوم السنة النبوية شيء، وتقيدنا وطاعتنا للرسالة شيء آخر. فالذي وضع مفهوم السنة النبوية كما هي عليه الآن هو الإمام الشافعي فهو الذي عرف السنة بأنها كل فعل أو قول أو إقرار قام به النبي. وبما أن النبي (ص) كإنسان عاش في شبه جزيرة العرب في القرن السابع فكانت ثقافته كإنسان هي ثقافة العرب في ذاك الوقت، وبالتالي فقد حوَّل الشافعي الثقافة العربية السائدة في القرن السابع إلى دين، ولا يوجد أمة اختلطت عندها الثقافة بالدين، والدين بالثقافة كالعرب. فاللباس دين وقص الشعر دين والأكل دين وهكذا دواليك. ثم أضاف إلى المشكلة مشكلة أخرى هي مفهوم الإجماع وهو إجماع الصحابة، فرسخ هذه القاعدة. ونحن يحق لنا أن نضع تعريف الشافعي للسنة تحت التساؤل وتحت المجهر. فالشافعي خلط بين شخصية الرسول كإنسان وكنبي وكرسول، علماً بأن الطاعة في التنزيل جاءت للرسالة فقط. ولم يفرق الشافعي بين التحريم والنهي. فالمحرمات جاءت في كتاب الله، والنهي جاء في كتاب الله ومن الرسول ومن الناس. الله يحرم ويحلل ويأمر وينهى، والرسول يأمر وينهى، والبرلمانات والدول في العالم تأمر وتنهى. فلا يحلل ويحرم إلا الله حصراً. المحرمات يجب أن تكون في كتاب وهي شمولية وأبدية. أما النهي فهو ظرفي غير شمولي. والله تعالى حرم أكل مال اليتيم ونهى عن التجسس، فلا يحق لك أن تأكل مال اليتيم في كل الأحوال حتى ولو كان ابن عدوك. ولكن إن لم تتجسس على أعدائك فسوف يهزموك، وإذا لم تتجسس الدولة على عصابات المافيا والمخدرات فلا تستطيع القبض عليها ومنعها. لذا جاء التجسس في صيغة النهي لأنه ظرفي وأكل مال اليتيم جاء شمولياً فجاء محرماً.
فأوامر رسول الله (ص) ونواهيه لاتحمل طابع الأبدية والشمولية. ونواهيه ليست محرمات وإنما ظرفيات وهي من مقام النبوة. فالرسول أدار الدولة ونظم المجتمع وقاد الحملات العسكرية من مقام النبوة وليس من مقام الرسالة. وكل القرارات السياسية والعسكرية والتنظيمية والقضائية التي قام بها محمد (ص) هي من مقام النبوة ولاتحمل الطابع الأبدي وإنما الظرفي التاريخي وهي ليست شرعاً إسلامياً بالأصل. وفي هذا نحن ننقد تعريف الشافعي للسنة وهذا حقنا. وتاريخ العلوم بشكل عام هو تاريخ اكتشاف أخطاءها. فهل هناك تاريخ للفقه أي بكشف أخطائه؟! .
2 – فيما يتعلق بالمعتزلة فإنني أقف على أرضية النصف الثاني من القرن العشرين وهذا ما لم يحلم به المعتزلة والأشاعرة، فإني قد تجاوزتهم جميعاً. وإذا كان هناك تطابق في بعض الأفكار فهو من باب المصادفة لامن باب النقل. وأي فكر جديد عليه أن يتجاوز المعتزلة والأشاعرة والغزالي وابن رشد وابن تيمية لأن نظم المعرفة والإشكاليات المعاصرة تسمح بل تجبر على هذا التجاوز .
3 – لقد استعمل الغزالي الفلسفة ومنع الناس من استعمالها، والفلسفة في الفكر الإسلامي وخاصة السني هي زندقة ، مع أن الفلسفة هي أم العلوم قاطبة، ونحن الآن أبعد ما نكون عنها وخاصة عند علماء الدين فلا يعترفون بها إطلاقاً لأنهم عاجزون عن الولوج فيها. لذا فإنك ترى الأطروحات الإسلامية وخاصة في مجال الفكر هي أقرب ما تكون إلى السذاجة منها إلى الفكر . والفلسفة والعقلانية هي من أضر الضرورات للمجتمعات العربية . ويكفي أن تسمع حلقة للداعية عمرو خالد حتى تعلم مدى حاجتنا إلى الفلسفة والعقلانية ومدى ولوجنا في الماضي لأن الأمة المهزومة تلجأ دائماً إلى الخرافة حتى وإن كانت حقيقة نحولها إلى أسطورة وهذا ما يفعله عمرو خالد، إذ حوَّل الصحابة إلى خرافة وأساطير وصاروا أوثاناً جدد .
4 – إن الكتاب الأول (الكتاب والقرآن) هو عملياً نقد العقل العربي الديني وذلك بطرح فكر بديل لذا أخذ 20 عاماً من الوقت .
5 – الفكر العربي المعاصر هو في طور الإرهاصات الآن، والفكر السلفي الآن في طور النزاع ولا يغرنك ما تسمعه في التلفزيونات فهي صحوة الموت.
6 – في هذه معك حق فالبنية الفكرية المتخلفة السائدة تؤثر حتى على الفكر المتقدم ودائماً أنا صاحٍ حتى لاأقع في هذا المطب وأنا لم أستطع الكتابة حتى تجرأت على الفكر السلفي التاريخي علناً والخروج من هذا الرداء صعب جداً ويحتاج من الإنسان أن يكون مقدام.
7 – لقد أفلست حركات الإحياء الديني، ولا يغرنك كثرة البرامج فهي صرخة النزاع فقد استعملوا التكنولوجيا المتقدمة لمواد فكرية متهافتة لاعقلانية وساذجة. وكذلك حركات الفكر العلماني فقد حاولت تفكيك الثقافة العربية الإسلامية وإلغائها وفشلت. البداية هي حركة إصلاح ثقافي قبل الإصلاح السياسي. وبما أن الدين الإسلامي هو المكون الأساسي للثقافة العربية والفضل في هذا للشافعي، فنحن بحاجة إلى حركة إصلاح ديني وهي أكثر وأكبر من الاجتهاد (أي إصلاح الأصول من أصول الفقه إلى الفلسفة وعلم الكلام ( ثيولوجيا) ونظرية الدولة والمجتمع والعنف والتعددية والحرية وكل هذه الأمور ، السلف لايفيدنا بل يضيعنا وعلينا أن نجدها بأنفسنا.
8 – كلا هي ليست قراءة جديدة لمقاصد الشريعة للشاطبي بل هي تجاوز لها.
9 – نحن بحاجة إلى كتابات كثيرة من أمثال كتابات الدكتور نصر حامد أبو زيد ونيازي عز الدين فالحقيقة دائماً تأخذ صيغة التراكم.
أما بالنسبة لكتاب تهافت القراءة المعاصرة فقد لخص الأستاذ الشواف بشكل جيد جداً معظم نظريات السلف والتراث فهو بهذا يعتبر مرجعية جيدة حديثة لآراء التراث فقد لخص كتب تراثية كثيرة. ويكفي أنه دكتور في الحقوق ليتبنى نظرية الترادف فقال : اللوح المحفوظ == الإمام المبين.
وكذلك وهو محامٍ لم يفرق بين العقوبة والقصاص، فعنده الإثنان واحد والواقع أن القصاص عقوبة ولكن ليس كل عقوبة قصاص. فجلد الزاني عقوبة ولكنه ليس قصاصاً وقتل القاتل عقوبة وقصاص بنفس الوقت.
أما فيما يتعلق بتزكية بولليتيرو فإن من أبسط الأمور هي أن أي كتاب يصدر في الأسواق منذ لحظة صدوره ينفصل عن مؤلفه. فهناك الكتاب في الأسواق وتعليق الناس عليه شيء، والمؤلف وشخصه شيء آخر. وتزكية بولليتيرو إن دلت على شيء فهي تدل على أن الأمريكان مهتمون بهذه المنطقة ولايصدر أي شيء إلا ويطلعون عليه سلفياً كان أم غير سلفي، وكل من يقرأ كتبي سيعلم أن الأطروحات فيها إنسانية عامة وأنها أخرجت الإسلام من القمقم الذي وضعه فيه رجال الدين أو من يسمون أنفسهم العلماء الأفاضل. فأنا قادر وبكل فخر أن أواجه بولليتيرو وغيره بالأطروحات الإسلامية الفطرية الإنسانية، لا بالأطروحات الإيمانية الخاصة. فالأمريكان يفرقون بين الأطروحات الساذجة والأطروحات الجدية العقلانية. وتعليق بولليتيرو لم يزعجني ولم يفرحني لأنني تعافيت من نظرية المؤامرة حيث يُتهم بالتآمر كل من يكتب كتابات لاتعجب التيار الأصولي أو السلفي.
بالنسبة للتيار المعتزلي فإني بحاجة لأن أقرأ مراجعه .
10 – يسعدني تجاوب مثقفي السعودية وهذا منطقي لأنهم يتمتعون بثقافة عالية ومطلعون على ما يجري في العالم بشكل جيد ويعيشون بمجتمع أقل ما يقال فيه أنه ضد الفطرة الإنسانية. فالمجتمع السعودي مجتمع اصطناعي غير طبيعي وأنا أقول هذا عن دراية لأنني عشت في الدمام في الفترة ما بين 1982 – 1983 أعمل في شركة (سعود كونسلت) حتى أنني كتبت بعض الفصول من كتابي الأول في الدمام . وقد حدثت هزة شديدة فيه بعد أحداث 11 إيلول في أمريكا، ومن نتائجها ظهور طبقة واعية تعيد النظر بالثقافة السائدة بشكل جذري وأنا أتأمل خيراً من شباب السعودية بتبني الفكر العقلاني الواعي الذي يجعل حياتهم منسجمة مع أفكارهم وطبيعية أكثر. وهي الآن مرحلة مخاض.

الاسم طربال البلد

سعادة الاستاذ محمد شحرور…اهلا ومرحبا بك بين ابناءك واخوانك اعضاء وزوار منتدى طوى….وسؤالي استاذي الكريم هو:
للاسف ان البعض يظن ان اعجاز القرآن الكريم في سوره ومفرداته وانها مستحيلة على من كان ان يأتي بمثلها…بصراحه كقارئ للقران أرى انه كلام عادي من الممكن لاي اديب بارع او شاعر محترف ان ينسج مثله…أرجو ان لاتستعجل سيدي الكريم في الحكم على رأيي فما قصدته هو ان القرآن الحقيقي هو في المعاني والحكم التي تغطيها تلك الايات وتلك الكلمات والتي للأسف لم نصل الى شيء منها ولو حتى تلك الحروف المتقطعه التي وردت في بادءات بعض السور مثل الف لام ميم و كهيعص وغيرها..!!
من المعروف انه بعد مرور كل هذه القرون من تنزيل القران الكريم وبعد تناوب كل الدول والدويلات والمذاهب والعلماء التي مرت على الجزيرة العربية وبلاد الشام ومصر والمغرب العربي تعرضت المذاهب والتواريخ والاحداث للكثير من التغيير والتشويه واصبحنا فعلا حائرون اي طريق يجب سلكه. في نفس الوقت لازال البعض يطوف من بعيد حول اسوار محاولة ايجاد الفهم المناسب والتفسير الذي لايغير من صلب معاني الايات والذي يكون في حدود مايمكن ان يدركه الجمهور. وللأسف لعدم وجود الادراك الكافي والمصادر القوية ولوجود الاختلافات التي قد تكاد تكون جوهرية بين مذاهب الاسلام المتعددة كل راح يفسر ويعلل ويجتهد ويقيس على طريقته مما نتج عنه في النهاية مجرد تفاسير لغوية وأدبية اكثر من كونها شرعية او عقائدية يستفاد منها حقيقة.
استاذي لماذا لايحاول المثقفون امثالك الباحثون عن الحقيقة مهما كان مصدرها لماذا لايحاولون الانفتاح على المذاهب الاخرى مثل المذاهب الاربعة والاثناعشرية والاسماعيلية والزيدية وغيرها بل ويتعدونها الى فلسفات وحكم الرومان والاغريق وغيرهم للخروج في النهاية بحقيقة دامغه تجعل من هذا القرآن دستورا حاويا شاملا كاملا كما قال تعالى (مافرطنا في الكتاب من شئ)..؟؟؟
تقبل تحياتي ولك وللجميع مني باقة ورد بيضاء
طربال

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى طربــال :
فهمت أنك تدعو المثقفين الباحثين عن الحقيقة للانفتاح على المذاهب الأخرى كالمذاهب الأربعة والاثنا عشرية والاسماعيلية والزيدية وغيرها، ثم يخرجون بعد العودة إلى فلسفات الرومان والإغريق بتفسير قرآني حاوٍ شامل كامل .. إذا كان ما فهمته صحيحاً فأنت بلا شك تمزح!!

الاسم عيون البلد

الأستاذ الدكتور العزيز محمد شحرور ، بعد وافر التقدير والإحترام ، هذه تحية لك ، وسؤال قصير :
ورد في محكم الكتاب أية تقول ” جنة عرضها السموات والأرض ” ، وكلما قرأتها يتبادر إلى ذهني تساؤلات تؤرقني حول مكان النار ، بمعنى أين النار في هذه الحالة ، أي في حالة المعنى الموجود في الأية ؟
وتقبل الله منك صيامك وقيامك …
أخوك / عيون

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى أخي عيـــون :
لقد ورد تأويل قوله تعالى ( جنة عرضها السموات والأرض) في كتابي الأول ص 243 – 244 .

الاسم thunder75 البلد

أستاذنا الكبير الدكتور محمد شحرور
كم أنا سعيد جدا بوجودك بيننا لأنني أعتبر نفسي من أشد المؤمنين بفكرك التنويري العظيم و فهمك المعاصر لكتاب الله والذي أظن أنه سيأتي يوم من الأيام تكون له السيادة ويأخذ طريقه إلى ربما لم تأت بعد لذلك اسمح لي أن أطلب منك أن تواصل عطاءك قدر ما استطعت و لا تلتفت إلى المشككين و الحاسدين ممن لا هم لهم سوى تشويه طروحاتك و فكرك النير.
والآن اسمح لي أن أعرض عليك هاتين المسألتين التي أختلف فيهما مع طروحاتك التي تفضلت بها في كتابيك ((الكتاب و القرآن)) و (( الإسلام و الإيمان))
أولا :
بخصوص الآية 37 من سورة يونس (( وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ))
أنا أرى أن تفصيل الكتاب هنا هي ليست إشارة لفئة معينة من آيات الكتاب لأنها أولا معطوفة على ما قبلها ولأنها ثانيا مسبوقة بواو العطف و ليست واو الإستئناف بمعنى أن القرآن كما تشير الآية هو
1- تصديق الذي بين يديه
2- و تفصيل الكتاب
و لأن القرآن كما تقول الآية 3 من سورة فصلت هو تفصيل الكتاب ((كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون))
وأنا أتفق معك تماما في تأويلك لمعنى المحكم و المتشابه والكتاب و القرآن الإنزال والتنزيل وأن هناك آيات في الكتاب ليست بالمحكمات و لا بالمتشابهات لكني أرى أن هذه الآيات التي هي ليست إخبارية و ليست أحكام مثل آيات السجال مع المشركين و الكفار أو مواساة النبي (ص) أو توبيخ الكفار وغيرها من الآيات التي تتضمن تفاعل النص مع الواقع بدون أن تعطي أحكاما أو أخبار أو سنن إلهية وعلى سبيل المثال :
مثل :
الآية 12 من سورة هود ((فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك أن يقولوا لولا أنزل عليه كنز أو جاء معه ملك إنما أنت نذير والله على كل شىء وكيل))
و الآيات 16 إلى 18 من سورة الزخرف (( أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين(16) وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم(17) أو من ينشأ فى الحلية وهو فى الخصام غير مبين (18) ))
يهمني أن أسمع رأيك في هذه الرأي .
ثانيا :
إن لي تعليقا مهما حول مسألة تاريخية النص في مواضيع مثل ملك اليمين والجزية وإمكانية أن يتجاوز الواقع بعض النصوص في كتاب الله فلقد وجدت أنك تنفي بشدة هذه الإمكانية و يهيئ لي أنك تحاول أن ترد بشكل غير مباشر على طروحات الدكتور نصر حامد أبو زيد في هذا الخصوص. ولعل أبرز مثال على هذا الأمر هو كلامك عن ملك اليمين و أن الإسلام لم يقر الرقيق وأن علينا أن نبحث عن معنى جديد لملك اليمين .
و مكمن الإشكال هنا في رأيي الشخصي أن البعض يريد أن يجعل كتاب الله كله نصا تاريخيا و البعض الآخر يرفض أن يكون هناك حتى و لو بعض آيات الأحكام المحدودة العدد تحمل الطابع المرحلي وأنه يمكن أن يتجاوزها الواقع مثل آيات ملك اليمين و الجزية .
و برأيي الشخصي فإن الإسلام لم يحض أو ينهى الناس عن ملك اليمين مثلا لأن وجود الرقيق في تلك المرحلة التاريخية أمر طبيعي جدا لأنهم يمثلون قوى الإنتاج وأن التطور و التغير في قوى الإنتاج و علاقات الإنتاج حسب قوانين التطور الإقتصادي كفيل لوحده بإنهاء الرقيق وهذا ما حدث بالفعل.
وأما بخصوص الجزية فأنا أرى أيضا أن مفهوم المواطنة كأساس للإجتماع البشري ومبدأ تساوي المواطنين بالحقوق و الواجبات حسب الدساستي الحديثة لم يكن قد ظهر بعد وأنه يخطئ من يحاول أن يفهم أمر الجزية من منظور معاصر تماما كما يخطئ من يحاول ان يطبقها في الوقت الحالي من حملة شعارات الإسلام السياسي على المواطنين غير المؤمنين
ما أريد أن أقوله إن مكانية تجاوز الواقع لبعض النصوص المحدودة لا يعني أبدا أن النص بإجماله أصبح تاريخيا و لا يجب علينا في هذه الحالة
أن نحاول أن نكيف تكيف النص مع الواقع أو تكيف الواقع مع النص.
تماما كما تعامل عمر بن الخطاب مع آيات المؤلفة قلوبهم.
هناك أيضا مطلب شخصي أتمنى لو بإمكانك أن تساعدني به و هو أين يمكن أن أجد تسجيلا كاملا للحلقات التي يثت في رمضان الماضي في مقابلتك مع عماد الدين اديب .
تحياتي و محبتي و احترامي

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى Thunder 75 :
في سؤالك عدد من المحاور، سأحاول الوقوف عند كل منها بقدر ما يسمح به المقام. أولها تفصيل الكتاب، كما ورد في يونس 37. ولعلك انتبهت أنها الوحيدة في التنزيل الحكيم التي ورد فيها هذا المصطلح.
لقد ورد الأصل ف ، ص ، ل ، ومشتقاته في كتاب الله تعالى 43 مرة، من بينها الآية 37 من سورة يونس، يفهم منها المتأمل المعاني التالية:
1 – الفصل بمعنى الحكم القاطع الواضح كما في قوله تعالى (إن الله يفصل بينهم يوم القيامة) الحج 17. ويدخل في هذا المعنى مصطلح ( يوم الفصل) في الصافات 21 والنبأ 17 والطارق 13، كما يدخل في مصطلح (فصل الخطاب) في سورة ص 20.
2 – والفصل والفصال بمعنى الابتعاد والتفريق، كفصال الرضيع بمعنى فطامه في قوله تعالى (وفصاله في عامين) لقمان 14، وانفصال الزوجين كما في قوله تعالى (فإن أرادا فصالاً عن تراض) البقرة 233، وابتعاد الجيش والقافلة كما في البقرة 249 ويوسف 94.
3 – التفصيل بمعنى الشرح، كقوله تعالى (ومالكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه وقد فصل لكم ماحرم عليكم) الأنعام 119. ويدخل في هذا المعنى مصطلحات (تفصيل الآيات) في يونس 5 والروم 28 وغيرهما، و (تفصيل كل شيء) في يوسف 111 والأنعام 154 وغيرهما.
4 – أما (الكتاب المفصل) في قوله تعالى ( وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً)، وأما (الآيات المفصلات في الأعراف 133، فالمعنى هنا يجمع الكل معاً، شأن جميع مفردات التنزيل الحكيم، فهو القاطع الواضح المشروح والمفرقة آياته بالفواصل الكتابية والزمانية.
نخلص من هذا كله إلى أن الكتاب في تفصيل كل شيء، فهو يبين المحرمات، ويشرح علم السنين والحساب، فكيف يفصل الكتاب نفسه؟ والجواب: بالتعريف به ووصفه. ومن هنا قلنا إن آيات الكتاب المحكمات / آيات الرسالة ، تتضمن الأحكام، وإن آيات القرآن المتشابها آيات النبوة تتضمن العلوم، وإن آيات تفصيل الكتاب تتضمن وصف الكتاب نفسه بنفسه كقوله تعالى (ذلك الكتاب لاريب فيه) البقرة 2 وقوله تعالى (إنا أنزلناه قرآناً عربياً) يوسف 2 .
وإذا كانت يونس 37 في ذكرها لتفصيل الكتاب، لاتشير في رأيك لفئة معينة من آيات الكتاب فإلام تشير إذن في رأيك؟ لكن المسألة الأهم ليست فيما إذا كانت تشير أو لا تشير، الأهم هو أن نقتنع بوجود ثلاثة أنواع من الآيات في التنزيل الحكيم أو لانقتنع، هي آيات محكمات وآيات متشابهات وآيات تعرّف الكتاب وتصفه فلا هي بالمحكمات ولا بالمتشابهات. وإذا ما اقتنعت حسب المفهوم من سؤالك هانَ ما بعد ذلك.
ثانيها مسألة تاريخية النص في مواضيع مثل ملك اليمين والجزية، وهي مسألة عريضة الجوانب شائكة المداخل والمخارج يطول الحديث فيها حتى يكاد لاينتهي. فالمشكلة عند القائلين بتاريخية النص مشكلة خطيرة، تمس مصداقية الوحي وحصوله فعلاً من جهة، وتحول التنزيل الحكيم بالمحصلة إلى أثر تراثي يخضع لمتطورات التاريخ ومستجداته إبطالاً وإلغاء، وتمسح صفة الثبات عن النص القرآني، وتعارض مقولة إن التنزيل الحكيم الموحى كرسالة سماوية صالح فعلاً وحقاً لكل زمان ومكان. مشكلة القائلين بتاريخية النص هي أنهم يعتبرون التطبيق التاريخي للنص والفهم النسبي للنص هو النص بذاته. وكأنهم يقولون إن ما نطبقه ونفهمه اليوم من كتاب الله تعالى هو ذات الكتاب، ليصلوا بعدها إلى استحالة صلاحيته – التي نؤمن نحن بها – لكل زمان ومكان.
لقد انطلقوا من هذه الأرضية في النظر إلى مسألة ملك اليمين والجزية، فاعتبروا أن ملك اليمين حسب منظور التطبيق والفهم التاريخي هو الرق، وأن الجزية أتاوة قهرية إذلالية يفرضها الفاتح على المغلوب، ووصلوا إلى أن آيات ملك اليمين أصبحت لاغية بالضرورة بفعل حتمية التطور التاريخي وإلغاء الرق، وإلى أن آيات الجزية أصبحت لاغية بالضرورة بعد أن صرنا مغلوبين. ولقد كان يمكن لهذا أن يكون صحيحاً لو كان النص القرآني تراثاً، لكنه ليس بتراث، إنه نص ثابت موحى تعهد تعالى بحفظه، ولو كان الفهم والتطبيق التاريخي والنص شيئاً واحداً، لكنهما عندنا شيئان مختلفات.
لقد سمح الظرف التاريخي مع شيوع الرق، أن يفهم الناس أن ملك اليمين هو الرق، لكن التنزيل الحكيم لم يشر إلى ذلك أبداً. والمتأمل في آيات ملك اليمين يجدها ترسم شكلاً للعلاقة يختلف تماماً عن شكل العلاقة المعروفة الشائعة بين العبد ومالكه. أبرز ما فيها هو العلاقة الجنسية، وإظهار الزينة.
أما في جواز إظهار الزينة لملك اليمين، فالله تعالى يقول ( ولايبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن… أو ما ملكت أيمانهن) النور 31. فإذا كان ملك اليمين هو الرق حصراً، فهل نفهم من الآية أنه تعالى يجيز للمرأة إبداء زينتها لعبيدها؟ هذا كلام خطير، يرفضه حتى البسطاء بحدسهم الفطري العام.
وأما في العلاقة الجنسية مع ملك اليمين، فالله تعالى يقول (والذين هم لفروجهم حافظون * إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين* فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون) المعارج 29،30،31. المؤمنون 5،6،7 . ولقد نزلت هذه الآيات في زمن كان فيه للرجال جواري وللنساء عبيد، فإذا كان ملك اليمين هو الرق حصراً، فماذا نفهم من الآيات؟
الطريف أن الناس في زمن الرق، فهموا أن ملك اليمين في الآيات هم الجواري والعبيد، فأجازوا للرجل وطء جواريه، وكان يجب أن يجيزوا للمرأة وطء عبيدها، لكنهم لم يفعلوا، لقد منعهم حسهم العام من أن يفعلوا ذلك. وقد حصر التنزيل الحكيم العلاقة الجنسية المشروعة بين الرجل والمرأة في شكلين:
الزواج ___ والأساس فيه هو الجنس + صهر ونسب وأسرة.
ملك اليمين — والأساس فيه هو الجنس فقط.
ثم جاء النبي (ص) ومن بعده أبو بكر فأقر زواج المتعة وهو أحد أشكال ملك اليمين. والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ابتدع النبي (ص) نوعاً ثالثاً من العلاقة الحلال بين الرجل والمرأة غير الزواج وملك اليمين؟ خصوصاً وقد حكم تعالى في آياته أن كل من يبتغي غير هذين الشكلين هو من المعتدين المتجاوزين لحدود الله؟ والجواب: إن زواج المتعة هو أحد أشكال ملك اليمين بلا ريب، تماماً مثل زواج المسيار في السعودية اليوم. وإذا كان عمر بن الخطاب قد منع زواج المتعة فهو من باب المنع كولي أمر (كدولة) لامن باب التحريم، فالتحريم إلهي والمنع إنساني.
ومن هنا نرى أن مفهوم ملك اليمين – بعيداً عن الرق – ما زال سارياً إلى يومنا هذا. فالعلاقات الجنسية التي تتم في العالم الآن على أساس ملك اليمين لاتقل أبداً عن مثيلتها في الزواج المعروف المشهور، فملك اليمين هو أحد أشكال الانتقال من الإحصان الذاتي إلى الإحصان الموضوعي، وعقد ملك اليمين هو عقد إحصان بين الرجل وملك يمينه وبين المرأة وملك يمينها.
أما الجزية كما وردن في قوله تعالى (قاتلوا الذين لايؤمنون بالله ) إلى قوله (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) التوبة 29. فقد فهمها التطبيق التاريخي على أنها أتاوة قهرية إذلالية، رغم عدم وجود في أصلها اللغوي ما يدل على ذلك. فالأصل ج ، ز ، ي ، جاء من الجزاء وهو المكافئ على العمل ثواباً وعقاباً، وفيه يقول تعالى (اليوم تجزى كل نفس بما كسبت) غافر 17. فالجزية هي الضريبة اليوم. والقصد في الآية إجبار الكفار المقهورين على دفع الضرائب للدولة لتصرفها على أمور رعاياها كلهم.
ولقد قادنا التفريق بين الإسلام والإيمان وبين المسلمين والمؤمنين إلى أن نفهم طرفاً له علاقة بالجزية، وأن نفهم لماذا سمي عمر بن الخطاب أمير المؤمنين، وسمي بين المال بيت مال المسلمين. فقد كانت الجزية (بمعنى الضريبة) والزكاة والصدقات هي المورد الوحيد لبيت المال. فالزكاة والصدقات يؤديها المؤمنون أتباع محمد (ص) الذين قامت الدولة على سواعدهم، ولهذا سمي عمر أمير المؤمنين، والجزية يؤديها اليهود والنصارى لبيت المال، ليتم الإنفاق من المجموع على جميع المواطنين، ولهذا سمي بيت مال المسلمين. ومن هنا نرى أن مفهوم الجزية، بمعناه الضريبي وليس بمعناه التاريخي، ما زال سارياً إلى اليوم، بعد أصبحت الضرائب تشكل ميزانية الدولة، وبعد أن أصبحت المواطنة من وجهة نظر الدولة هي الإنتماء وليس الملة أو الدين أو المذهب.

الاسم شمس البلد

سعادة الدكتور محمد شحرور … يسعدنا أن تكون ضيفنا في الواد المقدس ولا أنسىأن أشيد بفكرك الإسلامي الفذ وعقليتك الرائعة فهنيئا لنا بك هنا . ومرحبا بك وهذه أسألتي سيدي :
1 _ حجاب المرأة وأعني به (تغطية الشعر ) هو أمر متفق عليه بين المذاهب الأربعة كما أعرف … لكن أريد أن اعرف حكم القرأن بذلك والأيات الصريحة الدالة على تحريم رؤية الشعر . وهل الفتنة تكمن فقط بالشعر !!!
2 _ ورد في القرأن ضرب المرأة اذا كانت ناشزة عن زوجها … ما تفسيرك لذلك ؟؟؟ الا يتعارض هذا مع الكرامة والحرية التي وهبها الله
للإنسان سواء كان إمرأة أم رجلا ؟؟؟
3 _ورد في القرأن الكريم الأية الكريمة ( يا أيها الذين آمنو حرمت عليكم الميتتة والدم ولحم الخنزير …) إلى أخر الأية
أما الخمر والميسر فقد ورد بصورة أخرى قال سبحانه وتعالى ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فأجتنبوه لعلكم تفلحون )
مالفرق بين الأيتين الكريمتين ؟؟؟
4 _ ورد في القرأن الكريم حول نزوله ( إنا انزلناه في ليلة القدر … )
الى اخر الأية
هذا يدل على أن القرأن الكريم نزل دفعة واحدة !!!
كيف نوفق بين ذلك وبين نزول الوحي على النبي محمد صلى الله عليه وسلم على فترات منفصلة عن بعضها ؟؟؟
5 _ معظم الأنبياء والرسل المذكورين في القران هم من بني إسرائيل
ومعظم القصص في القرأن عن بني إسرائيل … ما تفسيرك لذلك
والقرأن الكريم هو كتاب المسلمين المقدس ؟؟؟
6 _ العبودية أقصد الرقيق وتملك الإنسان أو عتقه ورد في القران الكريم … هذا الشئ يحيرني أستاذي لإن الإسلام دين الإنسانية ويتعارض مع مبدأ بيع وشراء الإنسان .
ما تفسيرك لهذا
7 _قال سبحانه وتعالى في تعدد الزوجات : ( فإن خفتم ان لا تقسطو في اليتامى فانكحو ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع )
الا تدل هذه الأية على عدم جواز التعدد الا في حالة اليتامى ؟؟؟
أم أن هنالك تفسير أخر منك لهذه الأية .
أعتذر عن الإطالة سيدي ولك الشكر والإمتنان سلفا .
دمت بخير وعافية وحفظك الله .

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى شمس :
1 – فيما يتعلق بحجاب المرأة وغطاء الرأس بالذات هو من سنن العادات والتقاليد. فقد قسمت كل المذاهب الإسلامية النساء من حيث اللباس إلى نوعين: الحرة والأمة، وقالوا إن لباس الحرة في الصلاة هو كل الجسد ماعدا الوجه والكفين، وأن عورة الأمة كالرجل من السرة إلى الركبة، هذا في الصلاة. أي يحق للمرأة الأمة وهي مسلمة مؤمنة أن تصلي وهي نصف عارية تغطي من السرة إلى الأعلى، فما رأيك خارج الصلاة وبالأصل لا نتكلم عن غطاء الرأس، فقد ضرب عمر بن الخطاب أمة لأنها لبست لباس الحرة أي أجبرها أن تسير بدون غطاء رأس. فإن كان هذا غطاء الرأس أو ما يقال عنه الحجاب الشرعي ، فهذا يعني أن الإسلام قسم النساء المؤمنات في اللباس حسب الطبقات. وإذا قبلنا ذلك فهذا يعني أنه دين طبقي. ولكن إذا قلنا أن اللباس سنة اجتماعية حسب أعراف المجتمع وحسب البيئة والمناخ وحسب التقدم في إنتاج الأقمشة والألبسة وضعت الأمور في نصابها. وقد شرحت في كتابي (فقه المرأة) بحث لباس المرأة بشكل تفصيلي.
2 – لقد بحثت موضوع الضرب في الإجابة عن سؤال آخر وفي كتابي (فقه المرأة) في بحث القوامة.
3 – الفرق بين قوله تعالى (حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ..) الآية، فهذه الآية من المحرمات وعددها في كتاب الله / 13 / محرماً يضاف إليها تحريم الذبح على النصب والاستقسام بالأزلام في سورة المائدة وهذه أضيفت إلى الميتة والدم ولحم الخنزير .
أما قوله تعالى (إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) المائدة (إنما يريد الشيطان ليوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) المائدة. في الآية الأولى وصف الخمر والميسر والأنصاب والأزلام بأنها رجس من عمل الشيطان وطلب الاجتناب للرجس في (فاجتنبوه) ولم يقل (فاجتنبوها). فعلينا أن نعلم ما هو رجس كل واحدة منها. فالرجس هو الاختلاط في الأمور (Confusion) . وعليه فإن رجس الخمر = السُّكر ، ورجس الميسر = الوهم بالربح، وكلاهما يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويوقع العداوة والبغضاء بين الناس وحكمهما بالاجتناب هو النهي وليس التحريم في قوله تعالى (فهل أنتم منتهون) . ورجس الأنصاب = الذبح على النصب، رجس الأزلام = الاستقسام بالأزلام، وكلاهما محرَّم ولايوقع العداوة والبغضاء بين الناس ولا يصد عن ذكر الله ولا عن الصلاة ومع ذلك فهما محرمان لأنهما يسببان التباس بالعقيدة.
أما قول البعض بأن (فاجتنبوه) تعني التحريم أو أكبر فهذا من باب المزاودة. فالاجتناب هو مقدمة إما للتحريم أو للنهي ومع ذلك أنظر الفرق بين فعل (ولاتقربوا) وفعل (اجتنبوا) في كتابي (فقه المرأة.
4 – هناك فرق كبير بين الإنزال والتنزيل والجعل ، راجع بحث الإنزال والتنزيل في كتابي الأول (الكتاب والقرآن) ومع ذلك : الإنزال : حصل دفعة واحدة للقرآن وذلك بأن أشهر في ليلة القدر أي أصبح كله بصيغة قابلة للإدراك الإنساني، فأخرج من اللوح المحفوظ والإمام المبين دفعة واحدة وصيغ عربياً خارج وعي محمد (ص) (إنا أنزلناه قرآناً عربيا) وبما أنه له وجود قبل الإنزال من اللوح المحفوظ والإمام المبين وتحول من صيغة غير قابلة للإدراك إلى صيغة أخرى قابلة للإدراك الإنساني، هذا التحول هو الجعل لذا قال (إنا جعلناه قرآناً عربيا) وقد تلازم الإنزال والجعل في القرآن وافترق التنزيل ، أي أن التنزيل حصل في مدة 22 عاماً على رسول الله (ص). إي أن الرسول (ص) لاعلاقة له لا بالمعاني ولا بالصياغة في الكتاب كله . أما في أم الكتاب (الأحكام) فلا يوجد فيها جعل. وقد تلازم الإنزال والتنزيل فيها لأنها جاءت من الله مباشرة ولم تكن مخزنة في لوح محفوظ ولا في إمام مبين. إقرأ هذا البحث بالتفصيل الكامل لكل الآيات المتعلقة بالإنزال والتنزيل في كتابي الأول .
5 – الإسلام دين بدأ بنوح وختم بمحمد (ص) وهو دين سماوي واحد بحلل مختلفة، وقد خضع للتراكم في المثل العليا وخضع للتطور في الأحكام التشريعية وخضع للإختلاف في الشعائر، فصومنا يختلف عن صوم اليهود والنصارى ولدى كل ملة هو صوم .
من هذا المنطلق ننظر إلى القصص القرآني لاعلى أنه تاريخ، وتاريخ بني إسرائيل بالذات يريك مرحلة هامة من مراحل تطور التشريع وهو كود كامل من التشريعات (الكتاب) جاء إلى موسى وعددها /613/ بنداً تشريعياً وهي نفسها جاءت إلى عيسى مع بعض التعديلات. هذه المرحلة ترينا أنها مرحلة تشريعية كاملة للمشخص، أي تشريعات عينية مشخصة (اقرأ شريعة موسى في العهد القديم). نرى أنها شريعة عينية مشخصة لأن الإنسانية كانت في مرحلة ما قبل التشريع المجرد. أما الرسالة المحمدية فميزتها أنها شريعة مجردة غير مشخصة وحولها الرسول (ص) إلى مشخصة لكي تصلح للقرن السابع وللعرب. أي أن الرسول (ص) حول المجرد إلى مشخص والمطلق إلى نسبي بتفاعله مع الرسالة الموحاة، وكان معصوماً في تبليغ الرسالة وفي ارتكاب المحرمات. والجزء المشخص في الرسالة المحمدية الذي ورد في المصحف كله ورد في سورة التوبة، أي أنها تمثل القصص المحمدي وهي أوامر مشخصة مرحلية غير قابلة للتطبيق الآن، وأول من اجتهد فيها عمر بن الخطاب إذ ألغى بند المؤلفة قلوبهم.
6 – فيما يتعلق بالعبودية، فقد ورد تحرير الرقيق في التنزيل الحكيم ولم يرد أبداً العبودية وبيع الإنسان. أما ربط الرق بملك اليمين فهو ربط تاريخي، والناس في مرحلة معينة اعتبروا الرق ملك يمين وتفاعلوا مع التنزيل ضمن شروطهم الموضوعية. أما القرآن فلم يربط بين الرق وملك اليمين. وقد ورد ذكر الرق في التنزيل مرة واحدة فقط في قوله تعالى (وضرب الله مثلاً عبداً مملوكاً لايقدر على شيء) فالعبد المملوك هو الرق أما كلمة عبد الله، فلا تعني رق الله ولا تعني رق أبداً، فنحن عباد الله ولسنا رق الله، ونحن عباد الله ولسنا عبيد الله حيث عبد جمعها عباد، وعبد مملوك جمعها عبيد. وقد ورد ذكر العبيد خمس مرات في التنزيل وكلها في مجال اليوم الآخر حيث الناس لايقدرون على شيء وليس لهم حرية الاختيار. فنحن في الدنيا عباد نطيع الله ملء إرادتنا ونعصيه بحرية اختيارنا. وهذه هي العبادية: أي العصاة والفجار والمؤمنين كلهم عباد الله، والعبادية هي الكلمة التي سبقت لكل أهل الأرض بحرية الاختيار . والعبودية لله أصلاً غير مطلوبة وهي من باب المزاودة. فالله خلقنا عباداً له في الدنيا، وسيبقينا عبيداً في اليوم الآخر يوم الحساب وسنرجع عباداً في الجنة (حرية الاختيار – لهم فيها ما يشاؤون * عيناً يشرب بها عباد الله) عبيداً في النار. في الدنيا يوجد ضلال وهداية، وفي الآخرة يوجد سوق (وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا) و ( وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا) .
7 – بالنسبة لآية التعددية انظر شرح هذه الآية في كتاب فقه المرأة تحت عنوان (التعددية الزوجية).

الاسم سما36 البلد

سيدي الدكتور محمد شحرور..
السلام عليكم.. ومبارك عليك وعلينا الشهر الفضيل..
سيدي الفاضل.. لن أطرح عليك اسئلة عن كتبك ورؤاك العديدة في الدين والدنيا، المثيرة للجدل عند البعض، أو الموافقة للبعض الأخر.. فقد كفوني الزملاء والزميلات مؤنة ذلك، فما ارأهم إلا أهلاً لذلك، وقد أجادوا وأحسنوا بأسئلتهم ذات البعد الفكري الناضج..
سؤالي، يا سيدي، عن المفكرين المسلمين عامة، والعرب خاصةً، وحضرتكم واحداً منهم؛ لما لا نرى لهم دوراً مؤثراً على حكوماتهم ولا حضوةً لهم عندها ؟..
المفكرون في العالم الغربي، صاحب الحضارة المعاصرة كما هو معلوم، لهم المقام الكبير عند دولهم ومجتمعاتهم، ولهم الكلمة المسموعة والمؤثرة.. بل لا أبالغ إذا قلت أن رؤى وأفكار مفكريهم ومثقفيهم تجد طريقها للتطبيق الفعلي في السياسات الداخلية والخارجية لدولهم..
هل الأمر له علاقة بتآلية وتقديس السياسي عندنا، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ، حسب ثقافتنا المختلة، وتهميش بل وتحقير رأي الفيلسوف والمفكر ؟..
أرى الأمر كذلك.. وأن كنت أطمع بسماع رأيكم السديد بهذه الإشكالية الحضارية..
حفظكم الله ووفقكم..
أخوكم سما36

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى سما 36 :
بالنسبة لكون المفكرين المسلمين عامة، والعرب خاصة، ليس لهم دور مؤثر على حكوماتهم، ولاحظوة لهم عندها. فهذا صحيح إلى حد ما، لكنه ليس مطلقاً. فهناك من يعتبر نفسه ويعتبره بعض الناس من المفكرين، له دور في حكومته، وله حظوة عندها. والقضية مرهونة بزاوية نظرك للأشياء. وهذا ينطبق على المفكرين في العالم الغربي. فنظرة الحكومة الأمريكية اليوم – مثلاً – إلى فوكوياما تختلف عن نظرتها إلى نعوم تشومسكي، وكلاهما من المفكرين.
ومع ذلك كله، فهناك بشكل عام الكثير من الصحة فيما تقول. والسبب هو أنه منذ استيلاء السلطة السياسية على المسجد، ومصادرته لصالحها، في أوائل عهد بني أمية، صارت السلطة الدينية تخضع كلياً للسلطة السياسية، على عكس ما كان عليه الوضع في أوربا حيث خضعت السياسة للدين، وكان البابا يعين الملوك ويمنحهم شرعية وحق الحكم. ومن هنا جاءت النهضة الأوربية لتفصل الدين عن السياسة، إنما لم تفصله عن المجتمع. أما عندنا فالوضع مختلف. حيث كان رئيس السلطة السياسية – وما زال – هو الذي يعين رؤساء وأعضاء السلطة الدينية، بدءاً من المفتي العام وانتهاء بإمام الجامع وخادمه، لمنحه شرعية الحكم.
وما الإسلام السياسي والحركات التي ظهرت في القرن العشرين، إلا محاولة لتخليص السلطة الدينية من تحكم السلطة السياسية. حيث تم توظيف الدين في الاستحواذ على السلطتين معاً الدينية والسياسية. إنما لم يتم أي تقدم أو أي تطوير فكري في مجالات نظرية الدولة والحكم والدستور والقانون والاقتصاد والديموقراطية، وتم بدلاً من ذلك تلميع التراث، رغم الحاجة إلى إبداعات واجتهادات حرة جريئة تواكب المتغيرات والمستجدات.
لكل فرعون قديم هاماناته وسدنته وجنوده، ولكل سلطة سياسية – العربية منها على وجه الخصوص – مفكروها وصحفها ومشايخها، الذين يعيشون في ظل عطاءاتها، أما المبدعون المجددون فعددهم قليل، للأسباب التالية:
1 – موقف الهامانات التقليدي المعروف من الإبداع والتجديد. فهم لايفرقون بين البدعة والإبداع، وكل جديد عندهم بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة تستوجب التكفير والنفي. وموقف كثير من الناس من الإبداع والتجديد بسبب إصابتهم بمرض الآبائية الذي أشار إليه تعالى بقوله ( وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا) البقرة 170.
فالذي عادى نصر حامد أبو زيد ليس الحكومة المصرية، بل مشايخ الحكومة المصرية الذين تصرف عليهم الدولة ملايين الجنيهات. والذي عادى محمد شحرور ليس الحكومات والدول بل مشايخ هذه الحكومات والدول في سورية والعالم العربي.
2 – سيطرة سلطة الدولة وهاماناتها على وسائل الإعلام المكتوبة والمسموعة والمرئية فلا تظهر مقالة إلا بإذنهم ولا تنعقد ندوة إلا برضاهم، ولا تعطى البرامج الدينية والثقافية والتراثية في جميع المحطات الفضائية والأرضية إلا لمشايخهم والناطقين بلسانهم، حتى محطة الجزيرة الفضائية القطرية التي تحمل لواء الرأي والرأي الآخر، لاتجرؤ على تخصيص عشر حلقات مثلاً من برنامج (الشريعة والحياة) أو برنامج (بلا حدود) لأحد هؤلاء المبدعين المجددين، وتكتفي على استحياء بقبول مداخلاتهم الهاتفية أحياناً.
3 – عدم توفر القدرة المادية للمفكرين في العالم العربي والإسلامي على نشر إبداعاتهم، فتبقى هذه الإبداعات حبيسة الأدراج لايدري بها أحد. ورغم أن هذا لاينطبق عليّ، فقد أنعم الله علي باستقلال وقدرة مادية من عملي في مكتبي للدراسات الهندسية والاستشارات منذ عام 1972، مكنتني من التأليف والنشر، إلا أنني تعرضت بعد حملة المشايخ على مؤلفاتي إلى حملة أشد في رزقي بعد أن قاطعني عدد من المهندسين المتدينين التقليديين.
لقد نجحت السلطة السياسية في خلق (حاشية) خاصة بها من المفكرين والمثقفين لامكان فيها لمن هو ليس منهم. أما في الغرب، فقد كان المفكرون هناك هم السبب الأساسي وراء التقدم في الغرب، وعلى رأسهم الفلاسفة والمنظرون من أمثال: روسو، كانت، هيغل، فيخته، فيرباخ، ستيوارت مل، برتراند راسل، ماركس، أنغلز، والفريد نورث وايتهيد، ومعهم العلماء من أمثال: نيوتن، داروين، أينشتاين، باستور، وبورغ.
فالنظام السياسي الأوربي والبنية الاجتماعية والمؤسسات الإدارية والاقتصادية والثقافية، ومراكز البحث هناك، تسمح بالإبداع والتجديد واختراق القديم التقليدي. فلكل إنسان أن يكتب في أي موضوع يريد، وإذا رأت المؤسسة صاحبة العلاقة شيئاً مهماً ومفيداً فيما كتب قامت بمناقشته فيها ثم بتبنيها واعتمادها، ولو كان الكاتب من خارج المؤسسة. فالمهم هناك ما قيل، وليس شخص القائل. أي أنهم يعرفون الرجال بالحق – حسب تعبير علي بن أبي طالب – أما نحن فنعرف الحق بالرجال. والأفكار عندنا تدور حول أشخاص قائليها. بعبارة أخرى هم يهتمون بصحة وفائدة المتن ولا يهمهم السند أو الراوي ونحن يهمنا الراوي والسند ولايهمنا المتن.
فقد كتبت حتى الآن أربعة كتب، عدا المقالات والندوات، تزيد بمجموعها عن 2000 صفحة، ومع ذلك لم يحدث أن دعتني أية مؤسسة عربية أو إسلامية ولا أي قسم فلسفة، أو كلية شريعة، أو معهد أو مركز ديني، لافي الشرق ولا في الغرب ليسمعوا مني ما أقول. التعليق والرد المشهور لديهم هو أنني مهندس – ولست من المشايخ – أحشر أنفي فيما لا يخصني وأتدخل فيما لايعنيني. قال أحد الأئمة العلماء المعروفين في دمشق لمريديه وتلامذته في أحد الدروس الدينية الأسبوعية: نحن لا نتدخل في أمور تخصصه الهندسي، فلماذا يتدخل هو في أمور الدين؟
لقد استطاع مشايخ السلطة أن يرسموا للسياسي – منذ قرون – صورة المانع العاطي، والمعز المذل، واستطاعوا أن يرسخوا في أذهان الناس أن التفكير فلسفة وأن الفلسفة زندقة، وأن المناقشة والمعارضة خروج عن الطاعة لا يمارسها إلا العملاء. لكن الصورة مع ذلك لا تدعو إلى اليأس، فهناك دائماً من يبحث عن الحقيقة، وفي اللحظة الني نفهم فيها أن العلوم تدرس الوظائف، وأن الفنون تدرس العواطف والأحاسيس، وأن الفلسفة تدرس المفاهيم، نكون قد بدأنا أول خطوة في الطريق الصحيح.

الاسم حورية البحر البلد

ورد في القران قصص وفيها صور مجازية، مثل تكلم سليمان مع الطير والنمل مثلا, ومثل انفلاق البحر لموسى وتحول عصاه الى حية وغير ذلك مما لايمكن تخيل حدوثه واقعيا لبشر,
فهل يمكن اعتبار تلك القصص من المثيولوجيا ام هي مجرد صور خيالية يقصد بها تسلية النبي دون ان تتضمن احكاما دينية معينة..
سؤال اخر: ماالمراد بالجنة التي وعد بها المؤمنون؟ أليست الجنة لغويا تعني الطفولة و الحديقة.. وبالتالي فان تحققها ممكن في الدنيا ولاحاجة بنا لانتظارها في الآخرة كما هو حال كثير من الغربيين اذ يعيشون حياة رائعة اشبه ماتكون بالجنة وكذلك بعض الشرقيين.. فلماذا يقتصر معناها على الدار الآخرة؟ اذ حري بالشخص ان ياخذ المتحقق المعلوم خير من انتظار مجهول غائب لانعلم عن صحته شيئا سوى عن طريق الاساطير( واقصد بذلك التخيلات التي ترسم الجنة على هيئة معينة)؟
سؤال أخير:
يلاحظ عندنا في السعودية اهتمام قوي بكل فعل وكلام قاله من يسمونه “السلف” بما فيهم الرسول (ص) بحيث ان كل شيء فعله لابد من محاكاته رغم ان الله قال (وأطيعوا الرسول) ولم يقل أطيعوا شخص محمد,اي ان هناك فرق بين تصرف الرسول الذي هو نتيجة للوحي وتصرف محمد الشخصي البشري المعرض فيه للخطأ كاي انسان..
بل ان الامر عندنا هنا ليس مقصورا على السلف والرسول بل وصل الى ان كل كلمة او ربما تنفس يقوم به ينقلونه ويحفظونه فمثلا الحكومة هنا تدعم هذا التوجه كمثال ابن باز ، فاي كلمة قالها في اي شيء فان كان قد مدح شخصا فقد اعتبروا الممدوح ملاكا وان كان قد تحفظ او ذم شخصا فالثبور له الى يوم الدين..
كيف يمكن ان يميز الناس بين الاسلام وبين المسلمين من حيث التصرف؟
ولك التحية,

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى حورية البحــر :
سأبدأ الإجابة على أسئلتك بالإيجاز، ثم أنتقل للتفصيل:
1 – القصص القرآني بصوره الحقيقية والمجازية ليس ميثولوجيا، أي ليس خرافات ولا أساطير.
2 – القصص القرآني لايتضمن أحكاماً معينة، فآياته من المتشابهات وليس من المحكمات، وهي آيات علوم النبوة.
3 – المقصد الإلهي من القصص القرآني أكبر بكثير من مجرد تسلية النبي، التي يقول بها بعض المفسرين، تعالى الله عما يصفون.
4 – المعجزات في القصص القرآني ليست خيالية، بل هي أحداث تاريخية وقعت، جاء بها الأنبياء بإذن ربهم ليصدق الناس نبواتهم ورسالاتهم.
5 – تقديس السلف والتراث وأهله، وسحب الطاعة الرسولية التي أمرنا بها على الجانب النبوي والبشري من الشخصية المحمدية، وتحكم رجال السلطة الدينية تدعمهم السلطة السياسية بفكر الناس وسلوكهم، كلها أمور لاتنحصر فقط بالمملكة العربية السعودية كما تقولين، بل هي عامة تشمل جميع البلاد العربية والإسلامية منذ قرون.
يمكن أن نفهم القصص القرآني من خلال محورين:
الأول محور تطور الإنسانية، من خلال تطور التشريع والمثل والشعائر في الرسالات، ومن خلال تطور المعارف في النبوات. وآيات القصص هي من المتشابهات القرآنية، التي تخبرنا عن أحداث إنسانية وقعت، كانت قبل وقوعها في عالم الممكنات ثم أصبحت بعد وقوعها في عالم الحتميات، وتمت أرشفتها في الإمام المبين، يقول تعالى (إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء أحصيناه في إمام مبين) يس 12. فإذا نظرنا وقارناه بقوله تعالى (نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين) يوسف 3. فهمنا أن القصص قسم من القرآن جاء وحياً من الإمام المبين، بينما جاء الباقي حاوياً قوانين الكون وسنن الوجود والظواهر الطبيعية من اللوح المحفوظ.
يبدأ القصص بآدم. وهي قصة بداية انفصال البشر عن المملكة الحيوانية، وقصة بداية الأنسنة بنفخة الروح، ثم تأتي قصة نوح أول رسول حسب التنزيل الحكيم لتشرح لنا أمرين. الأول هو بداية تعرف الإنسان على اجتياز الحواجز المائية بمعجزة إلهية اختص تعالى بها نوح، والثاني قصة امرأة نوح وابنه التي تشير بكل وضوح إلى أن النبوة والمعصومية لا تكون بالنسب. ثم تتوالى قصص الأنبياء لترسم لنا خط التطور الإنساني، ففي زمن نوح لم تكن هناك لا صناعة ولا تجارة، أما في زمن شعيب بمدين، فنراه يقول لقوله (ياقوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره) وهي نفس العبارة التي يرددها الأنبياء جميعاً، لكن شعيب أول من يضيف قائلا (ولاتنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط) هود 84. إلى أن انتهت السلسلة بمحمد (ص) خاتم الأنبياء. وإذا كان نوح يمثل في عصره مرحلة الطفولة الإنسانية، فإن محمداً (ص) يمثل مرحلة النضج الإنساني، ومرحلة التجريد، ومرحلة اعتماد الإنسان على نفسه في التشريع وفي التعرف على علوم الكون.
إننا نجد في القصص القرآني أن التشريع خضع للتطور، والمثل العليا خضعت للتراكم، والشعائر خضعت للاختلاف، وأن الإسلام دين الأنبياء الواحد، دين بدأ بنوح واكتمل بمحمد (ص). ولولا القصص لما عرفنا هذا.
المحور الثاني محور المعجزات. فالمعجزات عبارة عن أعمال معجزة يقوم بها الأنبياء، هي من وجهة نظر مشاهديها مستحيلة. لكنها بحد ذاتها قفزات نوعية تتجاوز حدود الزمان والمكان. فبناء نوح للفلك مثلاً كان معجزة بوحي الله مستحيلة على قوم نوح في زمنهم، لكن بناء السفن والغواصات اليوم أمر عادي لا معجزة فيه. وكذلك إسراء النبي ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، كان مستحيلاً على قومه الذين يعرفون بالممارسة الفعلية أن الرحلة تستغرق ستة شهور. لكن ذلك يبدو اليوم أمراً عادياً في ضوء طائرات تطير بسرعة الصوت.
لقد كانت الإنسانية تاريخياً تعيش حالة بدائية مشخصة، تدلنا عليها قصة البقرة. فقد كان ذبح أي بقرة – حسب قول ابن عباس – يفي بالغرض تنفيذاً للأمر الإلهي على لسان موسى. لولا أن العقلية التشخيصية عند بني إسرائيل في ذلك الزمن لم تكن تسمح بذلك، فحاولوا التعرف على البقرة المقصودة عيناً. ولولا قصة البقرة لما استطعنا رؤية الفكر التشخيصي في شريعة موسى، ولا معرفة الوضع الحضاري والفكري لقوم موسى في زمنه.
ولما كانت آيات المعجزات والقصص من المتشابهات فإن فهمها يحتاج إلى تأويل. فهي من جهة مرئية مشخصة عند من حصلت أمامهم، فآمنوا بها ايمان تصديق، وهي من جهة ثانية رمزية مجردة عندنا نحن الآن. آمنا بها إيمان تسليم. هذا كله بالنسبة لمعجزات الأنبياء ابراهيم ونوح وعيسى وسليمان وموسى. أما بالنسبة لمعجزة محمد (ص) فهو على العكس تماماً. إذ كان الإيمان بعلوم النبوة عند المؤمنين الأوائل إيمان تسليم، حين كانت أرضيتهم المعرفية لاتستطيع استيعاب وفهم ما جاء به النبي (ص) من حقائق علمية، ثم أصبح الإيمان عندنا اليوم بنبوة محمد (ص) إيمان تصديق، وبعد أن رأينا رأي العين إثبات العلم لكثير مما جاء به.
لقد كان إيمان أوائل الصحابة بآيات القرآن إيمان تسليم، فعمر بن الخطاب يقول ” ما فهمتموه من القرآن فافهموه، وما لم تفهموه فكلوه إلى ربه”. وقد حار أبو بكر وعمر في معنى (الأب) بقوله تعالى ( وفاكهة وأبا) عبس 31. لكننا نعرف اليوم بمقاطعتها مع قوله تعالى (متاعاً لكم ولأنعامكم) النازعات 33، أن الأب هو العشب وهو كل ما تأكله الأنعام من النباتات. عليك أن تنزعي من ذهنك ما هو موجود في بعض كتب التفسير، وما يتشدق به بعض خطباء الجوامع بدافع الغباء من أن القصص القرآني إنما نزل لتسلية النبي والترويح عنه، فهذا ليس أكثر من كلام فارغ.
أنتهي أخيراً إلى المراد بالجنة التي وعد الله تعالى بها المؤمنين. فلقد أصبت يا أختاه في أصل معناها اللغوي، وفي أن ثمة جنتين، وأن هذا المفهوم دنيوي أخروي. فالله تعالى يقول في المعنى الدنيوي( واضرب لهم مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب) الرحمن 62. ويقول في المعنى الأخروي (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين) آل عمران 133. فهناك جنة في الدنيا نحن نعمل لنبنيها ونعيشها، وهناك جنة في الآخرة نحن نعمل لنفوز بها. وبين هذه وتلك وجوه تشابه ووجوه اختلاف، توسع التنزيل الحكيم في تفصيلها ترغيباً بالعمل الصالح المفيد الذي ينفع الناس. ولعل أبرز وجوه الاختلاف هو أن الجنة الأخروية تنتفي فيها ظاهرة العمل، وتختفي فيها ظاهرة الموت، وينفصل فيها الخير عن الشر.
لقد كان ماركس طوباوياً واهماً حين حاول خلق فردوس سماوي على الأرض، في مجتمع شيوعي تذوب فيه ظاهرة الدولة والعمل، وتسود فيه قاعدة مادية للإكتفاء. ونسي أن هذا لايمكن تحقيقه إلا باختفاء ظاهرة الموت. أي أنه خرج من الطوباوية من الشباك ودخل إليها من الباب (لمزيد من الشرح والتفصيل، أنظر كتابي الأول / الجنة والنار والساعة والصور).

الاسم غيداء البلد

الفاضل د/ محمدشحرور..
ورد في القران اية تدل على حفظ “الذكر” في قوله {انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون}.
في تعليمنا المدرسي المؤدلج -طبعا في السعودية- علمونا ان الذكر هو اسم للقران كالفرقان والبيان وغيرها؛ ولكني اطلعت في النت على اجتهادات اخرى تقول بان الذكر شيء اخر غير القرآن,فالقرآن اسم جامع للذكر (ويقصد به مانزل على ابراهيم وموسى وعيسى ومحمد) اي امور التوحيد المشتركة بين الديانات السماوية, دون ان يتضمن الذكر احكام الفقة والتعاملات والاحداث والقصص..
ولهذا فان الحفظ هو للذكر منذ الانبياء القدماء,وليس للقران, لان القران يتضمن الذكر ويتضمن اشياء اخرى ليس بالضرورة ان تكون لم تتغير منذ ان نزلت على النبي, والدليل اختلاف مصاحف الصحابة الذين كانوا في عهد الرسول نفسه وان عثمان اصطفى بعضها فقط وترك الباقيات, ثم ان التي اصطفاها عثمان بينها من الاختلاف الشيء الكثير..
1- سؤالي عن رايك في الفرق بين الذكر وبين القران, وهل فعلا لم يتغير القران منذ ان انزل؟
2- هل ترى ان ايات الجهاد والقتال وردت لظروف معينة في عهد الرسول ثم نسخت بايات التسامح والعفو بعد ان استقر المسلمون في المدينة؟ وكيف يمكن ان نتعامل مع فكرة الناسخ والمنسوخ في القرآن لان بعض المتطرفين الذين يؤيدون العنف والارهاب يقولون بان آية {لااكراه في الدين} قد نُسخت بآية {وقاتلوهم حتى لاتكون فتنة ويكون الدين كله لله} قال ذلك احد المشائخ السعوديين واسمه صالح الفوزان في معرض تأييده لعدم إقامة حوار مع الغرب وضرورة البراءة منه دون أن يثبت لنا مسوغات رايه ذلك بحجة أنه عالم ولايمكن مناقشته فيما يقول….
3- مارأيك في فكرة الولاء والبراء التي يعتبرها الوهابيون المدعومون من الحكومة السعودية هنا- أنها من اهم ركائز الدين,فيكفرون بناء عليها كل من يعجب باي منجز غربي او يستنكر احداث سبتمبر المؤلمة أو يتعاطف مع اي غربي, فيرونه قد خرج من الملة بحجة اعجابه بالغرب مما يعني ميله نحوهم وبالتالي فيعتبرونه معاد لله ورسوله من منطلق فكرة الولاء والبراء..
وتقبل التحية،،

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى غيــداء :
غفر الله لي ولك يا أختاه.. فلقد أمضيت أكثر من عشر سنوات أبحث عن الفرق بين الكتاب والقرآن والفرقان والذكر وأم الكتاب، وفي الفرق بين النبوة والرسالة، وبين الألوهية والربوبية. ثم كتبت بعدها نيفاً وثمانمائة صفحة في كتابي الأول (الكتاب والقرآن – قراءة معاصرة) أتبعتها بنيف وسبعمائة صفحة أخرى في كتابي الثاني (الدولة والمجتمع) وفي كتابي الثالث (الإسلام والإيمان – منظومة القيم) وكلها تدور حول بضعة محاور، هي الفرق بين القرآن والذكر والكتاب والفرقان، ورأيي في الناسخ والمنسوخ، والفرق بين الإسلام والإيمان والأب والوالد والعباد والعبيد، ورأيي في أسباب النزول. ثم تأتين مع آخرين لتسألي بكل بساطة عن رأيي في الفرق بين القرآن والذكر.
ومع ذلك وبكل المحبة ورحابة الصدر، أعود فأقول، إنني بدأت فأدركت أن الترادف يمنع الفهم الصحيح الدقيق كما ينبغي لآيات الله تعالى في تنزيله الحكيم الموحى. تماماً كما أدركت أن الرواية بالمعنى في الحديث النبوي واعتماد السند الراوي للخبر أساساً لصحة الخبر أو عدم صحته يمنع التطبيق والتأسي الصحيح الدقيق كما ينبغي للسنة الرسولية. فأوضحت أن:
1 – الكتاب هو مجموعة المواضيع التي أوحيت إلى الرسول (ص) من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس. وهذا ما يشير إليه تعالى في قوله (ذلك الكتاب لاريب فيه) البقرة 2. وفي آيات أخرى كثيرة. ويحتوي على النبوة والرسالة (المحكم والمتشابه وتفصيل الكتاب).
2 – أم الكتاب هي مجموعة الآيات المحكمات، أي الأحكام في مجال إفعل ولا تفعل. وهي الجانب التشريعي والشريعة في الرسالة المحمدية.
3 – القرآن هو مجموعة الآيات المتشابهات، علوم النبوة في الكون، التي جاءت تصديقاً للرسالة وإثباتاً للنبوة.
4 – السبع المثاني هي فواتح السور مثل : ألف لام ميم، حاء ميم، ياء سين ، .. وغيرها.
5 – تفصيل الكتاب هو الآيات التي لاهي بالمحكمات ولا هي بالمتشابهات، بل تحمل وصف وتعريف التنزيل الموحى، كقوله تعالى (إنا جعلناه قرآناً عربياً) فصلت 3 وقوله تعالى (إنا أنزلناه قرآناً عربياً) يوسف 2.
6 – الذكر، هو الصيغة اللغوية الصوتية القابلة للنطق للكتاب كله. وهو الصيغة التعبدية. ولذا قال تعالى (ص والقرآن ذي الذكر) ص1 ، وقال (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) القمر 17 و 22 . وهو الصيغة التي تكفل الله بحفظها فقال تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) الحجر 9. وقد وصف تعالى القرآن بأنه عربي (إنا أنزلناه قرآناً عربياً) يوسف 2، ووصف الأحكام بأنها عربية (وكذلك أنزلناه حكماً عربياً) الرعد 37. لكنه لم يقل إن الذكر عربي أو إن الكتاب عربي، لأن السبع المثاني (فواتح السور) هي من الكتاب ومن المتشابه، لكنها ليست عربية ولا تركية ولا إنكليزية، إنها مقاطع صوتية يتألف منها الكلام الإنساني وليست لغة.
وقد ورد مصطلح الذكر في التنزيل الحكيم بمعان متعددة أولها بمعنى اللفظ والنطق، كما في قوله تعالى (وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا) الإسراء 46، وقوله تعالى (وذكر اسم ربه فصلى) الأعلى 15. وبمعنى الذكر خلاف النسيان، كما في قوله تعالى (وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره) الكهف 63، وقوله تعالى (واذكر ربك إذا نسيت) الكهف 24، وبمعنى الشكر والحمد كما في قوله تعالى (فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون) البقرة 152، وقوله تعالى (ليذكروا اسم الله على ما رزقهم) الحج 34. وبمعنى التسبيح والدعاء كما في قوله تعالى (واذكر ربك كثيراً وسبح بالعشي والابكار) آل عمران 41، وقوله تعالى (كي نسبحك كثيراً ونذكرك كثيرا) طه 34. وبمعنى الرفعة وعلو الشأن كما في قوله تعالى (ورفعنا لك ذكرك) الإنشراح 4. وبمعنى الوحي السماوي كما في قوله تعالى (ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون) الأنبياء 105، وقوله تعالى (ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكراً للمتقين) الأنبياء 48، وبمعنى العبرة والعظة كما في قوله تعالى (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) القمر 17و 22 ، وقوله تعالى (وجاءك في هذه الحق وموعظة وذكرى للمؤمنين) الأعراف 2. وبمعنى الخبر والنبأ كما في قوله تعالى (ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا) الكهف 83. وقوله تعالى (كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا) طه 99.
أما سؤالك: هل فعلاً لم يتغير القرآن منذ أن نزل؟ أقول بايجاز: لاتوجد مؤشرات تدعو إلى الاعتقاد بأن التنزيل تغير منذ أن نزل!!
وأما عن القول بالنسخ في آيات وأحكام كتاب الله تعالى، كما في كتب الناسخ والمنسوخ للواحدي والسيوطي وغيرهما، فهول ليس عندنا بشيء، وقد فصلنا ذلك في الكتاب الثاني (دراسات إسلامية معاصرة في الدولة والمجتمع) صفحة 271 وما بعدها. والعجيب إن القائلين بالنسخ لم يكتفوا بإرساء مقولة أن الآيات تنسخ الآيات، بل ذهبوا إلى القول بأن الحديث النبوي ينسخ أحكام الكتاب. ونتج عن ذلك نتائج مضحكة ومحزنة معاً، فقالوا في قوله تعالى( خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين) الأعراف 199 إن الأخذ بالعفو في أولها منسوخ، والإعراض عن الجاهلين في آخرها منسوخ، والأمر بالعرف فقط هو الساري.
لقد أرسى فقهاء السلطان فهماً معيناً لكتاب الله، فرضوا على الناس ألا يخرجوا عنه، وزعموا في سبيل ذلك نسخ كل الآيات التي تعارض وتنفي أقوالهم. فآيات القتال في سورة الأنفال وسورة البقرة وسورة محمد تنسجم تماماً مع روح التسامح في قوله تعالى (لاإكراه في الدين).
إن تفريقنا كما ينبغي بين الإسلام والإيمان، يقودنا إلى التعامل مع الآخرين في الغرب وغيره على أساس الإسلام لا على أساس الإيمان، فالإسلام هو القاعدة. حسبما أشار تعالى في قوله (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولايتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون) آل عمران 64. وفي قوله( ربما يود الذين كفروا لو كانوا مسلمين) الحجر 2.
إن مجرد الإعجاب بالغرب وتقدمه التقني، ومجرد التعاطف مع شعوبه فيما يحل بهم من كوارث ومآسي لايستوجب التكفير، ولا يجوز اعتباره داخلاً تحت عنوان الموالاة والولاء في قوله تعالى (ومن يتولهم منكم فإنه منهم) المائدة 51، وقوله (ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون) التوبة 23. وقد أشار الإمام محمد بن عبد الوهاب، وكثير غيره من الإئمة، إلى مسألة الموالاة والولاء الواضحة في كتاب الله تعالى، والمشكلة كما نراها ليست في المبدأ، بقدر ماهي في التطرف المتشدد في التطبيق وتوظيفها سياسياً وفكرياً بحيث تصبح سيفاً مسلطاً على رؤوس الناس وخاصة المفكرين وفي منع حرية الفكر والنشر والكلمة وقد حدث هذا فعلاً بشكل يخرج بها عن المنطق والمعقول.

الاسم راعي إبل البلد

المفكر المسلم د . م . محمد شحرور
جزاك الله عنا ألف خير …. أخذت بأيدينا وعقولنا إلى أصدق الحديث …. فوجدناه عربيا مبينا …. حفظك الله و أثابك بما تستحق من الأجر ومنا الشكر والدعاء .
هذه أسئلتي اّمل أن يتسع صدركم لها :
1- في كتابكم الدولة والمجتمع …. في الفصل التاسع منه وتحت عنوان الجهاد …. كنت ياسيدي تورد اّيات عن القتال في سياق الحديث عن الجهاد …. ألا ترى من خلال اّيات القراّن الكريم أن الجهاد في سبيل الله يختلف عن القتال في سبيل الله .
2- هل لقب ( شيخ ) من الدين الإسلامي ؟؟؟ وإن كان الجواب بالنفي …. فمن أين جاء .
3- الإجماع والقياس …. متى بدأ الأخذ بهما في الإسلام ؟؟؟ هل كان ذلك في عهد الخلفاء الراشدين أم بعدهم ؟؟؟ ومن هو أول من أقرها كمصدر من مصادر التشريع .
أكرر شكري لكم دكتور ولفريق طوى على هذه المفاجأة السارة …. شكرا لمنتدى طوى لإستمراره في إستضافة المبدعين والمفكرين .

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى راعي إبل :
1 – لقد أحسنت بقولك إن الجهاد يختلف عن القتال. فالجهاد عام والقتال خاص. أي أن القتال حالة خاصة من حالات الجهاد. فالجهاد يدخل فيه المظاهرات والندوات والمحاضرات والإصلاحات، ثم يأتي القتال كحالة خاصة وأخيرة. ولما كانت كل هذه الأنشطة الجهادية – عدا الجهاد بالنفس – تحتاج إلى أموال، فقد حصر التنزيل الحكيم الجهاد في بندين هما : المال والنفس. وهناك حالة خاصة أخرى للقتال هي الحرب. فالقتال قد يكون فردياً أو جماعياً، أما الحرب فلا تكون إلا جماعية. ومن هنا يقول تعالى في مجال الحرب (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما من بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها) محمد 4. فالكفار هنا هم المحاربون، الذين أعلنوا الحرب. فالألمان مثلا كفار بالنسبة لروسيا حين هاجموها وأعلنوا الحرب عليها. وكذلك الصهاينة بالنسبة لنا في فلسطين. والذين وقفوا ضد النبي (ص) وحاربوه هم الكفار من أهل الكتاب، أما الذين لم يحاربوه فهم من أهل الكتاب فقط.
2 – لقب الشيخ في التنزيل الحكيم له معنى واحد لاغير، يشمل المواضع الأربعة التي ورد فيها، هو الطاعن في السن غير القادر على الإنجاب. ثم تطور اللقب وأخذ معاني عدة جديدة بمرور الزمن. فالفقيه شيخ كالشافعي، والقارئ شيخ كعبد الباسط عبد الصمد، ووجيه القوم وأميرهم شيخ كرفيق الحريري وزايد بن سلطان. والمعلم شيخ حسبما كان دارجاً في بلاد الشام عن معلمي الكتاتيب. والشيخ عند المريد هو الذي يلقنه ويعلمه علوم الدين وغيرها.
3 – الإجماع والقياس أساسان من أربعة أسس للفقه الإسلامي، وصفها الإمام محمد بن ادريس الشافعي في كتابه (الرسالة) ، وهي :
القرآن – وهو الكتاب وآيات الآحكام .
السنة – وهي كل قول أو فعل أو إقرار ورد عن النبي .
الإجماع – إجماع الصحابة .
القياس – الحكم في مسائل جديدة قياساً على حكم في مسائل سابقة مشابهة ورد في القرآن أو السنة أو الإجماع.
إن لكل أساس من هذه الأسس الثلاثة الأخيرة إشكالياته الخاصة به، التي يضيق المجال عن تفصيلها. فرواية الحديث بالمعنى والتساهل في السماع – مثلاً – من إشكاليات السنة النبوية، واعتبار النبي معصوماً في كل ما يقول ويفعل عصمة تكوينية إشكالية أخرى، واعتماد أشخاص الرواة في إقرار صحة الحديث أو عدم صحته إشكالية ثالثة. إما الإجماع- إجماع الصحابة – الذي أضيف إليه فيما بعد إجماع التابعين وأئمة المذاهب والطوائف ورجالهم وفقهائهم – فإشكاليته أنه لم يحصل أن تم حذف أي إجماع من أي نوع كان على أي رأي فقهي أو حدث تاريخي، لا بين الصحابة، ولا بين من جاء بعدهم.
ولعل أخطر هذه الأسس الثلاثة، التي تكرس التقليد وتقليد الآبائية، هو القياس. فقد تحول العقل العربي على يد الشافعي وعلى مدى 12 قرناً تالية إلى عقل قياسي. والعقل القياسي المقلد الملتزم بحرفية ما قاله السلف لايبدع ولا ينتج ولا يفكر بالأصل. فكانت النتيجة أن العقل العربي لم ينتج أية معارف جديدة خلال القرن العشرين كله. لقد تعلمنا وقلدنا الغرب في إنتاج بعض الأدوية والأجهزة والآلات، لكننا لم نتعلم إنتاج المعرفة. لقد جعل القياس من مناهج التعليم تلقينية مهمتها أن تجعل الطلاب يحفظون عن ظهر قلب ما قاله السلف. فالجامعات عندنا تقوم بتخريج الآلاف لكنها لاتنتج المعرفة حتى بالآحاد. وما دام العقل القياسي هو المسيطر، وما دامت روح التقليد والقياس هي السائدة، فلا يمكن أن نتصور إنساناً عربياً واحداً معاصراً ينتج أفكاراً تختلف عن أفكار المعتزلة مثلاً أو الأشاعرة أو الصحابة. فالإنسان العربي اليوم يبحث دائماً بعقله القياسي عن أصل يقيس عليه، وهذا يحصل مع كثير من الناس إلا من رحم ربي.

الاسم التائه البلد

المفكر الكبير الدكتور شحرور:
تحية طيبة,
في حديث الفرقة الناجية ثمة صراع بين كل فرقة لتكون هي الفرقة الناجية, فالوهابيون عندنا بوصفهم المسيطرون فعليا على حياتنا وفكرنا واعلامنا بدعم من الحكومة يروجون بقوة على انهم هم الفرقة الناجية وماعداهم في جهنم, بالتأكيد هم لايفضلون ان يتسموا بالوهابية ويقولون السلفيين او اهل السنة والجماعة.. لكن الجميع يعرف انهم يمثلون مذهب فكري متزمت هو الوهابية مهما حاولوا التنصل منه..
ألا ترى ان هذا الحديث غير صحيح بسبب متنه المتهاوي الذي يفترض ان من (أمته) لاحظ أنه سماهم أمته,ثم يدخلهم النار سوى فرقة!! ثم ان هذا الحديث يفترض وجود سلوك خاطيء ديني خفي يؤدي بالشخص الى جهنم مهما فعل من عبادات، فالحديث لايبين سبب الدخول في النار سوى انهم ليسوا من الفرقة الناجية؟
نقطة اخرى: تتعلق بأحداث سبتمبر الفظيعة التي نفذها 15 سعودي تحت زعامة ابن لادن وهو سعودي ايضاً.
ألا ترى أن هذا الفعل العنيف الذي يدعي الاسلام ويمارس الارهاب باسمه له علاقة بالفكر الذي أسسه، وأقصد الفكر السلفي المتزمت وهو المتبع لدينا والذي تدعمه الحكومة وتحارب كل من ينتقده أو لايتوافق معه 100% سواء بأن تفصله من عمله (مثال حسن المالكي طرد من وظيفته بسبب انتقاده للمناهج الدينية المدرسية,ود/ محمد الحسن كذلك طرد من وظيفته كاستاذ في الجامعة بسبب اعتراضه على التفرقة العنصرية ضد كل من ليس وهابيا) أو تقيم عليه حد القتل لأنه في نظرهم مرتد (مثال شخص شيعي اسمه مال الله قتل بالسيف لأن له آراء تخالف ابن باز وغيره من مشائخ نجد) أو تسجنه وتعذبه (مثال المالكي في مكة) أوتنفيه من البلد (مثال القصيمي),وغيرهم كثير..
ثم ألا ترى أنه يجب أن نأخذ من احداث سبتمبر درساً لاعادة النظر في الفكر الديني الذي خرج هذه العينة ممن يريدون تدمير الحضارة وقطع أي فرص للتعايش مع الآخر؟إذ لاتزال جذور هذا الفكر المتطرف قوية ومتقدة ويمكن ملاحظتها من خلال البيانات التي أصدرها مجموعة من المتدينين في السعودية ضد أمريكا وضد الغرب ليس من حيث السياسة الخارجية لتلك البلاد وانما رفض للفكر الغربي بدينه وعرقه واعتقاد الشر الكامن فيه؟
وشكرا

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى التائــه :
حديث الفرقة الناجية، حديث نبوي معروف في كل كتب الحديث، لدى كل الطوائف والمذاهب السنية والشيعية وغيرها، التي تعتبر أنها هي الناجية، وأن كل الباقين في النار. وهو واحد من عدد من الأحاديث نلاحظ فيها أنها :
– تتحدث عن الغيبيات، الجنة والنار والحساب واليوم الآخر.
– لاتحوي حكماً سلوكياً محدداً يجوز معه اعتبارها سنة واجبة.
– لا توضح أسباب ومبررات ما نقرره من حقائق.
ويدخل في هذه المجموعة من الأحاديث، أحاديث الفضائل: فضائل أيام معينة وأماكن معينة وأشخاص معينين، وفضائل آيات على آيات وسور على سور. ولقد أوردت في كتابي الرابع ” نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي” ص 157 وما بعدها، ثلاثة أحاديث من بينها حديث الفرقة الناجية هذا، أخضعت متونها للتحليل، واستخرجت بالمقارنة ما فيها من تناقضات. وخلصت إلى أن أحاديث الغيبيات فيها ما يريب، لقوله تعالى بلسان نبيه الكريم ” ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون) الأعراف 88، وقوله تعالى (عالم الغيب فلا يظهر علي غيبه أحدا) الجن 26. وانتهيت إلى أنها لاتتضمن أحكاماً من أي نوع، وإلا فما هو المطلوب منا اتباعه والاستناد عليه اليوم في حديث يقول ” إن الله أذن لي أن أحدث عن ديك رجلاه في الأرض وعنقه مثبتة تحت العرش”.
لقد ألف الإمام الشهرستاني كتاباً شائعاً متداولاً هو “الملل والنحل” ، انطلق فيه تحديداً من حديث الفرقة الناجية. وأفرد غيره في كتبهم فصولاً كاملة لهذا الموضوع. كالإمام المقريزي في كتابه “الخطط المقريزية”. وانطلق الإمام ابن تيمية في تكفير الفلاسفة وأرباب العلوم وغيرهم في كتابه “درء تناقض العقل والنقل” من هذا الحديث النبوي بعينه.
إن خطورة هذه الأحاديث والكتب تتمثل في النتائج التي نصل إليها تطبيقياً. فبعد أن خلطنا بين الإسلام والإيمان، نتج لدينا أن المسلمين هن أتباع محمد (ص) فقط. ولما كان هؤلاء يشكلون 20% من سكان الكرة الأرضية، فإن 80% من أهل الأرض في النار لمجرد أنهم ليسوا من أتباع محمد (ص). ثم يأتي حديث الفرقة الناجية ليقسم الـ 20% الأولى إلى 73 فرقة. كلها في النار عدا واحدة. وبحسبة بسيطة نفترض أن سكان الأرض 6 مليارات، نستنتج أن 5ر16 مليون إنسان فقط هم من أهل الجنة طبقاً لهذا الحديث، فأين المصداقية في قوله تعالى (وماأرسلناك إلا رحمة للعالمين).
لاشك في أن للممارسات العدوانية لدول الغرب على مدى قرون التاريخ الاستعماري: هولندا، والبرتغال، واسبانيا، وإيطاليا، ثم فرنسا وانكلترا، وانتهاء بأمريكا اليوم، أثر بالغ في ترسيخ الكراهية لدى الأمم العربية والإسلامية، إنما لاشك بالمقابل في أن المرجعية التراثية والمنهجية التعليمية لدى الأمم المأخوذة من الأحاديث النبوية والمستقاة من أفعال وأقوال السلف لها أثر لايقل عن تلك في توليد العنف الذي أدى إلى أحداث 11 سبتمبر. فالمشكلة ليست مشكلة الجناح العسكري لحركة الإخوان المسلمين في الخمسينيات بمصر وفي السبعينيات بسورية، وليست مشكلة طالبان في أفغانستان، ولا مشكلة ابن لادن والسعوديين ال 15 في أحداث 11 سبتمبر بقدر ما هي مشكلة المرجعية السلفية لدى هؤلاء، وهي ذات المرجعية عند شيخ الأزهر والإمام القرضاوي، فأصول استنتاج الأحكام، واعتبار القرارات السياسية السلفية من الدين، واحدة عند الطرفين، لكن الطرف الأول استعملها وترجمها إلى أفعال والطرف الثاني سكت عنها.. وهذا كل ما في الأمر.
أذكر أن آخر محاضراتي بتاريخ 1/9/2002، كانت حول الإصلاح الثقافي والديني ووجوب البدء به قبل أي إصلاح سياسي. إذ كيف نطالب مثلاً بإلغاء قانون الطوارئ والأحكام العرفية على الصعيد السياسي والاجتماعي ولدينا قاعدة دينية شرعية اسمها “باب سد الذرائع” ؟ وهل الإسقاط السياسي لباب سد الذرائع إلا الأحكام العرفية؟!
هناك من يقول لإننا نعيش مرحلة صراع حضارات: الحضارة العربية الإسلامية والحضارة الغربية .. وهذا وهم. لأن الحضارة العربية الإسلامية اليوم لم تعد أكثر من حضارة ذاكرة لم يبق لها وجود على أرض الواقع.. حضارة قال زيد وقال خالد وقال ابن خلدون، ومع ذلك يتصورون أنها يمكن أن تواجه حضارة دخلت إلى ملابسنا الداخلية وإلى مطابخنا وغرف نومنا، والعجيب أن من يسمي الغرب “دار الكفر وبلاد الكفار” ويطبقون أحكام الردة والنفي والتكفير والعمالة وقوانين الولاء والبراء على خصومهم في الفكر، هم أول المتهالكين على نتاج الحضارة الغربية.. من سيارات وثلاجات ومكيفات وساعات وحواسيب وآليات طرق وجسور ومصافي نفط وطائرات ومحطات فضائية.. والمتأمل في المسجد الحرام والمسجد النبوي لايحتاج إلى وقت طويل وذكاء كبير ليرى أن الحضارة الغربية وليست العربية الإسلامية هي التي جعلتهما في الوضع الرائع الجميل الذي نراه الآن. وقس على ذلك المشافي وغرف العمليات وأجهزة التخدير ومعامل الأدوية والأسمدة والحراثة والحصاد والنقل ولا تنسى البريد والبرق والهاتف والتلفزيونات وأجهزة التحكم عن بعد.
ما نريد قوله هو أن الحضارة إنسانية. هناك صراع مصالح وسياسات وسلطات.. أما صراع حضارات فلا . فالحضارة صرح واحد شاركت في بنائه كل الشعوب ليونانية والهندية والفارسية والعربية والأوربية على مدى مراحل التاريخ، وكنا في فترة من الفترات قادة المشاركين في بناء هذا الصرح، لكننا تخلفنا عن الركب حين توهمنا أن الحضارة الإسلامية تنحصر فقط وفقط في الحجاب الشرعي وبناء المساجد وصوم رمضان، وإطلاق اللحى، وأهملنا اتقان العمل والالتزام بالمواصفات والعدل في القضاء النزيه، وشجعنا على بناء المساجد وأهملنا دور الأيتام والعجزة والمنشآت الثقافية والاجتماعية، ثم أطلقنا على نقوم به اسم “الصحوة الإسلامية” بينما هو في حقيقة الأمر “صحوة إيمانية” .
يقول تعالى (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) المائدة 69. ويقول (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم” الحجرات 13. وما يدعو إليه البعض من تكفير خلق الله وقطع أواصر التعارف والتقارب بين الأمم والشعوب، لغايات سلطوية وأهداف سياسية، هو في رأينا خروج عن القصد الإلهي وعن الروح الإنسانية.

الاسم جمال البلد

كيف تحول القرآن من نص شفاهى تحفظه الالباب الى نص موثق و مكتوب ؟
ماذا تقول عن حال اللغه العربيه فى ذلك الزمن و خلوها من التنقيط و من علامات الحركات ؟ وكيف تم تنقيط النص القرآنى و متى ؟ وكيف وصلت الينا نسخة القرآن التى بين ايديناالان بنقطها وعلامات الحركات؟
اللغه العربيه لغه بشريه محكوم عليها مثل غيرها من اللغات بعدم التوقف واستمرارية التطور و التبدل فما علاقة ذلك بقدسية النص القرآنى باعتباره كلام الله المنزل بلسان عربى ؟
هل القرآن الذى اوحى الى سيدنا محمد بالمعنى فقط وهو الذى وضع الصياغه باللغه العربيه, اى هل القرآن مكتوب بلغه بشريه بما يعترى هذه اللغه من التطور او التبدل قبل القرآن و بعده ؟
اتمنى على شخصكم الكريم القاء الضوء فيما يقال حول النظام المعرفى الذى اسسه الشافعى فى القرن الثالث الهجرى و هو قائم على ان النص مقدس لانه لغه و رساله ليسا من صنع البشر و محاولة اختراق هذا النظام معناها تبيان انه اذا كانت الرساله آلهيه فان اللغه ليست الهيه بل هى بشريه كما هو شأن الكتب المقدسه كلها , هذا جانب
واما جانب الوحى فهو نظام تواصل غير لغوى و بذا فوحى القرآن للنبى محمد لم يكن عبر النظام اللغوى و عليه فان صياغة الرساله انسانيه ….
ماهو الفرق فى البحث فى النص القرآنى من داخل دائرة الايمان او من خارج دائرة الايمان وايهما اصعب ؟ ولماذا ؟
انتم تعلمون استاذنا الفاضل انه اذا اقترب الامر من النص القرآنى تتولد نقاط احتقان حساسيه نظرا للارتباط المكيانيكى بالدين , فما هو تفسيركم لذلك الاحتقان وتلك الحساسيه مع العلم ان ذلك يؤدى للتعمق فى الايمان ؟
لماذا لم يأمر الرسول خلال كل فترة الوحى و حتى مماته بجمع القرآن و حفظها داخل كتاب واحد بل تم ذلك فى عهد عثمان بن عفان ؟
هل صحيح و بحكم تاريخية النص القرآنى ان هناك اجزاء منه سقطت بحكم التاريخ و اصبحت شاهدا تاريخيا , اى تحولت من الدلالات الحيه الى مجالات الشاهد التاريخى ؟ برجاء ذكر بعض الامثله
ماذا تقول فى ان القرآن مجموعه من النصوص التى رتبت ليس وفقا لترتيب نزولها الزمنى ولكن وفقا لتراتيب اخرى لم تكتشف بعد ؟
الحقيقه التاريخيه تؤكد لنا ان ترتيب القرآن الحالى ليس هو ترتيب النزول فلماذا لم يترتب القرآن بحسب نزول آياته ؟ و هل يعتبر هذا تشكيك فى الحكمه الآلهيه او قدسية النص ؟
ماهو فى رأيكم اهم اسباب عدم وجود مؤسسات دراسات اسلاميه تقترب من اللامفكر فيه للان وتدرس القرآن باعتباره موضوع دراسه اى يدرس تاريخيا و تحليليا وليس موضوع ايمان و وعظ و
تفسير فقط ؟
يعتبر الوحى كلام الله بلغة محمد و الشافعى يعتبر السنه هى الحكمه المذكوره فى القرآن و الفرق بين السنه و القرآن هو ان السنه هى كلام الله الموحى الى محمد ولكنها ليست لغة
الله بل هى لغة محمد اى ان الشافعى ميز بين القرآن و السنه بأن القرآن متعبد فى قراءاته لان الصياغه هى صياغة محمد , و السؤال
هل كان القرآن قبل ظهور هذا التمييز كلام الله ولغته فى الوقت نفسه ام لا ؟
لو اقتلعنا السنه من الفكر الاسلامى لما بقى شئ هناك فهل هذا القول صحيح ؟
وبالتتابع هل صحيح ان القرآن اكثر حاجه الى السنه من حاجة السنه الى القرآن ؟ و كيف ذلك ؟

البريد الإلكتروني temor1984@hotmail.com التاريخ 23/12/03

إلى الأخ جمــال :
لقد أحصينا في رسالة الأخ جمال أكثر من عشرين سؤالاً ليست السطحية من صفاتها، يحتاج كل منها – عند من يحترم الكلمة ويتصدى للإجابة – إلى ملخصات ومراجع، وإلى ما أشار إليه التراث وبحثه، وإلى ما درسه المختصون اليوم، كما يحتاج إلى عشرات الصفحات لتأتي الإجابة شافية وكافية. ومع ذلك أقول: حباً وكرامة.. سأحاول بإيجاز!!
ثمة عدد من الأسئلة يدور حول تدوين التنزيل الحكيم وتنقيطه وإعرابه، وكيف تحول من مسموع ملفوظ إلى مخطوط مقروء، وحول ترتيب آياته وسوره ثم وضعه في مصحف، ودور النبي في صياغته، أجمل الإجابة عليها كما يلي:
لقد نزل الوحي الإلهي على قلب الرسول الصادق الأمين نصاً عربياً مسموعاً باللفظ والمعنى. وإذا كان ثمة من يزعم أن الوحي نزل مكتوباً في قرطاس بسفط من ديباج جاء به جبريل من عند ربه فهذا ليس عندنا بشيء. وليس أكثر من محاولة ساذجة لإعلاء شأن النبي (ص) وإثبات أنه ليس أقل شأناً من موسى (ع)، ون التنزيل الحكيم ليس أقل شأناً من الألواح. ودليلنا على ذلك أن المشككين بالنبوة المحمدية طلبوا منه أن يريهم كتاباً تنزل عليه من السماء، فسخر منهم تعالى في كتابه الكريم. يقول تعالى (يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتاباً من السماء..) النساء 153. ويقول (ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين) الأنعام 7. والقرطاس هو ما يكتب عليه والكتاب هو المحتوى. وإذا كان ثمة من يزعم أن الوحي نزل بالمعنى، وأن الصياغة محمدية، فهذا أيضاً ليس عندنا بشيء. فلقد سبق البعض أن طلب من النبي إدخال بعض التعديلات فسخر منهم تعالى على لسان رسوله الكريم (ص) فقال (إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي) الكهف 110، وقال (قل إنما أتبع ما يوحى إلى من ربي) الأعراف 203، وقال (إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به) الأحقاف 23، وقال (ما يكون لي أن أبدله من تلقاء نفسي) يونس 15. وقال (فمن بدله من بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ) البقرة 181. ثم يحسم تعالى مسألة التبديل في النص الموحى والإضافة إليه أو الإنقاص منه بقوله (ولو تقول علينا بعض الأقاويل* لأخذنا من باليمين * ثم لقطعنا منه الوتين) الحاقة 44،45،46.
درج بعض أنصاف المثقفين على الظن بأن التنزيل الحكيم جرى جمعه وتوثيقه خطياً في عصر الخليفة عثمان بن عفان، وهذا عندنا مجرد وهم فارغ. فقد تم ذلك على يد كتبة الوحي بتوجيه نبوي صحيح وثابت. وكانت نسخته الكاملة عند أبي بكر بعد وفاة النبي (ص)، ثم انتقلت إلى عمر بن الخطاب من بعده، مرتبة حسب العرضة الأخيرة (أي المراجعة الأخيرة) التي قام بها جبريل الأمين، هذا الترتيب الذي اقتضت الحكمة الإلهية في الإعجاز ألا يكون بحسب النزول ولا بحسب المواضيع. ثم جاء عثمان، وليس لدى الناس سوى هذه النسخة الوحيدة. ولم يكن هناك مبرر وقتها – بوجود هذه النسخة – لتأليف لجنة الجمع الشهيرة التي شكلها عثمان برئاسة زيد بن ثابت الأنصاري (كات الوحي الحاضر مع النبي في العرضة الأخيرة). لولا ما شاع وقتها عن وجود مصاحف أخرى – غير النسخة التي تحدثنا عنها – لدى بعض الصحابة كإبن مسعود وعلي بن أبي طالب وأبي بن كعب، من جهة، ولولا حاجة الأمصار الإسلامية بعد اتساعها وتعددها إلى نسخة معتمدة تقطع دابر الخلاف الذي بدأت بوادره تكاد تطال النص المقدس الموحى.
نحن على الأرجح لانعرف الكثير عن النسخة المعتمدة التي وزع عثمان بن عفان نسخاً منها على الأمصار. لكننا نعرف بالتأكيد أنها كانت خالية من التنقيط وحركات الإعراب من ضم وفتح وخفض وسكون. وعبارة “الرسم العثماني” التي نراها اليوم على بعض المصاحف، لا علاقة لها بالخليفة عثمان بن عفان. ثم اقتضى اتساع الدعوة ودخول الفرس والروم والهنود في الدين وانتشار اللحن في قراءة القرآن إلى استحداث التنقيط والحركات حفظاً لسلامة النص وصحته، فقام علماء اللغة الأجلاء بذلك كل في عصره من أمثال أبي الأسود الدؤلي وعاصم كاتب الحجاج، وغيرهما مما يمكن الرجوع إلى المظان والمراجع في تفصيله.
أنتهي بعد ذلك كله إلى القول بأن بحث الإنزال والتنزيل كما ورد في كتابي الأول “الكتاب والقرآن / قراءة معاصرة” يتلخص في أن الرسول (ص) بالنسبة للتنزيل الموحى لا علاقة له لا بالنص ولا بالمحتوى، وكانت مهمته التطبيق فقط باتباع ما يوحى إليه، كما تقول الآيات، وستجد الإجابات الشافية في هذا البحث.
ثمة عدد آخر من الأسئلة يدور حول السنة النبوية. أرى مرة أخرى أن الإجابة على كل منها يقتضي صفحات وصفحات. ولو أن أخي جمال – غفر الله له ولنا – تلطّف بالعودة إلى ما كتبته في كتابي الرابع ” نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي” لوجد في بحث السنة النبوية أجوبة معظم تساؤلاته.
يزعم البعض – لسبب وجيه سيرد لاحقاً – أن النبي (ص) هو المقصود بقوله تعالى (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى). وأنه لهذا يتمتع بعصمة تكوينية في كل ما قاله وفعله طوال حياته. هذه العصمة قابلة للإنتقال وفق آليات النسب، والصحبة، ووراثة علوم النبوة (العلماء ورثة الأنبياء). وبناء على هذا فإن كل أقواله وأفعاله ملزمة واجبة تماماً مثل النص القرآني، لأن الوحي وحيان نص يتعبد بتلاوته وحكمة نبوية موحاة أشار إليها تعالى في قوله (واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة) الأحزاب 34. هذه السنة النبوية من قول وفعل وإقرار تمثلها كتب الحديث بمسانيدها وسننها ومستدركاتها وصحاحها مضافاً إليها جميع كتب الفقه المستنبط منها، باعتبار أن أصحابها من ورثة النبوة. ولا يمكن فهم التنزيل الحكيم إلا على أساسها، ومن هنا فإن القرآن بحاجة إلى الحديث النبوي، فإذا سقط الحديث .. سقط التنزيل !!
ولقد سادت هذه المزاعم قروناً متطاولة في الفكر الديني العربي والإسلامي، وما زالت سائدة إلى اليوم. ففي إحدى حلقات برنامج “نقطة ساخنة” بمحطة ART الفضائية، قال أحد دكاترة الدين في دمشق ” القرآن أحوج إلى السنة من السنة إلى القرآن”، فاندفع صديقي محمد جميل القصاص، أحد الباحثين الإسلاميين، صائحاً به “اتق الله فيما تقول يا رجل” فتصدى له تلامذة الدكتور ومريدوه وكادت أن تحصل معركة.
إن من الطبيعي ونحن نقول هذا أن يخطر للمتأمل أن يستنتج أن مرور هذه القرون على هذه المزاعم دليل على صحتها. وأن يتساءل ألم تفرز الأمة الإسلامية معارضين لهذه المزاعم لهم رأي آخر؟
أقول: نعم .. لقد كان بكل تأكيد!! أولهم الإمام النعمان أبو حنيفة، إمام مدرسة الرأي، الذي لم يكن يؤمن بفكرة تقديس السلف ومعصومية الصحابة، وقوله المشهور ” نحن رجال وهم رجال” أبلغ دليل على هذا. وكان لمدرسة الرأي هذه بقيادة الإمام أبو يوسف – تلميذ النعمان – جولات وصولات مع السلفيين من مدرسة الحديث بقيادة الإمام الشافعي، وكان لها أثر بارز فيما أصبح يسمى “مدرسة العقل” عند المعتزلة.
لقد احتدم الصراع الفكري والسياسي بين مدرستي الرأي والحديث، العقل والنقل حسب تعبير ابن تيميه، لينتهي على يد المتوكل لصالح مدرسة الحديث والنقل، وما زال كذلك إلى اليوم. أعود إلى ما كنت فيه.
فأما الزعم بعصمة النبي فيدحضه قول الله تعالى (عبس وتولى، أن جاءه الأعمى* وما يدريك لعله يزكى) عبس 1 –3. وقوله ( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك ..) التحريم 1.
وأما جواز انتقال عصمة النبوة بالنسب، فقصة امرأة نوح وابنه دليل واضح على عدم جوازها أو وجودها أصلاً.
وأما أن المعنى بقوله تعالى (وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى)، هو النبي محمد (ص) وحديثه النبوي، فإن الإمام الرازي يقول في تفسيره: ” المشهور عند بعض المفسرين أن النبي ما كان ينطق إلا عن وحي، والضمير “هو” عائد على قول النبي وكلامه، ولا حجة لمن توهم هذا في الآية.. فهو يدل على أنه (ص) لم يجتهد، وهو خلاف الظاهر فإنه اجتهد في الحروب وحرم ما أحل الله (التحريم 1) وأذن لمن لم يأذن له الله (التوبة 43). وعلى ما ثبت فإن الآية لاتدل عليه” ج 28 ص 244 .
وأما أن الحديث النبوي مبين للنص الموحى وشارح له ومفصل لآياته، فإن الله تعالى يصف كتابه الكريم بالوضوح والإبانة والهدى في عشرات الآيات، فيقول (يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم) النساء 176، ويقول (ألر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير) هود1.
وأم أن الحديث متمم ومكمل للتنزيل فهذا يفترض النقص وعدم الاكتمال في كتاب الله تعالى، بينما يقول تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي) المائدة 3.
وأما أن القرآن أحوج للسنة من السنة للقرآن، فهو تحويل للفرع إلى أصل، وتحويل الأصل إلى فرع، لايقول به عاقل، ناهيك عن سوء الأدب الواضح في العبارة بحق الله تعالى وكتابه.
وأما ما زعمه الإمام الشافعي من أن الحديث النبوي هو الحكمة التي أشار إليها تعالى في الأحزاب 34، فيكفي أن نسأل المدافعين عن هذا الزعم اليوم عن معنى قوله تعالى عن المسيح (ع) (ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل)، فإن قالوا أنه تعالى يعلم عيسى الحديث النبوي المحمدي، كان هذا محالاً. وإن قالوا أنه يعلمه الحديث النبوي العيسوي لزمهم أن يأمروا الناس باتباعه، وهذا محال أيضاً. وقل مثل ذلك في قوله تعالى عن داوود (ع) (وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء)) البقرة 251 وقوله عن لقمان (ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر الله) لقمان 12. ويبقى أن نبين أن الحكمة لوحدها لا تحتاج إلى نبوة بدليل لقمان وبدليل قوله تعالى (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيرا) والحكمة لاتنقطع على إلسن الحكماء إلى أن تقوم الساعة. وميزة الحكمة أنها مقبولة إنسانياً لذا لايوجد فيها أحكام شرعية مثل قول النبي (ص) ” من كان يؤمن بالله واليوم والآخر فليقل خيراً أو فليصمت” هذه من الحكمة.
أخلص أخيراً إلى القول بأن تجارة الحديث النبوي ليست جديدة في جدول نشاطات رجال الدين. فها هو الخليفة الوليد بن عبد الملك يسأل الزهري: ما حديث يحدثنا به أهل الشام، أن الله إذا استرعى عبداً من رعيته كتب له الحسنات ولم يكتب عليه السيئات؟ قال: باطل يا أمير المؤمنين. أنبي خليفة أكرم على الله أم خليفة غير نبي؟ قال : بل نبي خليفة. قال: فإن الله يقول لداوود (يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب) ص 36. فهذا وعيد يا أمير المؤمنين لنبي خليفة، فما ظنك بخليفة غير نبي؟ قال الوليد: إن الناس ليغوونا عن ديننا.
بعد هذا كله نستطيع أن نقرر بكل ثقة، أن النبي (ص) مارس الشكل التطبيقي الأول – وليس الوحيد – لأحكام التنزيل الحكيم النظري الموحى، حسبما رآه مناسباً لظرفه الزماني والمكاني، وفق الأرضية المعرفية السائدة. وأن نستنتج بكل ثقة أن التنزيل لن ينتقص منه استبعاد الحديث النبوي وفقه الصحابة والتابعين وتابعيهم، ولن يتسبب ذلك في عدم فهمه، أو انهياره أو تفريغه من محتواه كما يزعم البعض. وأن نتبين بكل وضوح أننا إذا سلمنا جدلاً بأهمية الحديث النبوي في شرح وبيان التنزيل الحكيم، فإن ما بين أيدينا من كتب حديث وفقه لا تمثل مطلقاً السنة النبوية باعتبارها تطفح بالمتناقضات والاختلافات، مما يدل على أنها ليست من عند الله بشهادة قوله تعالى (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيرا) النساء 82.
لقد أحسنت يا أخي جمال بقولك ” لو اقتلعنا السنة من الفكر الإسلامي لما بقي شيء هناك” إنما يلزمه بعض التوضيح. لو تم ذلك لما بقي شيء من الفكر الهاماني الرسمي، ولما بقي لفقهاء السلطان مصدر رزق يتكالبون عليه ويفرضون أنفسهم به على الناس. لو تم ذلك لما بقي لهم عمل أو دور، فهم أساساً لايفهمون من المقاصد الإلهية والآيات سوى ما يكرس بقاءهم حراساً بالقوة على جسور العلاقة بين العباد وربهم، ولا يمر في الاتجاهين شيء إلا بإذنهم. لو تم ذلك سيعود الناس للإشتغال بكتاب ربهم وقراءته قراءة معاصرة، ولن يشغلهم عن قوله تعالى أقوال أبي هريرة وكعب الأحبار وتميم الداري وغيرهم.
يبقى أن نقف قليلاً لنلقي نظرة على النظام المعرفي الذي أسسه الشافعي في القرن الثاني الهجري، والذي يعتقد الأخ جمال أنه قائم على قدسية النص كلغة ليست من صنع البشر، وأن كل محاولة لاختراق هذا النظام المعرفي لابد ستقود إلى انهيار هذه القدسية فيتحول القرآن إلى نص من صنع بشري شأن كل الكتب المقدسة الأخرى.
وليسمح لي أخي جمال بداية أن أصوغ العبارة كما أفهمها أنا. فالإمام الشافعي ليس له نظام معرفي من صنعه. الأنظمة المعرفية ليست من صنع أحد بعينه بل تتبع التطور التاريخي للإنسانية ككل، إنها بالنسبة للفكر كالمدارس بالنسبة للفنون، وكما أن في الفنون مدرسة انطباعية وتجديدية واتباعية ورومانسية ورمزية سريالية، كذلك في الفكر، هناك أنظمة معرفية متعددة متطورة أو متخلفة.
لقد أرسى الإمام الشافعي قواعده المعرفية، ووضع أصوله، وبنى فقهه في التنزيل الحكيم والحديث النبوي، منطلقاً من عدد من الأرضيات:
– اللغة العربية عند مقدسة ليست من صنع البشر بل هي توقيفية من صنع الله تعالى، ولا يحيط بها إلا نبي.
– لم يفرق الشافعي بين النص النظري المطلق الموحى، وفهم الناس التطبيقي النسبي لهذا النص، وتفاعلهم معه في زمن التنزيل. فهذا عنده هو ذلك. والفرق الوحيد أن التنزيل الحكيم نص يتعبد به أما البقية فلا يتعبد بهم أما المعنى فهذا هو ذاك.
– أجاز رواية الحديث بالمعنى، منطلقاً من إقراره بالترادف، فصرفه ذلك عن ملاحظة الفرق بين الكتاب والقرآن والذكر، وبين الرسول والنبي، وبين الأب والوالد، وبين اللوح المحفوظ والإمام المبين، كون أن الشافعي شاعر وقيل أنه حفظ عشرات الآلاف من أبيات الشعر وهو ما زال طفلاً والشعر لايعيبه الترادف ولا يعيبه الكذب ولا يحتاج إلى مصداقية وهذا منع الشافعي من أن يفرق أيضاً بين المصطلحات الآنفة وغيرها.
– اعتبر الحديث النبوي وحياً، صادراً عن نبي معصوم لاينطق عن الهوى. وكان لابد بالتتالي من اعتبار أن علماء الحديث قاموا بما قاموا به توفيقاً من الله لتطبيق قوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون).
اعتبر أن ما جاء في الكتاب الكريم وفي السنة النبوية (وهي عنده الأحاديث التي كانت تعد مئات الألوف في زمنه) وفي فعل الصحابة وأقوالهم (الإجماع)، كاف ليحل مشاكل الإنسانية إلى أن تقوم الساعة.
– أجاز قياس ما لم يرد في الكتاب والسنة والإجماع على ما ورد فيها، وهذا هو عمل العقل عند الشافعي.
– نتيجة لعدم تفريقه بين المقامات الثلاثة لمحمد (ص) كرجل وكنبي وكرسول، فهو لم يفرق بين سنة رسولية شمولية واجبة الطاعة، وسنة نبوية ظرفية للإستئناس، ولم يفرق بين الأمر بطاعة الرسول الواردة في التنزيل، وطاعة النبي التي لم يأمر تعالى بها، وبين طاعة الرسول متصلة مع طاعة الله (وأطيعوا الله والرسول)وطاعة الرسول منفصلة عن طاعة الله (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) والذي ما زال كل علماء المسلمين يصرون إصراراً شديداً على الدمج بين الطاعتين لأن هذا الاعتراف يهز عروشهم.
– ونتيجة لتحويله العقل إلى أداة قياس، وإغفاله المتغيرات الزمانية والمكانية في حياة الناس على مر السنين، فقد أقفل عملياً باب الاجتهاد، وصار الخروج عن حرفية الأصول الأربعة عنده، وعند التقليديين السلفيين اليوم، رأياً وبدعة تستوجب الحد الشرعي للابتداع.
– ونستطيع بكل ثقة أن نستنتج مما تقدم، أن الإمام الشافعي، بدلاً من أن يؤسس لأصول حنيفية مرنة تستطيع مواكبة واستيعاب حركة التاريخ – وأعني حركة الزمن -، وتحقق مصداقية الصفة العالمية للرسالة المحمدية، وتثبت صلاحية التنزيل الحكيم لكل زمان ومكان، فقد جمَّد التاريخ بفترة بعينها، واختزل الجغرافيا عند رقعة بعينها، وحكم على العقل أن يكون سلفياً تقليدياً إلى يوم الساعة، ثم جاء بعده من أضاف إلى أصوله بنداً جديداً هو فقه الأئمة، فصرنا إلى ما نحن عليه اليوم . وهكذا نرى أن العقل العربي الإسلامي هو عقل قياسي (Stereo). والعقل القياسي لايبدع بل هو مقلد ويحتاج إلى أصل (Prototype) للقياس عليه. وبالتالي لاينتج أي معرفة. ومشكلة جامعاتنا كلها أنها تنتج خريجين ولا تنتج معارف. لذا فنحن بحاجة إلى إصلاح فكري ثقافي أو قل ثورة فكرية.
والأخ جمال – ومثله كثيرون – رغم أنه حصر سؤاله في الجانب اللغوي من التنزيل الحكيم، يخشى في الحقيقة أن يؤدي اختراق المنطلقات الشافعية التي أوردت بعضها آنفاً، إلى انهيار الإسلام الموحى إلى النبي (ص)، وإلى التشكيك بأن التنزيل من صنع البشر. وأنا أقول: لاتخافوا على كتاب الله.. فإن مصداقيته موجودة في داخله (كلام الله) وفي خارجه (كلمات الله) ولن يؤثر عليها شيء إلى أن تقوم الساعة.. ولا تخافوا أن تتحدوا به الغرب والشرق بعد أن تجردوه من إطاراته وتفاسيره التقليدية السلفية .. وإذا ساوركم الخوف فاعلموا أنه نتيجة الشعور بالدونية الذي اعتاد الهامانات أن يزرعوه فينا عبر القرون. اقرؤوا كتاب ربكم بأنفسكم.. وافهموه بعين اليوم.. فهو قابل للفهم دائماً.. واستأنسوا بما فهمه منه الآخرون إنما لاتجعلوا من فهمهم السلفي إماماً لكم.. سوف تعترضكم إشكاليات.. وستقعون في بعض الأخطاء.. حاولوا أن تبحثوا عن أجوبة لها بأنفسكم.. ولا تخجلوا أن تصححوا خطأً وقعتم فيه فالرجوع عن الخطأ فضيلة.. واعلموا أنكم معنيون شخصياً بكل أمر ونهي ورد في كتاب الله تحت عنوان (يا أيها الناس) أو تحت عنوان ( يا أيها الذين آمنوا) .. اعرفوا الرجال بالحق ولاتعرفوا الحق بالرجال.. ولا تقولوا كما قال بعضهم ” رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب” فالحقيقة المطلقة أكبر كثيراً من أن يحيط بها مخلوق، وإحاطتنا كمخلوقات لاتكون إلا نسبية منسوبة إلى أرضيتنا المعرفية وإشكالياتنا المعاشة.

الاسم متأمل البلد

أوجه لأستاذنا الكبير السؤالين التاليين:
1. في بحث معنى “الذي بين يديه” والذي تطرقتم له في كتابكم “الكتاب والقرآن” وجدت المنطق والأقناع في طرحكم بأن ” القرآن هو الآيات البينات وهو تصديق الذي بين يديه (تصديق الرسالة)” ، ولكن ماأشكل علي هو الآية التالية والتي هي في صلب الموضوع وهي قوله تعالى:﴿ قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين﴾(البقرة97). “فالضمير” حسب فهمي المتواضع لايعود على القرآن كما في الآيات الأخرى وكما أوضحتم، وإنما يعود على”جبريل” ،فالخطاب على لسان الرسول في قوله: “قل” ، ولو كان المقصود الذي بين يدي الرسول لقال تعالى:”الذي بين يديك”. وإذا كان جوابكم سيدي بأن الضمير يعود على “القرآن” فلماذا أنهى سبحانه الآية بكلمة “المؤمنيين” بينما أفهم من طرحكم بأنه سبحانه عندما يتكلم عن “القرآن أو يعود الضمير عليه” يستخدم لفظة تشمل المؤمنين وغير المؤمنين، عكس “الكتاب” . أرجو التوضيح سيدي ولكم الشكر.
2. الآ يكفينا القرآن لنستنبط منه الأحكام والحدود والأخلاق وهو كل مانحتاج إليه كمسلمين مصداقاً لقوله تعالى:﴿ ما فرطنا في الكتاب من شيء ﴾ . وهل هناك سبب أكبر من “السنة أو الأحاديث” أدى إلا هذا لإختلاف والتشرذم بين المسلمين .
ألآ ترى إن النهج الذي طرحتم بخصوص ” تقسيم الأحاديث الشريفه إلى أحاديث النبوة وأحاديث الرسالة.و تقسيم أحاديث الرسالة إلى أحاديث ملزمة بالنص والمضمون معاً والمتعلقة بالعبادات والحدود والأخلاق “السراط المستقيم” وأحاديث ملزمة بالمنهج فقط” . هذا الطرح لا يحل المشكلة من جذورها بل هو إمتداد للإخطاء التي وقع فيها البشر منذ الأزل وأقرب الأمثلة على ذلك هو تحريف اليهود، والنصارى لدينهم ، وتبعناهم نحن المسلمين بالتحريف ولكن ليس “بالكتاب” المنزل لأنه محفوظ، ولكننا وجدنا البديل لنمارس كبشر مهمة التحريف في الأحاديث . ولكم جزيل الشكر .

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى الأخ متأمــل :
للحق والإنصاف أقول إن السؤالين يليقان فعلاً بمتأمل، ولا يصدران إلا عن عقل متفكر متدبر، يقرأ كتاب الله كما يجب أن يقرأ. تقول الأخبار أن امرأة دخلت على الصحابي ابن أبي ليلى وهو يقرأ في سورة هود، فقالت: ” أهكذا تقرأ هود يا عبد الرحمن، إني والله فيها منذ ستة أشهر ما فرغت” .
في الإجابة على السؤال الأول، عن معنى (الذي بين يديه) في قوله تعالى (قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقاً لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين) البقرة 97، نحن أمام مسائل. مسألة فعل (قل)، ومسألة الضمائر في التنزيل الحكيم عموماً، ومنها في هذه الآية خصوصاً. ومسألة العداوة لجبريل.
أما الهاء في قوله تعالى ( بين يديه) في هذه الآية تحديداً، فتعود على جبريل. تماماً مثل الهاء الأولى في قوله تعالى (فإنه نزله) أما الهاء الثانية فتعود على التنزيل، وبذلك يستقيم معنى الآية.
وأما عداوة جبريل – التي يعتبرها تعالى في الآية 98 كعداوة لله – فمشهورة عند اليهود لأسباب يعتقدونها، منها أنه ملك القتال والشدة وهذا أحد أسباب ما يشيعه اليهود عن الرسالة المحمدية من أنها دين العنف والسيف. ومنها أنه أمر أن يجعل النبوة فيهم فجعلها في غيرهم. وهذا أحد أسباب عداوتهم لمحمد (ص) لكونه من نسل إسماعيل وليس من نسل إسحاق.
وأما مسألة فعل (قل) كما ورد في أول الآية ففيه إشكاليتان. الأولى: معنى الآية بوجود فعل قل ، ومعناها بحذفه هل هو واحد؟ وقد طرح العقيد القائد معمر القذافي هذا السؤال على علماء المسلمين فلم يجبه أحد. فحين يقول تعالى لنبيه ورسوله (قل هو الله أحد)، فالمنطق اللغوي يقضي بأن يقول (هو الله أحد)، تماماً مثلما إذا أمرك أحدهم ” قل لا إله إلا الله” فأنت تقول ” لا إله إلا الله”. وهذا ما طرحه القذافي وما زال دون جواب. الثانية هي أن فعل (قل) فعل أمر، أي فعل تكليف بالقول، ومع ذلك فالآيات التي تتضمن هذا التكليف الآمر، لاتوجد فيها أحكام. بمعنى آخر هناك كثير من الآيات المتشابهات، تعتبر متشابهات رغم ورود فعل الأمر (قل) فيها. كقوله تعالى (قل هو الله أحد) الإخلاص1، الواضح أنها خالية من حكم شرعي.
لقد وردت كلمة (قل) ، (فقل) ، (وقل) 332 مرة في التنزيل الحكيم، منها 186 مرة في أوائل الآيات. ولم نجد بعد التأمل أي فرق في المعنى بين وجودها في أول الآية أو ضمنها. فقد تأتي كلمة (قل) في آية تبدأ بـ (يسألونك) كما في الإسراء 85، أو تبدأ بـ (ياأيها النبي) كما في الأحزاب 28، 59. وقد تأتي في أول الآية كما في يس 79. ولا فرق في المعنى بين الموضعين:
ويسألونك عن الروح —– قل الروح من أمر ربي . الإسراء 85 .
قال من يحي العظام وهي رميم — قل يحييها الذي أنشأها أول مرة يس 78 ، 79 .
حتى أننا وقفنا عند الآية 16 من سورة الرعد التي تحوي خمسة أوامر بفعل (قل).
نحن لسنا مع القائد القذافي في جواز حذف قل من آيات التنزيل. لأن المسألة لها علاقة من جانب آخر بمسألة الضمائر في كتاب الله تعالى. فعلينا أن نميز فيه بين عدة حالات. أولها كلام الله المباشر بين طرفين متكلم ومخاطب ولا يوجد ثالث بينهما، مثالها قوله تعالى (فلما أتاها نودي ياموسى * إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى* وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى* إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري) طه 11-14 . وهذا النوع من الخطاب المباشر لم يحصل إلا مع موسى، ولهذا قال تعالى فيه (وكلم الله موسى تكليما) النساء 164، وقال تعالى (قال ياموسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي) الأعراف 144. ولا يتعدى 3 –4 صفحات من التنزيل ، ودخل في الإمام المبين كحدث تاريخي مثل قصص الأنبياء في القرآن. ثانيها كلام الله تعالى غير المباشر منقولاً منه كمتكلم إلى المخاطب عن طريق رسول بينهما، أي وسيط ، هو جبريل. ومثالها قوله تعالى (وإنه لتنزيل رب العالمين* نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين) الشعراء 192 – 194 . ونحن هنا أما ثلاث ذوات: الذات الإلهية، وذات جبريل، وذات محمد (ص) . ختمها تعالى مبيناً أن التنزيل جاء بلسان عربي واضح، وإذا أردنا فهم من يتكلم مع من، وأردنا تحديد المتكلم والمخاطب والرسول بينهما في النص القرآني فعلينا الرجوع إلى الضمائر في اللسان العربي. هذه الضمائر التي لها علاقة بمنطقية الخطاب وبتحديد المشاركين فيه، وليست لها أية علاقة بالبلاغة والبديع كما يتوهم البعض. فنحن نقرأ قوله تعالى (الله لا إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم) البقرة 255، ونتساءل من المتكلم هنا؟ المخاطب هنا هو محمد (ص)، لكن المتكلم لايمكن أن يكون الله، وإلا لاقتضى أن يقول “الله لا إله إلا أنا الحي القيوم لاتأخذني سنة ولا نوم”، تماماً كما في حالة الكلام المباشر مع موسى في سورة طه. ونفهم أن هذا قول جبريل منقولاً عن ربه، بدلالة ما نص عليه تعالى صراحة بقوله (إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين) التكوير 19 –21. وهذه الطريقة في الخطاب غير المباشر عن طريق رسول بين المتكلم والمخاطب هي الطريقة التي اختص بها تعالى نبيه ورسوله محمد (ص)، وهي إحدى ثلاث طرق يكلم بها تعالى الناس أوضحها بقوله (ما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يرسل رسولاً فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم) الشورى 51.
هناك صيغتان أو شكلان في حالة الكلام غير المباشر الذي يتوسط فيه جبريل بين الله والنبي. الأولى أن يقول تعالى لجبريل ” قل لمحمد أن يقول أنا الله أحد” فيقول جبريل لمحمد (ص) طبقاً للسان العربي (قل هو الله أحد) وهي جملة مقول القول في الحالة الأولى لفعل قل الأول المحذوف. الثانية أن يقول تعالى لجبريل ” قل لمحمد أنا الله أحد ” فيقول جبريل لمحمد (ص) طبقاً للسان العربي ” هو الله أحد ” وهي جملة مقول القول في الحالة الثانية لفعل قل الأول المحذوف.
نخلص بعد هذا إلى أن كل العبارات التي يسبقها فعل قل في التنزيل الحكيم إنما هي أمر من الله تعالى لجبريل ليقول لمحمد (ص) أن يقول كذا. وأن كل هذه العبارات تمثل مداخلات من الله تعالى على النص الموحى المأخوذ من اللوح المحفوظ والإمام المبين معاً إنما لا علاقة لها بأم الكتاب لأنها ليست أحكام رغم وجود فعل أمر فيها.
ثمة أمر آخر يمنع من حذف أو إسقاط فعل (قل) هو أن المعنى يختلف بين إبقائها وحذفها، ويجعل ما سميناه مداخلات يختلط مع القصص القرآني المأخوذ من الإمام المبين. ففي سورة الأعراف مثلاً تبدأ الآيات من الآية 102 إلى آخر الآية 157 تحكي عن قصة موسى وفرعون وخروجه بقومه وتكليم الله له في الوادي المقدس، ثم تأتي الآية 158 مباشرة بعدها لتقول (قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعاً، الذي له ملك السموات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت ..) ثم يعود بعدها مباشرة من أول الآية 159 إلى آخر الآية 171 للحديث عن تتمة قصة موسى وقومه. ولقد فهمنا بدلالة فعل قل في أول الآية أن هذه الآية مداخلة معترضة في قصة موسى موجهة بفعل قل إلى محمد (ص)، ولو حذفنا فعل قل لاختلط الأمر بقصة موسى ولتوهم القارئ والسامع أن موسى هو النبي الأمي المرسل إلى الناس جميعاً.
نعود إلى مسألة الضمائر في التنزيل الحكيم التي لابد من فهمها لتحديد المتكلم والمخاطب والرسول الناقل في النص القرآني، ونستعرض بعض الأمثلة:
1 – يقول تعالى (ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك) الأعراف 143. فالمتأمل يفهم أن الهاء في (كلَّمه) تعود على موسى، وكذلك الهاء في (ربه)، ويفهم أن الياء في (أرني) تعود على موسى أيضاً، وأن الكاف في (إليك) تعود على رب موسى. فما معنى ضمير الجمع (نا) في (لميقاتنا) وعلى من يعود؟ أتراه يشير إلى أن لجبريل دور في تحديد الموعد المضروب ومكانه؟ ويشير إلى أن جبريل كان حاضراً حين كلم الله موسى تكليماً؟ إن هذا الفهم ليس ببعيد، بدليلين: الأول أنه تعالى اصطفى موسى على الناس برسالاته وكلامه، وجبريل ليس من الناس. والثاني قوله تعالى على لسان السامري (قال بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي) طه 96، وهذا دليل على وجود الرسول جبريل في الميقات.
2 – ويقول تعالى: (وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به نبات كل شيء) الأنعام 98. كذلك يفهم المتأمل هنا أن الضمير هو يعود على الله، لكنه مرة أخرى يقف أمام ضمير الجمع (نا) في (فأخرجنا)، وأمام القصد والمعنى الإلهي منه. أتراه يشير إلى أن لجبريل دوراً رسمه تعالى له وكلفه بإخراج نبات كل شيء؟ أي إخراج الحياة على الأرض لذا سماه روح القدس، والقدوس هو مخرج الحياة والنص المقدس هو النص الحي. تماماً مثل دور حفظ الذكر في قوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) .
لم يجد بعض المفسرين ضرورة للوقوف أمام هذه الضمائر، فكلها عندهم تعود على الله تعالى. وهذا طبيعي عند من يعتبر أن التنزيل كله من كلام الله المباشر وأنه أزلي ومنهم ابن حنبل، رغم ما فيه من كلام غيره (نوح، موسى، إبراهيم، فرعون، إبليس، داوود، الملائكة) ورغم ما فيه من أقوال قيلت قبل البعثة النبوية بقرون مثل قول أولاد يعقوب لأبيهم. ووقف بعضهم الآخر، فاعتبروه من كمال البلاغة في النص القرآني، رغم أن الضمائر في اللسان العربي لا بلاغة فيها ولا بديع، (فأنا) تعود على المتكلم المفرد (وهو) تعود على الغائب المفرد، و(نا) تعود على المتكلم الجمع وهكذا. أما البعض الثالث فوقفوا عندها ووصفوها بأنها محسنات في النص القرآني يتجلى بالالتفات من الغائب إلى المخاطب ومن المفرد إلى الجمع. لكنني أرى فيها أكثر من ذلك بكثير. وهل 99% من آيات التنزيل الحكيم التفات.؟
يبقى ختاماً للإجابة على السؤال الأول أن أشرح لماذا ختم تعالى آية البقرة 97 بقوله (وهدى وبشرى للمؤمنين). أقول: الكتاب كأحكام هدى للمتقين. والقرآن كعلوم هدى لناس مؤمنين وغير مؤمنين. وقد وظَّف تعالى القرآن كعلوم تثبت نبوة محمد (ص) لتصديق الكتاب كرسالة خصه تعالى بها. بعد أن أرسله بشيراً ونذيراً، بشيراً للمؤمنين ونذيراً لغير المؤمنين. والبقرة 97 تتحدث عن التنزيل الذي نزل به جبريل على قلب النبي (ص) بقسميه وتصف هذا التنزيل بأنه (هدى وبشرى) وكان لابد مع ذكر البشرى من ذكر المؤمنين ليفهم القارئ والسامع أن الهدى للناس غير المؤمنين، وليرتبط المعنى في ذهنه مع قوله تعالى (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين) الإسراء 9. وهذا لايتعارض مع ما قلته في كتابي.
أما بالنسبة لسؤالك الثاني فأقول:
لقد قال تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شيء) الأنعام 38. ففيه كل ما نحتاجه كمؤمنين من أحكام وحدود وأخلاق. وقد أدى تدوين الحديث النبوي وروايته بالمعنى – مع عدد من الأسباب الأخرى – إلى تشرذم الأمة المحمدية واختلافها وانشغالها عن كتاب ربها، الذي كان واضحاً في تصور عمر بن الخطاب حين رفض وضع الحديث النبوي في كتاب، وواضحاً في تصور الإمام مالك، حين رفض حمل الناس بالقوة أيام أبي جعفر المنصور على اعتماد موطئه المشهور.
ونحن حين ندعو إلى التفريق بين السنة الرسولية والالتزام بوجوب طاعتها، والسنة النبوية والاكتفاء بالاستئناس بها، لانخرج أبداً عن النصوص الصريحة في كتاب الله تعالى عن طاعة الرسول. وهذا في رأيي يحل مشكلة خطيرة ما زلنا نعيشها إلى اليوم. على ألا ننسى أن هناك دائماً طبقة هامانات تنتفع من إبقاء الأمور على حالها، تتعاون مع الفراعين على تعطيل العقل وفرض الخنوع والسكونية بكل المتاح لها من أسلحة، ستقاوم هذه الأفكار وترفضها وتكفر أصحابها.
أما عن خوفك من الوضع والتحريف – وكلاهما واقع الآن وموجود – فلا تخف كثيراً على كتاب الله المحفوظ من قبله، فإنه قادر على الوقوف في وجه تجار الحديث النبوي وواضعيه ومحرفيه. وهناك معايير كثيرة ذكرناها في أكثر من موضع لكشف الوضع والتحريف، ولبيان المقاصد السلطوية التي يتم توظيف الأحاديث من أجلها.

الاسم كريم البلد

ارجو التكرم بالرد على بعض استفسارات لدي
لم اجد لها اجوبة وهي كما اعتقد ، انها مغفلة عن قصد غير بريئ ..!
– الم يكن لمحمد العربي القرشي المتحدر من بلاد الشام منذ عهد قصي مشروع سياسي قبل نبوته وما هي بعض الدلائل إن كان ذلك واردا ..
وهل بمقدورنا القول :
ان الرسالة ، حققت حلم العرب في وحدتهم السياسية التي كانوا يتوقون اليها بعد احساسهم بالقوة وانتصارهم في معركتين :
حرب ” الفيل ” وحرب ذي قار …؟
وعلى هذا :
هل تعتقد ان اشكالية عدم فهم التفسير والتأويل ومنذ 1200 عام مضت حتى اليوم هو من اشكالية عدم إدراكنا لذلك الأمر الذي ترافق مع اسقاطنا لدراسة ” الفكر السياسي ” عند العرب
الذين عبر عن طموحاتهم ذلك القائد النبي (ص) ونجح في احداث تغيير ” ثورة ” محركها ” الدين الجديد ” . ..؟؟
– وهل تعتقد ان سقوط العصر الأموي اسقط الدين ” الفكر ” من يد العرب بعد ” سرق ” منهم ! وقدم الينا في قوالب جديدة مختلفة بدأت منذ ان بدأ ابو مسلم الخرساني بوضع اساس لتنظيمه السري مرورا بالدول التي تلت : الدولة البهوية والسلجوقية مرورا بعصر المماليك ثم العثمانيون ..؟؟
لك الشكر سيدي الكريم …
وشكر خاص لإدارة منتدى طوى الرائع
ولكم التحية والسلام .

البريد الإلكتروني التاريخ 23/12/03

إلى كريــم :
– لا أشك أبداً في وجود رؤية سياسية – إن لم نقل مشروعاً سياسياً – معينة لدى حفيد قصي قبل اصطفائه رسولاً من قبل الله تعالى. وهناك العديد من الدلائل عليها، لعل أبرزها وأوضحها خبر اختلاف وجوه قريش حول إعادة الحجر الأسود إلى مكانه من الكعبة بعد الترميم، والحل الحكيم الذي ارتآه الصادق الأمين وقتها. أما خبر اشتراكه مع أعمامه في المعارك وجمعه النبال لهم، فيدل على أنه لم يكن بعيداً عن الأنشطة الاجتماعية لقبيلته.
لكن اهتمام التراث في سيرته النبوية، بأحداث ما بعد اصطفائه رسولاً، وإهمال ما قبله نسبياً، جعل من الصعب الحكم بوجود أو عدم وجود مشروع سياسي لدى محمد (ص) قبل النبوة. ولقد كتب في هذا الموضوع كاتبان هما سيد القمني وخليل عبد الكريم، وكلاهما غطاه بشكل واف. فتحدث السيد القمني عن الحزب الهاشمي ومشروع الدولة، وتحدث خليل عبد الكريم عن حياة محمد (ص) قبل البعثة، وبحكم قراءاتي في هذا المجال لا أؤكد ولا أنفي ما ورد عن الكاتبين.
– إن بمقدورنا القول بأن الرسالة المحمدية حققت حلم العرب في وحدتهم السياسية، بقيام دولة مركزية لأول مرة في شبه جزيرة العرب، أما مسألة أن ذلك جاء نتيجة لإحساسهم بالانتصار في ذي قار والفيل، فلا أستطيع الجزم بذلك.
– إن إشكالية الخلط بين النبوة والرسالة وبين النبوة والملك، وإشكالية تحويل القرارات السياسية إلى شرع ودين، إشكاليات ليست جديدة على الفكر العربي. فأبو سفيان يخلط بين النبوة والملك، فيقول للعباس “لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً” . وخلط كبار الصحابة بين الدين والسياسة، فإمام الجماعة في المسجد منذ عصر أبي بكر يجب أن يكون رئيس الدولة. وبعد وفاة النبي (ص) تمت أسلمة جميع القرارات السياسية فثارت بذلك الخلافات والحروب، وسفكت الدماء. وما زلنا إلى اليوم لانفرق بين النبوة والرسالة والملك.
لقد أنشأ محمد (ص) – بالمفهوم السياسي المعاصر – بدءاً من بداية دعوته حزباً جديداً من أتباعه من المؤمنين، أشار إليهم تعالى بقوله (يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين) الأنفال 64. ومارس قيادة الدولة من مقام النبوة لا من مقام الرسالة، وقامت الدولة على أيدي أتباعه المؤمنين أعضاء الحزب المحمدي، ومن هنا سمي أميرهم أمير المؤمنين بينما سميت الخزينة المركزية بيت مال المسلمين، لوجود رعايا في الدولة من يهود ونصارى ليسوا من أتباع محمد، ويساهمون في تمويل الدولة بما يدفعونه من ضرائب.
كانت للعصبية العربية التي حكمت الفكر السياسي خلال الفترة الأموية، وغياب الفهم النبوي القائل “لافضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود إلا بالتقوى” أثر كبير في اضطهاد الأمويين للموالي وجعلهم مواطنين من الدرجة الثانية، مما كان له بالتالي دور هام في الثورة العباسية، فجاء أبو مسلم الخراساني ليضع أول لبنة من لبنات سحب السلطة من يد العرب، وتابعه بعد ذلك البويهيون والسلاجقة والمماليك والعثمانيون.
ولا ننسى أن بدايات العصر العباسي شهدت تحول الإسلام إلى مجموعة علوم دينية، ووضع الأسس والأصول لهذه العلوم واكتمال صياغتها التي بدأت في العصر الأموي، فأصبحت المرجع الأساسي لعلوم الدين الإسلامي ولا أقول للإسلام. فالإسلام الذي ندافع عنه اليوم والذي يعرض بالفضائيات وفي الكتب وضعت أسسه في العصر الأموي وتم إكماله وصياغته في بداية العصر العباسي. وقد صور لنا الفقهاء أن انهيار هذه الأسس أو نقدها تعني انهيار الإسلام وخرابه، وسموا هذه الأسس ما هو معلوم من الدين بالضرورة وهذا غير صحيح. فانهيار هذه الأسس يعني أن هناك أسس جديدة عصرية تتناسب مع نظم المعرفة المعاصرة وتستجيب للإشكاليات المعاصرة.

الاسم أبخص الشيوخ البلد

1-اليوم .. وبعد مرور أكثر من عام على احداث الحادي عشر من سبتمبر ، كيف تقرأ هذه الحدث ؟
2- وكيف ترى انعكاس هذا الحدث على الخطاب الاسلامي والحركات الاسلامية ؟؟؟
3- كيف تتوقع اتجاه العلاقة بين الغرب و الإسلام على ضوء هذه الاوضاع ؟
4- ” عقيدة الولاء والبراء ” ، كيف ينظر لها أستاذنا الكريم ؟؟
5- ماهو الفرق بين ” المنع ” و ” التحريم ” من وجهة نظركم ؟؟
6- ” التعدد ” ، هل بالإمكان إلغاءه بقرار سياسي كما سمعت عن سعادتكم ؟؟
7- المستوى النحوي والمستوى المنطقي والمستوى الابلاغي لآيات القرآن الكريم ، كيف نستطيع الإلمام بها والوصول إلى تفسير وتأويل أقرب للصحة من غيره ؟
8- المرأة السعودية على وجه الخصوص ، وإنطلاقاً من وضعها ” الخاص ” …. ماذا ينقصها لكي تحصل على كل حقوقها المشروعة ؟؟
9- ألم يفكر الدكتور شحرور بإنشاء موقع خاص له على النت يستطيع من خلاله التواصل مع الكثير من طلابه ومريديه حول العالم ؟؟؟
مع خالص شكري وتقديري لسعادة الدكتور / محمد شحرور

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى أبخص الشيوخ :
1ً و2ً – أحداث 11 سبتمبر، ستبقى في رأيي أهم أحداث تقع من حيث منعكساتها على العالم الغربي من جهة وعلى العالم العربي والإسلامي من جهة أخرى. وأرى أنها جاءت نتيجة عدة عوامل منها:
آ – استيلاء السلطة السياسية على السلطة الدينية، مما أدى إلى ظهور حركات دينية متطرفة تحاول الاستئثار بالسلطتين معاً بالقوة وباسم الدين. وليس غريباً أن نجد أن مركز القاعدة – كحركة دينية متطرفة – هو في أفغانستان، حيث توحدت السلطتان السياسية والدينية تحت لواء طالبان بقيادة أمير المؤمنين الملا عمر.
ب – اعتماد القائمين بأحداث 11 سبتمبر على مرجعية تراثية سلفية تعتبر الاغتيالات جزء من الدين كاغتيال كعب بن الأشرف مثلاً. وتعتبر سلب الآخرين أيضاً جزء من الدين كالاستيلاء على قافلة قريش مثلاً. هذه الأمثلة وغيرها أحداث سياسية وقعت في زمنها ولها ما يبررها، لكن المشكلة أنها تحولت عندهم إلى دين وشرع يبرر اتباعه انطلاقاً من القياس عليه. فكل عمل قاموا به، وجدوا له في السيرة النبوية أو في كتب الحديث أو في أخبار الصحابة مرجعاً يبرره. والطريف أن مرجعيتهم هذه هي ذاتها مرجعية كل السلطات الرسمية الدينية التقليدية السلفية في عالمنا العربي والإسلامي، ومن هنا لم يستطع وفد علماء الدين الذين ذهبوا إلى أفغانستان قبل أحداث 11 سبتمبر إقناع طالبان بعدم نسف تمثال بوذا الأثري، بل على العكس، فقد أقنعتهم طالبان بأن نسفه ينسجم مع مناهجها وكتبها التي لاتختلف أبداً عن كتب الأزهر ومناهج كليات الشريعة والدعوة الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي.
ج – انطلاقهم من أن كل القرارات السياسية والعسكرية والاجتماعية التي صدرت عن النبي (ص) والصحابة والأئمة والفقهاء، قرارات تشكل جزءاً مهماً في الشرع الإسلامي.
د – الموروثات الثقافية التاريخية المغلوطة التي لاتسمح لأية علاقة ود أن تنشأ مع الآخرين. فالملايين تقرأ سورة الفاتحة عشرات المرات يومياً، وكلهم يعتقدون أن المغضوب عليهم هم اليهود وأن الضالين هم النصارى، ناسين أنهم أهل كتاب وأهل ذمة، وأن بيننا وبينهم عهود لايجوز النكث بها ومواثيق لايجوز خرقها. أضف إلى ذلك أن الخلط بين الإسلام والإيمان جعلهم يتوهمون أن المسلمين هم أتباع محمد (ص) فقط، وبما أن الله لايقبل ديناً غير الإسلام، فإن كل باقي الخلق ما عداهم في النار.
هذه النظرة العدائية المتعالية في أساس تراثنا كافية لتحويل شخص مثل ابن لادن إلى عدو متطرف لأهل الغرب، فإذا أضفنا إليها موقف الغرب نفسه وسياساته ومؤامراته للهيمنة على الشعوب العربية والإسلامية، وأضفنا إليها تراثاً غربياً يزرع الكره بدوره في صدور كثير من أهل الغرب علينا، كانت النتيجة حتماً ما رأيناه منذ عام في أحداث 11 سبتمبر، وما شهدناه بعدها من متواليات.
المشكلة هي أن هذه الثقافة الموروثة، التي أسميها الثقافة الطالبانية، هي السائدة المنتشرة بين معظم المتدينين، الذين وقعوا ضحية المصادرة الفكرية والثقافة المريضة لرجال الدين عبر عشرات المحطات الفضائية التلفزيونية، وعشرات الكتب، وعشرات المراكز التي تطلق على نفسها زوراً وبهتاناً اسمر مراكز دراسات إسلامية، بينما هي لاتدرس بالفعل إلا ماضيها ولا تجتر إلا نفسها وهي ليست أكثر من مأوى عجزة وصدق من قال بأن الإسلام يقع بين جهل أبنائه وعجز علمائه.
هـ – القناعة المغروسة لدى معظم المتدينين بأن المصائب والمتاعب في الدنيا لا تصيب إلا فئتين: فئة الخطاة وعليهم الاستغفار، وفئة أحبة الله وعليهم الصبر لأن الله عندهم لايبتلي إلا أحبابه. إضافة إلى أن العمل في الدنيا يلهي عن الآخرة وعن العمل لها، ناسين أن الدنيا مزرعة الآخرة، وأن العمل في إقامة جنة بالدنيا هو ذاته الذي يبني جنة الآخرة.
3ً – إن اتجاه العلاقة بين الغرب والإسلام في ضوء هذه الأوضاع غير مشجع. ولكن بما أن الخير والشر متداخلان في الدنيا، فلكل أمر وحادث مهما كان نوعه وجه إيجابي ووجه سلبي، فأنا أرى من ايجابيات أحداث 11 سبتمبر أنها سرّعت في فتح عيون الناس على أن الإصلاح الديني بات أمراً ضرورياً لا غنى عنه، ولا يجوز تأخيره أو تقديم أمر آخر عليه، وأن الأوان قد آن لإعادة النظر في الموروثات والأصول والمناهج، فنحن بأمس الحاجة إلى عملية إعادة تأصيل، ضمن نظم معرفية معاصرة، لا إلى عملية ترقيع ضمن مفاهيم تاريخية شكلتها الخبرات الزائلة.
4ً – لقد سبق أن فصلت القول في جوابي لأحد السائلين، فتلطف بالرجوع إليه.
5ً – في الإجابة تفصيلاً على هذا السؤال، أنظر كتابنا الرابع ” نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي” ص 167 وما بعدها تحديداً، وشكراً لك. وانظر الإيجاز في جوابنا على سؤالك التالي.
6ً – إن كان المقصود بسؤالك عن التعدد، هو التعددية الزوجية، فالجواب نعم يمكن إلغاء التعددية ومنعها بقرار سياسي إن لم يتحقق فيها الشرط الإلهي المنصوص عنه في النساء 3، تماماً مثل الرق الذي ألغي بقرار سياسي. إنما يبقى هذا المنع لا يحمل الصفة الشمولية الأبدية كالتحريم الإلهي. وليس ثمة ما يمنع أن يصدر قانون في سوريا مثلاً يمنع تعدد الزوجات، تماماً كما صدر قانون يحدد الحد الأدنى لزواج المرأة ب 18 سنة، ويمنع زواج من هن دون ذلك. ولكن هذا المنع لايعني التحريم. وكذلك الأمر في تعدد الزوجات، الذي إن منعناه بقرار سياسي، ثم خالفه رجل بزواجه مثنى وثلاث ورباع، فهو إنما يخالف قانوناً يستوجب الغرامة مثلاً أو السجن، ولا يرتكب محرماً. أي أننا لايمكن أن نسمي زواجه الثاني والثالث زنا، أو فاحشة. يبقى أن نشير إلى أن المنع – كما قلنا – لايحمل صفة الشمولية والأبدية، كما هو حال التحريم، فقد يتم إلغاء المنع في حال تغير موجباته، وهذا بالضبط ما فعله النبي (ص) في مسألة زيارة النساء للمقابر وفي مسألة أكل لحوم الحمر.
7ً – الجواب على سؤالك كلمة واحدة هي ” بالعلم ” ، فالنبي (ص) في حكمته يقول: ليس فينا إلا عالم أو متعلم (قول مقبول إنسانياً ولا يوجد فيه حكم شرعي) . والحكيم العربي يقول: العلم بالتعلم والحلم بالتحلم. والعلم في الحكمة النبوية يشمل جميع العلوم الطبيعية والإنسانية، ولا ينحصر في علم نواقض الوضوء ومفسدات الصيام كما يزعم الإمام النووي في كتابه “التبيان” .
8ً – لكي تحصل المرأة السعودية على حقوقها كاملة، يجب أن تؤمن أولاً بأن لها حقوقاً، وبأن لها دوراً في بناء المجتمع لايمكن القيام به من خلف الأسوار. فاحترام المرأة لنفسها يجبر الآخرين على احترامها. والحصول على الحقوق لايكون فقط بالمطالبة بها، فالحقوق عموماً تؤخذ ولا تعطى. لقد قاد السادة العلماء المجتمعات في العالم الإسلامي – وليس في السعودية فقط – إلى النظر للمرأة على أنها مخلوق: ناقص العقل والدين.. سبب الفتنة والمشاكل .. ومقر الخطايا والآثام .. كل ما فيها نجس وحرام حتى صوتها.. ولا تصلح للتأديب إلا بالضرب.. علماً أن هذا كله جاء من ثقافات قديمة دخيلة لا وجود لها في الشرع الحنيف الحق.
لقد أعطى الله تعالى المرأة حق المساواة بالرجل في عشرات الآيات حتى في الإرث سوّى بين الذكور والإناث في المجموعات لا في الأفراد. إضافة إلى حقوق كثيرة كانت تتمتع بها في العصر النبوي، حق التجارة والعمل، وحق التعلم والتعليم، وحق الإعتراض على قوانين السلطة، وحق أن تختار زوجها وأن تزوج نفسها. وحق المشاركة في القضاء شاهدة ومحامية وقاضية. ثم جاءت المذاهب وجاء الفقهاء، وجاء معها الانغلاق تحت عناوين: درء المفاسد .. وسد الذرائع.. والإبقاء على الفتنة نائمة. وما ينقص المرأة السعودية هو أن تعمل لتثبت أنها أهل لذلك كله.
9ً – لقد فكرت – كما يقول السؤال حرفياً – بأمور كثيرة، من بينها إنشاء موقع خاص بي على الـ (نت). ومن بينها إنشاء مركز دراسات إسلامية، أو معهد خاص أعلّم فيه لراغبين كيف يقرؤون كتاب ربهم وكيف يتعاملون مع تراثهم. لكن هذا كله يحتاج إلى أماكن ومواقع.. ويحتاج إلى تجهيزات وأجهزة.. وإلى اختصاصيين متفرغين متنورين ذوي أدمغة غير مغسولة.. وهذا كله بالتالي يحتاج إلى تمويل ودعاية وإعلانات، وأنا لا أملك ما يكفي لتمويل هذه الأفكار من جهة، وأعرف من جهة أخرى أن الحصول على تمويل من أي مصدر كان سيحكم عليَّ بالتبعية لهذا المصدور بشكل أو بآخر.
إن ما قمت به حتى الآن، من إصدار كتب، ونشر مقالات، واشتراك في الندوات، كلفني الكثير مما أكسبه من عملي في التدريس والهندسة، يعلم الله وحده أنني ما قصدت إلا وجهه، والإمكانيات الفردية غير المتفرغة لا تستطيع أن تحقق مهما بلغت أكثر مما تحقق. المؤسف الذي يبعث على المرارة، هو أنني وجدت تجاوباً لدى المنصفين من المثقفين في مؤسسات الغرب وجامعاته، لم أجده بتاتاً في بلادي الإسلامية التي كرست كتبي لها بالأساس.
وأنا أشكر منتدى ” طوى ” على استضافتي في موقعه، وقيامه بما لم تجرؤ جامعة إسلامية على القيام به.

الاسم push up البلد

مجموعة من الاسئلة أتمنى أن أجد أجابتها لدى الدكتور محمد شحرور ..
1- في كتابك الاسلام والايمان .. فسرت قوله تعالى ” إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصاري والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ” البقرة 62
فسرت هذه الآيه بقولك ..
” من هذه الآيات وغيرها كثير ، نفهم أن الاسلام هو التسليم بوجود الله ، واليوم الآخر ، فإذا اقترن هذا التسليم بالإحسان والعمل الصالح ، كان صاحبه مسلماً ، سواء أكان من أتباع محمد ( الذين آمنوا ) أو من أتباع موسى ( الذين هادوا ) أو من أنصار عيسى ( النصاري ) أو من أي ملة أخرى غير هذه الملل الثلاث كالمجوسية والشيفية والبوذية ( الصابئين ) ” أنتهى .
أستاذي الكريم سؤالي هو حول تفسيرك لقوله تعالى والصابئين بأنهم أتباع الديانات المجوسية والبوذية والشيفية !!
سيدى من المعلوم بأن بعض المذاهب الاسلامية عرفت الصابئة بأنهم هم الصابئة المندائيون وهم أتباع النبى يحيى ..
وقد أعتبرهم أبو حنيفة النعمان من أهل الكتاب ممن تحل ذبيحتهم ..
وهنا ياسيدى لنكات لبعض مواقعهم والتى تبين دياناتهم .. والتى تتشابه بشكل كبير مع الاسلام في كثير من التشريعات ..
http://www.mandaeans.org/framelow.htm

http://www.mandaeans.org/religion.htm

http://www.mandaeans.org/history.htm

فما هو رأيك ؟
2- سيدى الكريم من المعروف بأن البوذية والمجوسية ديانات لا تعترف بوجود الله في السماء ولا توحده فكيف نعتبرهم من المسلمين حسب تعريفك للاسلام ؟
لمذا نساهم الله و لم يرسل لهم أنبياء ورسل ؟ وكيف هو حسابهم يوم القيامة !!
3- أتمنى أن نقرأ لك تفسير متكامل للقران الكريم .. فهل سيكون في الطريق ؟

البريد الإلكتروني التاريخ 23/12/03

إلـى push up :
1 – المشكلة الخطيرة في إسقاط ما قاله التراث حرفياً على النص القرآني، ومحاولة إلباسه معان بعيدة عن واقع العصر، تكمن في ما ينتج عن ذلك. فالقول مثلاً بأن الترتيل هو تلاوة القرآن بصوت حسن وضبط مخارج حروفه، وجواز توقيعه على الألحان الموسيقية، كما يذهب صاحب كتاب “الحاوي”، سينتج لنا بالضرورة نقابات ومؤسسات “لقراء القرآن الكريم”، يتقاضى أحدهم في العرس أو المأتم أكثر مما يتقاضاه طبيب جراح خلال شهر كامل.
قد لايجد البعض أي خطأ في القول بأن الصابئين المشار إليهم في آية البقرة 62 هم أتباع يحيى (ع) المندائيون، كما تقول أنت، أو هم الصابئة من أهل حران، كما يقول المقريزي، أو هم عبدة النجوم والكواكب في منطقة أو أخرى، أو هم الصبَّة من أهل العراق كما تقول المعاجم، خصوصاً إن كان في الواقع التاريخي القديم ما يؤيد ذلك.
لكنك تشعر وأنت تقرأ هذه الآية، وآية المائدة 69، وآية الحج 17، وآيات أخرى كثيرة غيرها، بمصداقية قوله تعالى لنبيه الكريم (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) وبهذه الروح “العالمية” التي تشيع في ثنايا الآيات. فإذا افترضت معك ومع من يقول بأن (الذين آمنوا) هم أتباع محمد (ص)، وأن (الذين هادوا) هم أتباع موسى، وأن (النصارى) هم أتباع عيسى، وأن (الصابئين) هم أتباع يحيى، فسينتج لدينا في المحصلة أنه تعالى يقول في الآية عن نصف الخلق تقريباً أو أقل أو أكثر، فأين الباقي؟! ألا يحق لمستنكر – إن كان ذلك كذلك – أن يتساءل: ما هذا التنزيل الذي يزعم أنه هدى للناس ورحمة للعالمين، ثم يهتم بنصف الناس في منطقة الشرق الأوسط تحديداً، ويترك الباقي؟!
هذا الشعور بعالمية الرسالة المحمدية فرض علي أن أعود في فهمي للآية إلى المعنى الأصلي لكلمة (الصابئين. فالصابئ أساساً هو الخارج من دين قومه. وحين كان يدخل شخص في دين محمد (ص) أيام الدعوة الأولى، كانوا يقولون في مكة: صبأ فلان. أي خرج من دين آبائه إلى دين آخر. وحين أفترض أن الصابئين هم كل ما عدا أهل الرسالات الثلاث، أكون قد حافظت على معنى العالمية في آيات الله تعالى، وجعلتها تشمل كل أهل الأرض، تماماً كما ينبغي للتنزيل أن يكون. أما إنهم مجموعة من الناس من أتباع يحيى ممن تحل ذبيحتهم، فهذه نظرة شوفينية ضيقة الأفق للتنزيل لانقرها.
2 – أخالفك في قولك (من المعروف بأن المجوسية والبوذية لا تعترف بوجود الله). من قال هذا؟ المعروف خلاف ذلك تماماً. فجميع العقائد الدينية من عبدة النار وعبدة الأوثان على اختلاف مسمياتها تؤمن بوجود خالق أعظم – كل منها على طريقتها وحسب تصورها – تتجه إليه بالعبادة والتقديس والبخور والقرابين. أما مسألة ما هي الطريقة الأصح والتصور الأصدق الأقرب إلى الحقيقة، فقد حصر تعالى الفصل فيها بذاته الإلهية يوم القيامة، بقوله (إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة إن الله على كل شيء شهيد) الحج 17.
علينا في البوذية مثلاً، أن نفرق بين بوذا والإله الخالق. فالبوذي يعرف تماماً أن بوذا ليس خالق السموات والأرض، ويعتبره مثلاً أعلى ومعلماً أول يهدي إلى درب السعادة الأبدية، وكذلك في المجوسية والشيفية والبراهمية.
إن لكل أمة من الأمم تصوراً للإله الخالق، وثقافة، تختلف عن تصورات وثقافات الأمم الأخرى. ومهما اختلفت التصورات وتعددت الأسماء فهي تشير في النتيجة إلى معبود بعينه. وليست أسماء مثل “لوغوس” عند اليونان، و “رع” عند الفراعنة، و”اللات” عند العرب، و “جوبيتر” و “شيفا” و “يهوه” إلا أمثلة لما نقول.
لقد ميزنا في كتابنا الثالث ” الإسلام والإيمان ” بين التسليم بوجود إله معبود والتصديق برسول بعينه. كما ميزنا بين المسلم والمؤمن والمشرك والكافر والمجرم، والناس في الأرض لايخرجون عن هذه الفئات الخمس. فالإنسان إما أن يكون مسلماً مؤمناً يسلم بوجود الله واليوم الآخر ويعمل ما يفيد الخلق ويؤمن بأحد رسله تعالى، أو أن يكون مشركاً يسلم بوجود الله واليوم الآخر لكنه يجعل له شركاء أو شفعاء، أو أن يكون كافراً يسلم بوجود الله في أعماقه لكنه ينكر ذلك ويغطيه لسبب أو لآخر، أو أن يكون مجرماً قطع كل صلة له بالخالق المعبود معتبراً أنه غير موجود.
إنما يبقى الفصل بين هؤلاء جميعاً – حسب الحج 17 – محصوراً بالله تعالى وحده يوم القيامة.
3 – ليس في ذهني أن أضع تفسيراً متكاملاً للقرآن الكريم. ولا أنصح أحداً أن يفعل. وما نراه اليوم من تفاسير حديثة تصدر هنا وهناك، تحت أسماء متعددة كالتفسير المفيد والتفسير الواضح والتفسير المختصر، ليست أكثر من تفاسير تراثية تكرر ما قاله السلف إنما بغلاف جديد وباسم جديد .. وليس فيها أي جديد.
قد تجدني في كتبي، أتعرض ضمن سياق أو آخر، لبعض آيات التنزيل الحكيم، وأنقد الفهم التراثي في التفاسير لها، وأبين ما فهمته أنا منها، ضمن مستوياته الثلاثة: اللغوي والمنطقي والإبلاغي. ولكن يبقى هذا شيء، والتصدي لوضع “تفسير متكامل” للتنزيل الحكيم شيء آخر. فالتنزيل فيه الرسالة وفيه النبوة، وثمة موضوع واحد من مواضيع التنزيل هو نظرية المعرفة، والعلاقة بين الوجود في الأعيان وصور الموجودات في الأذهان، ما زالت الإنسانية تعمل فيه إلى اليوم، ناهيك عن عشرات المواضيع الأخرى. كالعلاقة بين النظرية والتطبيق، أي بين النص الثابت الموحى والفهم النسبي له، ومتى يكون هذه هذا، ومتى لا يكون.
سأقف عند مثال واحد هو قوله تعالى (ويل يومئذ للمكذبين * انطلقوا إلى ماكنتم به تكذبون * انطلقوا إلى ظل ذي ثلاث شعب * لاظليل ولا يغني من اللهب) المرسلات 28-31. وأتساءل هنا كيف يمكن أن يكون الظل ذا ثلاث شعب؟ والصورة هنا حسب الظاهر حقيقية لا مجاز فيها تتحدث عن شيء مادي هو الظل. والظل كما تعرفه علوم الفيزياء هو مرتسم الأجسام الحاجبة للمنبع الضوئي. ولا يمكن أن يكون الظل ثلاثي الشعب إلا إذا وجدت ثلاثة منابع ضوئية . ثلاثة شموس مثلاً، تماماً كظلال اللاعبين في ملعب كرة قدم تنيره المصابيح الكاشفة من مختلف الجهات. لكن هذه الصورة حسب الآية موجودة في جهنم، حسب فهم التراث لها ولكننا نعلم الآن أنه في مجرتنا وفي مجرات أخرى يوجد كواكب فيها أكثر من شمس وبالتالي يوجد أكثر من ظل وهذا موجود الآن وهو غير ظليل لأنه إذا وقفت تحت كل منبع ضوئي أتاني اللهب من منبع آخر.
باختصار أنا غير قادر على وضع تفسير متكامل للتنزيل الحكيم، ولا أنصح أحداً أن يتصدى لذلك، لأن التصدي كما قال تعالى للراسخين في العلم كمجموعة لا كفرد.

الاسم غوركي البلد

الى أي مدى يمكن ان نضخ دماء الحداثة في شرايين الاسلام الهامدة
وهل لا سبيل إلا عبر الخطاب الديني !
حتي لو كان خطابا دينيآ تنويرآ !
ام نستطيع ان نكرر لحظة الحداثة الاوربية بتجاوز او( خلق العلمانية الاسلامية) ان صحت العبارة

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى غـوركـي :
ثمة ثلاثة محاور أساسية ذات فروع، يدور حولها سؤالك، أولها إلى أي مدى يمكن ضخ الحداثة في شرايين الإسلام الهامدة. ثانيها دور الخطاب الديني المتنور في هذه العملية، ثالثها تكرار لخطة الحداثة الأوربية بخلق علمانية إسلامية.
إن أية محاولة تحديث لابد من أن تمر من بوابة نقد المسلمات الثقافية والفكرية الموروثة. ليجد الناقد المنادي بالتحديث نفسه وجهاً لوجه أمام هامانات التقليد السلفي الذين لايفرقون بين الإسلام والمسلمين، أعني بين النظرية والتطبيق، وينطلقون من أن كل ما يفعلونه ويقولونه ويكتبونه هو عين الإسلام علماً أنه هو الإسلام التاريخي المصاغ في القرن الثاني الهجري، وبالتالي فكل نقد يوجه إليهم إنما هو نقد لله ورسوله في زعمهم.
وأنا أرى أنه لاسبيل إلى ضخ الحداثة في الشرايين الهامدة إلا عن طريق الخطاب الديني المتنور، لأن الدين هو المكون الأساسي للثقافة العربية بكل أبعادها . ومن هنا فأنا أنادي – باعتبار الهمود والتقهقر الذي يلف الثقافة العربية – بأن الإصلاح الثقافي وبالتالي الديني مطلب ملح قبل أي إصلاح سياسي. فالحرية والدستور والدولة العصرية والآخر والتعددية الفكرية والقضاء والقدر، مفاهيم غائبة عن العقل العربي الجمعي، ولا بد لها من تحديث وتجديد وإعادة نظر في أصولها.
ومن هنا بدأت تتبلور الدعوات إلى التحديث عن طريق خلق علمانية إسلامية، يتم فيها تحييد الدين، تشبيهاً بما حدث في عصر النهضة الأوربية. وتأتي أهمية الخطاب الديني المتنور في هذه الدعوات، من كونها دعوات متعددة تختلف في القصد والمعنى رغم وحدة الاسم من مجموعة إلى أخرى. فالماركسيون مثلاً لهم رؤية في العلمانية الإسلامية، والماديون من المتشبعين بالثقافة الغربية لهم رؤية أخرى مختلفة، والمتدينون المتشربون للفكر الغربي لهم رؤية ثالثة.
من حيث المبدأ – في ضوء تفريقنا بين الإسلام والإيمان، وفي ضوء تفريقنا بين النص المطلق الموحى وفهمه النسبي تطبيقياً – لايمكن في الإسلام فصل الدين عن الدولة، أو فصله عن السياسة، من حيث كونه قيم عليا ووصايا. إنما يمكن فصل الإيمان عن الدولة والسياسة، من حيث كونه شعائر. وهو في واقع الحال مفصول بالفعل، فالدولة لا علاقة لها بالصلاة والصوم والحج والزكاة لكنها ليست مفصولة عن المجتمع. في الجانب الآخر، جانب الإسلام كما عرفناه في كتابنا، فالدولة والسياسة لها علاقة مباشرة بالوصايا والمثل العليا التي لايمكن لأي مجتمع أن يعيش بدونها، وهي قيم ووصايا إنسانية عالمية غير قابلة للتصويت. إذ على السياسيين أن يلتزموا القيم والوصايا في كل ما يفعلونه على الصعيد الداخلي والخارجي، فلا كذب ولا غش ولا شهادة زور ولا حنث باليمين ولا عدوان على حريات الآخرين. ومن هنا يلزم وجود حرية الصحافة والمعارضة والرأي الآخر لمراقبة التزام السياسيين بهذه القيم والوصايا، وكشف من يتعداها ويعتدي عليها. وإن صيغة المعارضة وحرية الصحافة هي أحسن صيغة توصل إليها الإنسان لممارسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
إن ما حدث في عصر النهضة الأوربية لايمكن تكراره حرفياً في المجتمعات العربية والإسلامية لعدد من الاعتبارات. لكن التحديث كما أراه يجب أن يبدأ على المستوى الثقافي الفكري، وأول خطواته التفريق بين الإسلام والإيمان وأركان الإسلام وأركان الإيمان لنتمكن بعدها من رسم الحدود بين الدين والدولة. وفي أوربا أيضاً جرى الإصلاح الديني على يد مارتن لوثر قبل الإصلاح السياسي.

الاسم ياسر عظيم البلد

في حديثه عن عذاب القبر تحدث الشيخ الكبيسي عن قبر البرزخ وأن لا عذاب في قبر الدنيا ……إنما هي الروح التي تُعذّب ولها قبرها ، ما رأي الدكتور شحرور حول عذاب القبر استناداً على مادته ومنهجه ؟
في موضوع آخر للشيخ الكبيسي قال أن نار المسلم والمؤمن ( المعذبان ) تختلف عن نار الكافر والمشرك ولا مكان للمؤمنين في نار جهنّم ، ما رأي الدكتور شحرور حول العذاب وجهنّم والفصل بين المسلم والكافر في نأرين مختلفتين حسب رأي الشيخ الكبيسي ؟

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى ياسر عظيم من كنــدا :
أما عن عذاب القبر، فقد شرحته وافياً في كتابي الأول “الكتاب والقرآن / قراءة معاصرة” من خلال التفريق بين النفس والروح. تماماً كما تفرق اللغة الإنكليزية بين ال soul والـ spirit . فالله تعالى يقول عن الروح (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي) الإسراء 85. ويصف تعالى جبريل بالروح الأمين في كتابه الكريم كما يصف عيسى بن مريم بأنه (كلمة الله وروح منه). أما النفس، من حيث ما يهمنا منها هنا، فيقول فيها تعالى (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) الزمر 42. ونفهم أن الوفاة تتم حسب التعبير القرآني على شكلين:
آ – الموت .
ب – المنام أثناء النوم.
والمنام هو الوفاة في حالة الحياة وليس النوم. فالإنسان قد يرى في منامه أشياء بهيجة تهبه سرور النفس أو يرى أشياء محزنة تورثه عذاب النفس، ولا علاقة للروح بذلك، فالروح أصلاً ليست سر الحياة، بل سر الأنسنة وسر الوعي والمعرفة والتشريع.
ففي لحظة الموت تماماً، بغض النظر عن كيفيته، يرى الإنسان أشياء إما سارة أو غير سارة، تبقى كالمنام إلى أن تقوم الساعة، فإن كانت سارة، كان كقوله تعالى (فإما إن كان من المقربين * فروح وريحان وجنة نعيم) الواقعة 88-89 . وإن كانت غير سارة، كان كقوله تعالى (وأما إن كان من المكذبين الضالين * فنزل من حميم * وتصلية جحيم) الواقعة 92-94. وهذا كله لا علاقة له بالجنة أو بالنار أو بالقبر، ويبقى ثابتاً إلى أن تقوم الساعة. نقول لا علاقة لها بالجنة والنار لكونهما ستوجدان بعد قيام الساعة، ونقول لا علاقة لها بالقبر، لأن هناك أعداداً كبيرة من الناس لا قبور لهم، يموتون حرقى أو غرقى أو ممزقين بالانفجارات. ومن هنا يقول تعالى (النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب) غافر 46. وهذا المنظر الثابت قبل قيام الساعة لا علاقة بالقبر ولا بمنكر ونكير ولا بالشجاع الأقرع الذي يدخل قبر الكافر، أضف إلى ذلك أن تعذيب إنسان قبل الحكم عليه يوم الحساب خدش واضح للعدل الإلهي. من هنا، فإن مقولة أنكر ونكير، وعذاب القبر، وأهوال وصور الترهيب قبل يوم القيامة – كما نراها شائعة في كثير من كتب السلف التراثية – لا علاقة لها إطلاقاً بالتنزيل الحكيم، فكلها من اختراع القصاصين في المساجد أمثال تميم الداري وغيره، وكلها دخلت على الفكر الديني من ثقافات الأمم القديمة. فعذاب القبر حسب التعبير القرآني أو نعيمه بالنسبة للميت هو كالمنام بالنسبة للحي، ومن هنا قال تعالى عن يوم الساعة (كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها) النازعات 46.
وأما ما يقوله المشايخ عن قبر البرزخ وقبر الدنيا.. وعن تعذيب الروح .. وعن اختلاف نار المؤمن عن نار الكافر.. فأقل ما يقال فيه إنه رجم بالغيب دون دليل، شأن كل تفصيل أو تأويل عن الجنة والنار والقيامة والحساب لم يرد ذكره في التنزيل الحكيم، وأنه مجرد محاولات لإثبات أنهم يعرفون ما لا يعرفه الناس، وإثبات أنهم من أولياء الله المكشوف عنهم الحجاب.

الاسم طلال البلد

سيدي الكريم:
هل يعقل ان يكون مصير اليهود والنصارى هو جهنم بحسب تفسير بعض المسلمين – كالسلفيين (الوهابيون) الذين يكفرون بقية الديانات-؟
وإن لم يكن مصيرهم هو جهنم؛ فهل يكون كذلك الامر مع العصاة من المسلمين ممن يؤمنون باالله وملائكته وكتبه …الخ ولكنهم لايصلون ولايصومون ولايؤدون هذه الشعائر ليس جحودا وانما كسلا ونسيانا وغفلة؟
لماذا يثيب الله عباده بالجنة ويعذبهم بالنار مقابل عبادته من عدمها ؟اليس في ذلك تحريض للبشر على المادية في العمل مقابل الثواب؟
هناك من السلفيين في السعودية من يكفرون بقية الفرق الاسلامية الاخرى كالشيعة والصوفية وغيرهم؟ فهل الوهابية من وجهة نظرك عي افضل أو أصفى مذهب ديني قريب الى الله كما يقولون لنا ؟
والسلام

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

بسم الله الرحمن الرحيم
السيد طلال :
قال تعالى: (إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولاهم يحزنون) البقرة.
إن الشرط الأساسي لدخول الإسلام هو الإيمان بالله واليوم الآخر على أساس أنها مسلّمة والمسلَّمة بالمفهوم العلمي هي الأطروحة التي لايمكن البرهان عليها علمياً كما لايمكن دحضها علمياً، ولهذا سميت مسلَّمة ومن هنا جاء دين الإسلام، وجاءت مسلمة الإسلام من الفطرة، لأن الإنسان في أي مكان عاش وفي أي مجتمع يسأل من أين أتى وكيف أتت الموجودات حوله ويرى الموت بعينه فيسأل إلى أين المآل؟. فهذان السؤالان يسألهما الإنسان بالفطرة ومن يقوم الإسلام على ايمان التسليم بالله واليوم الآخر. وفي هذا يتساوى آينشتاين وبائع الفول والطعمية فلا يحق لأحد أن يقول أن العلم يدعو للإيمان وكذلك لايحق لأحد أن يقول أن العلم يدعو للإلحاد..
فالايمان بالله واليوم الآخر هو مسلَّمة يختارها كل إنسان بمحض ارادته واختياره إن كان عالماً أو جاهلاً .
فكل من آمن بالله واليوم الآخر دخل الإسلام رغم أنفي وأنف السلفيين ، فإذا أضاف إليهما العمل الصالح أصبح مسلماً صالحاً ، فإذا أضاف إلى إيمانه بالله واليوم الآخر الإيمان بمحمد ( ص ) أصبح من المسلمين المؤمنين.
وإذا أضاف إلى إيمانه بالله واليوم الآخر الايمان بموسى (ص) أصبح من المسلمين الذين هادوا . وإذا أضاف إلى إيمانه بالله واليوم الآخر الايمان بعيسى (ص) فهو من المسلمين النصارى . لذا لم يسمِّ التنزيل الحكيم اليهود والنصارى أديان وإنما سماهم مِلل ( ولن يرضى عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم ) فهناك دين واحد هو الإسلام تبعيته لله سبحانه وتعالى ، وهناك ملل مختلفة حسب تبعيتها للرسول، ولماذا سمى أتباع محمد (ص) المسلمون المؤمنون لأنهم يؤمنون بالرسل جميعهم. ومن هنا نرى أنه في التنزيل نوعان من الإيمان أو قل إيمانين : إيمان التسليم (1) وإيمان التصديق (2) فنحن نؤمن بالله واليوم الآخر تسليماً ونؤمن بمحمد (ص) وبرسالته تصديقاً لاتسليماً فنحن نسلِّم بالله واليوم الآخر، ونصدق بأن محمداً رسول الله . لذا فمصداقية الرسالة المحمدية تخضع للبرهان وللتصديق. وعلى أتباع الرسالة المحمدية البرهان على مصداقية هذه الرسالة. وإعلم أن ( لا إله إلا الله) رأس الإسلام (الركن الأول من الإسلام) لوحدها لاغبار عليها ولانقص فيها، وأن محمداً رسول الله (وهي الركن الأول من أركان الإيمان) لوحدها غير مقبولة أصلاً. وإن أطروحة (الإسلام يجب ما قبله) غير صحيحة، ولايوجد شيء قبل الإسلام. لذا يجب تصحيح الأطروحة إلى ( الإيمان يجبّ ما قبله ) ، ألم تسمع قوله تعالى (والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم ) ( محمد1 ) أي يمكن أن يكون هناك إسلام بلا إيمان ، ولكن لايمكن أن يكون هناك إيمان بلا إسلام. ومشكلتنا نحن العرب أننا ندعوا الصحوة الإيمانية صحوة إسلامية. علماً بأن الصحوة الإسلامية غير موجودة أصلاً. فنرى أن الإيمان الأول : الذين آمنوا وعملوا الصالحات: وفيها تقوى الإسلام في الوصايا ( الصراط المستقيم ـ المرحمات )
الإيمان الثاني: وآمنوا بما نزل على محمد : كفر عنهم سيئاتهم (وفيها تقوى الإيمان ـ التكاليف والشعائر )
وإن علينا أن ننظر لأهل الأرض بمستوى الإسلام وهو المستوى العالمي ، لامستوى الإيمان وهو المستوى المحلي الضيق. وعند الالتباس في هذين المستويين كفَّرنا معظم الناس وأرسلناهم إلى جهنّم منذ الآن .
أما فيما يتعلق بعبادة الله، فالله لا يعبد في المساجد ـ وعلى رأسها المسجد الحرام ـ ولا الكنائس ولا الكنس ولا البيع ولا الصلوات . في هذه يذكر الله ويُحب ، ولكن لايعبد . أما عبادة الله فلا تكون إلا بالصراط المستقيم ، قال تعالى (ألم أعهد إليكم يابني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين) .
(وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم) يس . (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة) لاحظ أن إقامة الصلاة ليست أصلاً من عبادة الله .

الاسم مليكان الزمان البلد

– هناك من يضع حدودا للعلاقات الزوجية بين الزوجين، كالمماريسات غير التقليدية بينهما ؛ فهل هذا هو مايريده الله ولماذا؟
وهل تعتقد ان مؤسسة الزواج قد ادجلت دينيا بحيث تستغل من هذا الجانب بحيث يعتبر الزواج فقط (لاكمال الدين) او (للستر من الله) وانجاب الاطفال (للتكاثر الاسلامي) وغير ذلك من المبررات المؤدلجة..؟
2- سمعت أن زوجتك ترتدي الحجاب. ولاادري ماهو مبرر وجود الحجاب ولاسيما ذلك النوع الذي تغطي فيه المراة شعر راسها؟هل هناك سر في شعر الراس لايعرفه سوى المسلمين؟
الا ترى ان الحجاب المقصود به ان ترتدي المراة لباسا غير عاري يكشف صدرها او فخذيها؟

البريد الإلكتروني التاريخ 26/5/03

إلى : ( مليكان الزمان )
إن العلاقة بين الزوجين علاقة مودة ورحمة ولا تكون إلا إذا كانت علاقة مبنية على عواطف حب متبادلة بين الزوجين . والإنسان هو الكائن الوحيد الذي يمارس الجنس لامن أجل الإنجاب ولكن من أجل المتعة. وكل من يقول أن الهدف من الزواج هو الإنجاب فهو رجوع بالعلاقة بين الزوجين إلى علاقة بهيمية. فالبهائم تمارس الجنس من أجل الإنجاب فقط وعندما يحصل الحمل يتوقف الجنس تماماً. والقول بأن الأنثى للإنجاب والعناية بالأطفال وكفى. فإن أنثى البهائم أيضاً تنجب وتعتني بالأطفال. أما الإنسان فالمرأة إلى جانب كونها أنثى فهي إنسان عاقل أيضاً له كرامته ورأيه وقناعته، وفي هذا فرّق الله سبحانه وتعالى في التنزيل بين الوالدة والأم، والوالد والأب . فحرم نكاح الأم حين قال (حرمت عليكم أمهاتكم) ولم يقل (والداتكم) . فالوالدة لها معنى بيولوجي وهي صاحبة البويضة. والوالد هو صاحب الحيوان المنوي. أما الأم والأب فيضاف إليهما المعنى الإنساني في التربية والرعاية الواعية . وفي هذا فإن نسب الإنسان إلى أبويه (الأم والأب) وليس إلى والديه. وقد يكون الوالد أباً وقد لايكون. وقد تكون الأم والدة وقد لاتكون. وفي هذا نقول عن عائشة (أم المؤمنين) وليست (والدة المؤمنين) . أما القول أن الزواج للإنجاب فهو قول مأخوذ على أساس أن الإنسان ارتكب الخطيئة الأولى بممارسة الجنس وهو أطروحة ميثولوجية ظرفية لا أساس لها من الصحة دخلت إلى وعينا من ثقافات أخرى. وكذلك تم النظر إلى المرأة من خلال مجتمع ذكوري بحت. فالفقه الإسلامي التاريخي يحتقر المرأة لأنه
فقه ذكوري. وأريد أن أسأل السادة الفقهاء إذا كان الزواج للإنجاب، فلماذا أصلاً ملك اليمين وكلنا يعلم أن ملك اليمين كان للمتعة وليس للإنجاب؟!. وكان الرسول (ص) له ملك يمين، والصحابة كلهم لهم ملك يمين. فكيف يمكن أن ننسب إلى الإسلام بأن الجنس هو للإنجاب، والحياة كلها السابقة والآن تقول غير ذلك. وكان المفروض أن يطلق الرسول (ص) كل زوجاته لأنه لم ينجب منهن وأنجب فقط من خديجة وماري القبطية .
أما بالنسبة لزوجتي فإنها ترتدي الحجاب من باب العادات والتقاليد لأنها تعودت أن ترتدي الحجاب منذ صغرها وهي لاترتديه تديناً. أما ابنتي وعمرها الآن 27 سنة ومتزوجة فهي لاترتدي الحجاب أصلاً. وللعلم فإن ارتداء الحجاب هو تعصب للعروبة وليس للإسلام. والحد الأدنى للباس المرأة تغطية الصدر والفرج والإليتين . والحد الأعلى هو تغطية الجسد كله ماعدا الوجه والكفين. ولباس نساء الأرض هو ما بين هذن الحدين وكله صحيح وحسب الأعراف والتقاليد. لذا جاءت آية الحجاب في سورة الأحزاب (ياأيها النبي قل لأزواجك ( من مقام النبوة لأنها تعليمية لاتشريعية. وبالتالي ارتداء الجلباب يخضع للظروف، وظرفي ومفهوم الجلباب أيضاً ظرفي، فالدشداشة جلباب وبنطال الجينز أيضاً جلباب.

الاسم حنان البلد

الأستاذ الدكتور محمد شحرور ..أسعد الله أوقاتك بكل خير..
يسرني أن أشارك إخواني هنا في طوى في طرح بعض الأسئلة
والاستفادة من علمك وفكرك النيّر..ولك الشكر مقدما..
_ قرأت في اكثر من موضع أن الدين الإسلامي ليس بدين مساواة..
فمبدأ التفاضل ورد في آيات عديدة من القرآن الكريم..
ما هو مفهوم المساواة من وجهة نظر الدين الإسلامي؟ وكيف يراد للعدل أن يطبق في حياة لا يوجد بها مساواة من الأساس؟
_ ما هو مفهوم العِرضْ والشرف في الدين الإسلامي ؟ وهل هو خاص بالمرأة وحدها.. سواء ما يتعلق بتصرفاتها أو تصرفات الآخرين تجاهها كما
هو المتعارف عليه حتى الآن؟
_ ذكر مصطلح ولي الأمر في عدة مواضع في القرآن الكريم.. سؤالي عن
الولاية الخاصة..هل تحديد ولي أمر لكل امرأة مطلب إسلامي حتى لو
كان أخا أصغر أو ابن؟ وهل لهذه الوصاية قدسية دينيه ؟ ولماذا تحولت
الولاية من ولآيه خاصة في زواج البكر إلى ولاية شاملة لكل أمور الأنثى
مهما كان وضعها عند بعض المسلمين؟

البريد الإلكتروني التاريخ 30/5/03

السيدة حنان :
1- بالنسبة للمساواة في التنزيل فإني أحيلك إلى بحث العباد والعبيد في كتابي (الإسلام والإيمان) هذا من ناحية. أما من ناحية أخرى فإن مفهوم المساواة المشوه في أذهاننا ورد انطلاقاً من أن القيمة الأساسية في الحضارة العربية الإسلامية هي العدالة وهي في تراثنا قيمة فردية. فنقول أن عمر بن الخطاب اهتم بالعدالة وكان عادلاً ولانقول أن النظام كان عادلاً لأنه في أذهاننا حتى اليوم يوجد تماهي بين الشخص الرئيسي والنظام لأن النظام يقوم على شخصيات، لا على مؤسسات. أما الحرية فهي قيمة أساسية وهي غير موجودة في تراثنا. فالحر في تراثنا هو عكس الرق، حتى عمر بن الخطاب حين استعمل الحرية استعملها في مقام العدالة عندما قال: متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً، استعمله حين طلب ابن القبطي العدالة. فلو عنى عمر بن الخطاب الحرية بمعناها الحقيقي كما نفهمه الآن لكان ألغى الرق، لأن الرق والحر كلاهما له أم وخضع للولادة. لذا فإن مفهومي الحرية والعدالة هي المفاهيم الأساسية الكامنة وراء الثورات كلها في العالم حتى وراء الأديان. ففي التاريخ الإسلامي كانت العدالة المشخصة بشخص أهم من الحرية. والحرية تحتاج إلى إنتاج إبداعي من المسلمين المعاصرين .
2- إذا راجعنا كتاب الله كله من أوله إلى آخره، فإننا لانجد فيه المصطلحات التالية : العرض – الشرف – النخوة – المروءة – الشهامة. مع أن هذه المصطلحات عربية فصيحة وتستعمل في حياتنا العامة وعليها تقوم حياة العرب البدو والحضر. ففيما يتعلق بهذه المصطلحات، فإن شيخ الأزهر وإمام المسجد الحرام وزعيم الحزب الشيوعي وشيخ الملاحدة في بلد عربي عندما يستعملون هذه المصطلحات فإنهم كلهم بدو بدائيين. وأحمد الله أن هذه المصطلحات غير موجودة في التنزيل الحكيم وإلا لكان التنزيل خاص بالعرب وليس لكل الناس . فعند العرب المرأة ليس لها شرف وليس لها عرض. والرجل له شرف وعرض وشرفه وعرضه في فرج أخته وابنته وأمه، فإذا قامت المرأة بعمل ما، فإن شرف أخيها والذكور من عائلتها يتلوث. أما إذا قام الرجل بعمل ما فإن شرف أخته لايتأثر. فكيف ياسادة نحاول أن نعطي هذه المفاهيم للألمان أو لليابان ؟ هذه المصطلحات بدوية بدائية محلية لاتمت إلى الإسلام وعالميته بصلة. وهي طغت على المفاهيم الواردة في التنزيل الحكيم حول المساواة بالحقوق والواجبات.
3- مصطلح ولي الأمر هو مصطلح عام في التنزيل كقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لاتتخذوا من اليهود والنصارى أولياء…) المائدة 51 وقوله تعالى: (المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض)التوبة 71. في هذا المعنى لاعلاقة للولاية بين المؤمنين والمؤمنات بالطبخ والواجبات المنزلية أو الزوجية. أما مفهوم الولاية الخاصة فهو مفهوم عربي محلي وقد تبناه النبي (ص) في الزواج، فالولاية الخاصة عبارة عن عرف محلي عند العرب تبناه الرسول (ص) وهو لايحمل الطابع الشمولي ولا الطابع الأبدي. فإذا رفضت المرأة الولاية الخاصة فهذا حقها ويمكن أن تقبل به امرأة شرقية. ولكن كيف يمكن أن تقبل به امرأة سويدية أو صينية أي لايحق لها أن تتزوج إلا بولي أمر يمكن أن يكون أبوها أو أخوها أو عمها. هذه عادة عربية جاءت من القرن السابع وما قبله، وليست شرعاً إسلامياً. ويمكن أن يتم الزواج بدونها ولا غبار عليه.

الاسم الهيصر البلد

دكتورنا الفاضل
معذرة على رجوعي للسؤال مرة اخرى
لكنها فرصة ان تكون معنى…
يقول الله تعالى
((لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ))
المائدة:93
سؤالي دكتورنا الفاضل
هذه الاية التي تأولها ابن مظعون
اليس كلمة طعموا وسياق الاية يفيد العمل القادم..المستقبلي
وليس كما كتبه اكثر المفسرين بانه ما تم عمله في السابق
هل تشرحونها لنا بشكل اوضح

سؤالي الثاني
يقول الله تعالى
((وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا))
الاحزاب:33
وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى
يوجد تبرج جاهلية اولى هذا واضح استاذنا الكريم
اذا يوجد جاهلية ثانية
القران لم يذكر الاولى عبثا وانما للترتيب
هل تعرفون تبرج الجاهلية الثانية اذا حددتموه استاذنا الفاضل
فالمنهي عنه هو تبرج الجاهلية الاولى وليس الثانية
هل تحددوه لنا حفظكم الله
( الهيصر

البريد الإلكتروني التاريخ 30/5/03

الأخ الهيصر هارب إلى الحرية :
لقد شرحت معنى هذه الآية بشكل تفصيلي في كتابي (الإسلام والإيمان) ولكن هنا (فيما طعموا) تعني كل العلاقات الاجتماعية والاقتصادية بين الناس من معاملات وزواج وطعام وشراب في السابق واللاحق. ومن هنا جاء مفهوم التطعيم وهو تداخل شيئين ببعضهما ، لذا وضع الإيمان الأول (الإيمان بالله واليوم الآخر) والتقوى الأولى تقوى الإسلام، ووضع الإيمان الثاني (الإيمان بالرسالة والنبوة) والتقوى الثانية تقوى الإيمان . ثم وضع تقوى الإحسان وهي تقوى الإسلام + تقوى الإيمان

الاسم PC البلد

الدكتور شحرور اهلا بك ….
سيدي بصراحه انا لا اعرفك الا من خلال مواضيعك ومقالاتك في الانترنت ولم اقرأ
اي من مؤلفاتك (كتبك) حتى الآن …..
عموما كاي كاتب و مفكر ….
ينتظر من القراء تقييمه و ابداء رأيهم في اعماله و فكرة الذي طرحه لهم …
وبصراحه لدي بعض التحفظات على بعض الافكار لديك ….. ولكني ايضا احببت الكثير
منها وخاصه ما يتعلق بعدم الاخذ بالنص بدون فهم لجميع ابعادة خصوصا ونحن نتعامل
م عالنص القرآني الذي هو اساس التشريع في ديننا ….
سؤالي هو : هل يكفي لتفسير القرآن الكريم الاعتماد على المعاني اللغوية للكلمات
….. ام اننا يجب ان ننظر في اسباب النزول و ما يفسر النصوص القرآنية من السنة
المطهرة حيث اني اضنك توافقني الرأي بان القرأن يفسر بالسنة ايضا ….
لو قلت بان المعنى اللغوي يكفي….. فكيف تقول في الكثير من النصوص القرآنية
التي لا يتضح معناها سوى بالنظر الى ما يفسرها في السنة وهي كثيرة ومثلكم
اعرفنا بها
واذا قلت بان المعنى اللغو هو جزء من التفسير…. فكيف تتجاهل الكثير من النصوص
الصحيحه الواردة كأحاديث في اصح الكتب بعد القرآن وهي تخالف تماما بعض ما ذهبت
اليه من تفسيراتك للقرآن
واخيرا …..هل ترى صحه الاخذ بالسنه كمصدر مكمل للقرآن للتشريع؟
انا لا اريد استخدام اسلوب الاسئلة الخبيثة التي تفترض مسبقا راي المسؤول
باستخدام طريقة اما او ….. لكني اجدني محتاجا اليها لان طريقة الحوار و
الظروف التي يتم بها قد لا تعطيني المجال للاسهاب معك و اكمال النقاش ….

البريد الإلكتروني التاريخ 30/5/03

السيد الأخ PC
بالنسبة للمعاني اللغوية للكلمات أريد أن أنوه إلى حقيقة هامة جداً وهي أن اللغة هي أداة التفكير وهي أداة الإتصال ولايملك الإنسان أية وسيلة أخرى للتفكير أو للتعبير عن آرائه أو للإتصال . فأنا أستغرب هذا السؤال تماماً. وقد سئلت هذا السؤال أكثر من مرة كما لو أن هناك أداة أخرى للتفكير الإنساني أو للإتصال الإنساني غير اللغة. فحتى الأحلام يراها الإنسان ضمن نمط لغوي، ولكن علينا ألا ننظر إلى اللغة على أنها مجموعة من العلاقات الداخلية المكتفية ذاتياً كقوانين الذرة مثلاً فهي تعمل داخلياً بوعي الإنسان لها أو بدون وعيه لها، ولكن اللغة لا تعمل إلا ضمن حامل إنساني هو الحامل الاجتماعي. وهنا تكمن مصيبة علماء النحو العرب الذين نظروا إلى اللغة كعلاقات داخلية. وعلم النحو الآن يدرس كعلم الكيمياء والفيزياء، وهذا سر رفض شباب العرب له. وبما أن اللغة لها حامل اجتماعي، الحية تتطور والمعارف الإنسانية والمجتمعات الإنسانية تتطور وتنمو وتتراكم مما يؤثر على اللغة ككائن حي.
مثلاً كلمة ( شيخ ) جاءت في التنزيل الحكيم أربع مرات على أنها الطاعن في السن ولكن من خلال التطور أضيف لها معنى (الوجيه في قومه) مثل الشيخ رفيق الحريري . أو رجل الدين وقارئ القرآن كالشيخ عبد الباسط عبد الصمد والشيخ القرضاوي .
أما بالنسبة للتنزيل الحكيم وغيره فيضاف للمعنى اللغوي المصداقية أي مطابقة الآية مع المنطق أولاً . ومع الواقع ثانياً. ولايكفي أبداً مطابقة الآية مع المنطق، لأن القضية المنطقية إما أن تكون صادقة أو تكون كاذبة، وفي كلا الحالتين منطقية. فكلمة الشرك جاءت من الشريك ومن فعل شرك ومنها جاءت الشركة والشراكة والشريك. فإذا أخذنا الآية ( الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لاينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ) ( النور 3 ) فإذا أخذنا معنى المشرك أو المشركة على أنه المشرك بالله أو المشرك بغير الله فمن الناحية النحوية لاتفرق شيئاً.
لذا فإن المستوى النحوي غير كاف لفهم الآية القرآنية، والتنزيل الحكيم كله تم إعرابه منذ أكثر من ستة قرون. وإلى الآن نعمل به ونكتشف معانيه. ولكن إذا أخذنا المشرك ونظرنا إلى الفعل الوحيد قبله وهو فعل نكح فنرى أن المشرك هو من أشرك مع زوجته بالفراش، والمشركة هي من أشركت مع زوجها بالفراش (الخيانة الزوجية). أي أن ظاهرة الفاحشة تكون:
بين زان وزانية : عازب وعازبة ، بين زانية ومشرك : عازبة ومتزوج
بين زان ومشركة: عازب ومتزوجة ، بين مشرك ومشركة : متزوج ومتزوجة
وهنا أخذت الآية مصداقيتها على أرض الواقع. فهذه الحالات الأربعة موجودة في طوكيو وفي دمشق وفي مكة المكرمة وفي لوس أنجلوس وفي كل الأرض (صدق الله العظيم) . أي عند دراسة الآية من التنزيل الحكيم علينا أن ننظر إلى المعاني اللغوية ثم إلى (صدق الله العظيم) أثناء تحليل الآية. لا أن نقولها كالببغاوات بعد أن ننتهي من تلاوة الذكر ونغلق المصحف (التفصيل أنظر كتابي الثالث / الإسلام والإيمان )
مثال آخر: يقول تعالى: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب..) جاء التعريف لأم الكتاب من الله نفسه وهو صاحب التنزيل أي :
مجموعة الآيات المحكمات ======= أم الكتاب
أي أن أم الكتاب ليست كل آيات التنزيل وإنما جزء منه، وهي مصطلح مؤلف من كلمتين وهو مصطلح جديد على العرب فوجب تعريفه، وعندما يعرف المصطلح من قبل المؤلف فلا اجتهاد
وآية (يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب) تعني أن الآيات المحكمات تخضع للمحو والإثبات وهذا ما يسمونه الناسخ والمنسوخ في الأحكام، ولم يعلموا أن هذه الظاهرة تمت خلال تعاقب الرسالات . فهناك محو وإثبات بين شرائع موسى وعيس ومحمد (ص) وبما أنه قال( وعنده أم الكتاب) يفهم أن الآيات المحكمات لاعلاقة لها بلوح محفوظ أو إمام مبين وعندما قال عن القرآن (المتشابهات) بأنه في أم الكتاب لدينا علي حكيم ، أي أن أم الكتاب عند الله والقرآن في لوح محفوظ وإمام مبين وهو عند الله علي حكيم، أي له القيومية على أم الكتاب لأنه يمثل القوانين الموضوعية .
فإذا قال أن أم الكتاب هي مجموعة الآيات المحكمات في الآيات الثلاثة محمد شحرور فقد
صدق. وإن قالها ريتشارد مورفي فقد صدق أيضاً، وإن قالها يوسف القرضاوي فقد صدق أيضاً، ولكن إن قال علماء أو جمهور العلماء أن أم الكتاب هي اللوح المحفوظ فاختلط الأمر بين المحكم والمشابه فقد أخطئوا لأنهم أقل دراية بالمنطق وبالواقع لأنهم لم ينظروا إلى الربط المنطقي والمصداقية .
أما قولك بأن كثيراً من النصوص القرآنية لاتفهم إلا بالسنة النبوية فهذه أطروحة غير صحيحة .
لسبب بسيط : إني أسامحك بـ 95 % من آيات التنزيل الحكيم وأطلب منك فقط أن تورد لي 5 من آيات التنزيل شرحت من قبل الرسول (ص) !! إنك لن تجد ! وهذا القول ليس أكثر من خدعة.
أي أنك تجد في كتب التفسير كل شيء ما عدا التفسير، تجد فيها فقه ونحو وبلاغة وبعض الأحاديث وأسباب نزول كما يدعون !!!
وهناك أحاديث جاءت في التفسير وتناقض صريح الكتاب. منها أن النبي قال بأن الفاتحة هي أم الكتاب وهي السبع المثاني والقرآن العظيم. في هذه الحالة يصبح في التنزيل الحكيم اختلاف كثير . فإذا كان الأمر كذلك فالآيات المحكمات هي الفاتحة فقط ! والآيات المتشابهات هي من أول سورة البقرة إلى آخر سورة الناس. فيصبح الصوم من المتشابه والصلاة من المتشابه والحج من المتشابه . في هذه الحالة نقع في تشويش إلى يوم يبعثون. وهذا ما هو حاصل فعلاً. أي أن العقل العربي الإسلامي الحالي عقل مشوش مليء بالتناقضات والتخريجات .

الاسم sad البلد

في كتابكم العظيم (الكتاب و القرآن-قراءة معاصرة) شرحتم رؤيتكم المعاصرة و الغير مسبوقة للكثير من الأمور، وكانت رؤية مقنعة و واضحة، و لكن هناك أمرين أرجو أن تتفضل بالتعليق عليهما:
– “الضرب للزوجة”، حيث جاء نص الآية واضحا “..و اضربوهن..”، ألم يكن من الأجدى ربط هذا الأمر بما كان سائدا في تلك الفترة من علاقة بين الرجل و المرأة بدلا من الطرح الذي وضعتموه في كتابكم؟
– “تعدد الزوجات”، كيف يتناسق تفسيركم لأية التعدد مع الواقع الفعلي للمسلمين في تطبيقهم للتعدد ابتداءا من عصر الرسول و الصحابة و حتى الآن؟ و لماذا لم ينكر الرسول صلى الله عليه و سلم التعدد حينها اذا كان المقصود به هو ما شرحتموه في كتابكم؟؟ألم يكن من الأجدى ربط هذا الأمر بمعطيات الزمن الذي تم فيه؟؟
تحياتي
sad

البريد الإلكتروني التاريخ 14/12/03

الأخ sad
لقد شرحت آية القوامة (الرجال قوامون على النساء .. الآية) وآية التعددية الزوجية بشكل واضح وتفصيلي في كتابي الرابع (فقه المرأة) في بحثين منفصلين تحت عنوان (القوامة) و (التعددية الزوجية) ولكن كل ما أريد أن أضيف أن الضرب هو فعل له معاني محمولة عليه، ولو عني به الضرب الفيزيائي أعنى كل أنواع الضرب إطلاقاً: الركل – الرفس – الهش – الصك – الصفع، أي يعني كما يقول المصريون (علقة ) قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم. ومن هنا وضع السادة الفقهاء تخريجة تقول بالضرب غير المبرح وعدم الضرب على الوجه، وهكذا فهمها الصحابة وأوسعوا زوجاتهم ضرباً حتى جاءت النساء واشتكين إلى الرسول (ص) فقال (لا تضربوا إماء الله) هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى هذه الآيات (التعددية والقوامة والإرث) وغيرها من المواضيع كثيرة وردت في سورة النساء . وكلمة (النساء) هنا جمع نسيء وليس جمع امرأة.
أي أن الأحكام التي وردت في سورة النساء لم تأت إلى رسول قبل محمد (ص) . فالأحكام المشتركة بين موسى ومحمد (ص) وردت في سورتي المائدة والأنعام. أي أن كل الأحكام الواردة في سورة النساء اُخِّرت حتى الرسالة المحمدية، لذا فهي سورة الأحكام المتأخرة (النساء).
وكذلك هناك كثير من الآيات الواردة في سورة النساء لم تطبق في عهد رسول الله (ص) لأن عشر سنوات عاشها الرسول (ص) في المدينة غير كافية لكي تستنفذ كل أحكام الرسالة الخاتم التي جاءت إلى كل أهل الأرض وإلى أن تقوم الساعة. وهذه هي المعضلة الكبرى التي نعيشها ظانين بأن كل الأحكام الواردة في كتاب الله قد تم تنفيذها واستنفاذها في عهد الرسالة. فأحكام الإرث لم تستنفذ وأحكام القوامة لم تطبق حتى اليوم، وأحكام التعددية ما زالت حتى اليوم غير مطبقة لأنها تحتاج إلى وضع حضاري أرفع من الوضع الذي نحن فيه وأرفع من الوضع الذي عاش فيه الصحابة . فكلما بعدنا عن رسول الله (ص) زماناً كلما كنا مؤهلين لفهم أحكام الرسالة وأخبار النبوة . ونحن نفهم على عكس السلفيين أن المجتمعات الإنسانية تتقدم إلى الأمام لا إلى الوراء.

الاسم خفوق الكرز البلد

د . محمد شحرور حياك الله وكل رمضان وانتم بصحه جيده.
1- مامدي مصداقية الناقل للحديث والنص القران من اللذي يستطيع الجزم بعدم التحريف..بشكل قطعي,, بمعنى ألم يتم تسييس القرأن؟
2- لعن الله النامصه والمتنمصه,,أو ما معناه علما بأن اللأئمه الأربعه أختلفو منهم من حرم ومنهم من قال للضرورة ومنهم من اباح مع الكراهه
ولكن اليس تجميلا للمراة واضهارها بمظهر حسن والله جميل يحب الجمال لقد شاهدت بعيناى بنات في عمر الورد بحواجب كثيفه بسبب الاظطرابات الهرمونيه واظطرابات الغده وكذلك نساء ارتبك لديهن الهرمون بعد الولاد او العمليه القيصريه وأصبح لديهن حواجب يرفض المنطق والمعقول وحب الجمال ان تبقي على ماهي عليه من قبح ,,, ومع ذلك تجدها خائفه ومرعوبه من ان تتجمل بسبب حديث اللعن ,,مامدي مصداقية حديث اللعن ,, ولماذا ما دام امراً بهذه الخطورة الي درجة اللعن لم يُذكر في القرأن ..؟
3- أيات كثيرة.. على سبيل المثال..
يا ايها الذين امنولا تقتلو الصيد وانتم حرم ومن قتله منكم متعمدا ..الخ”
حاليا …لا يحدث ذلك وكذلك ..الرق…و..و ..مانمر عليه الان ولا نجد استفاده منه..هو لزمان غير زماننا ..ماتعليلك ..؟

البريد الإلكتروني التاريخ 30/5/03

الآنسة خفوق الكرز / أنثى الطبيعة
1 – لقد تم تسييس بعض آيات التنزيل وخاصة في الآيات المحكمات، ومن الآيات التي تم تسييسها هي آيات الإرث. ولقد لعب الشافعي دوراً كبيراً في هذا التسييس، إذ اعتبر أن الولد هو الذكر في آية الإرث. لذا فإن الذكر يحجب والأنثى لاتحجب. ولو قال الشافعي أن الولد هو الذكر والأنثى كما جاء في آية المواريث فإن ذلك ينزع الشرعية عن الخلفاء العباسيين لأنهم اعتمدوا على الشرعية على آية المواريث. أي أن المرأة لاتحجب والذكر يحجب. لذا فإن السيدة فاطمة الزهراء لم تحجب الوراثة عن العباس عم الرسول (ص) . وعليك أن تقرئي الرسائل المتبادلة بين محمد النفس الزكية وأبو جعفر المنصور حتى تري ما معنى هذا التسييس. هذا فيما يتعلق بالتسييس. أما التسييس الحقيقي فقد جاء في الحديث النبوي أي أن السياسة هي السبب الرئيسي في ظهور علم الحديث. أما فيما يتعلق بالتحريف، فإلى الآن لا أرى سبباً يدعو أو أي دليل مادي مقنع يدعو إلى القناعة بالتحريف.
2 – أما فيما يتعلق بالنامصة والمتنمصة وخلاف ذلك، فاعلمي بأن أولي العزم من الرسل (نوح وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد (ص) ) لو اجتمعوا لما حق لهم تحريم التدخين أو تحريم أي شيء لم يرد في التنزيل، بينما نرى أن شيخ عادي يتصدر المجالس ويقول أن التدخين حرام. فإذا علمت أن هناك فرق كبير بين التحريم والنهي لأدركت أن النبي نهى عن كثير من الأمور ولم يحرم أي شيء مضاف إلى كتاب الله.
فالحرام : منع شمولي أبدي. فإذا قلنا إن التدخين حرام فهذا يعني أن الناس ، كل الناس عليها أن لاتدخن بالسر والعلن وفي أي مكان في العالم (الشمولية). وأن الإنسان الذي سيلد بعد عشرة آلاف سنة يجب أن لا يدخن (الأبدية). أي حسمنا هذا الأمر عوضاً عنه منذ الآن . والسؤال بأي حق ، ومن أعطانا هذا الحق إذ أن تحريم التدخين لوحده يحتاج إلى رسالة بعد محمد (ص) لذا فهو من اختصاص الله سبحانه وتعالى. فإذا لم يرد التحريم في كتاب الله، فعليك أن لاتهتمي أبداً وأن النهي عن التدخين (المنوع) من اختصاص البرلمانات أو مجالس البلديات. فبلد ما تمنع، وأخرى لاتمنع. والمنع يحتاج إلى تقديم البينات (العلم والإحصاء) وإلى موافقة الناس (البرلمان أو مجالس البلدية) وحتى لو كان هناك بينات ولم يوافق على المنع من قبل الناس فلا يتم المنع. لاحظي أهمية البرلمانات والمجالس البلدية في الإسلام وذلك لتحديد الممنوعات لا المحرمات. وعندك تعليق وجيه جداً أن هناك أمور وردت في كتاب أقل أهمية، فهل (لاتقتلوا الصيد وأنتم حرم) قالها ، ولم يحرم في كتاب الله صراحة التجميل والغناء والموسيقى والرسم والنحت وكل أنواع الفنون، وهي لاتحتاج إلى أكثر من آية واحدة. فالجواب لأنها ليست حراماً بالأصل.
النهي : منع يحمل الطابع الظرفي أي الزماني المكاني، فهو لا شمولي ولا أبدي. فنقول نهى الرسول (ص) عن التجمل وعن الغناء هذا إن صح النهي ولا نقول أن رسول الله (ص) حرم الغناء والتجميل، وكما قلت أن البرلمانات ومجالس البلديات هي وريثة الرسالة في النهي والأمر. أما قول (لعن الله) فهو قول شائع في ذلك الوقت ولا يعني أنه يحمل حكماً شرعياً فقد قال النبي (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو فليصمت) فإذا لم يقل الإنسان خيراً أو لم يصمت فهل هذا يعني أنه ملحد لايؤمن بالله واليوم الآخر . لذا فإياك يا أخت أن تأخذي من النهي من رسول الله (ص) الأبدية والشمولية. فقد نهى نساء قومه لأسباب ظرفية تخصهم. فإن كانت الأسباب ما زالت موجودة ووجيهة فنعما هي. وإذا لم تكن فنحن غير ملزمين. وهذا النهي لايحمل أي حكم شرعي. وكذلك كثير من الأوامر النبوية والتعليقات . وأنا معك إن الرق على أنه ملك اليمين قد انتهى الآن . فإذا كان الرق هو ملك يمين فإن الإثنين انتهوا معاً . وإن كان الربط بين الرق وملك اليمين هو إنساني فقد انتهى هذا الربط وعلينا ايجاد معنى معاصر لملك اليمين . وإن أكبر عار يقع على فقهاء المسلمين في القرن العشرين هو أن الرق ألغي بقرار سياسي ، ولم يلغى بفتوى فقهية. وكيف يلغى وصحيح البخاري مليء بالأحاديث حول الرق . وآخر دولة ألغي الرق فيها هي دولة عربية إسلامية وهي موريتانيا عام 1967، وقبلها السعودية عام 1964. يا للعار على فقهائنا كأنهم خشب مسندة .

الاسم فاتن البلد

هناك أمور في الإسلام تحيرني كامرأة كثيرا..
1. لماذا قرر الإسلام للمرأة نصف حصة الرجل في الإرث؟ أعتقد أن هذا الزمن يختلف كثيرا بتحدياته عن عصر القدماء فكثير من البيوت تعتمد على دخلين (دخل الرجل+دخل المرأة) بشكل متساو..و البعض الآخر أحيانا يعتمد كليا على الدخل المادي التي تأتي به الزوجة..
أذن المرأة الان تقوم بأعمال لم تكن تقوم بها سابقا فهي إلى جانب واجباتها الزوجية و الأسرية فهي أصبحت سيدة عاملة لها ما للرجل و عليها ما عليه..فلماذا التفرقة في أمور المادة في الإرث بشكل يقلل من شأن النساء؟!
2. في الشهادة تعتبر امرأتان مقابل شاهد واحد بينما رجل واحد هو بمكانة امرأتين …لماذا؟ ارى هنا إقلال من شأن المرأة العقلي و الأخلاقي..فأين العلة في هذه المعادلة؟
شكرا و تحية رمضانية..

البريد الإلكتروني التاريخ 30/5/03

إلى فاتن :
لقد كتبت بحث الوصية والإرث في كتابي ( فقه المرأة) وهذا البحث مؤلف من حوالي مائة صفحة فاقرئيه تجدين إجابة وافية على سؤالك . والمرأة الآن تعمل وهذا صحيح وهي عندما تنفق لها القوامة في الواقع . وأنت تعلمين أن رسول الله (ص) كان يعمل عند خديجة وابتداء من الدعوة حتى وفاتها كانت هي تنفق عليه، وهو لم يتزوج عليها وكانت لها القوامة في أمور الحياة ماعدا أمور النبوة والرسالة.
أما في الشهادة فهي الآن ذات ظروف أخرى، فقد وضعت هذه الآية في حال البيع الشفهي غير الموثق. فإذا كان البيع موثقاً فلا داعي لأن تكون رجلاً وامرأتين، رجلان أو امرأتان أو رجل وامرأة، لأنه إذا كان البيع غير موثق وتمت المراجعة بعد سنة فلا الرجل يتذكر ولا المرأة. فهذا الشرط بوجود التوثيق الخطي فقد مبرراته كالرق تماماً. أما لاتسألوا أن تملوه صغيراً كان أم كبيراً فلم يفقد مبرراته وما زال ساري المفعول حتى اليوم.

الاسم ابرار البلد لبنان

الدكتور الفاضل/ محمد شحرور
أسعد الله أوقاتك بكل خير
:لدي سؤالين امل منك الأجابة عليهما
الأول: مامعني الهدايةوماهوتفسيرك لها
الثاني : مارايك ببعض رجال الدين الذين يطلون على شاشات التلفاز يناقشون ويفتون باكتشافات تتعلق بعلوم كالطب والجيولوجياوالتكنولوجياوغيرها بدون أن يكونوا ملمين بها.

البريد الإلكتروني abrar.@yahoo.com التاريخ 4/7/03

إلى أبرار :
رأيي يتلخص في قوله تعالى {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } النحل 43 والأنبياء7. وقول النبي الكريم – إن صح – :( رحم الله امرأً عرف قدر نفسه ) . وقوله : (رحم الله امرأً عرف حده فوقف عنده) .
وسؤال أهل الذكر – من زاوية العمومية المطلقة – واجب أمرنا تعالى به. فإن كانت مشكلتنا صحية، كان أهل الذكر هم الأطباء، وإن كانت عطلاً في البث الإذاعي كان أهل الذكر هم المختصون بالاتصالات، وإن كانت خلافاً في نص عربي كان أهل الذكر هم علماء اللسان العربي، والأخير هو ما ذهبت إليه في كتابي الأول .
إلى هنا قد يتوهم البعض – لغاية أو لأخرى – عدم جواز أن يتكلم الطبيب أو المهندس أو الخياط والحداد والنجار في أمور الدين، معتبراً أن الدين اختصاص مهني كغيره من المهن، لكن الأمر ليس كذلك في حقيقته. وإذا كان التخصص اللغة أو الحدادة أو النجارة يمنع من الإفتاء في أمور الطب والفيزياء، فإنه لا يمنع من التكلم في أمور الدين. وفي السابق لم يمنع التخصص في الطب رجلاً مثل أبي اليسر عابدين رحمه الله أن يكون رأساً للإفتاء في دمشق .
والفتوى – من حيث عموم معناها – رأي رآه صاحبه .. سواء في الدين أم في علوم الفضاء والكيمياء، لك أن ترفضه أو أن تأخذ به أو أن تنقده لتقيم الحجة على خطئه أو صوابه.

الاسم سالم الصقية البلد السعودية

بسم الله الرحمن الرحيم
الدكتور الفاضل محمد شحرور
جزاك الله على عملك هذا خير الجزاء
وعندي اقتراح لهذا الموقع الكريم
وهو اضافة رابط لتعريف المصطلحات الفكرية والانسانية
مثل : العلمانية. الليبرالية.الماسونية
والبوذية. ونظريات المفكرين من فلاسفة وغيرهم. بشكل موجز.
ورابط اخر لتعريفتك الخاصة من القران
مثل القران. الذكر. الكتاب. الحكمة
الرسول. النبي.الذكر. الانثى
وهكذا بشكل مبسط. ومن اراد الزيادة تضع له موقعها من كتبك للرجوع اليها.
تحياتي وتقديري لك

البريد الإلكتروني snsmt@hotmail.com التاريخ 19/11/03

إلى سالم الصقية :
علم التعريفات علم جليل وأساسي، سبق العرب فيه جميع الأمم الأخرى أيام كانت أعلام الحضارة بيدهم. وفكرة إضافة رابط لتعريف المصطلحات على موقعي في الإنترنت فكرة جيدة ومفيدة. لولا أن لها علاقة بمعاني الألفاظ بعيداً عن سياقها، أي بعيداً عن “النظم” كما يقول الجرجاني، الأمر الذي تتحول معه الألفاظ إلى قطع كقطع الفسيفساء محددة بتعريفاتها أينما وقعت. وإذا لاحظنا تعدد المعاني في المصطلح الواحد، بانت صعوبة التركيز على معنى بعينه دون الآخر .
خذ مثلاً مصطلح الذكر. فهو يعني : التنزيل الحكيم خصوصاً والرسالات السماوية عموماً، ويعني الحمد والشكر والدعاء، ويعني التذكر خلاف النسيان، ويعني العظة والعبرة، ويعني النطق واللفظ. ولك من هذه المعاني آيات يتجسد معناه فيها . أشكرك على اقتراحك .

الاسم شيماء البلد الكويت

د. محمد شحرور
اولا كل عام و انت بخير
كم سعدت عندما وجدت هذا الموقع لك، و كنت أسمع بك كثيرا منذ فترة من الزمن و سرني التعرف اليه
لدي سؤال و طلب
السؤال:
ما معنى “الم ” و “حم” و غيرها من الاحرف في بدايات السور؟
الطلب:
تمكنت ان اشاهد فهرس جميع كتبكم في الموقع لكن لم اجد صفحاتها متوفرة للقراءة
اتمنى عليم بشده ان تضعوها قريبا على الاقل كتابكم الاول لانه في الكثير الكثير
ان تضعوه على الموقع للقراءة و لتستفيد الامة من هذا الاجتهاد الوفير
شكرا و كل عام و انت بخير
شيماء

البريد الإلكتروني e_creativity@hotmail.com التاريخ 20/12/03

إلى شيماء :
يسرني بدوري التعليق على سؤالك حول معنى ( ألم ) و ( حم ) وغيرها من الأحرف في بدايات السور.
يقول الفخر الرازي في تفسيره (مفاتيح الغيب ج 2 ص 4 ) : “للناس في قوله تعالى ( ألم ) وما يجري مجراه في فواتح السور قولان: أحدهما أن هذا علم مستور وسر محجوب استأثر تبارك وتعالى به، فقال أبو بكر الصديق (رض): لله في كل كتاب سر، وسره في القرآن أوائل السور، واعلم أن المتكلمين أنكروا هذا القول، وقالوا لايجوز أن يرد في كتاب الله تعالى ما ليس مفهوماً للخلق، واحتجوا على ذلك بالآيات والأخبار والمعقول .. والثاني أن المراد من هذه الفواتح معلوم، لكنهم اختلفوا في وجوهه ” أهـ .
فأما المفسرون القائلون بالقول الأول فيقولون ( الله أعلم بمراده منها) ، وأما القائلون بالقول الثاني فلهم 21 طريقة في فهمها وتفسيرها، فصلها الفخر الرازي في تفسيره ج 2 ص 5 – 12 وأوضح الحجج المخالفة لكل منها. فبعضهم قال إنها أسماء أشياء: فالصاد للنحاس والقاف للجبل والنون للحوت والغين للسحاب، وبعضهم قال إنها أسماء الله تعالى وروي عن علي (رض) أنه كان يقول }ياكهيعص، يا حمعسق{ ، وذهب غيرهم إلى أن ( ألم ) تعني أنا الله أعلم، و ( ألر ) تعني أنا الله أرى، وزعم آخرون أنها تشير إلى صفات الله تعالى فالألف آلاؤه واللام لطفه والميم مجده.
وقال المتصوفة: الألف معناها أنا واللام معناها لي والميم معناها مني. وقال قوم بأن لها دلالات في حساب الجمل ف ( ألم ) = 71 و ( ألمص ) = 131 و ( ألمر ) = 231.
وأما أنا ففواتح السور عندي هي السبع المثاني، ولمزيد من التفصيل انظري “الكتاب والقرآن / قراءة معاصرة ص 96 – 99 ، وص 336 .

الاسم د. فاضل البلد اليمن

تحياتي لك دكتور محمد شحرور
الحقيقة لدي عتاب عليكم وهو لماذا لاتظهروا في القنوات الفضائية والتلفزيون المتاحة لعموم الناس مثل الجزيرة او العربية او غيرها على سبيل المثال, وليس قناة اوربت فقط (لم تتاح لي مشاهدتك) فقناة اوربت مشفرة وليست متاحة للجميع. ففكر مستنير مثل الذي تنتهجونه يتوجب عليكم ابداءه بغزارة تحت اكتساح الظلاميين الساحة وبروز التطرف وصوته العالي. فمثلا قال مقدم برنامج الشريعة والحياة ماهر عبدالله انه حاول استضافتكم في برنامجه ولكنكم رفضتم وتفضلون العزلة والانزواء. وهذا لايخدم فكركم ولاينشر التنوير في مجتمع العامة. فاربعة كتب او خمسة لايعني انها ستنتشر انتشارا واعدا للتغير كون المواطن العربي عنصر لايقرأ وان قرأ لايفهم. فهو مغرم بالترديد عبر القنوات الفضائية المتاحة وبشجاعة.
هل هناك تسجيلات للقاءكم في اوربت او محاضرات يمكن اقتناءها؟
لكم شكري وتقديري

البريد الإلكتروني hafedhfadhel@yahoo.com التاريخ 22/11/03

إلى د. فاضل :
لاتعتب علي يا أخي، فمسألة ظهوري على شاشات الفضائيات ليست بيدي، وليست خياراً أقبله أو أرفضه، علماً أنني أعي بدقة أن الكتب وحدها لا تكفي لنشر ما يراد نشره. والمسألة أكثر تشعباً وتعقيداً مما تظن أنت، ومما قاله ويقوله السيد ماهر عبد الله وغيره في برامجهم.

إنهم ببساطة لايريدون أن يخلّوا بيني وبين الناس. ولو كنت جباناً ألتمس الانزواء – كما يزعمون – لما لبيت دعوات الداعين لي إلى الولايات المتحدة وألمانيا وكندا وتركيا وأندونيسيا والبحرين والمغرب ومصر وغيرها، ولما كتبت أكثر من 3000 صفحة أشرح فيها ما أعتقد.
أختلف معك في أمر واحد ذكرته، هو أن المواطن العربي لايقرأ. إنه يقرأ جيداً فيما أرى. وإذا كانت “كمية” قراءاته قليلة، فذلك يرجع إلى هموم حياته المعاشية من جانب، وإلى سيطرة الكليشيهات المعادة المتكررة بلا جديد في معظم رفوف المكتبة العربية ومواضيعها من جانب آخر.

الاسم ندى البلد سوريا

يا دكتور أريد أن أسالك سؤالاً حول الحجاب .. هل هو فرض كما يقولون ؟
إن كان نعم أريد الدليل و إن كان لا أريد أيضاً الدليل .. لأني من فترة قرأت حديث مخيف على أن المرأة التي لا تغطي شعرها سيعلقها الله من شعرها يوم القيامة و يحرق دماغها وشعرها و هذا الحديث رواه الإمام علي و زوجته فاطمه و قد قصّا فيه عن ما رآه الرسول ليلة الإسراء و المعراج فهل هذا صحيح ؟

البريد الإلكتروني maya85@maktoob.com التاريخ 22/12/03

إلى ندى :
لقد استوقفني في سطورك – على قلتها – صيحة حيرة وضياع حول مسألة “الحجاب”، تعاني منها كثيرات مثلك في مجتمعاتنا العربية والإسلامية. والحق أنني أحد الذين يشعرون بقسوة تلك الحيرة ووحشية ذلك الضياع، وأنا أرى وأقرأ وأسمع اليوم عن توظيف الحجاب – كتكليف مفروض على المرأة المسلمة – في مسائل سياسية لا علاقة له بها، مثالها ما حدث في فرنسا مؤخراً. تماماً كما قرأنا وسمعنا في الماضي عن توظيفه كتكريس لذكورية المجتمع، وللجزم بدونية المرأة تكوينياً وبالتالي اجتماعياً وفكرياً ودينياً، استناداً لقول منسوب إلى النبي (ص) يقرر فيه أن النساء ناقصات عقل ودين.
والحجاب أحد أوسع المواضيع التي كتبت وحاضرت فيها إطلاقاً، وأنا أحاول التفريق فيه بين “الحرام” و “العيب” انطلاقاً م، أن الحجاب ليس تكليفاً إلهياً نصت عليه الرسالة المحمدية، شأن الصلاة والزكاة والصيام والحج، يقدر كونه طبيعة بشرية تميل بفطرتها إلى تغطية ما هو عورة عند صاحبها، تحكمها الأعراف والظروف الزمانية والمكانية، أشار إليها تعالى في آية الأعراف 22 وفي آية طه 121.
إن من الطبيعي أن يخشى رجال الدين المتقيدون بنصوص التراث من شيوع التعري إن هم تساهلوا في هذه المسألة، ولهذا نراهم يستكثرون من أحاديث الترهيب التي ورد مثالها عندك. لكننا لسنا معهم في هذا الخوف الذي سيدفعنا حتماً، كما يحصل الآن، إلى التطرف في فتح باب سد الذرائع. فالفطرة المائلة إلى التستر والعرف الاجتماعي كافيان عندنا لحكم لباس المرأة وضبطه ضمن أطر مقبولة.
وأطمئنك يا ابنتي أن الله تعالى أعدل وأحكم وأعقل من أن يجعل من الثياب معياراً لدخول الجنة أو دخول النار، وأنه ينظر في الصدور وما فيها ولا ينظر إلى الأجسام وما عليها.

الاسم عبد الله البلد فلسطين

بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد
أسأل فضيلة الدكتور عن ماهية الحكم الشرعي في في سرقة أموال وممتلكات اليهود في فلسطين هذا في الوقت الذي يسرق فيه اليهود أراضينا وأموالنا بشتى الطرق ، فهل يمكننا أن نستلب منهم أموالهم وبضائعهم بشكل فرادي والتصرف بها ؟
جزاكم الله خير

البريد الإلكتروني jned55@hotmail.com التاريخ 23/12/03

إلى عبد الله :
أولاً : إن فعلنا ما تقول سادت شريعة الغاب في متوالية لا نهاية لها، ولم يكن لنا فضل. وإن فعلنا ما تقول خالفنا قوله تعالى } ولا يجرمنكم شنآن قوم إن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان { المائدة 2 ، وقوله تعالى {ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى } المائدة 8. وقوله تعالى } فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله { البقرة.
ثانياً : من أوهمك أنني أفتي في الأحكام الشرعية؟ إن لي فهماً خاصاً في بعضها لك أن تأخذ به وتستحسنه أو أن تتركه وتأخذ بغيره. الإفتاء عندي اجتهاد يلزم صاحبه بعد أن رآه، وليس مسطرة تأخذ شكل التشريع يلزم كل الآخرين، ويقتضي تكفير مخالفه. ورأيي الصريح أن التشريع من هذا النوع يقوم به مجالس التشريع المنتخبة . ولسنا بحاجة إلى مجالس إفتاء ولا إلى شيوخ للإفتاء.
فضيلة شيخ الأزهر اليوم ، أفتى بأن الحجاب الإسلامي في فرنسا مسألة داخلية تخص فرنسا وحدها، ومع ذلك – بعيداً عن صواب الفتوى أو خطئها – ثمة كثيرون من رجال المؤسسة الدينية لا يأخذون بها، فهل فهمت ما أعني؟

الاسم بسمة فتحي البلد

الدكتور الفاضل محمد شحرور
سلامٌ من الله عليك، ورحمته وبركاته،
وبداية أبارك لنا قبل مباركتي لكم بموقعكم التنويري الرائع، الذي يتيح لنا الاطلاع على نتاجكم الفكري التنويري العميق.
وبعد ذلك، أسمح لي سيدي أن أطرح سؤالاً على حضرتكم حول (علم الله تعالى)، وذلك بعد أن أثارني –استحساناً ومنطقياً- فكركم ونظرتكم للموضوع، والذي يُقر دون التباسٍ بأن علم الله تعالى هو علمٌ رياضي –وهو أرقى العلوم التي وصلتنا على الإطلاق حتى الآن- وأن علمه -جلَّ وعلا، علمٌ يقيني بالأشياء وظواهرها وحركاتها، وعلمٌ احتمالي في السلوك الإنساني الواعي وبالاختيار الإنساني. أي أن الأمر إن أردنا تبسيطه يشبه رمينا لقطعة نرد على الأرض فنحن هنا يقيناً أمام ست احتمالات لا أكثر، ولكننا لا نعلم أي الاحتمال سوف تستقر عليه قطعة النرد، ولكننا لحظة استقرارها على الأرض سوف نعلم حتماً على أي الأرقام المحصورة بين الواحد والستة استقرت.
حسبما أعلاه، يصبح الإنسان منا مخيراً في أعماله -اختارها ولم تُفرض عليه- مما يستوجب المحاسبة عليها، وإلا كان وقتها مسيراً لا مخيراً وليس هناك من معنى ولا فائدة من يوم الحساب والآخرة لأنها سوف تكون عين الظلم والسوريالية –تنزه الله تعالى عن ذلك..!!
لا أخفيك أستاذي، أنني شعرت باقتناع منطقي تجاه هذا التفسير، خاصة بوجود الكثير من آيات القرآن المساندة له، وعلى سبيل المثال –لا الحصر طبعا، قوله تعالى:
(وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر). (الكهف 29).
(ولو أن أهل القرى آمنوا و اتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء و الأرض). (الأعراف 96)
وكما يقولون، ألف مثال لا يثبت نظرية، ولكن يكفي واحد لنفيها.. وقبل القول بذلك، رأيت أن أسألك حول تفسير هذه الآيات (من آية رقم 65 وحتى آية 82) من سورة الكهف في قصة الرجل الصالح هذه الآيات التي تقول بحتمية علم الله تعالى في كل الأمور، ويتجلى ذلك أكثر في أمر الغلام:
((فانطلقا حتى إذا لقيا غُلما فقتله قال أقتلتَ نفساً زكية بغير نفس لقد جئت شيئاً نكرا)) الكهف 74
((وأما الغلم فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا * فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكوة وأقرب رحما)) الكهف 80، 81
وهنا قتل نفس زكية بغير نفس، وهنا أيضاً يظهر أنه غلام، وأنه لم يبلغ بعد، ولم يكلّف بعد ولا يحاسب على ما يأتي من أعمال.. وحسب ما تفضلتم به، الغلام هذا هو من يقرر ما سيؤول حاله من هداية أو ضلالة وذلك باختياراته هو للاحتمالات التي أوجدها الله تعالى له دون سواها..
وهنا برر الرجل الصالح قتل الغلام بأن الغلام سوف يرهق أهله طغيانا وكفراً، وأيضا إرادته أن يبدل الله الوالدين بغلام آخر خيراً منه.. أليس هناك احتمال أن لا يُرزقا بغيره؟! أم أن هنا علم الله حتمي لا احتمالي؟ أليس من المفروض أنه هنا علم احتمالي لأنه يقع ضمن السلوك الإنساني؟!
والجدير بالذكر هنا أن علم الرجل الصالح استمده من علم الله تعالى حتى أنه –الرجل الصالح- كان متأكدا أن سيدنا موسى لن يستطيع صبراً؟! :
• ((فوجدا عبداً من عبادنا اتينه رحمة من عندنا وعلمنه من لدنا علما)) الكهف آية 65
• ((قال له موسى هل أتبعك على ان تعلمن مما علمت رشدا* قل انك لن تستطيع معي صبرا*وكيف تصبر على مالم تُحط به خبرا)) الكهف 66، 67، 68
أي أن الله تعالى يعلم أن هذا الغلام الذي لا يُعد مكلفاً ولا محاسبا بأعماله أنه سوف يصبح فاسقاً عاصياً بل
وربما مجرماً يرهق أهله طغيانا وكفرا..!! أي أن هذا الغلام –إن عاش- سوف يكون مُسيراً إلى الطاغوت لا مخيراً..!!
ما أريد قوله، هو أنني على اقتناع تام عقلياً ومنطقياً برؤيتكم حول معرفة الله تعالى اليقينية في أمور والاحتمالية في أمور أخرى، لكن هناك دلائل قرآنية تخالفها –أو على الأقل هذا ما أراه لغاية الآن، والتي تقول بأن الله هو من يهدي وهو من يُضل كقوله تعالى:
((من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخسرون)) الأعراف أية 178
((من يٌضلل اللهُ فلا هادي له ويذرهم في طغيانهم يعمهون)) الأعراف آية186
((الله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم)) البقرة آية 213
((ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون)) الأنعام 88
أشكرك مقدماً، وأعتذر مقدماً عن الإطالة ..
وجزاك الله عنا خير الجزاء
بسمة فتحي

البريد الإلكتروني basma_sf2@yahoo.com التاريخ 23/12/03

إلى بسمة فتحي :
أشكرك على مباركتك موقعي على الإنترنت، وأسألك العذر لي في التأخر بالإجابة، فالسعي لتأمين متطلبات الحياة اليومية يرغم المرء أحياناً على وضع الفكر في المقام الثاني من اهتماماته.
أحترم كثيراً رحلتك الطويلة والشاقة في البحث عن الحقيقة، والوصول إلى أجوبة كافية شافية على أسئلتك الكبيرة التي سبقك إليها ديوجنيس والغزالي، وسقراط وابن رشد، وأرسطو والفارابي، وظن كل منهم أنه وصل، ولكن هيهات. ولا أزعم أنني سأجيب على تساؤلاتك .. إنما هي خواطر لعل فيها ما يفيد.
لابد لعلم العليم علاّم الغيوب عالم الغيب والشهادة – ليتحقق فيه شرط الشمول المطلق التام – من أن يكون يقينياً في جانب واحتمالياً في جانب آخر. لماذا؟ لأنه إن كان يقينياً في كل الجوانب تحول الكون إلى مسرح، والإنسان إلى دمية مجبورة مسيَّرة تحركها خيطان العلم الإلهي اليقيني. ولا بد للإنسان – لتنتفي العبثية عن يوم الحساب ويأخذ الثواب والعقاب معنى عادلاً إيجابياً – من أن يكون حراً، له دور في اختيار دربه وسلوكه وأفعاله، يمكن معه أن نسأله ونحاسبه. علماً بأن العلاقة بين اليقيني والاحتمالي هي علاقة تضاد لا علاقة تناقض.
قد تبدو هاتان النقطتان لأول وهلة مقنعتين للبعض ومنهم أنا، لكن الغوص في تفاصيلهما، والاحتكام إلى النصوص القرآنية وإلى التراث الإنساني سيثير ألف سؤال وسؤال، منها ما يمكن الجواب عليه ومنها ما لايمكن. فهناك من ينفي كل قدرة للإنسان على الاختيار، وينفي أنه حر أصلاً، في ضوء قوله تعالى } وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين { التكوير 29. وقوله تعالى } لله الأمر من قبل ومن بعد { الروم 4. ومن هنا ذهب بعضهم إلى القول “لاحركة ولا سكون إلا بأمره تكون”، وإلى القول ” المكتوب على الجبين لازم تراه العين” .
والإشكالية كما أراها – باعتباري مبدئياً من القائلين بقدرة الإنسان على اختيار أفعاله – لاتنحصر في “هل الإنسان مسيَّر مطلقاً أو مخيَّر مطلقاً ؟ حرٌ مطلقاً أم مقيد مطلقاً ؟” بقدر ما تنحصر في “كم تبلغ مساحة هامش الحرية عند الإنسان؟ وإلى أي حد هو حر ؟ وإلى أي حد هو مقيد؟ ” . فالإنسان مقيد بحدود مكان ذي ستة أبعاد ( فوق/ تحت، أمام / وراء ، يمين / شمال) ومقيد بحدود زمان ماضيه أزلي لاسلطان له على استعادته وآتيه أبدي لا علم له به، بينهما لحظة أرق من الشعرة هي لحظة الآن. في هذه اللحظة بالذات تتموضع حرية الإنسان، وضمن حدود هذه اللحظة بالذات أقول بقدرة الإنسان على اختيار أفعاله. أما ما قبلها فماضٍ يعجز الإنسان عن استعادته باعتباره دخل في عالم الحتميات اليقينية، وأما ما بعدها فغيب يعجز الإنسان عن معرفته باعتباره ما زال في عالم الممكنات الاحتمالية.
لاريب أبداً بوجود آيات كثيرة في القرآن الكريم تؤكد محدودية حرية الإنسان في الاختيار أو تنفيها، وبوجود آيات كثيرة بالمقابل تؤكدها وتنص عليها، وبين النوعين تـضـاد لا تناقض فيه. فكون الأمر لله من قبلُ – أي في الماضي – ومن بعدُ _ أي في الآني – لاينفي أبداً أن للإنسان دوراً ما في لحظة الآن، مهما بدا هذا الدور مثقلاً بقيود الزمان والمكان.
أما حكاية الغلام في قصة موسى مع البد الصالح بسورة الكهف، فلا أراها تتناقض مع قولنا إن علم الله يقيني في جانب واحتمالي في جانب آخر. وما رأيت أنه تناقض إنما جاء من افتراضك – كما قرر أرسطو – أن ” آ ” هي ” آ ” ولا يمكن أن تكون ” ب ” في الوقت نفسه، أي أن العلم إما أن يكون يقيني مطلقاً، أو أن يكون احتمالي مطلقاً، فإذا كان وقع التناقض. لكنك تنسين أن هذا القانون القيدي وضع ليطبق في مجال علم الإنسان، أما علم الله فمجال آخر تماماً يستلزم وجوباً أن تكون له نواظم وقوانين أخرى – إن وجدت -. ولقد شعر العبد الصالح أن موسى (ع) كان ينطلق وقتها من ذات الفرض الذي تنطلقين أنت منه الآن فقال } وما فعلته عن أمري { الكهف 83. وكانت العبارة في رأي العبد الصالح كافية لإفهام موسى (ع) أمرين:
علم الله وإراداته لا تخضع لما يخضع له علم الإنسان وإرادته.
أفعال الله لا تخضع للمساءلة طبقاً لقوله تعالى } .. فسبحان الله رب العرش عما يصفون * لايسئل عما يفعل وهم يسئلون { الأنبياء 22، 23.
وإذا كانت القصة لا تبين صراحة إن كان موسى (ع) فهم المقصود أم لم يفهمه، فإن الحلاج لم يفهمه بالتأكيد. فمأساة الحلاج أنه مات وهو يصر على أن يسأل الله سبحانه ” لماذا ؟ ” ، إذ يناجي ربه قائلاً : إذا كنت لا تريدني أن أقول .. فلماذا جعلتني أرى ؟

الاسم ميدو البلد مصر

ما معنى … ما ملكت أيمانكم ؟
أكره وصف الإسلام إنه وافق و لو للحظة من الزمن على الإستعباد و العبودية
هل صحيح أن تلك الكلمة معناها الزوجات الحاليات ؟
مثلا أنا أقول:- أن معنى فتياتكم هو الغير متزوجات لأن معنى نسائكم أي زوجاتكم و الدليل هو سورة الطلاق التي يقول فيها الله … قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها … ثم نزل في الحكم العام… الذين يظاهرون منكم من نسائكم … و هكذا في مواضع أخرى نكتشف أن فتى و فتاة لا تعني عبد و عبدة … لكن تبقت كلمة ما ملكت أيمانكم التي أنظر لهاأحيانا بمعنى الزوجات بدون مهر
أي زواج على حب و رغبة في تعاون الولد و البنت في مجيب أطفال من بعض و العيش سويا بأسرة جديدة
لأني أرى أن في الإسلام نوعين من الزواج … الأول هو الأساس و هو بدون فلوس … و الأخر بفلوس كأجر مقابل عمل .. لهدف الجسد…. و لا أحب أن أسميه زواج المتعة فأنا لا أحب هذه التسمية لكن أسمية زواج مؤقت … و لكن في أحيان أخرى أجد آية التي تحدد من يحل روية زينة النساء تضع فيهم ما ملكت أيمانهن … فهذا يتعارض مع كون ما ملك اليمين هو الزوج أو الزوجة لأن مذكور في الأيه كلمة .. بعولتهن … و كذلك الأية 50 و الأية 55 من سورة الأحزاب

البريد الإلكتروني mido_1999@softhome.net التاريخ 24/12/03

إلى ميـدو :
ملك اليمين في التنزيل الحكيم من المصطلحات الشائكة المعقدة، التي لما أصل فيها إلى فهم واضح حاسم، رغم مرور سنوات على وقوفي عندها، ورغم وضوح الرؤية عندي لبعض جوانبها:
1- لاشك بأن نظام الرق كان سائداً عند العرب قبل وأثناء وبعد العصر النبوي، وبأن الرجل على مدى تلك العصور كانت له إماء لايحد عددهن سوى قدرته على الشراء، وكان للمرأة عبيد لايحد عددهم سوى قدرتها على الشراء. وتلك حقيقة تاريخية لا ينفع كرهنا لنا في نفي وجودها.
2- ولاشك أيضاً بأن قدامى المفسرين، متأثرين بالسائد في زمنهم، فهموا من ملك اليمين أنه الرق. وقل مثل ذلك في مصطلح “الفتى والفتاة” كما ورد في عشر آيات من التنزيل.
3- ولا شك بأن المفسرين المعاصرين حذوا حذو القدامى منهم – تقليداً وتحرجاً – فيما ذهبوا إليه.
لكن حصر معنى ملك اليمين بالرق خلق إشكالية كبيرة عند القدامى لم يجرؤوا على التصدي لها، ويخلق عند المعاصرين إشكالية إضافية بعد أن زال نظام الرق في يومنا هذا.
أما الإشكالية القديمة، فتتجسد في استحالة تطبيق أحكام 15 آية من آيات التنزيل على الرجل والمرأة في مسألة النكاح وإبداء الزينة وغيرها، حين نحصر معنى ملك اليمين بالرق. لماذا؟ لأن للرجل أن يطأ شرعاً متى شاء دون حرج ما شاء من الجواري والسواري والمحظيات، فهل للمرأة مثل ذلك مع عبيدها وملك يمينها شرعاً ودون حرج؟
وأما الإشكالية المعاصرة، فقد ظهرت بعد زوال نظام الرق. مما يلزم معه بالضرورة استبعاد أحكام ملك اليمين كلها من التنزيل الحكيم، إن كنا فعلاً نحصر معنى ملك اليمين بالرق. الأمر الذي ينسف ما نؤمن به من صلاحية الرسالة المحمدية لكل زمان ومكان، من جهة أولى، وما نؤمن به من ثبات النص، من جهة ثانية، ويجعل التنزيل رهناً بالمتغيرات التاريخية اجتماعياً وسياسياً، ومن جهة ثالثة، وهذا كله محال.
فإذا انتقلنا إلى مصطلح “الفتى والفتاة”، وجدنا أننا لا نستطيع أن نقبل حصره بالعبد والعبدة، لأنه إذا جاز بسهولة مع يوسف (ع) في قوله تعالى } وقال نسوة في المدينة امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه { يوسف 30. وجاز بسهولة مع فتى موسى في خبر العبد الصالح بقوله تعالى } فلما جاوزا قال لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً { الكهف 62. فهو يجوز بصعوبة عن فتية الكهف (الكهف 10 ) وعن صاحبي يوسف في السجن (يوسف 36)، ولا يجوز مطلقاً على إبراهيم (ع) في قوله تعالى } قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم { الأنبياء 60، إذ لم يعرف عن إبراهيم أنه كان عبداً مملوكاً .
ولكني أقول لك أن نكاح المتعة هو أحد حالات ملك اليمين وليس زواجاً، وزواج المسيار في السعودية هو حالة ملك يمين، وزواج الفرند هو حالة ملك يمين . وهذه الحالات الثلاثة هي من مفاهيم ملك اليمين المعاصرة، فافهم هذا.
عزائي الوحيد يا سيد ميدو، أن في أمتنا رجالاً مثلك يتدبرون كلام ربهم، ويحاولون الإجابة على ما يعترضهم من إشكاليات، فبارك الله بك .

الاسم hadi البلد france

سيدي الفاضل
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
اقدم لكم اعجابي العميق بافكاركم التي ارجو لها ان تكون منارة تنير درب الحقيقة , و تعين على الاهتداء للسراط المستقيم .
لقد قرأت في كتابك : “الاسلام و الايمان” و في باب “التبني و اتخاذ الولد” ما يلي:
“…المرحلة الجديدة هي بداية تشكل الذاكرة عند الطفل مع بلوغه العامين، أما قبل ذلك فلا ذاكرة له البتة. ونقصد بالذاكرة هنا المعلومات التي يتم تخزينها ثم استرجاعها فيما بعد. إذ ليس ثمة إنسان يتذكر حدثاً حصل معه في سن ما قبل العامين. وكل الأحداث التي يسترجعها أطفال الدنيا في ذاكرتهم بعد أن يكبروا، هي أحداث حصلت لهم بعد سن العامين من العمر.”
و احب صادقا و الله على قولي شهيد ان اصحح لكم هذه المعلومة, فهي قد تكون صالحة كقاعدة عامة و لكنها ليست مطلقة الصحة , فأنا اتذكر احداثا و امورا و اشياء قبل عمر السنتين بل قبل السنة من العمر, و هي اشياء قد تأكدت تماما منها بشكل قاطع من خلال استجوابي للاهل و كذلك من خلال بعض الصور المؤرخة التي وجدتها فيما بعد. طبعا فلا مجال لسرد التفاصيل هنا و لكنني أؤكد لك اني “شهيد” على ان من الممكن للمرء ان يتذكر امورا من قبل عمر السنتين بل السنة.

البريد الإلكتروني fidaay@maktoob.com التاريخ 24/12/03

إلى : hadi
25/12/2003 :
إن ما ورد في كتابي الثالث ” الإسلام والإيمان ” حول بداية تشكل الذاكرة عند الطفل، يدعمه العلم وتوثقه آراء المختصين الذين استشرتهم. وأنا بلا ريب أصدقك في تذكرك لأحداث وقعت قبل السنة الأولى من عمرك، لكنها كما ترى حالة فردية نادرة، لاتصلح لاعتمادها كقاعدة لتصحيح الحقائق العلمية.

الاسم الحـقيقة البلد قطر

ما رأي سماحتكم في شرب الخمر .

البريد الإلكتروني qatar0_0@hotmail.com التاريخ 25/12/03

إلى الحقيقة :
سؤالك حول الخمر فضفاض. أتمنى لو أنك أكثر تحديداً في أسئلتك. اسأل ما تريد واجتنب الإيجاز المخل والتطويل الممل واطلب الهدى من الله لنا ولك .

الاسم hadi البلد france

سيدي الدكتور الفاضل :
رغم اعجابي بمنهجك و اقتناعي بصحة العديد من النتائج التي توصلت اليها, فانني لم اقدر ان اوافقك على بعضها الاخر.
من ذلك ما يتعلق بموضوع الربا و كون حرمته تتعلق فقط باصحاب الصدقات.
فقد ذكرتم في كتابكم “نحو اصول جديدة للفقه الاسلامي” و في باب “الاخلاق” ما يلي:
“أما العلاقة بين الربا والصدقات فقد نبهنا إليها سبحانه في سورة البقرة 276، مباشرة بعد تحليل البيع وتحريم الربا في البقرة 275، لنفهم أي بيع هو الحلال، وأي ربا هو الحرام. ولو لم تكن ثمة علاقة قادتنا إلى قول ما قلناه، لما بقي معنى لتحليل البيع عموماً لكل أهل الأرض، وهو حلال لم يسبق تحريمه بالأصل. ولو أنه سبحانه لم ينبه إلى حلالية البيع لأصحاب الصدقات والربح منهم، لالتبس الأمر، وتعرقلت عملية البيع والشراء في المجتمع، إذ سيترتب على كل بائع أن يفرز المشترين ليعرف أصحاب الصدقات من بينهم فيبيعهم بسعر الكلفة، وهذا مستحيل.”
و مما تعلق عليه اهمية في استنتاجاتك هو “…ولو لم تكن ثمة علاقة قادتنا إلى قول ما قلناه، لما بقي معنى لتحليل البيع عموماً لكل أهل الأرض، وهو حلال لم يسبق تحريمه بالأصل..” و هو امر ادهشنتني كيفية توصلك اليه مع انك بهذا القول “تخون ” منهجك ذاته, حيث انه تعالى قد استخدم ذات الاسلوب في العديد من ايات الكتاب دون ان يكون بامكاننا ان نحّمل الكلام اكثر مما يحتمل. و سادلل على ما أدعيه بأمثلة:
الايات 4و5 من سورة المائدة و فيها ان الله قد احل الطيبات و…فهل كانت هذه الطيبات حراما قبل نزول هذه الايات ؟
الايه 96 من المائدة تحلل صيد البحر و طعامه , فهل كانا حراما قبلها ؟
الاية 30 من الحج تحلل الانعام , فهل كانت حراما قبلها ؟
و الجواب كما ارى هو بالنفي. و بالتالي فليس من مبرر لتحميل عبارة “احل البيع” اكثر مما تحتمل, و بالتالي فما يتلو ذلك لديكم من استنتاجات متعلقة بالربا غير موفقة.
هذا ما يتعلق بالجانب الشكلي من الموضوع . أما بخصوص لب موضوع الربا بالشكل الذي تطرحه فهو كما اعتقد و كما ارى غير صحيح ايضا. فان يكون الربا حراما مع من يستحق الصدقة و حلالا في غير ذلك هو امر يفترض ان الاغنياء و الفقراء يعيشون في عالمين منفصلين اقتصاديا , و هذا امر لا يتوافق مع الواقع فالدورة الاقتصادية لبلد ما تشمل الغني و الفقير و صاحب المصنع و العامل و المزكي و المتزكي و المتصدق و المتصدق عليه, فما يجري عند قسم منهم يؤثر على ما يجري عند القسم الاخر. و ساحاول ان اثبت لكم ان الربا سيؤثر سلبا على الفقراء حتى و لو تم تعاطيه بين الاغنياء فحسب, و ساستخدم في برهاني اسلوب نقض الفرض و ذلك بأن اطرح مثلا.
لنفترض ان الربا بالشكل الذي تطرحه صحيح اسلاميا,ولنفترض ان زيدا رجل ميسور الحال من غير مستحقي الصدقات, و انه اراد ان يقوم بتجارة فاحتاج مالا فقصد عمرا ,الذي هو بدوره رجل غني, ليقترض منه بفائدة مبلغا كبيرا من المال و بفائدة لا تبلغ الضعف و لنقل خمسين في المئة ” و هو امر مباح حسب الفرض” , و لنفترض بعد ذلك ان تجارة زيد لم تربحه شيئاو لم تخسره و لكنه مع ذلك يتوجب عليه ان يرد القرض الذي اقترضه من عمرو مع الفائدة , فما دام القرض كبيرا فستكون الفائدة ايضا كبيرة و سيكون ملزما ان يرده مع ذلك. فلو لم يكن ثمة فائدة اضافية يتوجب عليه ردها لعاد زيد الى الحال الذي كان عليه قبل مشروعه, و لكن مع وجود الفائدة , و التي هي كبيرة حسب فرضنا, فانه قد لا يعود من بين الاغنياء المتصدقين و قد ينضم الى طائفة مستحقي الزكاة و الصدقة . فيكون عدد الاغنياء قد نقص واحدا بينما زاد عدد الفقراء بالقدر ذاته. و هي نتيجة لا اظنك ترى ان الله تعالى يسعى الى ان نبلغها.
و الخلاصة :
فالربا كما اعتقد و ارى حرام” الا لمن اضطر” فهي تجعل من المال بذاته جالبا اتوماتيكيا للمال مثلما تتجاذب الاجرام المادية بعضها الى بعض. بينما من المفترض ان يكون المال جزاء لعمل انساني.
بينماربح التجارة التي تحتمل الخسارة من حيث المبدأ فهو اجر لعمل.
و لهذا فقد “احل الله التجارة و حرم الربا”
و اعود فأوكد على تقديري لمنهجك العام , و لشخصك الكريم رغم بعض التحفظات. و كلي ثقة برحابة صدرك و بأنك من المعتقدين بان الحقيقة ضالة المؤمن .

البريد الإلكتروني fidaay@maktoob.com التاريخ 26/12/03

إلى هادي :
أشير بادئ ذي بدء إلى ظاهرة رأيتها منتشرة عند قرائي وناقديّ، هي اجتزاء عبارة أو فقرة من سياق موضوع متشعب جرى بحثه في عشرات الصفحات، كالحجاب مثلاً، ثم الوقوف عندها بالاستنتاج والتأويل، ثم القفز من أرضية هذا التأويل وذلك الاستنتاج – بعد إلباسهما ثوب الحقيقة الثابتة المفروغ منها – إلى خلاصات تنسب لي غالباً قول ما لم أقل.
ولعل رسالتك يا سيد هادي حول موضوع الربا خير مثال على الاجتزاء والاستنتاج والتأويل ثم القفز إلى الخلاصات. فقد جرى بحث الربا في كتابي الأول ( ص 467 – 472)، بعد بحث عدد من المواضيع الأخرى، كنكاح المحارم والقتل والسرقة والزنا، ضمن إطار عنوان عام بدأته على ص 453، حاولت فيه تفصيل أمثلة عن “الحدود في التشريع”. ثم جرت الإشارة إليه في كتابي الرابع ( ص 136 – 137) ضمن إطار تفصيل المحرمات في التنزيل الحكيم بدأته على ص 133، وفيه وردت العبارة المجزوءة التي وقفت عندها في رسالتك، والتي أظنك تتفق معي على عدم إمكان فهمها بعيداً عن إطارها العام.
لقد استعرضت في كتابي الأول ثماني آيات من التنزيل الحكيم تحكم مسألة الربا، ولاحظت فيها أربعة أمور:
آ – ربط الربا بالصدقات ( البقرة 276 ) .
ب – ربط الربا بالزكاة ( الروم 39 ) .
ج – وضع حد أعلى للفائدة الربوية هو الأضعاف المضاعفة ( آل عمران 130 ) .
د – وضع حد أدنى للفائدة على القروض هو الصفر ( البقرة 279 ) .
واستعرضت في كتابي الرابع خمس آيات من التنزيل الحكيم تتحدث عن الربا، وقفت فيها عند قوله تعالى } وأحل الله البيع وحرم الربا { البقرة 275. وقلت فيه ما أعتبره استكمالاً لما سبق في كتابي الأول. قلت :
لما قال تعالى أنه أحل البيع مع أن البيع حلال في الأصل ولم يكن حراماً قبل نزول الآية؟ ( ص 137 ) .
ثم حاولت أن أضع إجابة لهذا السؤال ، بعد أن لم أجدها في أي من التفاسير التراثية والمعاصرة. وهذه الإجابة قد تكون صحيحة وعلى ما ينبغي، وقد لاتكون. لكنها في الحالتين لا تستطيع تجاهل وجود سؤال قائم يحتاج إلى جواب، ينطبق تماماً على ما ذكرت في رسالتك من آيات ( 4 و 5 المائدة / 96 المائدة / 30 الحج) ، وأخص منها بالذكر قوله تعالى } اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم { المائدة 5. وقوله تعالى } حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير { وقوله تعالى } أحل لكم صيد البحر وطعامه حل لكم { ولو لم يقل } أحل لكم صيد البحر { لما استطعنا أن نأكل السمك إطلاقاً، ألا تعلم أننا نصيد السمك ونأكله ميتاً لا مذبوحاً.
لقد شعرت أنه تعالى وهو يربط بين تحليل البيع – مع أنه حلال أصلاً – وتحريم للربا، بأنه يشير إلى قاسم مشترك بينهما هو الربح والمنفعة، الذي هو حلال في البيع وحرام في الربا، دحضاً لقول قائل إن الربا تجارة .. والتجارة ربح وفائدة. وشعرت وهو يربط بين تحليل الطيبات – مع أنه حلال أصلاً – وتحليل طعام أهل الكتاب، بأنه يشير إلى تحريم قائم زمن نزول الآية بدلالة قوله } اليوم { ، يطبقه أهل الكتاب وأتباع محمد (ص) على تبادل الأطعمة.
وأنا أفهم أن يوافق القارئ – كلياً أو جزئياً – على محاولتي للإجابة، أو ألا يوافق – كلياً أو جزئياً – عليها. لكنني لا أفهم أبداً أن ينسب إليَّ قولاً لم أقله. إذ ليس هناك عاقل يمكن أن يعتقد بأن ( الربا حرام مع من يستحق الصدقة وحلال في غير ذلك ) . وليس هناك عاقل يقرأ ما كتبت عن الربا في كتابي الأول وكتابي الرابع، ثم يستنتج – مهما اتسعت شطحاته الفكرية – ما استنتجته أنت في رسالتك .
إنني لا أدعوك، ولا أدعو غيرك، إلى اعتبار ما أقوله في كتبي من المسلمات، فالمرء عندي حر في بناء معتقداته وتشكيل إيماناته، لكنني أدعو الناس جميعاً إلى الوقوف في وجه خطيب الجامع الذي زعم وهو يتحدث عن الربا على منبره أن العمولة المصرفية مهما صغرت حرام لأنها ربا، وصرف العملة، بمعنى تبديل الجنيه والريال بالدولار أو العكس ، حرام لأنها ربا، وختم خطبته بمثال عجيب فقال: أرأيت لو طرق أحدهم بابك يرجوك أن تصرف له ورقة نقدية من فئة الألف ليرة مثلاً ، بعشرة من فئة المئة، فأخذتها منه ودخلت إلى مكتبك لتحضر له المئات العشر، إن هذه الفترة لزمنية بين الاستلام والتسليم مهما صغرت تعتبر ربا ..
كل ما أقوله بأن الله حرم الربا في سبع آيات وحرم نكاح الأم بكلمة واحدة فلماذا؟ تُرى هل كان العباس مدين لأبو سفيان أو العكس؟ أو أن العباس وأبو سفيان كانا من المرابين الذين يعطون المال للفقراء وعندما كان هؤلاء الفقراء يعجزون عن السداد كانوا يباعون في سوق النخاسة، فهل البنوك المعاصرة تعامل الناس هكذا؟ لذا قال } فأذنوا بحرب من الله ورسوله { . وبعد وفاة الرسول (ص) فالحرب من الله فقط. وفي حياة رسول الله (ص) فالحرب من الله ورسوله. لذا فقد منع النبي (ص) ربا العباس لأنه كان من نوع ربا أصحاب الصدقات، وهذا الربا كان سائداً في شبه جزيرة العرب. لذا فإن البنوك الحالية بخدماتها لاعلاقة لها بالربا المذكور في كتاب الله.
إنني لا أفتي في حلالية أمر حرمه الله صراحة، وأنذر من يمارسه بعد تحريمه بحرب من الله ورسوله، لكنني أشير إلى أن التشدد المتطرف في تطبيق حدود الله هو تطرف غبي سيؤدي بالضرورة إلى شلل اقتصادي على الأكثر، أو إلى عرقلة دولاب العمل التجاري في الأسواق على الأقل.
أشكر لك إعجابك بمنهجي، وبموضوع الوصية واعتبارها الأساس في انتقال التركة، أما المثال الذي أوردته عن مسألة من مسائل الإرث، ففيه أكثر من دليل على طول باعك في علم الرياضيات، والباب مفتوح على مصراعيه لآلاف الأمثلة المشابهة. بارك الله لك في علمك لترى المزيد.

الاسم عمّار اليازجي البلد ألمانيا

الدكتور محمد شحرور الفاضل..
سؤالي بسيط بقدر ما هو معقد، ألا وهو رأيك في زواج المسلمة من النصراني، وما سبب وجود قاعدة شرعية تبيح زواج المسلم بالكتابية وتمنع المسلمة من زواج الكتابي.
لك الشكر

البريد الإلكتروني ammar@web.de التاريخ 27/12/03

إلى عمار اليازجي :
سؤالك بالفعل بسيط بقدر ما هو معقد. مسألة جواز زواج المؤمن برسالة محمد (ص) من كتابية، مسألة أجازها ابن عباس، وفيها تفصيل لامحل له في جوابنا الموجز. أما مسألة منع المؤمنة بالرسالة المحمدية من الزواج بكتابيّ فهو فقه اجتماعي سياسي رآه فقهاء السلف، لم نجد ما يدل عليه في آيات التنزيل الحكيم صراحة. وأي مجتمع له الحق في أن يمنع أمور معينة ولكن لايحق له التحريم بتاتاً.

الاسم المتأمل البلد السعودية

أخي الفاضل د.محمد
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد قرأت معظم ماكتبت ، وكانت الفائدة بالنسبة لي تغير في منظوري لمعنى الإسلام ككل، أضف إلى ذلك تغير في قرآئتي للقرآن الكريم من قرائة روتينية إلى قرائة ممزوجة بالتدبر وإستشعار عظمة كلمات الله ، فالشكر لك سيدي .
مأود قوله:
هو لماذا لا نرى لسعادتك كتابات متعمقة في مواضيع أرى أنها مهمة وأساسية وهي :
الشفاعة
عذاب القبر
النسخ والإنساء
الولاء والبراء
فهي من أسس تخلفنا ومشاكلنا
أعلم أنك تطرقة لهذه المواضيع ولكن ليس بدراسة متعمقة تصل إلى نقد الأحاديث التي بنية عليها تلك الأفكار تحياتي

البريد الإلكتروني almotamil@msn.com التاريخ 29/12/03

إلى المتأمل :
أشكر لك ثقتك، وأحمده تعالى على آلائه. المواضيع التي ذكرتها في رسالتك لا أراها بحد ذاتها إشكالات تسبب التخلف. نحن الذين نحولها إلى إشكالات بفهمنا الخاطئ لها من جهة، وأسلوب تطبيقها على غير ما ينبغي من جهة أخرى .
أما مسألة النسخ والإنساء، فقد شرحت رأيي فيها بالتفصيل في كتابي الثاني ” دراسات إسلامية معاصرة في الدولة والمجتمع” ص 271 – 291. وأما مسألة عذاب القبر فليست عندنا بشيء. لأننا نفرق بين الروح والنفس، من جهة، ونرى فيها مسألة غيبية لافائدة من بحث تفاصيلها دون سند يقبله العقل، من جهة ثانية، ونجد فيها خطراً بما تثيره من فزع عند الناس يقضي على الطمأنينة في قلوبهم وهم يقرؤون كتاب ربهم، مما يتناقض مع قوله تعالى } الذين آمنوا تطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب { الرعد 28. وأما مسألة الولاء والبراء، فهي وإن استندت في الأصل إلى آيات المائدة 51، التوبة 3، التوبة 23 ، الممتحنة 9 ، إلا أنها خرجت تطبيقياً – لأسباب مذهبية متشددة – عن غاياتها الأساسية، وتم توظيفها بالاتكاء الفاحش عليها لتكفير الآخرين.
وهذه المسألة بالذات غير شائعة في سورية لحسن الحظ. وأما مسألة الشفاعة، فقد تم ربط شفاعات الأنبياء فيها بكرامات الأولياء، ووظفها هامانات المؤسسات الدينية لتثبيت مواقعهم وامتيازاتهم كورثة وحيدين للأنبياء ومفاتيح لشفاعتهم، معطلين بذلك عنصر “العمل” لدى الناس، بعد أن استبدلوه بأحلام “شفاعة” مزاجية لا ناظم لها ولا قانون يحكمها، الأمر الذي يناقض في رأينا قوله تعالى } كل نفس بما كسبت رهينة { المدثر 38، وقوله تعالى } وقل اعملوا { التوبة 105 ، وقوله تعالى } وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملاً { هود 7 . ويناقض قول النبي (ص) إن صح ( يا فاطمة بنت محمد، اعملي فوالله لا أغني عنك من الله شيئاً ).
ختاماً، سيكون سروري عظيماً لو قرأت لك مستقبلاً بحثاً تقوم به أنت لأحد هذه المواضيع، بدلاً من أن تطلب من الآخرين القيام به، فإن لإيمانك عليك حقاً، ولأمتك عليك حقاً، والسلام على من استمع القول فاتبع أحسنه.

(7) تعليقات
  1. ورد في القران الكريم قوله: {وزوجناهم بحور عين}وكانت الإجابة من طرفكم والأزواج هنا للذكور والإناث معاً والحور العين هم من الذكور والإناث معاً أي لأهل الجنة من الإناث حور عين من الذكور. ( كتابي الأول – الكتاب والقرآن ص 231 – 232 )

    يقول تعالى: {كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ }الدخان54.
    ويقول تعالى: {مُتَّكِئِينَ عَلَى سُرُرٍ مَّصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ }الطور20.
    ويقول تعالى: بسورة الواقعة: { وَحُورٌ عِينٌ{22} كَأَمْثَالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ{23}. ويقول تعالى: في سورة الرحمن: { فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ{68} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{69} فِيهِنَّ خَيْرَاتٌ حِسَانٌ{70} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{71} حُورٌ مَّقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ{72} فَبِأَيِّ آلَاء رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ{73} لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ{74}.

    لكنك تجد اختلافا بالسياق بالآية التي تليها مباشرة حيث ترد كلمة (فِيهِنَّ) للخيرات الحسان، لأنه كان يتكلم عن ان الجنتان الأوليان تحتهما جنتان أخريان من دونهما، والأربعة جنات فيهن خيرات، فهل يُطلق على الإناث لفظة (خيرات)، أم (خيِّرات) بتشديد حرف الياء، أو (أخيار)، فتلكم هي أصول اللغة التي لا يتوه عنها القرءان.

    أم يا ترى هل الحور العين جنس غير الإنس والجن والملائكة، وإذا كانت جنسا رابعا ففيم الغيرة أن يكون للرجل حور عين وللمرأة أيضا

  2. السيد الدكتور أوافقك لكامل الردود التي قرأتها ، بارك الله فيك، للعلم أنا لم اعرف اسمك سيدي الا الأمس فقط ، شاهدت خطابة في الأردن والقاهرة لم أنم لكامل الليل ،

  3. لو تأملنا قصة أبا لهب في القرآن سنجد أن الله عز وجل قد ذكر العقاب دون ذكر الذنب..قال تعالى :تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (5)
    الآية توعدت أبو لهب بعذاب نار جهنم دون أن يُذكر السبب ، ما قولكم في الآية ؟

  4. فضيلة الدكتور محمد شحرور ، جزاك الله خيرا في الدنيا والآخرة على ما قدمته وما تقدمه لإنارة الفكر الاسلامي . لدي سؤال لطالما راودني الشك فيه وهو عن إباحة بيع الخمور وبيع لحم الخنزير في البلاد الأوروبية لغير المسلمين وذلك اخذا بما ذهب اليه السادة الاحناف حيث سمعت ورأيت ذلك على اليوتوب عن الشيخ والدكتور الفاضل علي جمعة. فما رأي فضيلتكم يادكتور .


    الأخ Nawzad
    تحريم أكل الخنزير شخصي بحت، حكمه على الذي يتناوله كطعام فقط، أما الآخرون فلا يوجد أي حكم عليهم وهو خيار شخصي،، وكذلك الخمور، خاصة أنها بالأصل ليست حرام.

  5. كم مكث الرسول محمد في غار حراء من السنين قبل ان ياتيه جبريل لأول مره وماذا كان يصنع


    الأخ فهد
    لا أعلم. إذ أنني لم أكن معه مع الأسف.

  6. االسلام عليكم ياددكتور أريد أن أعرف أوجه الاختلاف بينك و بين المهندس عدنان الرفاعي طبعا فكريا وليس من الاحسن لان الحكم لله وللبرهان الذي يظهر الحقيقة والصدق.


    أعذرني لا أعرف.

اترك تعليقاً