المرأة بين الإسلام والفقه
لا بد وبلادنا تمر في منعطف تاريخي، أن نضع تصوراً لدولتنا المدنية المنشودة، القائمة على الإنسان الحر، والتي تتحقق فيها المساواة بين جميع أفراد المجتمع، على اختلاف أجناسهم وأديانهم وقومياتهم وفئاتهم.
وحين نقول الإنسان الحر، نحلم أن نصل إلى رفع كل أشكال الطغيان عن مكونات المجتمع، الرجل والمرأة بشكل عام، ومعالجة وضع المرأة بشكل خاص، فالمرأة تعاني ما يعانيه الرجل، مضافاً إليه اضطهاد المجتمع بتقاليده وأعرافه، وبرأيي لا يمكن حل مشاكل المرأة العربية المعاصرة إلا من خلال فهم نظرة الإسلام لها، ضمن رؤية معاصرة تنطلق من كون هذا الدين عالمي وصالح لكل زمان ومكان، وللأسف فمنذ إصدار كتابي الأول عام 1990 وحتى اليوم، يترك دعاة التراث معظم طروحاتي جانباً، حتى إذا وصلوا إلى موضوع المرأة ثارت حفيظتهم، وأهينت كراماتهم.
فرغم خروج دعاتنا وفقهائنا على الفضائيات في كل مناسبة والتغني بتكريم الإسلام للمرأة، إلا أنه لا يخفى على أحد كيف كرس الفقه الموروث وضعاً مهيناً لها، ربما عن غير قصد تماماً، لكنه وضع يناسب مجتمعات ذكورية تسودها الروح القبلية والعشائرية، فالمرأة وفق هذا الفقه متاع مع الأشياء والحيوانات، وناقصة عقلٍ ودين، تحتاج لولي يزوجها ومحرم يسافر معها، باعتبارها ضلع قاصر لا تستطيع تولي أمور حياتها، ضمن نظرة دونية بعيدة كل البعد عما جاء في التنزيل الحكيم، نظرة تقدم الحجج الجاهزة لكل من يتهم الإسلام بالتخلف والرجعية، وتعطي مسوغاً لظلم النساء حتى من أنفسهن، راضين في كثير من الأحيان بالتنازل عن حقوقهن لرجل ظالم، له أفضلية عليهن، على اعتبار أن الله أعطاه القوامة، فله أن يتدخل في شؤون أخته، أو يضرب امرأته، أو يتزوج ثلاثة أخر، أو يطلقها متى أراد، وعليها طاعته والرضوخ لرغباته كي لا تلعنها الملائكة، وعليها التستر كي لا تفتن السيد المبجل، وكل ذلك في أغلب الحالات لن يجعلها تطال الجنة، حيث أكثر من في جهنم من النساء.
أما إذا نظرنا إلى وضع المرأة في التنزيل الحكيم، فنجد نظرة مختلفة تماماً، حيث ساوى الله تعالى بين الذكر والأنثى على المستوى الإنساني العاقل {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} (الحجرات 13)، وعلى المستوى البشري الفيزيولوجي {وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى} (النجم 45) وخاطب المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات دون أفضلية لأحد الطرفين، فإما بشكلٍ عام {يا أيها الناس} و {يا أيها الذين آمنوا}، أو بشكلٍ خاص {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (الأحزاب 35)، وفي حوار امرأة عمران مع ربها جملة أوضح من أن يختلف فيها اثنان {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ} (آل عمران 36) ففي اللسان العربي المشبه به أفضل من المشبه في مجال التشبيه، سواء كان قول {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى} على لسان الله تعالى أم على لسان امرأة عمران، فيمكننا أن نفهم من هذا أن الأنثى أفضل من الذكر.
ونتيجة لفهم خاطئ لمعنى لفظة “النساء” في الآية {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} (آل عمران 14) جرى اعتبار المرأة “متاعاً”، و”المتاع” هو ما ينتفع به من الأشياء، بينما لا يمكن اعتبار أن “النساء” هنا تعني أزواج الرجال، لأن الخطاب موجه للناس ذكوراً وإناثاً، و”نساء” من “النسيء” وهو التأخير، كقوله {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ} (التوبة 37)، والناس قاطبة تحب الجديد من الأشياء (الموضة)، وهذه الشهوة هي التي تحرك التقدم الصناعي، من صنع سيارات أحدث وثياب أحدث وكل ما يخضع للتجديد.
وفي حين تكرست المرأة في الوعي الجمعي كمتاع وموضع شهوة، نرى التنزيل الحكيم يعبر بمنتهى الرقي عن العلاقة بين الرجل والمرأة {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} (البقرة 187)، والزواج علاقة متبادلة من السكينة والمودة والرحمة {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (الروم 21)، وهو ميثاق غليظ تأخذه المرأة من الرجل أمام الله فلا ينقضه، ولا يجمع بين زوجة وأخرى وإنما “استبدال” {وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً* وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً} (النساء 20 -21)، والتعددية الزوجية التي تعتبر مأخذاً على الإسلام بالنسبة لمناهضيه، لها شروطها، ولا تصح إلا بحالة الزواج من أرملة لديها أيتام، والهدف رعايتهم أولاً والقدرة على إعالتهم {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي الْيَتَامَى فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُوا} (النساء 3)، والعدل هنا هو بين الأولاد الأساسيين واليتامى، وليس بين النساء.
أما القوامة، فيتكئ المجتمع الذكوري على الآية {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللّهُ وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً} (النساء 34) فيؤخذ منها الجملة الأولى، ولا يقرأ {بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ}، وينسى التأسي هنا بالرسول الأعظم، حيث كانت القوامة للسيدة خديجة، من حيث أفضليتها المادية، فكانت تنفق على البيت وكان هو متفرغاً للدعوة، ولم يتزوج من أخرى إلا بعد وفاة السيدة خديجة، وهذا ما نراه في حياتنا اليومية، لا سيما مع تعلم المرأة وخروجها للعمل، والمرأة الصالحة هي من تحفظ كرامة من تحت قوامتها، سواء كان أخ أم أب أم ابن أم زوج، فإن تجبرت واستبدت بالأسرة يمكن نصحها، وإن كانت زوجة يمكن مقاطعتها، فإن لم ينجح الأمر لجأ إلى ضربها، وهذا ما فسره الفقهاء بأنه “الضرب غير المبرح”، علماً أن الضرب غالباً حين ورد في التنزيل الحكيم، كان غير الضرب الفيزيائي، فإما الضرب في سبيل الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِناً تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ} (النساء 94)، أو الضرب في الأرض {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ} (النساء 101)، أما بمعنى الضرب الفيزيائي فقد ذكر الأداة {فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْبَحْرَ} (الشعراء 63)، أو استخدم أفعالاً أخرى، مثل “هش” و”وكز”، ونفهم من الآية التي تلي آية القوامة {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً} (النساء 35) أن الضرب هو اتخاذ موقف علني يتدخل فيه الأهل بحيث يضع حداً لتصرفاتها، كقولنا “ضربت بيد من حديد”، وكل هذا لا معنى له إلا في حالة القوامة بيد المرأة.
ولأن الزواج ميثاق، فإن فكه بيد الطرفين، وليس أحدهما فقط، وعبر التنزيل الحكيم عن ذلك بدقة، فإن أراد الرجل الطلاق فعليه التزام المعروف {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَاراً لَّتَعْتَدُواْ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلاَ تَتَّخِذُوَاْ آيَاتِ اللّهِ هُزُواً وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (البقرة 231 )، وكما يحق للرجل يحق للمرأة {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً} (الطلاق 2)، أما الاختراع المسمى “بيت الطاعة” فلا وجود له إلا في محاكمنا “الشرعية”.
وككل ظواهر الطبيعة، فإن الرسالة المحمدية حدودية وليست حدية، وما حدده الله من لباس للمرأة والرجل هو الحد الأدنى لما يجب تغطيته، ولم يفرض لباساً معيناً بشكل أو لون، وما أمر به نساء النبي والمؤمنين المعاصرين له، هو لبس ما يدرئ الأذى عنهن، سواء الأذى الطبيعي أم الاجتماعي، دون أن يترتب على ذلك أي ثواب أو عقاب، وهذا ما يصح التأسي به في كل زمان ومكان، فالمرأة غير المحتشمة في السوق ستتعرض للتحرش، والمرأة المنقبة في أوروبا ستتعرض للأذى، أما الحجاب كغطاء للرأس فلا أساس ديني له وإنما أساس اجتماعي يتعلق بالأعراف فقط لا غير.
والإسلام في القرن السابع الميلادي لم يحرر المرأة، لكنه وضع حجر الأساس لذلك، متماشياً مع تطور المجتمعات دون قفزات نوعية لا يمكن احتمالها، فأعطاها الحق السياسي منذ أول يوم للدعوة، وحضرت النساء بيعتي العقبة الأولى والثانية، اللتين تعتبران بمثابة المؤتمر التأسيسي لقيام الدولة الإسلامية في المدينة، وسمح للمرأة أن تقاتل وتهاجر وتناضل ولم يقل لها التزمي بيتك، فالنبي (ص) أقام دولته وحكم وفق حدود الله ووفق ما يتناسب مع مجتمعه ومع ظروف التطور التاريخي، ولو كانت هذه الظروف تسمح بإقامة مجالس تشريعية ربما لوجدنا فيها نساء، لكن الخطأ الكبير الذي حصل هو الظن بأن ما حصل في عهد النبي هو كل ما يحق للمرأة أن تفعله، وكون المرأة في ذاك العصر، حيث وسائل المواصلات شبه معدومة، لا يمكنها السفر وحدها دون محرم، يعني أنها اليوم أيضاً بحاجة لمحرم كي تسافر، وبحاجة لولي كي تتزوج، وإلى كل ما هنالك من أمور شرعها النبي، ضمن مقام النبوة وليس الرسالة، لمجتمعه في ذاك الوقت، فجرى اعتبار كل اجتهاداته ضمن تقييد الحلال وإطلاقه، ديناً صالحاً لكل زمان ومكان، وتم ضم كل ما نهى عنه إلى المحرمات التي وضعها الله تعالى وأغلقها، متناسين أن هذه اجتهادات ظرفية مرحلية لا تحمل الطابع الأبدي، ومعظمها استند على مرويات حتى لو صحت، فإنها متعلقة بعصرها ولا تتماشى مع غيره.
فإذا كنا ندعو إلى دولة تحترم مواطنيها، علينا أولاً إعطاء المرأة حقوقها، ابتداءً من كونها مواطنة يحق لها ما يحق للرجل تماماً، ويجب عليها ما يجب عليه، انتهاءً لحقها بالحكم كمثيلاتها في العالم المتحضر، مع العمل على توعية المجتمع لضرورة رفع الالتباس الحاصل بين الإسلام كدين عالمي يصلح لكل أهل الأرض وبمختلف الأزمان، وبين الموروث الفقهي بكل تبعاته.
(2) تعليقات
لمى
بالنسبة لمقالك المرأة بين الإسلام والفقه ، أشكرك على تذكيرنا بحادثة مبايعة النساد للرسول (ص) يعني من حق المرأة التصويت والمشاركة بالسياسة.
ولكن يادكتور أنا لم أقتنع بموضوع القوامة أنها ليست للرجل وأنا أراها مسؤوليه وتكليف للرجل أكثر منها ميزة وعندما قال بما فضل الله بعضهم على بعض وذلك لقدرة الرجل الجسدية والعاطفية علي تحمل أعباء الحياة والسعي في طلب الرزق وحماية أهل بيته وكما أن مجتمعنا للأسف ذكوري كما ذكرت في إحدى مقالبلاتك إلا أنه مازال هو المسؤول الأول عن الإنفاق على أهل بيته وممكن في بعض الأحيان يطالب بما هو فوق طاقته . نعم المرأة أصبحت متعلمة وعاملة ولكنها غير مطالبة في الإنفاق على زوجها أو بيتها وإن أنفقت فتكون في الغالبية العظمى من الحالات مشاركة بجزء وليس بكل شيء ولا تسد كل احتياجات المنزل كما أن عملها يتيح لها فرصة أن يكون عندها الإستقلالية المادية التي تمكنها من الحصول على ماتريده بدون تحميل زوجها فوق طاقته ( أنا هنا أتكلم عن العرف والسائد ).. فقلما بل ومن النادر أن نجد حالة الرجل يجلس في البيت طول حياته يقوم بتربية الأولاد وأعمال المنزل والمرأة هي من تتكفل بكل مصاريف البيت ولكن ممكن أن نرى مشاركة متكاملة بين الإثنين في هذا المضمار وهنا تبقى قوامة الرجل كمسؤول أول لهذا البيت ليس بالأوامر والنواهي كما يفهمها البعض ولكن في اتخاذ القرارات المهمة في الحياة تماما كقبطان السفينة ( فإن كان لها قبطانين تغرق ) .
بالنسبة لباقي الآية واللاتي تخافوا نشوزهن فهي محددة لحالة نشوز المرأة فقط فالعظة ثم الهجر في المضجع ثم الضرب غير المبرح أو التعذيري في حالة النشوز فقط وبتقديري النشوز هو الإقدام على شيء غير مقبول شرعا وليس على أتفه الأمور كما يهدد به غالبية مجتمعنا الذكوري كما تفضلت ..ولا أجد وجه للشبه بين معنى الضرب في الأرض وكلمة واضربوهن ..
وقد سمعت من إحدى حلقاتك أن الرجال تأتي بمعنى رجال ونساء ،هذا لم يقنعني لأنه كما ذكرت في حلقاتك فإن رب العالمين جدا دقيق بمفرداته ، فالرجال معناها واضح جدا …….
أنا مهتمة جدا برأيك دكتور واعذرني مرة أخرى للإطالة .
الأخت لمى
لك مطلق الحرية بألا تقتنعي برأيي، لكن واقع الحياة يثبت أن هناك الكثير من النساء القيمات في البيت، وغالباً من تملك المال هي التي تتحكم في المنزل، سواء كانت أخت أم زوجة أم أم، ومثالهن السيدة خديجة، والله تعالى قال {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ} ولم يقل قوامون فقط، ولو كان التفضيل للرجال على النساء لقال (بعضهم على بعضهن) ولا يمكن أن تستقيم الجملة إلا إذا كان بعضهم ذكور وإناث، وبعضهم ذكور وإناث، وعندما تكون القوامة للمرأة يمكن أحياناً أن تتكبر وتستبد وتمارس الطغيان على العائلة وهذا هو النشوز.
من جهة أخرى ما قولك في الآية {فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَاناً} (البقرة 239) في معرض الحديث عن الصلاة، والآية {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً} (الحج 27) هل الرجال هنا هم “الذكور”؟
أما الضرب، فالتنزيل الحكيم لم يستخدم الضرب الفيزيائي إلا وحدد الأداة {فَقُلْنَا اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ} (البقرة 60).
لمى
الدكتور الفاضل محمد الشحرور
فطنت للآية الكريمة ( ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم ) ، فهذه تؤكد القوامة للرجل بما فضل الله بعضهم على بعض كما ذكرت سابقا ، فهنا برأيي أن درجة الرجال التي على النساء ليست بالأفضلية ولكن بالمسؤولية كأن تعطي أحدا رئاسة شيء ما وأنت تعلم أنه مؤهل لهذا الشيء أما إذا استغل هو هذا المنصب في غير مكانه فهذا يكون سوء استغلال للسلطة المعطاة له ، ونفس الشيء ينطبق على موضوع القوامة والدرجة التي للرجال على النساء يجب أن لانخلط بين المسؤولية والمكانة المعطاه للرجل من الله وبين سوء استغلالها للأسف من بعض الرجال . أنا سيدة وأعتز بأن يكون زوجي وولدي وأخي مسؤولا عني وعن بيته وبنفس الوقت لا يتحكم بي وفق أهوائه وبدون مبرر ، وأكره السيدة أو البنت المسترجلة والتي لاتدرك قيمة مكانتها العظيمة في المجتمع لفهي من تبني الإنسان وتربيه ( إبنها أو بنتها ) فهذه مسؤوليتها التي تتناسب مع غريزتها التي خلفها الله عليها مع الإهتمام الكامل بتعليمها وتثقيفها وإذا أرادت أيضا تعمل علي أن تعمل جهدها للقيام بواجبات بيتها وزوجها وأبناءها.
يادكتور أنا أرى أن الحياة تستقيم بهذا الشكل أكثر بكثير وبذلك نحافظ على الأسرة نواة المجتمع ، لأن مانراه في هذه الأيام من الطرفين شباب وشابات من تضارب بالأفكار سيهدم مجتمهنا وأجيالنا المستقبلية ، فالشباب سعيدون بعدم مسؤوليتهم والشابات حتي لو استمتعن بأنهن قوامات في البداية بدعوى المساواة ( التي لا أومن بها إطلاقا ) فبعد فترة ستسأم هذا الرجل الذي لايملأ مكانته الطبيعية في حياتها كقائد وقوة تحتمي بها ، وهنا سأرد على من يقول لي أن المرأة لاتحتاج لرجل لحمايتها أرد عليها ببثقة أنها بذلك تخالف غريزتها التي خلقها الله عليها …
بالنهاية دكتور أتمنى لو تأتيني الفرصة للنقاش بهذه المواضيع كلاما ، وخاصة أن إبني أيضا عنده الكثير ليفهمه منك ….