خاتمة الكتاب

قد يسأل سائل الآن: كيف تجلت عالمية الإسلام ورحمة الرسالة {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين} في القرن العشرين، وبعد هذه الحقبة الطويلة من الزمن؟ أقول: لقد تجلت في الأمور التالية:

1 – لقد أصدرت الأمم المتحدة في منتصف القرن العشرين البيان العالمي لحقوق الإنسان، وتجلت فيه سواسية الناس وتعارفهم {وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا} وحرية اختيارهم وحقوقهم في التعبير والدفاع عن النفس والتشريع والانتخاب والطبابة والتعليم.

وأصبحت حقوق الإنسان من أهم المقاييس التي يقاس بها رقي الأنظمة السياسية وتقدم الأمم في مضمار الحضارة. وهذه المقاييس تشكل العمود الفقري للعقيدة الإسلامية وخاصة حرية الاختيار (العبادية).

2 – لقد انتشرت البرلمانات في العالم، وأصبح الناس قادرين على التشريع لأنفسهم ضمن حدود الله، علماً بأن حدود الله تخضع للفطرة الإنسانية مع القيم والمثل العليا، وأصبحت من نافلة القول. ونحن الآن نعيش في عصر ما بعد الرسالات حيث ترسخت المثل العليا الإنسانية مضافاً إليها الحكمة الإنسانية التي لا تنقطع على مر العصور.

3 – لقد وصلنا إلى طور التشريع الإنساني ضمن حدود الله، وأصبحنا في غنى عن الفتاوي ومجالس الإفتاء فيما يتعلق بالتشريع وليس بالشعائر. ونحن بحاجة إلى انتخابات وبرلمانات واستفتاءات، وهذه الأمور تشكل العمود الفقري للمجتمع المدني.

ضمن هذه النقاط الثلاثة ننظر إلى حقوق المرأة كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان. وحقوق الإنسان في كثير من البلدان منتهكة، وليس حقوق المرأة فقط، ولكن المرأة تتعرض لاضطهادين: اضطهاد كإنسان، وهي في هذه كالرجل تماماً، واضطهاد آخر من المجتمع كامرأة. وأسوأ أنواع الاضطهاد عندما تنظر المرأة إلى نفسها نظرة دونية.

لذا فإن الدعوة إلى تعديل قانون الأحوال الشخصية في كثير من البلاد العربية والإسلامية هي دعوة ضرورية، وعليه يجب أن تصحح القوانين التالية بالنسبة للمرأة حصراً:

أ – أن تمنح المرأة حق الجنسية لزوجها من غير مواطني الدولة التي تنتمي إليها وكذلك لأولادها. وهذا الحق مازال محصوراً بالرجل في معظم البلاد العربية إن لم يكن كلها، مما يؤكد ذكورية المجتمعات العربية إلى اليوم. أي أن المرأة مازالت مواطنة من الدرجة الثانية.

ب – أن يحق للمرأة الترشيح لكل المناصب والانتخاب للمشاركة الكاملة في بناء المجتمع المدني.

ت – متعة المطلقة: بحيث تأخذ المرأة نصف مال الزوج المكتسب أثناء الحياة الزوجية في حال الطلاق، ماعدا حالة الفاحشة. وكذلك في حال ثبوت الفاحشة على الزوج يحق لها الطلاق وأخذ كامل حقوقها.

ث – بيت الزوجية من حق المرأة في حال الطلاق، بغض النظر عن المالك: هل هو الزوج أم غيره. وتفقد هذا الحق في حال الفاحشة.

ج – حصر التعددية الزوجية بالأرامل ذوات الأيتام. وأن الزوجة الثانية لا ترث.

ح – الحضانة من حق المرأة حتى بلوغ سن الرشد للأولاد بغض النظر عن جنسهم.

خ – الحجاب كمفهوم وغطاء الرأس ليس له علاقة بإسلام ولا بإيمان، بل هو من سنن العادات القومية والمحلية.

د – الوصية هي الأساس في توزيع الثروة، وإلغاء مفعول حديث الآحاد المنقطع (لا وصية لوارث)، وفتح باب الوصية على مصراعيه في انتقال الملكية.

ذ – تبني قوانين جديدة للإرث (والمقترحة في هذا الكتاب) في حال عدم وجود الوصية.

وفي النهاية أرجو من الله سبحانه وتعالى التوفيق، فما أصبت فبتوفيق من الله وفضل، وما أخطأت فمن نفسي.

والحمد لله رب العالمين.

دمشق في التاسع من ذي الحجة عام 1420.

الموافق الخامس عشر من آذار عام 2000.

الدكتور محمد شحرور

 

اترك تعليقاً