خبر سعد بن الربيع:

يقول الفخر الرازي في تفسيره (ج9 ص 203، 204): “روى عطاء قال: استشهد سعد بن الربيع وترك ابنتين وامرأة وأخاً فأخذ الأخ المال كله، فأتت المرأة وقالت يا رسول الله هاتان ابنتا سعد، وإن سعداً قتل، وإن عمهما أخذ مالهما. فقال عليه الصلاة والسلام “ارجعي فلعل الله سيقضي فيه”، ثم إنها عادت بعد مدة وبكت فنزلت هذه الآية، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عمهما وقال “أعط ابنتي سعد الثلثين، وأمهما الثمن، وما بقي فهو لك “فهذا أول ميراث قسم في الإسلام”.

أما سعد بن الربيع فصحابي جليل من شهداء أحد، عقبي بدري نقيب كاتب، كما يصفه الإمام النووي في “تهذيب الأسماء واللغات ص 210”.

أما قوله عَقَبي فلأنه شهد العقبة الأولى والثانية، وأما قوله بدري فلأنه شهد بدراً مع رسول الله، وأما قوله نقيب فلأنه كان أحد اثني عشر نقيباً بايعوا الرسول، وأما قوله كاتب، فلأن هذه البضاعة كانت قليلة يوم ذاك، كما يقول ابن سعد في طبقاته ج3 ص522، فأرسله أبوه لتلقي القراءة والكتابة بعد أن رأى اليهود يعيرون العرب بأميتهم.

وأما أخوه الذي أخذ ماله بعد موته، فلا يعرف التراث له اسماً، ولا يعرف إن كان مؤمناً بالرسالة المحمدية كأخيه سعد أم لا. نقول هذا ونحن ننظر في عبارة (فأخذ الأخ المال كله). فأهل الجاهلية ما كانوا يورثون الصغار ولا الإناث وإنما كانوا يورثون من الأقارب الرجال الذين يقاتلون على الخيل ويأخذون الغنيمة. وإن كنا نرجح أنه كان مؤمناً بدليل أنه انصاع في الخبر لأمر الرسول.

سيقول قائل: وما فائدة أن يكون الأخ مؤمناً أو لا يكون طالما أن حكم المواريث في آية النساء 11 لم يكن قد نزل؟

نقول: الفائدة كبيرة والفرق شاسع. فإن كان مشركاً فليس له حكم ولا سلطان ولا ولاية على تركة أخيه المؤمن المتوفى، أو على زوجته وبناته، وإن كان مؤمناً فهو لا شك قد سمع الآيات التي تأمر ببر اليتيم، وسمع الرسول الأعظم يقول: أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين (وأشار بإصبعيه).

هذا بالنسبة للأخ. أما بالنسبة لسعد بن الربيع فنحن أمام صحابي نقيب كاتب، من غير المعقول أن يخرج إلى القتال في أحد دون أن يكتب وصيته، تنفيذاً لأمر الله سبحانه {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقاً على المتقين} البقرة 180. ولأمره سبحانه {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً} النساء 9. خصوصاً والأخبار تحدثنا أن الصحابة الكرام لم يكونوا ليناموا إلا ووصية أحدهم تحت رأسه، وخصوصاً وأنه يعرف حتماً مدى حاجة ابنتيه بعده إلى المال لتتزوجا.

روى جابر أن امرأة سعد بن الربيع جاءت بابنتيها إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما يوم أحد شهيداً وإن عمهما أخذ مالهما فاستفاءه ولم يدع لهما مالاً والله لا تنكحان إلا ولهما مال فقال رسول الله “يقضي الله في ذلك”. فانزل الله عليه آية الميراث فدعا عمهما فقال: أعط ابنتي سعد الثلثين وأعط أمهما الثمن وما بقي فهو لك. أهـ (تهذيب الأسماء واللغات النووي ج1 ص211). فلماذا لم يوص سعد لابنتيه؟

قد يقول قائل: لم تكن آيات الوصية قد نزلت بعد. نقول: ضمان مستقبل الأولاد وضمان دفع الحيف عنهم بعد الموت أمر فطري يشغل كل أب منذ بدء الخليقة وحتى قيام الساعة ولا علاقة له بآية أو بغيرها.

نعود إلى خبر عطاء، لنجد أن رسول الله سكت عن استيلاء الأخ على أموال أخيه المتوفى وهو يقول لأرملته (ارجعي فلعل الله سيقضي فيه)، وحاشا لرسول الله أن يسكت عن أمر مثل هذا. ولنفهم هذه النقطة بشكل واضح صحيح، نرجع إلى مسألة التوارث في دار الهجرة.

قلنا إن القوم في الجاهلية كانت لهم قواعدهم وقوانينهم في الميراث، وتتلخص في أمرين اثنين: النسب والعهد. ولما بعث الرسول الأعظم تركهم في أول الأمر على ما كانوا عليه، لا بل إن العلماء يقول إن الله أقرهم على ذلك فقال {ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون} النساء 33. والمراد التوارث بالنسب، وقال بعدها {والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيداً} النساء 33. والمراد التوارث بالعهد. (أنظر التفسير الكبير للرازي ج9 ص203).

ثم جاء الأمر بالهجرة، ووصلت جموع المهاجرين إلى يثرب، وقام الرسول الكريم يؤاخي بين المهاجرين والأنصار، فصارت قوانين التوارث تقوم على أمرين هما: الهجرة والمؤاخاة. يروى عن الزبير بن العوام أنه قال” لما قدمنا معشر قريش المدينة قدمنا ولا أموال لنا، فوجدنا الأنصار نعم الأخوان فأورثونا وأورثناهم، فآخى أبو بكر (خارجة بن زيد) وآخيت كعب بن مالك، فوالله لو قد مات عن الدنيا ما ورثة غيري، حتى أنزل الله {وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض} الأنفال 75. في كتاب الله فرجعنا إلى مواريثنا.

ونحن مع خبر سعد بن الربيع أمام أنصاري توفي قبل نزول آيات الميراث، بحدود السنة الثانية للهجرة، وكان يجدر بالرسول الأعظم أن يقول لهذا الأخ المستولي على التركة “يرثه أخوه المهاجر وإن لم يكن من أقاربه، ولا ترثه أنت وإن كنت من الأقربين” أي أنه كان عليه أن يحكم بالعرف في حال عدم وجود نص عملاً بقوله تعالى {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} الأعراف 199.

ولكن هل كان لسعد بن الربيع أخ من المهاجرين؟ ويجيبنا ابن سعد في طبقاته ج3 ص523 وابن الأثير في البداية والنهاية ج3 ص228. نعم!! إنه عبد الرحمن بن عوف.

يقول ابن سعد: لما آخى الرسول بين سعد بن الربيع وعبد الرحمن بن عوف انطلق به سعد إلى منزله فدعا بطعام فأكلا وقال له: لي امرأتان وأنت أخي في الله لا امرأة لك، أنزل لك عن إحداهما فتتزوجها. فقال عبد الرحمن: لا والله. قال سعد بن الربيع فهلم إلى حديقتي أشاطركها. فقال عبد الرحمن: لا.. بارك الله لك في أهلك ومالك. ثم نزلت آيات المواريث، فقال تعالى {فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك} وقال {فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين..} النساء12.

فدعا النبي العم فور نزولها فقال: أعط ابنتي سعد الثلثين وأعط أمهما الثمن وما بقي فهو لك. وهذا ما نفهمه من الخبر، الذي لو كان صحيحاً ووقع فعلاً، لكان الأجدر بالنبي أن يقول له: “أعط أمهما الثمن ثم أعط البنتين ثلثي الصافي وما بقي فهو لك” لأن ثمن أرملة المتوفى يستحق من أصل التركة من بعد وصية يوصى بها أو دين. وتقديم الثلثين على الثمن في الحديث النبوي المزعوم يدعو إلى اللبس والخروج عن المقاصد الإلهية في التوزيع. وحاشا النبي وهو سيد الفصحاء أن يقول قولاً يحتمل اللبس في أمر دقيق كهذا.

أمر آخر أخير نقف عنده في الخبر. يزعم أن النبي اعتبر قوله تعالى {فوق اثنتين} يعني (اثنتين فما فوق). وهذا الفهم من النبي حجة عند من يرى هذا الرأي، لا بل إن صح يدحض كل رأي آخر، لولا أننا أمام حكم يقول به الإمام ابن عباس، ذكره الفخر الرازي في تفسيره ج9 ص205: “الثلثان فرض الثلاث من البنات فصاعدا لقوله تعالى {فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك} وكلمة إن في اللغة للاشتراط، أي أن أخذ الثلثين مشروط بكونهن فوق اثنتين، ثلاثاً فصاعداً، وذلك ينفي حصول الثلثين للبنتين”. أهـ.

وهذا حكم يعارض تماماً حكم النبي في خبر سعد بن الربيع المزعوم. فهل يعقل أن يجيز الإمام ابن عباس لنفسه أن يعارض أو يخالف النبي في حكم أقره وقرره؟ خصوصاً ونحن نعلم يقيناً أن الإمام ابن عباس عاش نصف قرن تقريباً بعد وفاة الرسول الأعظم يحكم ويفتي ويفسر. ونعلم يقيناً أن ثمة تركات تم توزيعها بناء على حكمه، ونعلم يقيناً أنها اندثرت في زوايا النسيان لعدد من الأسباب ليس هنا موضع تفصيلها.

بعد هذا التحليل نخلص إلى القول بأن في الخبر ما يريب، وإلى أن اعتماده كمستند وحجة في توزيع الإرث ليس على ما ينبغي وأنه يخالف عموم اللفظ بالإضافة إلى نقاط الضعف فيه.

تلك حدود الله:

نعود إلى قوله تعالى {تلك حدود الله} التي يستهل بها الآية 13 من سورة النساء بعد أن يرسي ويوضح سبحانه هذه الحدود في الآيتين السابقتين 11و12. فما هي هذه الحدود التي إن أطاعها المرء دخل جنات تجري من تحتها الأنهار وإن عصاها خلد في النار والعذاب؟

  • الحد الأول {للذكر مثل حظ الأنثيين}:

وهو الحد الذي يحدد حظوظ أولاد المتوفى إن كانوا ذكراً وبنتين ويصلح في الوقت ذاته معياراً ينطبق على كل الحالات التي يكون فيها عدد الإناث ضعف عدد الذكور.

ذكر واحد + أنثيين: له النصف ولهما النصف.

ذكران + 4 إناث: للذكرين النصف وللإناث الأربعة النصف.

ثلاثة ذكور + 6 إناث: للذكور الثلاثة النصف وللإناث الست النصف.

وهذا ما ترمز إليه المعادلة: ن/ م = 2. حيث “ن” عدد الإناث، “م” عدد الذكور.

  • الحد الثاني {فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك}:

وهو الحد الذي يحدد حظوظ الورثة من الأولاد إن كانوا ذكراً وثلاث نساء فما فوق، أي 3، 4، 5..

ذكر واحد + نساء فوق اثنتين: له الثلث ولهن الثلثان بالغاً ما بلغ عددهن. ويصلح هذا الحد لكل الحالات التي يزيد فيها عدد النساء عن ضعف عدد الذكور.

ذكران + 5 نساء: للذكرين الثلث مناصفة وللنساء الثلثان بالتساوي.

3 ذكور+ 7 نساء: للذكور الثلث وللنساء الثلثان.

وهو ما ترمز إليه المعادلة ن/م > 2. حيث “ن” عدد النساء، “م” عدد الذكور.

ونلاحظ أن الذكر في الحالات التي ترمز إليها هذه المعادلة لا يأخذ مثل حظ الأنثيين، وهذا طبيعي جداً، لأن حكم الحد الأول يسري على الحالات التي وضع سبحانه هذا الحكم لها ولا يسري أبداً على غيرها. وإن سحبنا حكم حد على حد آخر غيره ضللنا وأضللنا ووقعنا في المحذور الذي أراد لنا تعالى عدم الوقوع فيه بقوله: {يبين الله لكم أن تضلوا والله بكل شيء عليم} النساء 176.

  • الحد الثالث {وإن كانت واحدة فلها النصف}:

وهو الحد الذي يحدد حظ الورثة من الأولاد في الحالات التي يكون فيها عدد أفراد مجموعة الذكور يساوي عدد أفراد مجموعة الإناث، وهو ما ترمز إليه المعادلة ن/م = 1.

ذكر واحد + أنثى واحدة: لكل منهما النصف.

ذكران…+ أنثيان: لكل منهم الربع.

3 ذكور – + إناث: للذكور النصف وللإناث النصف.

ونلاحظ هنا أن الذكر لا يأخذ مثل حظ الأنثيين. وهذا أيضاً أمر طبيعي، إذ لا يجوز إعمال حكم حد في حد آخر غيره، إضافة إلى استحالة الوصول إلى حل يحقق نفاذ الحكمين معاً في حالة بعينها.

هذه هي الحدود الثلاثة التي أرساها سبحانه للإرث والتي لا تخرج عنها في حالات الإرث الواردة في آيات المواريث الثلاث، والتي إن فهمناها على الوجه الذي ذكرناه انحلت الإشكاليات التي حار الفقهاء في إيجاد حل لها، واختلفت المذاهب في فقهها:

  1. مشكلة الرد والعول.
  2. مشكلة ذكورية الولد وأن البنت لا تحجب.
  3. مشكلة فوق اثنتين.
  4. مشكلة الثلث الباقي والنصف الباقي ولمن يعطى وأين يذهب. وهي مشكلة وهمية نشأت من الفهم الخاطئ الذي افترض أن أحكام الإرث نزلت في الأولاد بحالة الانفراد، ومن تطبيق حكم حد على آخر غيره. علماً بأن كل المواريث جاءت في حالة وجود الجنسين الذكر والأنثى.

فالرجل الذي يتوفى عن ثلاث بنات، لا علاقة البتة لتوزيع تركته بآيات النساء ولا بأحكام حدود توزيع الإرث، فالتركة توزع بينهن بالتساوي ولا يحتاج الأمر في حال الانفراد لبداهته إلى وحي قرآني أو توجيه سماوي. لكن السادة فقهاء المجتمع الذكوري العشائري القبلي (إشكالية ذاك الوقت) اعتبروا حكم {فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك} يسري على الحالة التي ذكرناها، وحين طبقوها عملياً فأعطوا البنات الثلاث ثلثي التركة، بقي عندهم ثلث لم يعرفوا صاحبه.

وكذلك الأمر في حالة رجل توفي عن بنت وحيدة واحدة، ففي مثل هذه الحالة تأخذ البنت في رأينا كامل التركة، تماماً كما يأخذ الذكر الوحيد الواحد كامل التركة، إذ لا فرق بين الأنثى والذكر في حالة الانفراد. لكن السادة الفقهاء اعتبروا هذه الحالة خاضعة لحكم {وإن كانت واحدة فلها النصف} وحين طبقوا ذلك عملياً فأعطوا البنت الوحيدة نصف التركة، بقي عندهم نصف لم يعرفوا لمن يعطونه.

القانون العام للإرث:

نستطيع الآن أن نستنتج القانون العام للإرث، من الكم المنفصل إلى الكم المتصل.

  • الحالة الأولى:

p4-251-1الأولاد الوارثون مجموعتان، مجموعة ذكور ومجموعة إناث، عدد أفراد مجموعة الذكور 3 وعدد أفراد مجموعة الإناث 1.

الحكم في هذه الحالة هو حكم الحد الثالث {وإن كانت واحدة فلها النصف}، فتأخذ الأنثى 50% من التركة ويقتسم الذكور الثلاثة 50% وهذا يفسر ما قلناه من أن قانون الإرث الإلهي قانون عام يحقق التساوي بين المجموعات، لا بين أفراد المجموعات فنلاحظ أن حصة الذكر تساوي 1/3 حصة الأنثى وأن عدد الإناث في المجموعة 1/3 عدد الذكور. كما نلاحظ أن حصة الأنثى في هذه الحالة 3 أضعاف حصة الذكر وعدد الذكور في مجموعتهم 3 أضعاف عدد الإناث. فإذا لم يعجب البعض هذا القانون فعليه بالوصية (القانون الخاص) التي لا نسب فيها ولا حدود تحكمها، إضافة إلى أنها مفضلة على الإرث في كتاب الله.

  • الحالة الثانية:

p4-251-2الأولاد الوارثون مجموعتان، مجموعة ذكور عدد أفرادها 3، ومجموعة إناث عدد أفرادها 2.

والحكم في هذه الحالة أن يأخذ الذكور الثلاثة 50% وتأخذ الأنثيان 50%، فنلاحظ كما لاحظنا في الحالة الأولى أن عدد الإناث إلى عدد الذكور يساوي 2/3، وأن حصة الأنثى إلى حصة الذكر تساوي 3/2، أي أن حصة الأنثى إلى حصة الذكر تساوي مقلوب نسبة عدد الإناث إلى عدد الذكور.

  • الحالة الثالثة:

p4-252-1الأولاد الوارثون مجموعتان، مجموعة ذكور ومجموعة إناث، عدد الذكور ثلاثة وعدد الإناث ثلاث.

والحكم في هذه الحالة، وفي جميع الحالات التي يتساوى فيها عدد أفراد مجموعة الذكور مع أفراد مجموعة الإناث (وهو ما ترمز إليه المعادلة ن/م = 1) أن تأخذ مجموعة الذكور نصف التركة وأن تأخذ مجموعة الإناث النصف الثاني. ونلاحظ هنا فقط أن حصة الأنثى تساوي حصة الذكر، لتساوي عدد الذكور مع عدد الإناث، فنسبة عدد الإناث إلى عدد الذكور 3/3 = 1 وحصة الأنثى إلى حصة الذكر يساوي مقلوبها أي 3/3 = 1.

  • الحالة الرابعة:

الأولاد الوارثون مجموعتان، مجموعة الذكور ثلاثة ومجموعة الإناث أربع. أي أن نسبة عدد الإناث إلى عدد الذكور تساوي 4/3.

p4-252-2والحكم هنا أن تأخذ مجموعة الذكور النصف فيكون حظ الواحد ثلث النصف، وتأخذ مجموعة الإناث النصف الثاني فيكون حظ الواحدة منهن ربع النصف. أي أن حصة الأنثى تبلغ 75% من حصة الذكر، وهذا هو مقلوب نسبة عدد الإناث إلى الذكور 4/3 ومقلوبه 3/4.

  • الحالة الخامسة:

الأولاد الوارثون مجموعتان، مجموعة ذكور عدد أفرادها ثلاثة، ومجموعة إناث عدد أفرادها خمس أي نسبة عدد الإناث إلى عدد الذكور = 5/3.

p4-253-1والحكم هنا، كما في جميع الحالات الأخرى التي يكون فيها الأولاد الوارثون مجموعتين من ذكور وإناث، أن تأخذ كل من المجموعتين نصف التركة، حيث يوزع هذا النصف بالتساوي على أفراد المجموعة بالغاً ما بلغ عددهم، فلا يشاركون أفراد المجموعة الثانية في حصتهم، وهذا ما أشرنا إليه سابقاً من أن القانون الإلهي للإرث قانون عام يحقق العدالة والتساوي على مستوى المجموعات وليس على مستوى الأفراد. ونلاحظ في هذه الحالة أن نسبة عدد الإناث إلى عدد الذكور يساوي 5/3 أي 1،666، كما نلاحظ أيضاً أن نسبة حصة الأنثى إلى حصة الذكر هي مقلوب نسبة عدد الإناث إلى الذكور أي 3/5 = 1/1،666 = 60% من حصة الذكر.

  • الحالة السادسة:

الأولاد الوارثون مجموعتان، مجموعة ذكور عدد أفرادها ثلاثة، ومجموعة إناث عدد أفرادها ست.

p4-253-2والحكم في هذه الحالة أن تأخذ كل مجموعة نصف التركة، فتوزعه على أفرادها، ونلاحظ في هذه الحالة، كما في كل الحالات التي يكون فيها عدد أفراد مجموعة الإناث ضعف عدد أفراد مجموعة الذكور، أن حصة الذكر الواحد مثل حظ الأنثيين، لأن نسبة عدد الإناث إلى الذكور تساوي 6/3 = 2 ونسبة حصة الأنثى إلى حصة الذكر هي مقلوب النسبة الأولى أي 3/6 = 0،50% أي نصف حصة الذكر. وهكذا نرى أن حصة الأنثى تساوي نصف حصة الذكر فقط عندما يكون عدد الذكور يساوي نصف عدد الإناث.

الكم المتصل والكم المنفصل وتوزيع الإرث:

لقد استعملنا إلى الآن نظرية المجموعات (الرياضيات الحديثة) مجموعة الذكور ومجموعة الإناث. وبعد قليل سنستعمل الزمر والتي هي حالة خاصة من المجموعات عندما نشرح تتمة آيات الإرث.

ننتقل الآن من الكم المنفصل إلى الكم المتصل (الهندسة التحليلية):

لقد رمزنا إلى عدد الإناث بالرمز F – ن وعدد الذكور بالرمز M – م وقد ذكرنا ست حالات مع شرح النسب في كل حالة. وتبين لنا أن نسبة حصة الأنثى إلى حصة الذكر تساوي مقلوب عدد الإناث إلى عدد الذكور فنقول أن:

p4-254-1فإذا رمزنا إلى حصة الذكر ح.م أو D1 وإلى حصة الأنثى ح.ن أو D2 وأن حصة الأنثى إلى حصة الذكر تساوي ع أي:

p4-254-2أي أن حصة الأنثى إلى حصة الذكر ع تساوي مقلوب عدد الإناث إلى عدد الذكور س ينتج لدينا المعادلة:

p4-254-3هذه المعادلة هي معادلة قطع زائد (كم متصل} (Hyperbola) ولكن في هذه المعادلة اكتفينا من حدود الله {للذكر مثل حظ الأنثيين} و{وإن كانت واحدة فلها النصف} أي أن هذه المعادلة صحيحة عندما تكون نسبة عدد الإناث إلى عدد الذكور أكبر من الصفر وأصغر أو تساوي 2 أي:

p4-255لنناقش الآن الحد الثاني من حدود الله في قوله تعالى {فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك}. وأهم نقطة يجب مناقشتها هي لماذا قال: {نساء فوق اثنتين}، وهذه المناقشة تتألف من البنود التالية:

أ‌ – لماذا قال {نساء} ولم يقل (إناثاً)؟

ب‌ – هنا نساء جمع امرأة، والمرأة هي الأنثى البالغة. فكل امرأة أنثى، وليس كل أنثى امرأة. فيمكن أن يكون المخلوق أنثى أو ذكراً وهو في بطن أمه، أو عمره يوم واحد أو خمسون سنة، لذا قال {وأنه خلق الزوجين الذكر والأنثى} النجم45 ومن حيث الهبة بالولادة قال تعالى {يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور} الشورى49.

فعندما قال {للذكر مثل حظ الأنثيين} قصد في الذكر والأنثى الجنس بغض النظر عن العمر بالغاً أم قاصراً. ولكن عندما وضع الإناث فوق اثنتين اشترط أن يكن بالغات (نساء). هذا هو الشرط الأول. قد يسأل سائل: لماذا قال في آيات الوصية {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون} النساء7.

لا يعني في الرجال والنساء الذكور البالغين والإناث البالغات؟ فأين الأطفال ونصيبهم في الوصية؟ نقول: لقد غطى الأطفال في قوله تعالى {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً} النساء9. وقد شرحنا أن الأطفال القاصرين هم حالات الذرية الضعاف، أي خصص آية للبالغين من الذكور والإناث (الرجال والنساء) وآية للأطفال القاصرين.

ولا ننسى أن القاصر في حال وفاة الأب هو يتيم، ولنتذكر الآيات المتعلقة باليتامى الواردة في التنزيل الحكيم. فإذا سأل: لماذا قال {وبث منهما رجالاً كثيراً ونساء} في الآية 1 في سورة النساء؟ نقول لأن البث لا يكون إلا من جماع جنسي، والجماع الجنسي لا يكون إلا من رجل وامرأة، ولأن فعل بث لا يتحقق إلا بوجود ذكر بالغ رجل وأنثى بالغة امرأة.

فإذا سأل سائل: لماذا قال في آخر آية (176) من سورة النساء {وإن كانوا اخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين} هنا عكس الآية، فالرجال والنساء هم ذكور وإناث بالغون، فلنفي السن وإبقاء الجنس أتبعها بقوله {للذكر مثل حظ الأنثيين} أي عكس شرط الآية (11) فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك فقال في الآية (176) {وإن كانوا أخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين} وليس للنساء ثلثا ما ترك. “أنظر شرح هذه الآية بالتفصيل في مكان آخر من هذا الفصل”.

وإن سأل سائل: إذا كان عدد الإناث فوق الاثنتين وليسوا نساء كلهن، كأن يكن كلهن قاصرات أو خليطاً من القاصرات والبالغات، فما العمل؟ أقول أن القانون واضح:

حصة مجموعة الذكور يساوي حصة مجموعة الإناث أي يقسم الإرث مناصفة بين الذكور والإناث أي أن:

p4-256-1 مثال: لدينا ذكران وخمس إناث فيهن بالغات وفيهن قاصرات، أي نسبة الإناث إلى الذكور 5/2 = 2،5في هذه الحالة:

p4-256-2وهنا نرى أن حصة الأنثى هي مقلوب عدد الإناث إلى عدد الذكور:

p4-256-3مثال ثان: ذكر وثلاث إناث لسن بالغات كلهن، أي لسن نساء، فالذكر يأخذ 50% والإناث الثلاث تأخذن 50 %.

p4-256-4ب – النساء جمع، والجمع بالضرورة يعني فوق اثنتين أي ثلاثة فما فوق، فإذا كان ذلك كذلك، فلماذا قال {فوق اثنتين} أليس هذا حشواً؟ ألا يكفي أن يقول نساء فقط أو فوق اثنتين فقط؟ نقول إن وجود التعبيرين معاً {نساء فوق اثنتين} يعني وجود خبر لا يوجد أبداً في واحد منهما إلا بوجود الإثنين معاً، فما هو هذا الخبر؟. من الناحية المنطقية لا يمكن أن يكون خبر نساء فوق اثنتين مفيداً إلا إذا كان هناك حالة فيها نساء، ولكن لا ينطبق عليها حالة فوق اثنتين.

وحتى نفهم هذا نقف عند كلمة نساء، وكلمة فوق، ثم اثنتين.

وحتى نفهم هذا الفرق وتكون المناقشة واضحة نضرب المثالين التاليين:

p4-257-1المثال الأول: ذكران، وأربع إناث بالغات (نساء).

في هذا المثال نرى أن عدد النساء يساوي 4 جمع (نساء) ولكن نسبة عدد النساء إلى عدد الذكور تساوي 4/2 = 2 أي تساوي اثنتين وليس فوق اثنتين وهذا هو الحد الأول من حدود الله. أي أن هذه الحالة ترينا تحقق شرط نساء ولم يتحقق شرط فوق اثنتين والمثال الثاني يرينا هذا التحقق:

ذكر واحد وثلاث نساء

1 – 3 نسبة النساء إلى الذكور تساوي 3/1 > 2

أي تحقق الشرط نساء بالعدد 3 وشرط فوق اثنتين بالنسبة 3/1 = 3

p4-257-2وكذلك مثال: ذكران + خمس إناث بالغات:

عدد النساء خمس هو جمع، والنسبة 5/2 = 2،5 فوق اثنتين ونلاحظ هنا أن النسبة قد تكون عدداً صحيحاً، وقد تكون عدداً كسرياً، لذا قال: (فوق) ولم يقل (أكثر). فما هو الفرق بين (فوق) و (أكثر).

لقد استعمل التنزيل الحكيم (أكثر) في مجال العدد الكامل الذي لا يحتمل الكسور والذي نقول عنه (Integer number) فلننظر في قوله تعالى في الآية 12 من سورة النساء عن إرث الأخوة {فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث} قال: (أكثر) ولم يقل (فوق) لأنه لا يوجد للإنسان أخ ونصف أو أخت وربع، أي أنه عدد لا يحتمل الكسر.

وقوله تعالى {لا تدعوا اليوم ثبوراً واحداً وادعوا ثبوراً كثيراً} الفرقان 14، ونرى أنه لا يوجد ثبور ونصف وكذلك قوله {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} الروم6. ففي عدد الناس لا يوجد مثلاً 1540،5 إنسان، أي أن أكثر الناس لا يمكن إلا أن يكون عدداً صحيحاً، وكذلك قوله تعالى {وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون} يوسف106 وقوله تعالى {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} يوسف 103، فالمؤمنون لا يوجد فيهم مؤمن وربع، وفي المشركين لا يوجد مشرك ونصف.

أما (فوق) ففيها كم وكيف معاً أي أنها منسوبة، ونسبة تراتبية شيء إلى شيء آخر وهذا المعنى غير موجود في (أكثر). ألم تسمع قوله تعالى {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلْ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} النور40 فهنا الموج كم وكيف وفيها نسبة موج منسوب إلى موج وسحاب منسوب إلى موج وظلمات منسوبة إلى ظلمات.

ونحن في حياتنا نستعمل هذين المصطلحين تماماً كما استعملا في التنزيل الحكيم. فعندما يصوت البرلمان على مشروع قانون نقول: إن القانون نجح بأكثرية 80 صوتاً (مع) إلى 50 صوتاً (ضد). ففي التصويت لا يوجد صوت وربع. فالأصوات عدد صحيح دائماً.

وبعد ذلك نتبعها بقولنا نسبة التصويت لنجاح القانون 80/130 = 61،53% فوق 50 %. لذا قال {نساء فوق اثنتين} أي علينا أن ننسب عدد النساء إلى عدد الذكور، وتكون النسبة فوق الاثنتين، وقد تكون هذه عدداً صحيحاً كنسبة 3/1 = 3 وقد تكون عدداً كسرياً كنسبة 5/2 = 2،5 كلاهما فوق اثنتين وليس أكثر من اثنتين.

ج – الآن كيف نحسب حصة النساء والذكور في الحد الثاني من حدود الله {فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك}؟

لنقل أن لدينا ذكراً واحداً وثلاث نساء:

p4-259-1حصة الذكر 33،3% وحصة كل أنثى66،66/3 = 22،22 أو لدينا:

p4-259-2 نسبة حصة الأنثى إلى حصة الذكر تساوي ح ن إلى ح م تساوي:

p4-259-3فإذا أردنا أن ننقل إلى الكم المتصل نرى أن حصة المرأة الواحدة تساوي:

p4-259-4 وحصة الذكر تساوي:

p4-259-5ومنه نسبة حصة المرأة إلى حصة الذكر تساوي:

p4-260-1أو:

p4-260-2فإن قلنا أن نسبة عدد النساء إلى عدد الذكور:

p4-260-3وإذا قلبنا الحدين نتج لدينا:

p4-260-4أو:

p4-260-5وأن نسبة حصة المرأة إلى حصة الذكر تساوي:

p4-260-7ومنه ينتج لدينا المعادلة:

p4-260-8وهي معادلة قطع زائد (أنظر الشكل 2).

ولكن هذه المعادلة صحيحة في حال أن الإناث كلهن نساء، وأن نسبة عدد النساء إلى عدد الذكور (فوق الاثنتين) أي:

p4-260-9أي أن القطع الزائد في الشكل (2) يبدأ من نسبة:

p4-261-1أما القطع الزائد بالمعادلة

p4-261-2فيبدأ من فوق الصفر مباشرة إلى مالا نهاية.

لننتقل الآن إلى التحليل الرياضي ونأخذ المشتق الأول للمعادلة:

p4-261-3ومنه

p4-261-4فإذا نظرنا إلى y1 من أجل س تساوي الواحد رأينا أن:

p4-261-5والزاوية p4-261 تساوي – 45 درجة أي أن المشتق من أجل س = 1 هو مماس يمر من الإحداثية س = 1 أي من النقطة M=F وهذه النقطة هي ذروة القطع الزائد. وفي هذه النقطة يكون ميل المماس هو الزاوية p4-261 وتساوي – 45 حيث المشتق يمثل المماس وهذا يبين لنا أن المماس يمر من ذروة القطع الزائد والذروة هي بداية القطع عند عدد الذكور يساوي عدد الإناث، وقبله عدد الإناث أقل من عدد الذكور، وحصة الأنثى أكبر من حصة الذكر، وبعده عدد الإناث أكبر من عدد الذكور، وحصة الأنثى أقل من حصة الذكر.

أي أن هناك تناظراً في القطع ونرى أن ما تأخذه الإناث زيادة يساوي ما يأخذه الذكور زيادة من حيث المجموع. ونرى أن ذروة القطع جاءت من واقع ولادات أهل الأرض جميعاً وهي عدد الذكور يساوي عدد الإناث وأن هذه المساواة تطابق الواقع بالنسبة لولادات أهل الأرض.

وإذا أخذنا الآن:

المعادلة:

p4-261-6p4-262-1من أجل

p4-262-2 β = – 30 درجة، هذا من أجل القطع الزائد {فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك}. (أنظر الشكل 3).

بعد هذا الشرح لقوانين الإرث وحدود الله فيه، نجد أن كل الآيات الواردة فيه هذا المجال عبارة عن احتمالات مختلفة لهذه الحدود الثلاثة ونجد أن كل الحالات الإرثية التي سنواجهها عبارة عن نقاط على القطع الزائد ع = 1/س أو على القطع الزائد أو على القطع الزائد ع= 2/س، ولا يوجد أي حالة إرثية تخرج عن هذين القطعين.

ونجد أن الحصص لن تزيد (بعد توزيع التركة طبقا لقوانين الإرث كما شرحناها) عن 100% من التركة ولن تنقص عن 100% منها، ولن نضطر إلى الوقوع في مهزلة الرد والعول. ونجد أن الولد هو الذكر والأنثى، فتحل بذلك مشكلة (يحجب ولا يحجب) التي اضطر فقهاء العصر العباسي إلى إشراك الأعمام والأخوال وأولاد الأعمام وأولاد الأخوال في إرث لم يعطهم سبحانه منه شيئا، ولم يخصهم نه بشيء، ولم يورد بهم ذكرا في أيّة آية من آيات التنزيل الحكيم، مدفوعين إلى ذلك كله باعتبارات سلطوية سياسية شرحناها في صفحات سابقة.

ميراث الأصول:

وبعد أن شرحنا وحللنا قواعد الإرث الثلاث التي وضعها تعالى نيابة عن المتوفين دون وصية، في مطلع آية النساء 11، وبعد أن رأينا أن القسم الأول من الآية المذكورة يتحدث عن الفروع، نمضي في تأملنا لنرى كيف يتابع تعالى وضع أسس ميراث الأصول فيقول {ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد}.

وأول ما نلاحظه في هذه العبارة أنه قال {و لأبويه}، ولم يقل (لوالديه). ونفهم من هذا الأساس أن السدس هو حظ الأب من تركة المتوفي سواء أكان هذا الأب والدا أم لم يكن، وأن السدس هو حظ الأم من التركة سواء أكانت والدة أم مربية فقط أي كان الولد بالتبني. ثم نلاحظ أنه قال {لكل واحد منهما السدس} أي أنه أعطى الأب حصة مساوية لحصة الأم، وطبق عليها الحد الثالث من حدود الله {وإن كانت واحدة فلها النصف}. ففي حالة عدد الذكور يساوي عدد الإناث فإن حصة الأنثى تساوي حصة الذكر. ثم نلاحظ أخيرا أنه قال {مما ترك}، ونفهم أن هناك حصة يجب أن تستقطع قبل حساب حصة الأم والأب هي حصة الزوج أو الزوجة إن وجدا.

ونتابع تأملنا لنقف أمام قوله تعالى {فإن لم يكن له ولد وورثة أبواه فلأمه الثلث}، ونلاحظ هنا أنه سبحانه طبق الحد الأول من حدود الإرث {للذكر مثل حظ الأنثيين} فجاءت حصة الأم 3/1 من وحصة الأب 3/2 بعد اقتطاع حصة الزوج أو الزوجة إن وجدا. ونلاحظ أنه ذكر الأم فقط لأن الأنثى هي أساس الإرث، وذكر الأنثى فقط يستوجب وجود ذكر، وهو هنا الأب. أما العكس فغير صحيح.

وننتقل إلى العبارة التالية فنجده تعالى يقول {فإن كان له أخوة فلأمه السدس من بعد وصية يوصى بها أو دين} ونلاحظ هنا أنه سبحانه استعمل الحد الثاني من حدود الإرث {فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك}، كما نلاحظ أن حصة الأم = 6/1، وحصة الأب =6/5، وهي أشبه ما تكون بحالة ذكر له عشر أخوات نساء، والحكم فيها أن يأخذ الذكر الثلث وتأخذ النسوة العشرة الثلثين، فتكون حصة الذكر تساوي خمسة أضعاف حصة الأنثى، تماما كحصة الأب التي تساوي كحصة الأب التي تساوي خمسة أضعاف حصة الأم فقط.

نلاحظ أن الحصص الإرثية للأبوين مختلفة، ولكن الحالات الإرثية تنطبق عليها نظرية الاحتمالات كونها انتقلت من حالة المجموعة إلى حالة الزمرة. فكما قلنا إن المجموعة لها تعريف واحد هو مجموعة ذكور ومجموعة إناث، ولكن في مجموعة الذكور توجد زمرة الآباء وضمن مجموعة الإناث توجد زمرة الأمهات، وحتى ينطبق عليها لقب الزمرة يجب أن ينطبق عليها أربعة تعاريف. فالتعاريف الأربعة لزمرة الآباء هي:

الأب = 1 – ذكر، 2 – بالغ، 3 – متزوج، 4 – عنده أولاد

لذا نقول زمرة الآباء، ولاحظ أن الترتيب مهم جدا

ولزمرة الأمهات

الأم = 1 – أنثى، 2 – بالغة، 3 – متزوجة، 4 – عندها أولاد

لذا فقد طبق قوانين الإرث الثلاثة المطبقة على مجموعات الذكور والإناث لأنها حالات خاصة كزمر.

ووضع لهذه الزمر ثلاث احتمالات:

  • الاحتمال الأول: في حال وجود أولاد عند المتوفي سواء كان له إخوة أم لم يكن:

p4-264-1

  • الاحتمال الثاني: في حال عدم وجود أولاد للمتوفي، وعدم وجود أخوة، أي وحيد الأبوين:

p4-264-2فهذا يعني أننا نتوقع أنه إذا قمنا بعملية إحصاء لهذا الاحتمال في المجتمع، وليس ضروريا في المجتمع العربي سنرى أن عدد الأمهات الورثة يساوي ضعف عدد عدد الآباء الورثة.

  • الاحتمال الثالث: حالة عدم وجود أولاد لدى المتوفي ولكن عنده أخوة:

p4-264-3ونتوقع أننا إذا قمنا بعملية إحصائية لهذا الاحتمال سنجد أن عدد الأمهات الوارثات يساوي خمسة أضعاف عدد الآباء الوارثين.

الآن إذا جمعنا الاحتمالات الثلاثة على مجال عدد كبير من الناس بغض النظر عن البلد، أو على مجال العالم نتوقع أن نجد أن مجموع ما يأخذه الآباء يساوي مجموع ما تأخذه الأمهات.

نقول هذا انطلاقاً من أن الوجود وقوانينه هو كلمات الله، والتنزيل كلامه. ومصداقية كلامه لا توجد إلا في كلماته. فالحالات الإرثية الحقيقية وتوزع الوفيات والأعمار هي عملية معقدة جدا تنتج عنها المساواة في الإرث في الاحتمالات الثلاثة. هذا في حال تطبيق الإرث دون الوصية.

ثم يقول تعالى {آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا}. هذا الجزء من الآية يتحدث عن الأصول مهما علو الذين يدخلون في قوله تعالى {آباؤكم}. والفروع مهما نزلوا الذين يدخلون في قوله {أبناؤكم}. فالورثة الذين تشملهم الآية ليس الآباء المباشرين بل قد يكونون الجدود، بدليل قوله تعالى على لسان يوسف (ع} (واتبعت ملة آبائي إبراهيم واسحق ويعقوب) يوسف 38 إضافة إلى أن الورثة الذين تشملهم الآية ليس فقط أبناء الصلب المباشرين بل قد يكونون أبناء الابن، بدليل خطاب الله تعالى في تنزيله الحكيم لبني إسرائيل، الذين ليسوا جميعاً من أبناء صلب إسرائيل المباشرين.

ولكن ما هي القاعدة، أو الحكم في هذا القول؟

القاعدة هي: الأقرب فالأبعد. فإذا مات إنسان وأبوه وجده على قيد الحياة، حجب الأب الجد عن الإرث. أما إذا مات إنسان وأبوه متوفى وجده على قيد الحياة فليس ثمة ما يمنع أن يرثه جده. وقل مثل هذا عن الأصول من ذوي الرحم. فإذا توفي إنسان وأمه وجدته لامه على قيد الحياة ورثته أمه وحجبت الميراث عن الجدة. أما إذا توفي إنسان أمه متوفاة وجدته على قيد الحياة، انتقل إرث الأم إلى الجدة وأخيرا، إذا توفي إنسان والده ووالدته متوفيان، وجده وجدته على قيد الحياة فإنهما يرثان حصة الأم والأب المذكورة في الآية، حسب الشروط الموضوعية التي تحكم الحالة الإرثية (له ولد/ليس له ولد/له أخوة.. إلخ)

ما قلناه عن الأصول (أب/أم/جد/جدة) نقوله عن الفروع. فوجود الولد، ذكراً كان أم أنثى، يحجب الإرث عن الأحفاد. أما إذا توفي جد، وابنه متوفى، انتقل الإرث إلى أحفاد الجد أي إلى أبناء الابن المتوفى لعدم وجود ما يحجبه. فلننظر إلى الشكل:

p4-266فالآباء بالنسبة لمحمود وسعاد ومحي الدين هم أحمد وسعيد وأمينة. والأبناء بالنسبة لأحمد هم محمود وسعاد ومحي الدين.

فإذا توفي سعيد أو أمينة، وأحمد وبقية أخوته على قيد الحياة، فالأبناء الورثة هم أحمد وسعد وسميرة وصباح. أما إذا مات أحمد في حياة أبويه ورث كل منهما السدس والباقي لأبناء أحمد (محمد /سعاد/محي الدين). وبوفاة أحمد يدخل أبناؤه في زمرة أبناء الجدين (سعد/أمينة) فإذا توفي أحدهما بعد ذلك كان محمد وسعاد ومحي الدين ضمن الأبناء الورثة، مثلهم مثل سعيد وسميرة وصباح سواء بسواء. وفي هذا يتضح إكرام الله تعالى لليتامى.

أنظر كيف ورث أبناء المتوفى أحمد نصف تركه جدهم أو جدتهم مقابل الثلث (السدسين) الذي ورثاه من أحمد حين توفي. ولا بد هنا من الإشارة إلى نقطة في غاية الأهمية، هي حلول الترضية التي يلجأ إليها البعض، عندما يعطون الأحفاد ما ورثة الجدود من آبائهم المتوفين. أو أن يعطونهم مثل حظ أبيهم من إرث جدهم كما لو كان أبوهم حياً. نقول هذا كله لا يجوز. فالموت يشطب اسم الوارث من قائمة الورثة.

بهذا يتضح أمامنا بجلاء الفرق بين الأبناء والأولاد، فالأبناء تتبع مستوى المقارنة على محور الأصول، أما الأولاد فلها مفهوم أعم وهو الولادة، وكلامهما فيه ذكور وإناث، ولهذا فحين وضع تعالى قوانين الإرث الثلاثة الأساسية وطبقها على الآباء والأبناء والأزواج والأخوة والأخوات قال {يوصيكم الله في أولادكم}. كما يتضح لنا معنى قوله تعالى {لا تدرون أيهم أقرب نفعا} إذا لا أحد يدري أبداً من سيرث من؟‍ هل سيرث الأب ابنه أم سيرث الابن أباه، وهل الجد سيرث حفيده أم الحفيد سيرث جده؟ فهذه الأمور من الناحية الفردية من مجاهيل المجتمع. أما من الناحية الكلية فإن من العلوم أن جيل الأبناء سيرث جيل الآباء.

هنا نلاحظ الفرق الكبير بين القانون الكلي الحتمي والقانون الجزئي (الذي هو ضمن القانون الكلي) الاحتمالي. فقولنا إن جيل الأبناء سيرث جيل الآباء، قانون كلي يحمل الطابع الحتمي. أما تحديد الوارث في حالة فردية بعينها، هل الأب سيرث الابن ام الابن سيرث الأب؟ فهو قانون جزئي يحمل الطابع الاحتمالي، ولا تعارض بينهما. ولعل أوضح مثال على الفرق بين الكلي الحتمي والجزئي الاحتمالي هو قانون {كل نفس ذائقة الموت} فهو قانون كلي وحتمي، أما قانون طول الأعمار وقصرها بالنسبة للأفراد فهو قانون جزئي احتمالي، ولا تعارض ولا تضاد ولا تناقض بينهما. إن كل نفس ذائقة الموت هو في النتيجة العامة النهائية على مستوى عموم الخلق وهذا لا يعني أبدا ما يذهب إليه البعض من أن العمر محتوم، أما كم يعمر أحمد؟ ومتى يموت سعيد؟ وكم تعيش شجرة التوت في ساحة البلدية، فقوانين جزئية احتمالية تقبل التصرف فيها، وأما إطالة الأعمار عن طريق تحسين الظروف الصحية العامة وتأمين اللقاحات القاضية على الأمراض التي تقصر الأعمار، فهي واجبات فرضها الله علينا ورسوله، ولكنها لا تخرج أبداً، ولا تناقض أبداً القانون الحتمي الكلي، قانون {كل نفس ذائقة الموت}.

ننتهي الآن إلى قوله تعالى في ختام الآية 11 من سورة النساء {فريضة من الله إن الله كان عليماً حكيماً}. فهذه الحصص التي فرضتها قواعد الإرث المبنية في الآية إنما هي فريضة فرضها الله لهم، بعد أن لم يقم المتوفى بوضع وصية يفرض هو فيها الحصص لمن يرغب من المستحقين، من آباء وأبناء وأقارب وذوي قربى ويتامى وذرية ضعافٍ، حسب قوله تعالى {للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون نصيباً مفروضاً} النساء 7. فإذا لم يحدد هذا النصيب المفروض من قبل المتوفى في وصية، جاء سبحانه فحدد في وصيه وضعها هو عوضاً عن وصية المتوفى، ولهذا استهل آية قوانين الإرث وحدوده بقوله {يوصيكم الله في أولادكم} وختم هذه القوانين والحدود بقوله {وصية من الله}.

ميراث الأزواج:

ننقل الآن القسم الأول من الآية الثانية من آيات الإرث، المتعلقة بالأزواج في قوله تعالى {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ…} سورة النساء 12

فيبدأ سبحانه بخطاب الرجال الذي تتوفى زوجاتهم، فيفرض للرجل النصف من تركة زوجته إن لم يكن لها ولد (ذكراً كان أم أنثى ابناً كان أم حفيداً) ويفرض له الربع إن كان لها ولد، ثم يتحول بالخطاب إلى النساء اللواتي توفي أزواجهن، فيفرض لهن الربع إن لم يكن لهم ولد، ويفرض الثمن، إن كان لهم ولد، وواضح أنه سبحانه يطبق هنا قانون {للذكر مثل حظ الأنثيين} وهو الحد الأول الذي حدده الله. فللزوج نصف ما تركت زوجته إن لم يكن لها ولد، بغض النظر عن العدد والجنس، واحد كان أم أكثر ذكراً كان أم أنثى. ونلاحظ أنه أكد مرة ثانية على أن هذا القانون يعمل في حالة أن المتوفى لم يترك وراءه وصية يحدد فيها الورثة وحصصهم، وهذا يدعم ما ذهبنا إليه من أن الوصية هي الأصل، وأن قوانين الإرث عبارة عن بديل وضعها سبحانه في حال عدم وجودها.

ثمة نقطة يجدر الوقوف عندها بالتأمل، هي قوله تعالى كلما ذكر قانوناً من قوانين الإرث أو حداً من حدوده {من بعد وصية يوصي بها أو دين}. وهي تؤكد كما قلنا مراراً أن الأصل هو الوصية، وأن البديل في حال عدم وجودها هو هذه الحدود والقوانين العامة الإلهية. إلا أنه من الواضح الجلي أن وجود الوصية أو الدين يعطل تماما وبلا حدود قوانين الإرث. حتى أن الدين أو تسديد ما على المتوفى من حقوق للغير يأتي عملياً قبل أي شيء آخر، بل وقبل الوصية ذاتها. فقد روي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه قال: إنكم لتقرؤون الوصية قبل الدين، وإن الرسول (ص) قضى بالدين قبل الوصية. فالتقديم في الذكر واللفظ لا يقتضي التقديم في الحكم، لأنه كلمة أو لا تفيد الترتيب البتة (التفسير الكبير للرازي ج 9 ص 216).

إن تقديم الوصية على الدين في الآية لا يعني أفضليتها على الدين في الحكم، وفي هذا رد على من يزعم بأفضلية الذكر على الأنثى لمجرد تقديمه عليها في اللفظ، فقد تم تقديم الذكر على الأنثى في آية الإرث لأن الأنثى هي الأساس والذكر تابع لها لذا قال {للذكر مثل حظ الأنثيين}. وأنه سبحانه لا يمكن أن يقدم الوصية على الدين في الحكم، لأنه لو هلك من المال شيء دخل النقصان على نصيب الموصى لهم وعلى حظ الورثة، أما الدين فلو هلك من المال شيء استوفي بكامله ولو استغرق كامل التركة. باختصار نقول إن استغرق الدين كامل التركة فلا وصية ولا إرث، وإن استغرقت الوصية كامل التركة (مع عدم وجود ديون على المتوفى) فلا إرث. أما ما يذهب إليه الفقهاء اليوم لما ذهب إليه فقهاء الأمس، من وضع سقف للوصية يحددها بالثلث أو بالربع أو بأكثر أو بأقل، مستندين في ذلك إلى حديث ينسبونه للرسول الأعظم فهو اجتهاد نبوي في حينه ولظروفه ولا يحمل الطابع الأبدي حتى وإن صح.

ونعود لننظر في النسب التي تحددها الآية لحصة الزوج أو الزوجة فنجدها كما يلي:

ونفهم أنه تعالى يطبق هنا حد {للذكر مثل حظ الأنثيين}.

وقد يسأل سائل: لماذا لم يطبق حداً آخر؟ كحد {وإن كانت واحدة فلها النصف} مثلاً؟ نقول: إننا لا يمكن أن نفهم سر حكمته تعالى في تطبيق هذا الحد بالذات هنا، إلا إذا اعتبرنا أن قانون الإرث كلي لا جزئي، عام لا خاص. وأننا نجد العدالة والمساواة بين مجموعات الذكر والأنثى وليس بين الأفراد. أي أننا في المحصلة يجب أن نجد أن زمرة الأرامل من النساء حصلت على مثل ما حصلت عليه زمرة الأرامل من الرجال، رغم أن حصة الأرمل الذكر الفرد تساوي ضعف حصة الأرمل الأنثى الواحدة، وواضح أن هذا لا يمكن أن يكون إلا إذا كان عدد زمرة الأرامل من النساء ضعف عدد زمرة الأرامل من الرجال!!

ونحن لا نزعم أن لدينا بينة إحصائية أو قائمة معلومات تثبت ما ذهبنا إليه، لكن لدينا ما يدعمها ويقربها إلى درجة مقبولة.

1 – لقد أثبت علم الإحصاء أن متوسط عمر المرأة في العالم أكبر من متوسط عمر الرجل بـ 4 – 5 سنوات، سواء في البلدان المتقدمة صحياً أو المتخلفة. وهذا يعني

أنه لو تزوج رجل في الثلاثين امرأة تماثله في السن، لكان الاحتمال الأرجح أن يتوفى قبلها وترثه زوجته.

2 – إن العالم الإسلامي الإيماني يشكل حوالي 20% من هذه الكرة الأرضية. وكلنا يعلم أن رجال هذا العالم الإسلامي يميلون إلى الزواج من نساء أصغر سناً بـ 5 – 10 سنوات. هنا يصبح احتمال أن يتوفى الرجل الزوج وأن ترثه أرملته أكبر من تتوفى الزوجة وأن يرثها زوجها.

3 – المؤشران السابقان يعملان في الظروف الطبيعية، فإذا أضفنا إليهما الظروف الطارئة كالحروب والحوادث وإصابات العمل، يصبح من المؤكد أن عدد الأرامل النساء أكبر كثيراً من عدد الأرامل الرجال ولعله يصل إلى الضعف.

هذه المؤشرات لا تفيدنا فقط في فهم حكمته تعالى بتطبيق حدود الإرث وقوانينه، بل تفيدنا أيضاً في فهم حكمة السماح بالتعددية الزوجية من الأرامل حصراً وفي إيجاد مفهوم معاصر لملك اليمين، وفي فهم سبب عدم توريث الزوجة الثانية والثالثة والرابعة، لأنها بالأصل أرمله سبق أن ورثت من زوجها المتوفى. ولهذا لم يفرض لها سبحانه حظاً من تركه زوجها في تنزيله الحكيم، لكن ذلك لا يمنع زوجها أن يفرض لها نصيباً في وصيته.

الكلالة:

وبعد أن يرسم سبحانه حدود قوانين الإرث للأولاد أبناءً وأحفاداً وللأبوين آباءً وجدوداً وللأزواج بوجود الأخوة وبعدمهم، ينتقل سبحانه ليرسم حدود هذه القوانين، ويسمي الورثة ويحدد حظوظهم من التركة في حالة أخيرة وهي حالة الكلالة، فيقول سبحانه: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ}.

ونلاحظ هنا أنه أكد على موضوع الوصية والدين، فمع وجودهما لا إرث، ومع وجودهما تتعطل هذه الحدود والحصص. كما نلاحظ انه تعالى يقسم حصص الأخوة في آية إرث الأزواج. ونفهم من هذا أموراً: الأول أن الكلالة هم أقرباء المتوفى عدا الآباء والأبناء. والثاني أن هذه الحصص التي يستحقها هؤلاء الأقرباء هم الأخوة فقط إن وجدوا، إنما هي في وجود الأزواج وليس في حالة عدم وجود الأزواج. والثالث أنه سبحانه فرض للذكر والأنثى حصصاً متساوية (الأخ والأخت) في الحد الثالث من حدود الله، فإن كان أخاً واحداً أو أختاً واحدة فالحصة هي السدس، وإن كانوا مجموعة أخوة فهم شركاء في الثلث. أي أن الثلث هو الحد الأعلى لإرث الأخوة في هذه الحالة.

ونعود لنتأمل الآيات من أولها، فنجد أنه سبحانه قسم حصص الورثة وقدرها بحسب درجة قرابتهم من المتوفى أي من الأقرب إلى الأبعد. فبدأ بالأولاد، ذكوراً أو إناثاً مجتمعين أو منفردين. فالتركة كلها للأولاد، أبناء أو أحفاداً مات أبوهم، سواء أكانوا ولداً واحداً ذكراً أم أنثى، أم كانوا ولدين أم جملة أولاد. فقسم لكل حالة حدها وقانونها، ثم انتقل إلى الأبوين، فقسم لكل حالة حدها وقانونها، ثم انتقل إلى الأبوين، فقسم لهما حصتهما في حال وجودهما يأخذانها من بعد وصية يوصى بها أو دين، والباقي يوزع بكامله على الأولاد بحسب عددهم ما نصت الآية.

ثم انتقل إلى الأزواج فقسم لهم حصتهم بوجود الأبوين والأولاد يأخذونها من بعد وصية يوصى بها أو دين، تماماً كما يأخذ الأبوان حصتهما، ثم يوزع الباقي على الأولاد. وبيّن سبحانه حصص كل من الوالدين وكل من الزوجين في حال وجود الأولاد وحصصهم في حال عدم وجود الأولاد، بشكل نفهم منه بكل وضوح أن وجود الأقرب يحجب الأبعد عن الإرث سواء أكان فرداً أم أكثر ذكراً أم أنثى. ثم أنتقل سبحانه بعد هذا كله إلى بيان كيفية توزيع تركة إنسان مات وقي توفي آباؤه قبله، وليس عنده أولاد، وهذا هو الذي {يورث كلالة} بحسب تعبيره سبحانه وتعالى في الآية. وأوضح حصص الأخوة إن وجدوا.

لقد وردت أحكام الكلالة في التنزيل الحكين بآيتين هما 12 و176 من سورة النساء، ولم نجد آية في التنزيل الحكيم اختلف فيها الفقهاء مثل هاتين الآيتين. ولعل أهم أسباب الاختلاف عندهم، هو أنهم لم يجدوا في السنة والأثر ما يرجح رأياً على رأي، أو قولاً على قول، في هذا الموضوع بالذات. وبقي الحكم فيها عند الفقهاء والعلماء اجتهاداً وتأويلاً ورأياً شخصياً. ولعل عبارة عمر بن الخطاب المشهورة توضح ما نقول: ثلاثة لأن يكون بيّنها رسول الله (ص) لنا، أحب إلي من الدنيا وما في فيها: الكلالة والخلافة والربا.

ونستطيع أن نعزو هذه الاختلافات إلى أسباب ثلاثة:

1 – تقديس ما قاله وكتبه السلف، واعتباره في مصاف القول الإلهي، وعدم الجرأة على نقاش، أو مجرد التفكير بأنه تراث إنساني يقبل الصح والغلط، ويتعرض للسقط والنسيان وعوادي الزمان.

2 – النظر إلى الحدود والحصص في قوانين الإرث، على أنها واجبة التطبيق في كل الحلات بالنسبة للأولاد، ولا يمكن أن تتغير. وخير مثال على قوله تعالى {للذكر مثل حظ الأنثيين}. فقد اعتبر الفقهاء هذا القول حداً لا يجوز الخروج عنه في جميع الحالات والأحوال بالنسبة للأولاد، وسبق أن أشرنا في صفحات سابقة إلى أن هذا الحد خاص حصراً بحاله بعينها وهي أن يكون عدد الإناث ضعف عدد الذكور.

وفي مسالة الكلالة أوضح تعالى بما لا يقبل التأويل والاجتهاد أن حصة الأخ تساوي حصة الأخت (الحد الثالث من حدود الله)، بينما أعطى الزوج نصف تركة زوجته أو ربعها بوجود الأولاد وعدم وجودهم، وأعطى الزوجة ربع تركة زوجها أو ثمنها بوجود الأولاد وعدم وجدودهم (الحد الأول من حدود الله).

أمامنا مثال آخر، توضحه حالة امرأة توفيت تاركة وراءها زوجا وأبوين: يقول ابن عباس: نعطي الزوج نصف التركة والأم ثلثها والأب سدسها. وعارضه في ذلك ابن سيرين محتجاً بأن التوزيع بهذا الشكل ينتج عنه أن الأم وهي أنثى أخذت ضعف حصة الأب وهو ذكر، وهذا يعارض قوله تعالى {للذكر مثل حظ الأنثيين}. رغم أن قول ابن عباس يطابق ما ورد في آية المواريث:

  • {ولكم نصف ما ترك أزواجكم إن لم يكن لهن ولد..}
  • {فإن لم يكن له ولد وورثة أبواه فلأمه الثلث}
  • {ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك}

والطريف أن ابن سيرين أقر ابن عباس على رأيه هذا في الزوجة والأبوين وخالفه في الزوج والأبوين لأنه يعارض في رأيه قول الله تعالى {للذكر مثل حظ الأنثيين}.

3 – الاعتقاد المسيطر على الفقهاء بأن الرأي الفقهي صالح، لا بل واجب التطبيق في كل زمان ومكان، ولا يجوز الخروج عنه. مضافاً إليه اعتقاد سائد آخر، هو

أن الرسول (ص) فسر التنزيل الحكيم كله، وأعطى خلال حياته وأحداثها أمثلة توضيحية تطبيقية لجميع آياته وأحكامه. ويذهب بعضهم إلى أنه صلوات الله عليه أتى بأحكام لم ينص عليها التنزيل يجب التقيد بها وعدم الخروج عنها. وعندنا أن كلا الاعتقادين باطل.

وإذا عدنا إلى حصص الأخوة في آية الكلالة {وإن كان رجل.. الآية} نجد أنه سبحانه ذكر الأخ والأخت (ذكر وأنثى) فأعطى لكل منهما السدس وإن انفرد.

ونجد أنه سبحانه ذكر الذكر والأنثى عندما ساوى بين الحصص، وهذا يؤكد أن التنزيل الحكيم لا يذكر الجنس الواحد إلا إذا كان ذكراً، أما إن كان أنثى، فيجب أن نبحث عن ذكر يقابلها. لماذا؟ لأن قوانين الإرث نزلت تحدد حصص الورثة من ذكور وإناث في حال الاجتماع، أما في حال الانفراد، أي أن يكونوا ذكوراً لا إناث بينهم أو إناثاً لا ذكور بينهن، فالحصص بالتساوي. وهذا بديهي لا يحتاج إلى توجيه إلهي.

ونتساءل: لماذا وضع تعالى حصص الأخوة في حال الكلالة جنباً إلى جنب مع حصص الأزواج والزوجات في آية واحدة؟ المثال التالي يوضح السبب. فإذا ماتت امرأة كلالة (أي ليس لها أولاد ولا أبوان) ولها أخوة، يأخذ الأخوة الثلث ويتقاسمونه بينهم بالتساوي. فإن كان لها أخ أخذ السدس، وإن كان لها أخت أخذت السدس، فأين يذهب الباقي وهو ثلثا التركة. أقول يذهب إلى الزوج، لأنه هو الوريث الأساسي الأقرب، فإن قال قائل، إفرض أن المرأة توفيت عن أخ أو عن أخت دون زوج، أقول التركة كلها في هذه الحالة للأخ أو للأخت (الآية176)، ولا محل هنا لتطبيق قانون السدس، لأنه حد مخصوص بحالة بعينها، فإذا تغيرت معطيات الحالة تغير الحكم بالضرورة.

وكذلك إذا توفي رجل لا أصول له ولا فروع، له زوجة وأخ، يأخذ الأخ السدس بحسب الآية، ويذهب الباقي كله إلى الزوجة. ولا محل هنا لتطبيق قانون {للذكر مثل حظ الأنثيين} فنحتج كما احتج ابن سيرين على ابن عباس، لأن هذا القانون مخصوص بحالات سبق أن فصلناها فلا نعيد، وليس قانوناً واجب المراعاة في كل الحالات الإرثية كما وهم ابن سيرين، وتابعه الفقهاء على هذا حتى وقتنا الحاضر

لكن هذه الحصص التي نصت عليها الآية، وكل آيات الإرث الأخرى، مرهونة بوجود الدين وبوجود الوصية. فإن وجد دين استغرق التركة فلا وصية ولا إرث، وإن بقي بعد سداد الديون باقٍ استغرقته الوصية فلا إرث. وهنا لا بد لنا من وقفة.

إن من الواضح المؤكد أن الوصية هي الحل الأولى والأجدى والأعدل عند الله تعالى. بدليل الشرط الذي يضعه مع كل قانون إرثي وهو قوله {من بعد وصية يوصى بها أو دين} ومن الواضح المؤكد أن تنفيذ الوصية دون تحريف، واجب علينا بعد وفاة المتوفى، تحت طائلة الوعيد الذي نصت عليه الآيات. ولقد قلنا فيما سبق أن الوصية قانون خاص يناسب وضع المتوفى الاجتماعي والاقتصادي، ومن هنا فهو المفضل عند الله، وأن قوانين الإرث قوانين عامة قد تحقق العادلة والمساواة على صعيد الأفراد وقد لا تحققها. وهنا يخطر على البال سؤال: أليس بالإمكان المزج بين القانونين: الوصية والإرث؟ نقول إن ذلك ممكن بالتأكيد، والسنة الشريفة النبوية استهدفت المزج بينهما.

يقول الخبر المأثور عن النبي (ص) إن صح أنه قال حين سئل عن الوصية:” الثلث والثلث كثير. إنك إن تترك ورثتك أغنياء خير من أن تدعم عالة يتكففون الناس” البخاري 2537

إن هذا الخبر يوضح لنا أن النبي (ص) أقر بالوصية، وهذا يدحض قول القائلين بنسخ آيات الوصية. ويوضح لنا أنه اجتهد فلم ير ما يمنع الجمع بين الوصية وقوانين الإرث، فأجازها لكنه في الوقت نفسه يضعنا أمام أمور:

أولها: أن النبي في الخبر يتحدث بلا ريب عن حالات معينة اجتماعية يكون فيها الموصي المشرف على الموت إنساناً بسيطاً لا يملك ثروة طائلة، وضعه المالي يشبه وضع أبي ذر الغفاري أو وضع الإمام علي كرم الله وجهه. فجاء الاجتهاد النبوي الشريف يضع توجيهاً لأمثال هؤلاء، يحرص فيه على تفضيل أن يترك المتوفى أمواله لورثته، فلا يحتاجون معها إلى أحد بعده، مستنداً في ذلك إلى قوله تعالى {وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً} النساء 9 ومن هنا نجد الإمام علياً كرم الله وجهه يقول: لأن أوصي بالخمس أحب إلي من الربع، ولأن أوصي بالربع أحب إلي من أن أوصي بالثلث. أما لو كانت الحالة المطروحة أمام النبي حالة رجل في مثل ثراء روكلفر أو أوناسيس كعبد الرحمن بن عوف أو عمرو بن العاص مثلا، لقال النبي شيئاً آخر. لسبب بسيط جداً، هو أنه لو أوصى مثل هذا الرجل لغير ورثته بـ 95% من تركته لبقي للورثة ما يغنيهم وما يجنبهم أن يكونوا عالة يتكففون الناس. وهذا ما يجعلنا نؤكد أن حد الثلث في الوصية عند النبي ليس حداً ثابتاً مطلقاً شاملاً أبدياً.

ثانيها: أن النبي في الخبر يتحدث عن الوصية لغير الورثة، فالمرء من حيث المبدأ حر في أن يعطي من أمواله ما يشاء لمن يشاء. وهذه الحرية احترمها الله تعالى نفسه في الإنسان. فجاء التكليف بالوصية عاماً مطلقاً غير محدد بنسبه أو رقم، إلا أنه رغم عموميته وإطلاقه جاء مقيداً باعتبارات وردت في الآية 9 من سورة النساء المذكورة آنفاً، ولعل الإمام الرازي فهم المقصود الذي نذهب إليه فقال: واعلم أن الأولى بالإنسان أن ينظر في قدر ما يخلف ومن يخلف، ثم يجعل وصيته بحسب ذلك، فإن كان ماله قليلاً وفي الورثة كثرة لم يوص، وإن كان في المال كثرة أوصى بحسب المال وبحسب حاجة الورثة بعده، والله أعلم (التفسير الكبير ج9 ص 183)

ثالثها: أن النبي في حديثه عن الوصية لغير الورثة واقتراحه ألا تتجاوز ثلث التركة، لم يعن أبدا ما ذهب إليه الفقهاء من أن الوصية للورثة غير جائزة، فالأقربون عند الله ورسوله أولى بالمعروف، أي أن حديث (لا وصية لوارث} (الترمذي 2046) ليس له أي أساس من الصحة، والوصية أولا وآخراً شكل من أشكال التصرف، يمارسه المالك فيما يملك على الوجه الذي يريد. ولا تختلف من هذه الزاوية عن أي تصرف آخر يتصرفه المالك في أي لحظة من لحظات حياته، وليس ثمة ما يبرر حرمانه من هذا الحق وهو على أبواب الآخرة، نقول هذا ونحن نضع نصب أعيننا أن الموت غيب، فالنفس لا تدري بأي أرض تموت، وأن الوصية بناء على ذلك واجبة الاتباع حتى في حال الصحة الكاملة، وهذا ما يشير إليه الأثر النبوي، إن صح، في قوله: {ص): “ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي به تمضي عليه ليلتان إلا ووصيته مكتوبة عنده”. (البخاري) 2533 من هنا نقول: إن أي تحديد لمطلق الوصية وأي تخصيص لعمومها وشمولها وأي إحالة إلى قوانين الإرث نلحقها بها، إنما هو اجتهاد ظرفي لا يحمل الطابع الأبدي.

لقد أمر سبحانه عباده بالوصية وكتبها عليهم، وأوضح سبحانه الاعتبارات التي أوجب مراعاتها حين كتابة الوصية. وليس لأحد غيره نبياً كان أو غير نبي، أن ينسخ أو يلغي أو يبطل أو يقيد حكماً عاماً كتبه على عباده، فإن فعل أحد ذلك، فهو من باب الاجتهاد في التطبيق المحكوم بعوامل الزمان والمكان وظروفهما ولا يحمل صفة المطلق، لأن تقييد المطلق لا يمكن إلا أن يكون نسبياً وإلا ينتج لدينا مطلق المطلق وهذا محال عقلاً وموضوعياً.

تصوروا أن رجلاً أطاع أمر الله فكتب وصيه يتم بموجتها توزيع أمواله بعد وفاته، ثم جرت أحداث تغيرت معها قناعاته التي انطلق منها وهو يضع وصيته، أليس له أن يعدل أو يغير في وصيته المكتوبة؟ نقول: إن له ذلك بكل تأكيد، دون أن يسمى ذلك جنفاً أو حيفاً.

وتصورا أن رجلاً أطاع أمر الله في الوصية، وقبل اجتهاد النبي فتبرع في وصيته بثلث ماله لجمعية رعاية المساجين وأسرهم مثلاً، ثم تعرضت بلاده لاعتداء خارجي، فهب يضع كل ما يملك لصالح الدفاع عن وطنه وأمته.

وحين سأله صديقه ماذا تركت لأهلك وعيالك؟ قال: تركت لهم الله ورسوله!! فهل يتصور السادة العلماء أن نصيح بمثل هذا الرجل: تصرفك لا يجوز شرعاً، فالنبي قال: الثلث والثلث كثير. وما قمت به حماقة ستدفع بورثتك إلى أحضان الفاقة إن توفاك الله اليوم أو غداً؟ إذاً تصوروا ذلك، فإنهم يزاودون على الله وعلى النبي، ويقوّلون النبي مالم يقل. فقد تبرع أبو بكر الصديق بكل ماله لتجهيز جيش المسلمين، تاركاً لأهله الله ورسوله، ولم يزده ذلك إلا رفعة في أعين النبي والناس، ولم يسمع أحد أن النبي انتقده وأمره بالتزام الثلث.

هذا كله يؤكد ما ذهبنا إليه من أن خبر الثلث في السنة النبوية الشريفة اجتهاد نبوي مخصوص بالحالة المعروضة عليه شأنه شأن الاجتهادات النبوية كلها، ليس له صفة الخلود والشمول والإطلاق.

إن موضوع الوصية والإرث والكلالة، أحد أهم المواضيع التي اختلف فيها الفقهاء وتعددت فيها الآراء والمذاهب. حتى أننا نجد عند الفخر الرازي (ج9 ص 182) أن الإمام النخعي قال “إن أوصى الإنسان فحسن، وإن لم يوص فحسن أيضاً، فقد قبض رسول الله (ص) ولم يوص وقبض أبو بكر فوصّى”. ولا يدري المرء وهو يقرأ مثل هذا الخبر هل يندهش أم يبكي أو يضحك.

الإمام النخعي ينسخ ويبطل التكليف بالوصية شأنه شأن القائلين بالنسخ، رغم أن النبي يقرها ويحددها، لا بل إنه يحسِّن عدم كتابتها، ويزعم أن النبي لم يوص. وكأنه لم يسمع أن رسول الله (ص) قال: نحن معشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة. أليس هذا هو الوصية بعينها؟ وهل يعقل أن يقبض النبي، وهو يخالف أمراً إلهياً نزله به الوحي الأمين، وأبلغه هو للناس، وحثهم على التقيد والالتزام به؟

والإمام النخعي في تحسينه لترك الوصية تأسياً بالنبي في زعمه، وتحسينه للالتزام بها تأسياً بأبي بكر، يبتدع لنا أمراً غريباً لم نسمعه عند غيره، هو السنة الصحابية. التي يفترض روح الخبر أن يلتزم بها الناس التزامهم بالسنة النبوية والتزامهم بالأوامر والتكاليف الإلهية.

والإمام النخعي شأنه أيضاً شأن كثيرين، يسحب مفهوم الوصية على الإمامة والنبوة والخلافة والحكم، مما لا علاقة له ولا لقوانين الإرث به من قريب أو بعيد. فالوصية مكتوبة على الإنسان في حال أنه ترك خيراً أي مالاً وأملاكاً. وقوانين الإرث توزع ما بقي من التركة من بعد وصية يوصى بها أو دين ولا علاقة لها بالإمامة والخلافة والسلطة.

نعود إلى ما كنا فيه، لنقف أمام قوله تعالى {غير مضار} فالمضار جاء من فعل ضرَّ وله ثلاثة أصول صحيحة. أولها الضر ضد النفع، وثانيها الضر من الضرَّة وهي الزوجة الثانية، وثالثها الضر تحمل المشاق ومنها سمي الأعمى ضريراً. فما هو معناه في الآية التي تتحدث عن إرث الأزواج والزوجات والأخوة؟

نحن نميل إلى فهمه بالمعنى الأول (الضر ضد النفع)، للتأكيد على أنه في حال الكلالة يأخذ الأخوة الثلث، فإذا أخذ الزوج نصف التركة في حال أن المتوفى امرأة، يبقى سدس التركة ويجب أن يعطى للزوج في رأينا. وإذا أخذت الزوجة ربع التركة في حال أن المتوفى رجل يبقى 5/12 من التركة يجب أن تعطى للزوج في رأينا، لأن الزوج هو الوريث الوحيد من الدرجة الأولى لأن النصف والربع هي الحدود الدنيا لإرث الزوج والزوجة في حال عدم وجود الأبناء.

وفي حالة الكلالة فإن الحصة تزيد عن هذه القيم، فإذا أعطي هذا الباقي للأخوة، أو لأناس آخرين غير مذكورين في آيات الإرث بتاتاً، وقع ضرر كبير على الزوج الوارث أو الزوجة الوارثة، ينبهنا سبحانه إلى عدم الوقوع فيه.

بالإضافة إلى هذا فنحن نميل أيضاً إلى فهمه بمعناه الثاني (الضرة وهي الزوجة الثانية) ونفهم أنه سبحانه يشير إلى أن (الضرة) لا ترث. فهو قد سمح بالتعددية الزوجية من الأرامل حصراً، والأرملة بالأصل امرأة مات زوجها فورثت ما حدده لها الله من تركته وأخذت ما حدد لها في وصيته.

لقد سمح تعالى بالتعددية الزوجية في قوله {وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} النساء 3 وكما قلنا فإن الآية توضح لما لا يقبل الشك أن التعددية الزوجية هي من الأرامل ذوات الأيتام حصراً، وأن مبرر الزواج هو الإقساط إلى اليتامى ورعايتهم.

ومقابل هذا العبء على الرجل فقد أعفاه التنزيل الحكيم من أمرين: الصداق والإرث وذلك في قوله تعالى {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ فِي يَتَامَى النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدَانِ وَأَنْ تَقُومُوا لِلْيَتَامَى بِالْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيمًا} النساء 127.

الآية هنا تصف وضعاً اجتماعياً يدور حول تساؤل موجه للنبي(ص): أفتنا في النساء اللاتي لا نعطيهن صداقاً حين ننكحهن بقصد رعاية أيتامهن، هل نتابع ذلك أم أن لله حكماً آخر؟ وتأتي الآية جواباً على هذا التساؤل والاستفتاء، فتجيز الآية عدم دفع ما كتب للأرملة التي تنكح بقصد رعاية أيتامها. فما الذي يتلى علينا في الكتاب بهذا الشأن؟ أقول: أنه أولاً في قوله تعالى {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة، فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً} النساء 4. وهذا هو الأمر بإتيان النساء مهورهن الذي أعفت الآية 127 منه على شرط رعية المستضعفين من الولدان والقيام لليتامى بالقسط. وأنه ثانياً في قوله تعالى: {غير مضار) الذي يعفى الزوج من حصة زوجته في الإرث كضرة أي كزوجة ثانية. أما ما ذهب إليه بعض المفسرين وتابعهم عليه عدد من الفقهاء المعاصرين، أن يتامى النساء تعني النساء اليتيمات، فهذا عندنا ليس بشيء، وإلا أصبحت عبارة (كتب التاريخ) تعني (التاريخ كتبي) وأصبحت (رِجْلُ الطاولة) تعني (الطاولة الرجلية).

من هنا فنحن نقترح في حال منع التعددية الزوجية، وحصرها بالأرامل فقط، أن يفرض على المخالفين وضع شرط في العقد يوضح أن الزوجة الثانية لا ترث.

ثم يختم سبحانه الآية بقوله {وصية من الله والله عليم حليم}. لقد بدأ سبحانه قوانين وحدود الإرث بقوله {يوصيكم الله} وهنا يختمها بالتأكيد على أن ما سلف هو وصية الله عندما لا يكون ثمة وصية تركها المتوفى. إلا أن الوصية الإلهية البديلة قانون عام وضع لأهل الأرض يحقق التساوي والعدالة بين المجموعات. لكنه لم يغفل التنبيه على أن الوصية الإنسانية هي المقدمة والمفضلة وذلك في أربعة مواضع أشار فيها إلى أن قوانين الإرث الإلهية تطبق من بعد وصية يوصى بها أو دين، لأن في الوصية الإنسانية عدالة على مستوى الأفراد.

وأما قوله تعالى {و الله عليم حليم} فيذكرنا بقوله في خاتمة الآية السابقة {وكان الله عليماً حكيماً}

عليم حكيم ____ عليم حليم

فالمشترك بينهما هو (عليم). أي أن الله بتوزيع السكان والولادات ونسبها هو القاعدة في هذه الأحكام. ولكن في علم الله أيضاً أن البشرية ستحتاج إلى وقت طويل لتفهم وتعي القوانين الموجودة ضمن آيات الإرث وتطبقها عن وعي وإدراك، ولهذا أنهى الآية {و الله عليم حليم}.

الكلالة الثانية:

ننتقل الآن إلى آية النساء 176 التي تحدد الورثة وحصصهم في حالة الكلالة، إنها لا تخرج عن حدود الله الثلاثة الواردة في آية النساء 11. ولكن يحلو لأهل العلم الذين بحثوا موضوع الكلالة أن يميزوا آيتي الكلالة في سورة النساء بأن التي في أوائل السورة نزلت في الصيف والثانية في آخر السورة نزلت في الشتاء، يقول تعالى:

{يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كَانُوا إخوة رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}. النساء 176.

فبعد أن بيَّن سبحانه حصص الورثة في حالة الكلالة بوجود الزوج أو الزوجة في الآية 12، انتقل لبيان حصصهم في حالة الكلالة بغياب الزوج أو الزوجة في هذه الآية. أي أنه تعالى يتحدث في الآيتين عن امرئ توفي ليس له أصول ولا فروع. فإن كان له زوج حكمت الآية الأولى مسألة توزيع تركته (الكلالة الأولى)، وإن لم يكن له زوج حكمتها الآية الثانية (الكلالة الثانية).

إنما لابد من الإشارة إلى ما سبقت الإشارة إليه مراراَ، من أن جميع قوانين الإرث في تحديد حصص الورثة، نزلت حصراً لتطبق في حالات الاجتماع لا في حالات الانفراد. أي في حالاتٍ الورثة فيها ذكور وإناث، أما إن كان الورثة ذكوراً فقط أو إناثاً فقط فالتركة توزع بالتساوي. وفي حالة الكلالة ينتج لدينا بناء على ما قلناه:

1 – الوارث أخ واحد ذكر يرث كل شيء.

2 – الوارث أخت واحدة أنثى ترث كل شيء.

3 – الورثة إخوة ذكور (2، 3، 4، 5..) يرثون كل شيء بالتساوي.

4 – الورثة أخوات إناث (2، 3، 4، 5..) يرثن كل شيء بالتساوي.

فوجود ورثة من جنس واحد (إخوة ذكور / أخوات إناث / أولاد ذكور / أولاد إناث) لايحتاج لبداهته إلى وحي يقول بتوزيع التركة بينهم بالتساوي.

وكما أن السادة الفقهاء حصروا كلمة (الولد) بالابن الذكر، لأسباب سياسية واجتماعية سبق تفصيلها في هذا الكتاب، فقد ظلوا على هذا الحصر في أحكام هذه الآية. فزعموا أن الأخت ترث النصف إن لم يكن للميت ولد ابن، أو كان له بنت. وهذا ليس عندنا بشيء.

ولم يكتفوا بهذا بل ذهبوا إلى القول بالتفريق بين الأخ أو الأخت من الأب والأخ أو الأخت من الأم، ونسبوا إلى أبي بكر الصديق قوله في خطبة له: “ألا إن الآية التي أنزلها الله في سورة النساء في الفرائض، فأولها في الولد والوالد، وثانيها في الزوج والزوجة والإخوة من الأم، والآية التي ختم فيها سورة النساء أنزلها في الإخوة والأخوات من الأب والأم. أما الآية التي ختم بها سورة الأنفال، فقد أنزلها في أولي الأرحام”.

يقول تعالى {يَسْتَفْتُونَكَ قُلْ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ}. ولابد في رأينا لاستفتاح الآية بهذا الشكل، من أن تكون الكلالة قبل نزولها محل استفسار وطلب رأي، تماماً كقوله تعا

لى {يسألونك عن الساعة} و{يسألونك عن الروح} وما شابهها. الأمر الذي يذكرنا بقول عمر بن الخطاب: ثلاثة لو أن الرسول بينها لنا.. الخبر. (البخاري 5160). ويجعلنا نتساءل: كيف يقول عمر هذا وأمامه الآية، وفيها ما يشير صراحة إلى أن الله هو الذي يفتي في الكلالة؟

ثم يعرف سبحانه الكلالة فيقول: {إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ}. ونفهم أن المقصود بهذا الوصف، إنسان ليس له أبناء ذكور ولا إناث، وليس له أحفاد مات والدهم ذكور ولا إناث، وليس له أب ولا أم ولا جد ولا جدة.

ثم يقول تعالى {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ}. ولا شك هنا في أننا لو اعتبرنا أن هذا القانون يسري في حال الإفراد، أي أن للمتوفى أختاً واحدة لا غير لوجدنا أنفسنا أمام نصف آخر من التركة لم تذكر الآية صاحبه. الأمر الذي يوجب علينا أن نفترض أن هناك أخاً يقابلها. وبالتالي:

الأخت (نصف) الأخ (نصف): حالة وجود أخ وأخت (الحد الثالث من حدود الله).

5 – حالة وجود أختين يعني أن هناك أخاً يقابلهما:

أخت (ثلث) أخت (ثلث) أخ (ثلث) بالتساوي (الحد الثالث من حدود الله) أو أخت (ثلث) أخ (ثلث) أخ (ثلث)

ونلاحظ أن التساوي يتحقق في وجود أخ وأخت أو أخوين وأخت أو أختين وأخ. وهذا تطبيق قوله تعالى {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ}.

فإذا كان الورثة أكثر من ثلاثة. كما في الحالات التالية:

1 – أخ – أخ – أخت – أخت أو

2 – أخ – أخ – أخ – أخت أو

3 – أخت – أخت – أخت – أخ، فماذا نفعل؟

فلو حاولنا تطبيق قانون {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} على الحالة (1)، لبقي الثلث للأخوين أي لكل منهما السدس.

ولو حاولنا تطبيق قانون {وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} على الحالة (2) لبقي ثلث النصف لكل من الإخوة الثلاثة.

ولو حاولنا تطبيق قانون {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} على الحالة (3) لما بقي شيء ترثه الأخوات الثلاث.

لذا ننتقل إلى قوله تعالى {وَإِنْ كَانُوا إخوة رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ}، وإلى تطبيق الحد الأول من حدود الله المذكور صراحة وهو {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنثَيَيْنِ}. هذا الحد الذي نطبقه في كل الحالات التي يكون فيها عدد الإخوة الورثة أربعة فما فوق، فيهم الذكور والإناث.

بعد هذا البيان التفصيلي لحصص الورثة من أصول وفروع وأزواج وأخوة، يختم تعالى قوانينه وحدوده بقوله {يبين الله أن تضلوا والله بكل شيء عليم}. أي أن علم الله هو الصفة المشتركة بين كل آيات الإرث.

(2) تعليقات
  1. السلام عليكم

    نلاحظ وجود خطأ في توزبع الإرث حسب الحد الثاني؛ حيث أنه يجب جعل كل ذكر وأنثيين في مجموعة لوحدها حتى يتبقى في المجموعة الأخير ذكر واحد مقابل أكثر من أنثيين. ثم يحسب حظ كل مجموعة بقسمة التركة على عدد المجموعات. يحتسب حظ الذكر والأنثى في كل مجموعة على أساس الحد الأول (للذكر مثل حظ الأنثيين)، أما المجموعة الأخيرة والتي يتبقى فيها ذكر واحد مقابل أكثر من انثيين فيحتسب حظ الذكر والأنثى على أساس الحد الثاني (فلهن ثلثا ما ترك)، ثم يجمع حظ جميع الذكور ليقسم بينهم بالتساوي، ويجمع حظ جميع الإناث ويقسم بينهم بالتساوي، وسوف نجد النتيجة مختلفة دائما مع ما توصلتم إليه بجعل ثلث الإرث للذكور وتقسيمه بالتساوي بينهم والثلثين للإناث وتقسيمه بالتساوي بينهم.

    وشكرا لكم

  2. S’il faut mettre à côté un frère pour qu’elle ait la moitié du défunt, dans ce cas si c’est elle qui décède il n’aura pas la totalité sa part sera partagée entre les 2 frères.je n’ai pas compris cette partie. merci


    الأخت صبيحة
    يرجى توضيح السؤال بالضبط أو إرساله باللغة العربية.

اترك تعليقاً