أفكاري ستنتشر وتفرز أحزاباً سياسية تصنع الإصلاح الديني – صحيفة الغد

أفكاري ستنتشر وتفرز أحزاباً سياسية تصنع الإصلاح الديني – صحيفة الغد

صدر الأستاذ الدكتور محمد شحرور حتى الآن أربعة كتب هي: الكتاب والقرآن/ قراءة معاصرة (1990)، الدولة والمجتمع (1994)، الإسلام والإيمان / منظومة القيم (1996)، نحو أصول جديدة للفقه الإسلامي (2000). غير أن كتابه الأول كان الأكثر لفتاً للأنظار لما احتواه من منهج جديد في التفكير لدرجة أن بعض القراء والمثقفين يعتبرونه بمثابة “فتح جديد” في المعرفة الدينية الإسلامية، بينما يراه البعض الآخر كفرا وإلحادا وخروجا على الأصول المجمع عليها!.

ولد الدكتور شحرور في دمشق عام 1938 ودرس الهندسة المدنية في موسكو ثم التحق بجامعة دبلن في إيرلندا حيث حصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة المدنية عام 1972. اشتغل بكتابه الأول منذ عام 1967 أي أنه استغرق منه نحو 23 سنة. يقوم منهج شحرور على مبدأ عدم وجود ترادفات في اللغة العربية وبالتالي في كتاب الله، مستنداً في ذلك إلى اكتشاف علمي هام لأحد اللغويين المعروفين (وهو يثبت بحث أستاذ اللغويات ذاك كملحق في كتابه الأول)، ما يؤدي إلى أن لكل كلمة في المصحف معناها الخاص بها وليس ثمة كلمتين تحملان المعنى نفسه، ومن هنا اشتغل شحرور على جمع الآيات الكريمة التي تتناول الموضوع نفسه والمفرقة في أكثر من سورة ودرس كل موضوع على حدة بالرجوع إلى المعاني العربية للكلمات، وهذا هو المعنى اللغوي الحقيقي لـ “الترتيل” الذي أمر به الله تعالى في كتابه. وبهذه الطريقة استخرج شحرور نظريته في الحدود، فقد جمع الآيات التي تتعلق بكل موضوع فقهي على حدة فوجد أن الآيات توضح ما هو مطلوب من المسلم في حديه الأدنى والأعلى في كل قضية كقضايا الإرث والنكاح والمعاملات الاقتصادية وغيرها. لكن الدكتور شحرور لا يطل كثيراً في وسائل الإعلام وقد يكون يعاني من تهميش مقصود لما يعنيه انتشار أفكاره من هز أكيد لـ”الثوابت” التي تصنع هذا الركود والسلبية والاستقالة من التاريخ التي تعيشها مجتمعاتنا العربية.

وإذا كانت آراء شحرور في المعرفة الإسلامية تتسم بالجدة، فإنها في المقابل قد أثارت الجدل والنقاش الكبير حولها، وقد كانت مجالا للرد من خلال العديد من الكتابات ومن ذلك دراسات عليا قدمت في مناقشة آراء شحرور في عدة دول عربية، في هذا الحوار نلتقي مع شحرور ونضع على طاولة النقاش والجدل معه أبرز آرائه الدينية وما يرتبط بها من إشكاليات، كما ونفتح الباب مشرعا لأي ردود أو تعليقات إذا التزمت بمنهجية الحوار الموضوعي المنهجي..

سؤال الإصلاح الديني في العالم العربي

دعنا نبدأ بسؤال عكسي: ما هي برأيك الكيفية التي يمكن على أساسها نقل الأفكار التي تطرحها من الحالة النظرية إلى التطبيق العملي؟

حالياً أفضل العمل الفكري وأشبه أفكاري بقنبلة الأعماق، ولو كان لي ظهور مستمر على قناة فضائية فأنا متأكد من أن آرائي ستذهب إلى المستمع وسيقبلها وسيعلم أنني لا أمثل اتهامات المؤسسات الدينية لي، التي تتهمني أحياناً إنني ملحد، مع العلم أنه يحدث أحياناً أن تبث هذه المؤسسات أفكاري باسمها. هناك بداية لكل شيء، وهذه فقط البداية، ومن الوارد أن تأتي البداية من الخارج، على سبيل المثال جميع كتبي ترجمت للإندونيسية ومنتشرة هناك. ولا تستبعد أن يتحملها الأمريكان ويتبنوها ويأتوا هم ليعلموننا الإسلام من خلالها (تكون هزلت). أحد زملائي قام باختصار كتبي في ملخص من52 صفحة بهدف ترجمتها للغة الإنجليزية، فبرأيه من الضروري أن يطلع الأوروبيون على مؤلفاتي.

صرحت سابقاً بأن العالم العربي يحتاج إلى حركة إصلاح ديني شامل، لماذا؟

الأسس التي وضعت سابقا وضعت ضمن منظومة معرفية وآلات معرفية محددة، ولذلك فالمعرفة التي أفرزت كانت نتاجاً لهذه الأدوات، وهي الأدوات التي استعملت في صياغة التفسير في القرنين الثاني والثالث الهجري، وهذا هو تراثنا شئنا أم أبينا. التراث هو كل شيء قيل عن القرآن وليس القرآن نفسه، نحن بحاجة إلى إعادة نظر بالتراث ضمن أدوات ونظم معرفية معاصرة، وهذه المحاولة التي قمت بها واستهلكت مني جهداً كبيراً، أنا لا أريد أن أنقد فقط بل أريد أيضاً أن أعطي البديل لو كنت ناقداً فقط لما تمت معاداتي. عملياً ما قمت به هو قطيعة معرفية للأدوات القديمة فالمعرفة أسيرة أدواتها.

أسس تفسير القرآن الكريم

استندت في الكثير من نتاجك الفكري في تفسير الآيات إلى مبدأ عدم وجود مترادفات في القرآن، هل يوجد من يوافقك الرأي من المحدثين أو القدماء؟

نعم، وعودة للوراء فإن من فسروا القرآن يعجزون عن القول بعدم الترادف، فالترادف كان ضرورة فقهية، ومن كان ينكر الترادف في اللغة كان عليه أن ينكر الحديث النبوي مباشرة، لأنهم يقولون إن الحديث النبوي نقل عن المعنى لذلك لم ينكر الفقهاء الترادف لأن من ينكر الترادف لا يقبل الحديث لأن (قال الله) ليست (نطق الله). ومن مبدأ عدم الترادف، نجد في المصحف أن هناك معاني: فالأب لا تعني بالضرورة الوالد والأم لا تعني بالضرورة الوالدة، ومن هنا ندرك قوله تعالى {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء : 23]، فالوالدة والوالد مفهوم بيولوجي بحت، والأب والأم مفهوم بيولوجي. وأيضاً الولادة لا تعني الوضع، خروج الجنين هو الوضع، ومنه الآية {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى} [آل عمران : 36]، وأيضاً {وَأُوْلَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}[الطلاق : 4] وليس (يلدن). الولادة عندما تلد البويضة في جسم المرأة لذلك عندما قالوا لزوجة إبراهيم أنها ستحمل قالت {يَا وَيْلَتَى أَأَلِدُ وَأَنَاْ عَجُوزٌ}[هود : 72] بما معناه أنني لا أحيض وأنا عجوز عقيم، وهنا وقعت المعجزة. و “اتخاذ الولد” معناه التبني بما معناه أن التبني مسموح في الإسلام.

ظهرت بقراءاتك للمصحف بمجموعة من الأفكار التي أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الفقهية والإسلامية، كان من أهمها الفصل في المعنى بين كلمتي (القرآن) و(الكتاب)؟

القرآن جزء من الكتاب، إلا أن القرآن لا يتغير وهو حقيقة موضوعية ثابتة سواء قبلت بها أم لم تقبل. بمعنى آخر لا تقبل التغيير، أما مثلاً آيات الإرث فهي من الكتاب وليست من القرآن، فهناك من يطبق آيات الإرث وهناك من لا يطبقها، مثلاً {كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ} [آل عمران : 185] [الأنبياء : 35] [العنكبوت : 57] هذا قرآن. وفي كل سور المصحف نجد كتاباً وقرآناً باستثناء سورة (التوبة).

هلا شرحت الأسس التي استندت عليها لنقض أفكار الآخرين، والدفاع عن أفكارك؟

هناك قاعدة فقهية تقول (لا اجتهاد في مجال النص) أنا قمت بقلب هذه القاعدة فبرأيي لا اجتهاد إلا في النص أما خارج النص فنحن نفعل ما نشاء، فيقول الفقهاء أن هناك آيات قطعية الدلالة مثل {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء : 11]، وبعد إعادة قراءتها اكتشفت أنها غير قطعية، فمتى تأخذ الأنثى مثل الذكر؟ فقط إذا كان عدد الإناث يساوي عدد الذكور، ولكي نطبق هذه القاعدة يجب أن تكون الحالة هي فقط (ذكر وأنثيين)، فإذا كانت أقل من اثنتين أي واحدة فإنها تأخذ نصف الميراث وبغض النظر عن عدد الذكور. وطبقاً للرياضيات الحديثة فإن نظام الإرث القديم عشوائي ليس له نظام رياضي محدد.

ولذلك عندما يقال إننا بصدد تنقيح التراث الإسلامي مثلاً، فإن التنقيح يتم ضمن نظام المعرفة القديم، وهو في النهاية جهد ضائع لأنه سيخرج بذات النتائج.

طلب منك غير مرة أن تقوم بتفسير القرآن كاملاً، هل ننتظر هكذا كتاب؟

هذا أمر مستحيل، لأن القرآن موسوعة كبيرة جداً آية تتحدث عن الصلاة وأخرى تتحدث عن القمر والشمس، القرآن يفسر كمواضيع لذلك السبب وضعت مبدأ الترتيل، ولهذا السبب أيضا أعتقد أن التفاسير سخيفة، فأنت لا تستطيع أن تفهم في الشمس والسماوات والصلاة والصوم، هذا مستحيل. لذلك حين أسعى لتفسير موضوع معين أخرج كل شيء عنه في المصحف وأرتله.

بين جدلية العقل- التراث والحركة السياسية

لم يشهد تاريخ المسلمين كله حالة انتصر فيها العقل والتفكير على سلطة النص. حدث ذلك حتى لابن رشد، فهل تظن أن انتصار العقل، أي انتصار أفكارك على الذين يتبنون سلطة التراث، ممكن أخيراً؟

دائما كان الدين والسياسة حليفين، الآن وفي الأزمة الحالية هما ضد بعضهما البعض، وكون السلطة الدينية مؤسسة فمن الممكن أن تنتشر الأفكار الجديدة على هذا الضوء.

وغالبا لن تستطيع المؤسسة الدينية أن تدافع عن نفسها لأنها حالياً ضعيفة، وكونها ضعيفة من الممكن أن تبدأ هذه الأفكار بالانتشار بين الناس.

فيما يخص المجموعات التي تؤمن بأفكارك كيف يمكن لها المساعدة في نقل هذه الأفكار من الكتب إلى أرض الواقع؟

ما أراه من خلال خبرتي وقراءتي للتاريخ أن هذه الأفكار ستنتشر وتتحول إلى تيار فكري، وهذا التيار سيفرز أحزاباً سياسية في كل بلد وهذه الأحزاب هي القوة المطلوبة هذا هو الطريق الوحيد. جاءني مرة عضو أحد القيادات القطرية وسألني “لمن تكتب هذه المؤلفات؟ هذه سياسة وستقلب الدنيا رأساً على عقب؟” أجبته بأنني رأيت قومي يحاربون بسيف وترس ورمح فقمت أنا بإحضار (فانتوم) ورميتها بالطريق، لا أعرف بعد من الذي سيأخذها، ولا أعرف من سيجيد استخدامها، لكنه سيكسب بالتأكيد، وفي النهاية أنا مؤمن تماماً أن هذه الأفكار ستتحول إلى حركة سياسية. هذا التيار هو العصر الحديث وهذه هي طريقته، هناك جزر معزولة في المجتمع، لكنني في النهاية مفكر ولست رجل دعوة، ولا أعرف كيف أنشئ حزباً وأنظمة سياسية، لو كان الأمر بيدي لفعلتها لكنني لا أستطيع أنا لست رجل سياسة ولست رجل تنظيم، ما أفعله هو وضع الفكرة تنقيحها وتنظيمها ومن ثم تقديمها للناس لقراءتها.

هل كان هذا هدفك من البداية؟

طُلب مني في إحدى المرات من قبل مجموعة من الزملاء أن أقوم بإنشاء حزب في مصر، فأجبتهم بأنكم إن أردتم فعلياً بناء حزب وأن يكون هذا الحزب مميزاً ستحتاجون إلى (بيان) أي أن تكونوا مدركين لفلسفة حزبكم ومن ثم يتم التحرك على ضوئها. إن أهم شيء على الإطلاق هو تبيان أن شعار تطبيق الشريعة لا يعطي أي شرعية، وهنا بالضبط يكمن مكسبنا، فعندما انتهت الخلافة الإسلامية التي كانت سنداً شرعياً (خلافة الرسول)، فقد الاستبداد شرعيته وظهر الاستبداد مجرداً.

رؤية جديدة في السياسة الشرعية

وكيف ستكون برأيك ماهية هذه الشرعية الجديدة؟

إلى الآن وبعد 80 سنة من سقوط الخلافة العثمانية لم تتكون لدينا شرعية جديدة، حالياً نمر بمرحلة المخاض الفكري وهو تكوين شرعية، وكل النظم والدول تشعر في الوقت الحالي بنقصان الشرعية، نحن نحتاج إلى شرعية جديدة جامعة للعرب والمسلمين وهي لم تحدث إلى الآن. حالياً أضع كتاباً عن ذلك، وأولاً أنا أتحدث هنا عن (شرعية السلطة) وهذه لا تؤخذ إلا من الناس، وأؤكد أن شعار (تطبيق الشريعة) لا يعطي شرعية للسلطة إطلاقاً فالشرعية سلطة ليس لها سلطة. هنالك جزء من هذا الفكر وضعته في كتابي الثاني (الدولة والمجتمع)، لكن حالياً استندت في مفهوم (الدولة) لكتاب علي عبد الرازق “الإسلام وأصول الحكم” الذي صدر في العام 1925 في40 صفحة. واليوم وبعد 80 عاماً سأكتب أنا (الإسلام وأصول الحكم) وربما بنفس الاسم، وسأبين فرق الثمانين عاماً الماضية، وهل تم إحراز أي تقدم في مفهوم الدولة.

ثمة إشكالية في “نظرية الحدود” التي هي العمود الفقري لأفكارك الجديدة، إذ بدلاً من استخراجها من المصحف استخرجت 6 حدود من الطبيعة ومن ثم حاولت مواءمتها مع المصحف فما مدى مصداقيته هذه المواءمة؟

لأن منزل الكتاب هو نفسه خالق هذه الطبيعة، أي أن المصدر واحد فهو نفس الناموس وأنا انطلقت من هنا (فناموسه واحد هنا وهناك).

وهل الحدود هي فقط التي حددتها في كتابك “الكتاب والقرآن”؟

يجب الانتباه إلى أنه لا يوجد تناقض في الآيات. أنا لا أنظر إلى مجتمع مكة والمدينة كمثال عام بل أيضاً إلى مجتمعات أخرى كشيكاغو. لذلك يمكن تطبيق قواعد هذه الحدود على كل شيء وما وضعته أن هو مجرد أمثلة. مثلا محارم النكاح، تستطيع إذا أردت أن تضيف لغايات العشائرية أن ابن العم لا يستطيع أن يتزوج من ابنة عمه (كإضافة إلى الحد الأدنى). لكن أن تنقص لا يجوز هذا هو الحد الأدنى تضيف لكن لا تنقص، عندما قلت الحدود وأنواع الحدود ذكرت جميع التشريعات. مثال آخر جسم الإنسان عندما تدرسه تقسمه إلى الجهاز العصبي والجهاز التنفسي والجهاز الهضمي، هذه الأجهزة برغم ترابطها وتشابكها أجهزة مختلفة. وهكذا هو المصحف كل المواضيع مختلفة ولا يوجد كتاب آخر هكذا. وعودة إلى سؤال تفسير القرآن كاملاً أؤكد أن التفسير يتم من خلال المواضيع وليس السور تماماً كجسم الإنسان لا يدرس إلا إذا فصل كل موضوع على حدة.

الأحاديث النبوية ونظرية المعرفة والإلزام الإسلامي

ثمة رأي يقول إنه لا يجوز الأخذ بالأحاديث المنسوبة إلى رسول الله في إنتاج الفقه باعتبارها جمعت بعد وفاته بمئات السنين أي يصعب إثبات صحتها مئة بالمئة من الناحية المنطقية. لكنك استندت في تحديد الحدود إلى أحاديث من تلك وقلت إنها حدود رسول الله فكيف يمكن قبول ذلك؟

أولاً المطلوب ألا تقول لي هذه أحاديث صحيحة وغير صحيحة، ما أطلبه من الفقهاء هو الفصل بين الأحاديث النبوية والرسولية، واليوم وبعد 14 قرناً لم يفعلوا هذا الأمر فليفعلوه الآن. أريد منهم أن يصنفوا هذا نبوي وهذا رسولي. أنت لا تستطيع أن تقول لي إن الأكل باليمين من السنة، أنا أرفض هذا الأمر، لماذا؟ الناس أكلوا باليمين قبل الرسول عليه الصلاة والسلام ومعه وبعده، وهناك من أكل باليمين ولم يعلم أن رسول الله أكل باليمين. السنة هي الأمور التي قام بها الرسول لأول مرة هل تم فصلها من قبل؟ لا.

وهل يجوز الفتوى استناداً إلى الأحاديث وليس إلى الكتاب؟

الأصل في الأمور الإباحة. إذا قلت أنا مثلاً إن الخمر حلال ليس مطلوب مني أن أبين أو أبرر، وإذا قلت أنت أنها حرام فعليك أن تبرر فتقول لي الآية الكريمة التي تحرم الخمر. أي أن الخمر حرام لأن هناك آية في المصحف تحرمها أي أن الدليل موجود. الحرام شمولي أبدي لهذا السبب التحريم فقط من اختصاص رب العالمين. وعندما تقول إن التدخين حرام فهذا يعني أن الإنسان الذي سيلد بعد 10 آلاف سنة محرم عليه التدخين. ففتاوى التحليل والتحريم كلها باطلة لأن التحليل والتحريم لا يستمد إلا من المصحف وحده. المحرمات في الدين الإسلامي هي 13 فقط، وردت 10 منها في سورة الأنعام والباقي هي محارم النكاح. أما ما تقتضيه الظروف لاحقاً فهو “منع”، والمنع يختص به ويحدده البرلمان وليس الفتاوى، ورسول الله كان يأمر وينهي ويمنع لكنه لم يكن يحلل ويحرم، وبالتالي فالمنع ظرفي والتحريم أبدي. حتى أحاديث الرسول في المنع والسماح – إن صحت – للاستئناس وغير ملزمة، فمنع وسماح رسول الله لا يؤخذ منه أحكام شرعية. انتهت المشكلة لذلك نحتاج إلى برلمانات وليس فتاوى.

الربا والنظام الاقتصادي المعاصر

فصلت قليلاً في المجال الاقتصادي خاصة في مسألة الربا لكنك دائما تكثف عباراتك وقد لا تكون شافية فهل لك أن تزيد لنا في توضيح الأمر؟

يوجد في علاقة الربا طرفان من يعطي ويأخذ، وهناك قاعدة عند من يسمون الفقهاء تقول (كل قرض جر منفعة فهو ربا) وهي قائمة على التعريف الفقهي للمنفعة، ويبدو أن من وضعها لا يعلم أن حياة الإنسان كلها منفعة، كل شيء منافع بين الناس حتى العلاقة بين العباد ورب العالمين هي علاقة منافع، نحن ننتفع والله عز وجل يريد لنا أن ننتفع.

مسـألة الربا تخص فقط مستحقي الصدقات ولا تخص عامة الناس وبالتأكيد لا تخص الأثرياء، فالله بتحريمه الربا يريد أن يحمي المقترض البسيط وليس شركات البترول أي يريد أن يحمي المضطرين فقط.

يعني إذا أخذ مواطن 1000 دينار وأرجعها للبنك 1500 هل يرتكب حراماً؟

لتحسين وضعه الاقتصادي؟ طبعا ليس حراماً.

طيب إذا أرجعها ثلاثة آلاف؟

هذه الأمور يضعها الماليون والاقتصاديون، النقطة الأساسية أن ربنا لا يحمي شركات الصناعات الكبرى والضخمة بل يحمي شريحة “الصدقات”. ويتوجه بالحديث إلى المقرض أنه لهؤلاء تحديداً تعطي ولا تأخذ، أو تعطي قرضاً حسناً {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} [البقرة : 280] وحتى إن أردت أن تكون صارماً معه فخذ نقودك لكن “على أقل من مهلك” ووفقاً لقدرته، هذا إذا أردت أن تكون صارماً مع أصحاب الصدقات خذ مالك، والحديث هنا ليس عن البنوك. مثال في ألمانيا منذ عشر سنوات فاض نهر الراي فأقرضت البنوك كل المتضررين من الفيضان بدون فوائد (هذا قرض حسن). وكثير من البنوك تتبرع للمياتم ولا تأخذ منهم شيئاً، أما الربا فهو من يعطي شخصا1000 دينار ويطلب منه أن يسددهم 100 كل أسبوع، كل الربا المحرم في القرآن مرفوض في كل العالم وليس فقط لدينا كمسلمين. حالياً على الدولة أن تحدد للبنك الحد الأعلى من نسبة الفائدة، وإذا أراد البنك أن ينزل عن هذه النسبة بهدف المنافسة فليكن فهذه منافسة شريفة.

ماذا بخصوص نظام المرابحة الذي تعتمده البنوك المسماة إسلامية على أنه محلل شرعاً؟

(مرابحة) تعني تحمل الربح والخسارة، وهي احتيال، فيعطيك مرة 2% ومرة 3% باعتبار أن الأرباح تتغير من عام إلى عام وتتحمل أنت الربح والخسارة. وكثيراً ما يذهب هؤلاء إلى أحد البنوك الأوروبية ويأخذ فائدة مضمونة 6% على نقود المرابحين، فيقوم بإعطائهم في أحد الأعوام 4% وفي العام الآخر 3.5% وفي العام الذي يليه 4.5% وهكذا، ومن رؤيتي فإن جميع الناس الذين وضعوا أموالهم في شركات خاصة بناء على مبدأ المرابحة أفلسوا وتعرضوا للاحتيال سواء في مصر أو سورية، هذا هو مبدأ المرابحة الذي تقوم عليه حالياً البنوك الإسلامية.

العقل العربي وأزمة الإبداع

يقال إنك تقوم بتفسير آيات القرآن وفقا للفلسفة الماركسية، ماذا تقول؟

هناك مفهوم واضح ضمن الفلسفة الماركسية هو “وحدة الأضداد” فليقل لي الفقهاء إن هذا المبدأ غير صحيح (الجبل والوادي) وحدتهم التضاريس، (الشهيق والزفير) وحدتهم التنفس، (الليل والنهار) وحدتهم اليوم، فإذا اعتقد البعض أن هذا القانون خاطئ فليثبت لي عندها أنا سأنسحب فوراً. ماذا عساني أن أقول فليقرأوا قبل أن يرفضوا، من يعارضوني لا يفرقون بين الأضداد والتناقضات. دائماً الأضداد لا توجد إلا في صفات الأشياء، الشيء هو الرئة والأضداد هما الشهيق والزفير، الشيء هو العين والأضداد هما العمى والبصر، كل الأشياء قائمة على الزوجية، قال تعالى: {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ} [الذاريات : 49]. وكل الخلق والطبيعة قائمة على التناقضات، لكي نبرهن على وجود البعث، هذه هي نظرية التطور الشيء هو نفسه وليس نفسه معناها أنه يتحرك. قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍ مُّخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ}[الحج : 5] هذا هو التناقض أما الليل والنهار فأضداد. أنت وليس أنت تعني أنك تتقدم في السن، من يخبرني أين الخطأ؟ بالمناسبة كتبت في إحدى الردود أن ماركس خرج من الطوباوية من باب ورجع إليها من بوابة، ترك الجنة والنار وأتى للمجتمع الشيوعي الذي هو مجتمع طوباوي، فالمجتمع لا يمكن أن يكون مجتمع نهاية إذا كان فيه ظاهرة الموت التي تعبر عن العلاقة بين المادة والزمن في الأجسام الحية. وفي الأجسام غير الحية تغير الشكل، قال تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[القصص : 88]، هذه هي نظرية التناقضات، نعم اعتمد على الفلسفة الماركسية ونظرية التطور، مثال لو لم يكن هناك موت هل سيتطور الإنسان؟ كل التطور يكمن وراء ظاهرة الموت.

ماذا عنيت بقولك إن العقل العربي عقل قياسي ولا ينتج معارف؟

هناك أمر مهم لا بد من ذكره في البداية، هناك علماء مهمين في التاريخ العربي والإسلامي لا ينتمون إليه إلا بجنسيتهم فقط، أمثال ابن رشد وابن الهيثم، هؤلاء العلماء الذين أثروا في الحضارة الأوروبية لم يشاركوا بأي شكل في صياغة العقل العربي، ابن رشد غير موجود في العقل العربي، والموجودون فيه هم الغزالي والشافعي. العقل القياسي هو عقل عاجز عن إنتاج المعرفة لهذا السبب لم ينتج العرب أية معارف منذ قرون بالمقارنة مع الكم الهائل من العلوم الجديدة التي ظهرت في القرن العشرين والتي لم يشارك العرب في أي منها. بدأ تشكل هذا العقل عقب عهد النبوة والصحابة، الذي يعتبرونه الأصل، ومنذ ذلك الوقت ونحن نقيس هذا على ذاك بمعنى (قياس الشاهد على الغائب) ومحاولة إيجاد الشيء المشترك بينهما، هذا هو النشاط العقلي الوحيد في العقل القياسي، وليس لديه أكثر من هذا النشاط. يرى الشيء المشترك بين الشيئين، أما الاستثناءات من المفكرين والعلماء الحقيقيين فلم تشارك، والاستثناءات الحالية كلها تعيش في الخارج.

لماذا أنت مقل في إصداراتك وكتاباتك؟

لا يهمني الكم بل النوعية، أذكر أنه زارني مرة بروفيسور أميركي وقال لي عندما يطالع أحد كتابك لا يسألك كم أمضيت في كتابته بل يخبرك ما مدى جودته، وبالمناسبة عندما أعطي كتاباً جديداً لناشري أطلب ألا يقوم بنشره إذا لم يكن مستواه أفضل من الذي قبله.

قبيل نشر كتابك الأول “الكتاب والقرآن” الذي أثار ردات فعل كبيرة في العالم العربي، ألم يراودك إحساس بالخوف؟

خفت أن أنشره على أجزاء فأقتل ولا أكمل الفكرة الرئيسية، لذلك قمت بتجميعه كله ضمن وحدة واحدة، حتى أضمن أنه إذا أصبت بمكروه يكون الكتاب قد نجا.

أحكام المرأة المسلمة

في تفسيرك لمعنى كل من (المؤمنين) و(المسلمين) خرجت بتفسير جديد لكلا الكلمتين قد يترتب عليه جواز زواج (المسلمة) اصطلاحا من مسيحي؟

تصحيح لا بد منه “المؤمنة” من “كتابي”. المسلم في المصحف كل من آمن بالله واليوم الآخر وبغض النظر عن ملته، اليهود والنصارى ليسوا أتباع دين آخر في المصحف، فهم ملة ونحن ملة لكننا في النهاية من دين واحد، والملل مختلفة بالشعائر أيضاً، لكن هذا لا يمنع إذا كان إنسان مؤمناً بالله وهي إنسانة مؤمنة بالله أن يتزوجا، فعدم زواج المؤمنة من كتابي هو اجتهاد. قال تعالى: {وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ} [البقرة : 221]، المشركة هي غير أهل الكتاب لقوله تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ}[البينة : 1] بما معناه أن هناك مشركين وهناك أهل كتاب وليسوا نفس الفئة، المشركون هم الوثنيون. في إحدى زياراتي لمصر دار نقاش أن قتل المرتد من أحد ثوابت الدين الإسلامي، وسألني أحدهم إذا كنت أعتقد بذلك، فقلت له ليس من الثوابت ولا تمت للدين بصلة. وثارت ضجة حول هذه الكلمة. هناك أمر يقلقني جداً أن الثقافة الإسلامية ثقافة مريضة في أمرين اثنين، أولاً أن الحرية غير موجودة كقيمة، وثانياً أن الحياة غير محترمة في ثقافتنا. أذكر أن أمين الحافظ مثلاً قال في سنة 1965 وفي سنة 2000 أيضاً في شاهد على العصر أن يذهب خمس ملايين قتيل لتحرير الجولان، ولم يحتج أحد على هذا الكلام. في ثقافتنا إذا كان المرء يحب الحياة ويكره الموت فعليه أن يحس بالذنب ولكن أنا أقول إنني أحب الحياة وأكره أن أموت ولا أشعر بالذنب، وهذه مشكلة أقوم بحلها حالياً في كتاباتي.

ثارت الضجة الأكبر حول إعادة تفسيرك للباس المرأة المسلمة والحجاب، هل شكل الأمر أي مؤشر لديك؟

من هنا تحديداً يظهر مقدار الأزمة الفكرية التي نعاني منها، وهي أن الدين الإسلامي اختزل في متر قماش، هذا لباس البدوية العربية ليس للإسلام علاقة به، وهو ما شرحته باسترسال في كتابي “نحو أصول جديدة في فقه المرأة المسلمة”.

المرأة في مفهومنا العربي (وليس مفهوم الدين) ليس لها شرف، الرجل له شرف إذا أتت الأخت فاحشة لطخت شرف أخيها، أما إذا أتى هو فاحشة لم يلطخ شرفها، هي لا تملك شرفاً، لهذا السبب يوجد خمسة مصطلحات غير موجودة في كتاب الله (الشرف / المروءة / العرض / النخوة / الشهامة) فهي مصطلحات عربية ليس لها أصول دينية، وهذا أحد أهم الدلائل أن المصحف ليس من تأليف “محمد” لأنه لو كان كذلك لكان بالضرورة وضعها فيه. ويكفي أن نقول إنه وبحسب الفقه الإسلامي فإن لباس المرأة يقسم إلى قسمين: لباس الأمة المؤمنة ولباس الحرة المؤمنة، وعورة الأمة من السرة إلى الركبة أي مكشوفة الصدر، أما الحرة فتغطي كل شيء ما عدا وجهها، هذا لباس تراثي أي إذا أردنا أن نقول إن هذه التفرقة في اللباس أمر شرعي فمعناه أننا نقول إن الإسلام دين طبقي والإسلام ليس طبقياً، إضافة لكون حجة اللباس أنه للفتنة غير صحيح، فالتفرقة بين الحرة والأمة يلغي مفهوم الفتنة، أما تفسير {فَلَا يُؤْذَيْنَ}[الأحزاب : 59] فمعناه أن المرأة تلبس في الطريق ما يجعلها لا تتعرض للأذى فلباس “نفس المرأة” في باريس يختلف عنه في مكة والحكم يعود بحسب المنطقة الجغرافية والعادات والأعراف السائدة.

التيارات الإسلامية وأزمة التجديد الديني

تقول إن يوسف القرضاوي وحسن البنا وأسامة بن لادن ينتمون لمدرسة واحدة هي المدرسة التراثية، ماذا عن النهج السائد حالياً لتقسيم التيارات الإسلامية لمتشددة ووسطية؟

ضحك على اللحى لأن ابن لادن وشيخ الأزهر ينتميان لمدرسة تراثية واحدة إلا أن كل واحد منهما انتقائي. لهذا السبب إلى اليوم لم ولن نرى أن واحداً مثل القرضاوي وابن لادن يتواجهان على التلفزيون أو يتحاججا، فكلاهما يعودان لمدرسة واحدة ولنفس المراجع، البخاري وابن كثير وغيرها. مثال: الكتب التي طبقتها طالبان تدرس في الأزهر وكليات الشريعة كلها أي أن طالبان لم يأتوا بشيء جديد وإنما كانوا انتقائيين من تلك الكتب. ماذا تعني الوسطية، إنها مصطلح جديد لم نسمعه إلا بعد 11 أيلول (موضة) أو بالأحرى (تخريجة)، وأود أن أقول إنه لا يوجد علماء في العالم والتاريخ يتقنون التخريجات مثل فقهاء المسلمين ونحاة العرب، والدفاع الحالي عن الإسلام ليس إلا دفاع عن التراث.

هل تعتقد أننا في مرحلة تشبه ما قبل الثورة الفرنسية اليوم؟

أعتقد أننا لم نصل إلى تلك المرحلة بعد، لعلنا نحتاج إلى “مارتن لوثر كينغ” وتقوية قيمة الحرية عند الإنسان العربي، لكن المشكلة أن الثقافة الدينية والعائلية تقوم على ثقافة القطيع، وتحويل الإنسان إلى “بهيمة”، كثير من الشيوخ يحولون الناس إلى قطيع يسهل سياقه من قبل السلطة.

صحيفة الغد

(13) تعليقات
  1. الله
    يا سلام عليك وعلى منطقك وافكارك.
    اقف احتراما.
    قرأت مقالا لك جرني لمقال آخر وهكذا.
    متفق معك وأعاني من ماذكرته في كلامك عن الشعوب العربيه ومنطق التفكير.
    اتمنى لقراءة كتبك، اتمنى أن يكون عندي الوقت. ولو حصل لي أن قابلتك، انا متأكد بأن النقاش معك سيكون ممتعاً.
    أتطلع للتغييرات التي تطمح لها في المجتع الإسلامي، والمجتمع العربي. الأكيد هو الحاجه لتغيير طريقة التفكير والوعي والإطلاع.
    مع فائق إحترامي

  2. الله الله الله أكبر
    أصبت وأخطأت
    ابو حامد الغزالي زماننا
    وستكون إنشاء الله الزعيم لمن سيسير على دربك
    التوفيق وأطال الله عمرك

  3. 99%من المسلمين لايفهمون تاوئل القران الكريم ولايريدوان يفهموالاعلئ مزاجهم

  4. صدرك كبيرولايضيق بمايقولونه الاخرون تحياتي

  5. Dear sir
    I would like to know you opinion about what I beleive is the key to the holy koran
    It is in relation to the origin of the human being
    the “deputy
    I too beleive that a reinterpretation and retranslation is an obligation

  6. What I have to say is a bit not readily acceptable, for this reason I am requesting from you to please contact me and provide an email I could use to forward to you my discovery.

    Thank you

    e

  7. في الحديث المنسوب الى النبي صلى الله عليه و سلم ان صح: يبعث الله على راس كل مائة سنة من يجدد للامة دينها. و الدكتور شحرور هو رائد في مجال التجديد ارجو ان تنتشر افكارك لتنير العقول و تخرجها من ظلام التقليد الى نور العقل.

  8. خائف ان تكون ابن رشد الثاني ، يعطي هذه الأمة مفاتيح التقدم والحرية والمجد وتأبى ان تستفيد من فكرك العميق

  9. إن الدكتور شحرور فعلا عالم ولابد من أن توجهه العقبات والظروف الصعبة لكن ابشره أن منهجية التقليم والترتيل قد بدأت تأخذ مكانها في العالم الاسلامي في تغير توجه العقل نحو القرءان أسأل الله له العون ومواصلة الطريق

اترك تعليقاً