رد على موضوع السيدة تثريت من المغرب – عزيز سلامة

رد على موضوع السيدة تثريت من المغرب – عزيز سلامة

جميع الآراء الواردة في هذا الموضوع تعبر عن رأي كاتبها، وليس بالضرورة أن تكون متوافقة مع آراء الدكتور محمد شحرور وأفكاره

 

إلى الأستاذ الفاضل الدكتور شحرور:

أتابع الأسئلة والإجابات المنشورة على الانترنت، ولفت انتباهي موضوع طرحته السيدة / تثريت – أغادير – المغرب

عن طقوس الصلاة وهي تعتقد أنها مبنية أو متأثرة أو ملائمة للبيئة الصحراوية التي نشأ فيه النبي محمد صلى اله عليه وسلم.

وحيث أن السائلة ذكرت أن للنقاش بقية وشجعتها أنت بان طلبت من صاحبة السؤال ان تبحث في الموضوع، هنا أحببت أن اشارك في رأي لي حول نفس الفكرة التي تطرحها السيدة. وحيث لم يرد ذكر عنوانها فانني ارسلها لكم، ويرجع الخيار لكم بارسالها أو عدمه.

ان لدي اشكال في مواعيد الصلوات الخمس في زماننا الحاضر، والسبب هو اننا هنا في المملكة العربية السعودية تعطل الاعمال وتقفل الاسواق جميعها بما في ذلك ما هو ضروري أو بما له رخصة دينية كالصيدليات والمطاعم وقت الصلوات الخمس، وهذا يؤدي إلى اضرار بالناس في زماننا الحاضر، فالمتبع حاليا هو ما جرت به السنة المحمدية من تحديد مواعيد الصلوات، واعتقد ان مواعيدها كانت مناسبة جدا لظروف الحياة انذاك، بل انني عندما افكر في المواعيد واعيدها توقيتها إلى ذلك الزمان اجد ان جميع مواعيد الصلاة هي مناسبة جدا لظروف الحياة آنذاك بل انها تمثل قمة الدقة في اختيار التوقيت فهي جميعها في اوقات الراحة في مجتمع رعوي أو زراعي أو تجاري في صحراء تتميز بالحر الشديد.

ونبدأ بصلاة الفجر الفكرة منها هي ان يبدأ الانسان يومه العملي بعمل تعبدي لله اي ان ابدأ العمل بعمل لله. وهي كما نعلم قبل طلوع الشمس، وهذا التوقيت يتناسب كثيرا مع رغبة المزارع والراعي الذي يهمه العمل مبكرا جدا قبل ان تحتمي الشمس.

وصلاة الظهر هي وقت القيلولة حيث يرتاح المزارع أو الراعي أو التاجر ويركن إلى الراحة، ويتناولون ما تيسر من الطعام.. وتاتي صلاة العصر بعد ان يكون الجسد قد استراح واستعاد نشاطه بعد ساعات العمل خلال النهار المشمس، وقبل ان يبدأ العمل المسائي القصير له ان يصلي العصر اي ان صلاة الظهر هي في بداية راحة من العمل، وصلاة العصر هي نهاية الراحة واستقبال نوبة عمل جديدة.

اما صلاة المغرب فهي الاعلان عن الانتهاء من العمل… حيث لا انوار ولا كهرباء في ذلك الزمان فيعود الراعي وينتهي المزارع من عمله ويعود للبيت، وهنا موعد راحة وليس موعد عمل، فتكون صلاة المغرب، وبعد ها بساعة زمن يحين موعد صلاة العشاء وهي الانتهاء والخاتمة للعمل اليومي، اي ان الفكرة في صلاة العشاء (كما اعتقد) هي ان تكون خاتمة الاعمال اليومية، اي ان يستفتح اليوم بصلاة الفجر ويختمها بصلاة العشاء.

ولكن نتساءل هل هذه المواقيت صالحة أو متوافقة مع ظروف الحياة في هذا الزمن الذي تغير كثيرا عما كان ايام الرسول صلى الله عليه وسلم !؟؟

فقد اصبحت الغالبية من السكان يعملون في المدن وفي الاعمال الحكومية أو المكتبية، التي تستوجب الحضور في ساعات معينة والانتهاء من العمل في ساعات معينة، فلو نظرنا إلى ان الصلوات كانت في وقت الراحة فان التوقيت المتبع حاليا لا يتوافق مع فكرة الخشوع والشكر والامتنان لله على، بل تؤدى كواجب وليس كتقربا وشكرا لله (والواجب ثقيل). ولننظر إلى صلاة العشاء فالانوار والانشطة والاعمال الليلية التي لم تكن موجودة في زمن الرسول ص حولت الليل إلى نهار ولم يعد الانسان ينام بعد غروب الشمس بساعة أو ساعتين، بل الغالبية تسهر إلى منتصف الليل، وهنا يمكن ان نقول ان موعد صلاة العشاء أو الفكرة كما اراها وهي ان تكون خاتمة اعمال المسلم في يومه يجب تاخيرها إلى موعد نومه لا قبل موعد سهرته / وهناك احاديث كثيرة تؤيد هذا الرأي..

وفي صلاة الفجر امر متناقض، فبعض الناس تسهر حتى صلاة الفجر ومن ثم يصلونها وينامون، فاصبحت تقوم مقام صلاة العشاء.. اي انها خاتمة اعمال اليوم وليست بداية اعمال اليوم… وهناك من يسهر إلى منتصف الليل أو اكثر فلا يتمكن من ادراك صلاة الفجر في وقتها المحدد، وان تمكن من القيام فانه يؤديها وهو نعسان أو فاقد للخشوع ويعود للنوم، ولا اظن ان الفكرة منها هي ازعاج النائم ليقوم بطقوس الصلاة بغير خشوع أو حضور نفسي مرتاح ليعود للنوم باسرع ما يمكن له. فالفكرة كما ذكرت سابقا هي ان صلاة الفجر هي رغبة المسلم ان يبدأ يومه العملي بصلاة لله يمنحه فيها البركة والرضاء وليس الهدوء في النوم بعد الصلاة..

وهناك ايات تؤيد ما طرحته من رؤية عن المواقيت ففي قوله تعالي في سورة النور (آية 58) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} (58)..

فمن هذه الاية نفهم ان المشرع يرى ان بعد صلاة الفجر هو مجال عمل واختلاط وليس مجال نوم أو خلوة.. وهو عكس ما يحدث في هذا الزمان اذا ان الكثير (في السعودية) ينامون بعد صلاة الفجر حيث ان بداية العمل ستكون بعد ساعتين بعد الصلاة واحيانا في الصيف تصل إلى خمس ساعات بين بداية العمل والانتهاء من الصلاة. واما الخلوة بعد صلاة العشاء فغير موجودة في زماننا الحاضر، حيث اننا نؤدي الصلاة بعد ساعة ونصف من غروب الشمس فتغيرت الحياة الاجتماعية بل ان الحياة الليلية من بيع وعمل وسمر وسهر يبدأ بعد صلاة العشاء وليس قبلها، فنتفى بذلك المطلوب في هذه الاية..

وهذا تاكيد ان مواقيت الصلاة الموافقة لظروف زمن الرسول صلى الله عليه وسلم تحتاج إلى اعادة النظر في زماننا الحاضر.

كما ان هناك موضوع التيمم للصلاة بدلا من الغسل بالماء، فان الجو المعتدل أو الحار هو الصيغة العامة للطقس في شبه الجزيرة العربية حيث عاش النبي(ص). ولكن في الاقطار الشمالية من الجزيرة العربية فان الجو البارد هو الصيغة العامة وعندما يسقط الجليد، فان التيمم يكون هو سيلة الوضوء، ولكن لم يرد ما يفيد ذلك بالتصريح، بل هو اجتهادات.

وموضوع الصيام في الاقطار الشمالية حيث يمتد النهار إلى ساعات طويلة في الصيف ويقصر كثيرا في الشتاء.. فالصيام في هذه الاماكن يحتاج إلى تشريع لم يرد له ذكر فيما اعلم وعلمي محدود ولكني بحثت كثيرا ولم اجد ما يفيدني ويقنعني..

هذه مشاركتي على عجالة ارجو ان تكون مساهمة ايجابية ومفيدة..

aziz salamah – Saudi Arabia

azizsalamah@yahoo.com

08/01/2009

(1) تعليقات
  1. يا اخي الكريم ان الصلاة كتاب موقوت،و توقيتها محدد من رب العالمين٠و ليس على هوايا اوهواك

اترك تعليقاً